تسجيل الدخول اطلب عرض تجريبي الآن
AR
اطلب عرضك الخاص الآن
AR

الحوافز المادية في المنشآت: مخاطر تطبيقها وكيفية تخفيف آثارها السلبية

تهدف الحوافز المادية بأنواعها المختلفة لتوحيد المصلحة الشخصية للموظف مع المصلحة العامة للشركة وخلق حالة مربحة لجميع الأطراف Win-Win Situation؛ حيث يستفيد الموظف من بذل جهد أكبر بزيادة راتبه بمقدار هذا الجهد، وتستفيد الشركة بزيادة أرباحها وتحقيق أهدافها التجارية. ولكن، الحوافز قد تؤتي نتائج عكسية مثل تركيز الموظفين على تحقيق المهام المربوطة بالحافز فقط وإهمال المهام الأخرى. في هذا المقال نبيّن الخمسة حالات الأكثر انتشارًا لحوافز مادية تحقق نتائج عكسية.

جدول المحتويات:

ما هي مخاطر تطبيق الحوافز المادية في المنشآت؟

عندما نتحدث عن مخاطر الحوافز المالية، فنحن لا ننكر فعّالية الأنواع المختلفة من الحوافز المادية في رفع الإنتاجية وتحسين أداء الموظفين. بالعكس، ننوه لتلك المخاطر لهذا السبب بالتحديد؛ لأن الحوافز المالية بالغة الفعّالية. لذلك، فإن تطبيقها بشكل خاطئ أو في غير مواضعها يحولها لاستثمار خاسر يضر إنتاجية الموظف ويسبب مشكلات أخرى في الفريق وفي جودة الأعمال.

وعلى الرغم من وجود بعض الحلول لتجنب تلك الآثار الجانبية وتحجيم أثرها في الشركة، إلا أن تصميم الحوافز المالية وتطبيقها عملية حساسة وتتطلب الكثير من البحث والدقة لتؤتي ثمارها. وما يلي أبرز المخاطر التي ينبغي وضعها في الحسبان:

الإنجاز الانتقائي - ما يمكن قياسُه، يمكِن إنجازه

أكثر الآثار غير المحمودة للحوافز المالية انتشارًا في عالم الأعمال. وتحدث عندما يختار الموظف إنجاز الجزء الوظيفي المرتبط بالحوافز المادية فقط وإهمال الجزء الآخر. مثلًا، إذا كانت الشركة تربط الحوافز المادية لمدير المبيعات بعدد الصفقات المُبرمة بنجاح في الشهر فقط، ربما يركز المدير على تحقيق هذا الهدف فقط ويهمل الجانب الآخر من عمله مثل: تحفيز الموظفين، تدريبهم على العمل، وتجهيز التقارير التي لا غنى عنها للإدارة.

ويصبح الإنجاز الانتقائي تهديدًا ملحًا عندما تتضمن الوظيفة مهام ومسؤوليات صعبة القياس. حيث ترتبط الحوافز المالية عادةً (بمقاييس كمية- Quantitative) مثل: عدد الصفقات المُبرمة في الشهر بالنسبة لمسؤول تطوير المبيعات. ولكن ماذا عن "البحث والتطوير المستمر في طرق تحسين عمليات المبيعات"؟ أو "البقاء على اطلاع بتقلبات السوق وتطورات الممارسات والأساليب في المبيعات"؟ وتلك المهام الوظيفية يصعب قياسها برقم أو مؤشر واضح (مقاييس كيفية-Qualitative).

وبالتالي، عادةً ما يتم تجاهلها عند وضع الحوافز المادية مما قد يؤدي لتجاهلها من قبل الموظف في محاكاة لمقولة: ما يمكن قياسُه، يمكن إنجازه.

التحفيز المُفرط Over-stimulation

ويعبِّر عن تحفيز الموظفين بشكل زائد بالقدر الذي يقلل من جودة أعمالهم بشكل متعمد أو غير متعمد. ويعرفه الاقتصاديون بمثال الشركة التي طبقت الحوافز المالية على "عدد الضغطات" على الكيبورد لموظفي "إدخال البيانات Data Entry" لمكافأة السرعة في إدخال بيانات أكثر أثناء ساعات العمل ورفع إنتاجية الموظفين. واكتشف الموظفون إمكانية تقاضيهم لحوافز مادية أكثر فقط إذا ضغطوا على الكيبورد بشكل أسرع، وبالتالي: كانت النتيجة هي استغلال ذلك من قبل الموظفين الجشعين والضغط بشكل عشوائي دون النظر على الكيبورد وإبداء أي اهتمام بدقة البيانات المدخلة فعلًا على الجهاز.

