لا شك أن وتيرة التطور العلمي صارت أسرع حتى من قدرتنا على التخيل، وأن أغلب ما كنا نعتقده خيالاً علميًا قبل عقود قليلة صار حقيقة ملموسة وواقعية في عالمنا الحالي، وبينما يخطو العالم بخطى واسعة عبر بوابة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، تُرى كيف يمكن أن يكون عليه شكل نظم إدارة الموارد البشرية في المستقبل؟ نناقش في هذا المقال أهم الجوانب المتوقعة في المستقبل، بحسب الخبراء في مجال إدارة الموارد البشرية!
جدول محتوى المقال:
أهم الاتجاهات الحديثة والمتوقعة لنظم إدارة الموارد البشرية
التوظيف
على الأغلب ستكون هناك قاعدة بيانات جاهزة بمحتوى السير الذاتية لكافة المهنيين على وجه الأرض، يمكننا تخيل ذلك كنسخة مطورة وموسعة من موقع LinkedIn على سبيل التقريب، وستكون نظم إدارة الموارد البشرية قادرة على الارتباط بهذه المواقع واستخراج البيانات منها وتحليلها آلياً، وإعطاء تصنيف موضوعي لهذه السير الذاتية، مع ملاحظات ذات قيمة حقيقية.
ربما سيكون بوسع مسؤول التوظيف مثلًا أن يوجه أمرًا صوتيًّا إلى التطبيق ليبحث له عن أفضل المرشحين لمنصب "مدير مبيعات"، لديه خبرة في اختصاص بيع وتوزيع قطع غيار الحواسب الآلية، وخلال ثوانٍ معدودات سيكون لديه خيارات محددة ودقيقة، مع ملاحظات لها وجاهتها، مثلًا أن المرشح السيد/ فهد (مثلًا) يقيم في منطقة تبعد مسافة ساعتين بالسيارة عن مقر الشركة، وبالتالي سيكون الأمر شاقًا ومكلفًا بالنسبة له ما لم يغير محل إقامته، بينما السيد/ عبد الله -مثلاً- قد قضى فترة تزيد عن عامين بين آخر وظيفتين له دون عمل.
بل ربما يتعدى الربط بين التطبيق والمواقع الخدمية موردًا لمعلومات إضافية قد يكون لها دلالتها وأهميتها، مثلاً ربما يتاح لك كمستخدم أن تحصل على ملخص للسجل الجنائي لأحد المرشحين، أو تاريخه المرضي الذي ربما يكون عائقًا يحول دون قيامه بمهام عمله على النحو المطلوب، وربما تتمكن أنظمة الذكاء الاصطناعي من تحليل سلوك المرشح من خلال نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي وتقييم شخصيته ومستوى ذكائه.
في جميع الأحوال سيكون لديك قائمة قصيرة للغاية من المرشحين، تم انتخابهم من بين آلاف أو ربما مئات الآلاف من المرشحين الآخرين.
كما سيكون الذكاء الاصطناعي حاضرًا خلال المقابلة الشخصية ومشاركًا في عملية التقييم، بل وربما يكون قادرًا على تنفيذ ذلك بمفرده، ربما يتمكن الذكاء الاصطناعي من تقييم الإجابات ومراقبة لغة الجسد وإجراء الاختبارات، ثم يخبرك بالمرشح الأمثل مباشرة. بالتأكيد تقنية كهذه قد