وقد تحدث الإثارة المفرطة بدون الجشع أو حتى التعمُّد، حيث أثبت أحد الأبحاث بعنوان "الحوافز للإبداع" - Incentives for Creativity المنشورة في مجلة الاقتصاد التجريبي Experimental Economics عام 2015 أن أثر الحوافز المادية على الـ "إبداع Creativity" عكسي إذ ترفع من مجهود الموظفين ولكنها تقلل من الإبداع في المٌخرج النهائي، لأنها تخلق حالة من الطوارئ والاستعجال تعرقل العملية الإبداعية لدى الإنسان والتي تحتاج إلى هدوء واسترخاء ذهني لكي تتم بشكل صحيح.

إضعاف روح الفريق

يمكن للحوافز المادية خاصةً تلك المُقدمة في صورة مسابقات، أن تضعف روح الفريق وتربي روح الانتهازية الفردية بشكل كارثي للشركة بعدة صور؛ منها المدير الذي يرفض مشاركة أحد موظفيه للعمل بمشروع آخر مهم للشركة في الوقت الحالي؛ أو ظهور مشكلة "الركوب المجاني Free - Riding" والتي تحدث عندما يعتمد أحد أعضاء الفريق على مجهود زملائه في تحقيق هدف الفريق طالما أن الجائزة ستقسم على الجميع؛ أو في أسوأ الأحوال، يعطّل الموظف أعمال زملاؤه متعمدًا حتى يتمكن من نيل العلاوة أو المكافأة المالية. في النهاية، تحول المسابقات الموظفين لمتنافسين، الأمر الذي ربما يؤدي لرغبتهم في التقليل من إنجاز الآخرين بدلًا من العمل كفريق لتحقيق الأهداف التجارية للشركة.

تَسيِيس بيئة العمل

علاوة عن إضعاف روح الفريق، قد تؤدي المسابقات المالية إلى الترويج لممارسات غير مُنتجة أو صحية لثقافة العمل بغرض كسب المسابقة. مثلًا، تسييس politization بيئة العمل وتسميم intoxication ثقافة الشفافية والنزاهة بالتملُّق للمدير أو الموافقة الدائمة لآراء الإدارة وقرارتها بدون مشاركة فعّالة بنزاهة ومهنية لتحقيق مصلحة العمل؛ أو حتى النميمة ومحاولات الإيقاع بالزملاء ونشر الشائعات التي تضر بسمعتهم في الشركة، وغيرها من الممارسات التي تعاني منها الكثير من الشركات والمنشآت في عالم الأعمال.

التقليل من شأن الدوافع والحوافز المعنوية الداخلية

ربما تقلل الحوافز المادية Monetary Motivations أو الحوافز الخارجية Extrinsic Motivations من قيمة الحوافز الداخلية Intrinsic Motivations والتي قد تعرف باسم الدوافع المعنوية للموظفين، حيث تزاحم دوافعهم الداخلية للإنجاز وبذل الجهد كالرغبة في تحقيق الذات، التطور في المجال، مساعدة الآخرين، وتحقيق المكانة الاجتماعية المرموقة. إذا كنت محظوظًا بموظفين لديهم العديد من تلك الدوافع فربما لا تريد إفساد ذلك بجعل وظائفهم تتمحور حول المال.

لذلك، في بعض الحالات، يكون من الأفضل تجنب الحوافز المادية بصورة مباشرة واستثمار المال في تعزيز الحوافز المعنوية أو غير المالية مثل توفير بيئة عمل مريحة للموظفين، شراء الأدوات التي تساعدهم على الإنتاج، وتقديم التدريبات المهمة في مجالهم.

كيف تتغلب المنشآت على الآثار السلبية للحوافز المادية؟

استخدام الحوافز المادية فقط في المهام غير المثيرة للاهتمام

تهدد الحوافز المالية بتقليل الدوافع الذاتية للموظفين. أثبتت ذلك التجربة التي صممها مارك ليبر من جامعة ستانفورد عندما دعا المشاركين للمشاركة في بعض الألعاب من أجل المرح والمتعة، ثم بدأ الباحثون في تقديم المكافآت المالية للناجحين في اللعبة، عندها توقف المشاركين عن اللعب. حيث تلاشى الدافع الذاتي للمتعة والمرح وتحولت "اللعبة" إلى مجرد "عمَل".

وقد أظهرت دراسات مختلفة نتائج مشابهة، ففي أحد الدراسات تمت مكافأة مجموعة من المشاركين ماليًا على التبرع بالدم، بينما تُرِك البعض الآخر بدون مكافأة مادية. وكانت النتيجة أن المجموعة التي تمت مكافأتها ماليًا امتنعت عن التبرع بالدم لأنهم شعروا بتلوّث دوافعهم في الإحسان وصنع الخير بسبب المكافأة المالية، بينما استمرت المجموعة الأخرى في التبرع بالدم بدون مقابل.

إذًا فإن استخدام الحوافز المادية مع المهام الشيّقة، الممتعة أو التي تدفعنا دوافعنا الذاتية للقيام بها بدون مقابل مادي يهدد بإضعاف اهتمام الموظفين الذاتي بتلك المهام وهو أمر مكلف جدًا للشركة.

تقليل نسبة الحوافز المالية والتعويض في الراتب الأساسي

إذا كانت الحوافز المالية تمثل نسبة كبيرة من دخل الموظف بشكل يجعل تقليلها يهدد احتياجاته الأساسية، فيجب تقليل الحوافز المالية ورفع الرواتب الأساسية للموظفين بالشكل الذي يحقق القيمة السوقية للموظف. حيث ترتفع خطورة الحوافز المادية عندما تشكل نسبة كبيرة من دخل الموظف الشهري، عندها تُضعف الدافع الداخلي للموظف.

تقديم الحوافز المادية في سياقات معنوية

يفكر المدير الناجح بعناية في الرمزية المعنوية للحوافز المالية وتأثيرها على موظفيه وثقافة العمل في فريقه أو شركته. ولذلك، يهتم بالإجابة على أسئلة مهمة حول الحوافز المادية مثل: من يوزعها؟ لماذا تُوَزَّع؟ أين تُوَزَّع؟ وعلى من تُوَزّع؟

عندما تُقدم الحوافز من قبل القادة في المؤسسة، كالمدير التنفيذي أو رئيس المنشأة للموظف باليد، فهي تحمل معنى معنوي أكبر بالنسبة للموظف. وكذلك عندما تُمنح تلكَ المكافآت في الأماكن العامة التي يزورها الموظف في حياته الشخصية كالمقهى أو تُرسل بالبريد إلى منزله فهي تحمل رمزية تقديرية نافعة جدًا لولاء الموظف وتحفيزه للعمل أيضًا. لذلك، فإن دمج الحوافز المالية في سياقات معنوية يقلل كثيرًا من أثارها السلبية ويضفي عليها قيمة معنوية تُجامل دافع الموظف الذاتي واحتياجه للشعور بالتقدير من قبل رؤساؤه في العمل. 

تصميم الوظائف لملائمة الحافز الذاتي للموظف

في كتابه، "الدافع - الحقيقة الصادمة عن ما يُحفِّزنا - Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us" يلخص دانيال بينك تاريخ كبير الأدلة عن المحفزات الرئيسية للموظفين في ثلاثة حوافز: الحُكم الذاتي Autonomy، الاحترافية أو الإجادة Mastery والغاية Purpose. في معظم الأحيان، يمكننا الحصول على أعلى أداء وجهد من الموظف من خلال تصميم وظيفته بالشكل الذي يحقق له:

  • حرية اتخاذ القرارات المختلفة في عمله (الحكم الذاتي)
  • فرص لتطوير مهاراته وخبراته الفردية والمهنية (الاحترافية أو الإجادة)
  • الفرصة للقيام بعمل مهِم وذو قيمة (الغاية)

وكذلك تشير الأدلة إلى التأثير الجوهري للشعور بالاتصال بالآخرين والتواصل معهم في العمل على مستوى الإنتاجية وتفاعل الموظف في شركتك.

أخيرًا، تلعب الحوافز المادية دورًا مهمًا في تحفيز الموظفين وتحسين أدائهم. ولكن حقيقة التحفيز البشري أكثر تعقيدًا من الرؤية الاقتصادية المبسطة للموظف كفرد نَفعي يسعى لتحقيق مصلحته الشخصيته بكسب المزيد من المال فقط. فالموظف يحقق مصلحته أيضًا عندما يشعر بالرضا عن مهارته، إجادته للحرف وتقدمُه وكذلك على قدرته في اتخاذ القرارات بحرية والتأثير بإيجابية في المجتمع. ويؤدي الاعتماد المفرط على الحوافز المادية إلى عواقب غير مقصودة تهزِم أحيانًا الأهداف ذاتها التي صُممت الحوافز لتحقيقها.

لذلك، نوصي المنشآت السعودية بالاستثمار في خلق بيئات عمل تعزز الثقة بين الموظفين والمرؤوسين وتشكل قيمًا ومبادئ توجيهية تنمي الدوافع الذاتية للموظف، وتضفي الطابع المعنوي والتقديري حتى على الحوافز المالية التي يصعب التخلي عنها تمامًا.

وتعتبر هذه المهام الاستراتيجية بالغة الأهمية لمنشأتك، كمدير للمنشأة أو مسؤول في الموارد البشرية. لذلك، جرب نظام جسر لأتمتة عمليات الموارد البشرية السعودية الذي يوفر 60% من وقتك المهدر بمهام إدارية كتجهيز مسير الرواتب وإدارة طلبات الموظفين، وتفرغ للمهام الاستراتيجية التي تحتاجها شركتك لتزدهر في السوق السعودي اليوم.

اقرأ أيضًا على مدونة جسر

الاشتراك-في-نشرة-جسر-HR-البريدية

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية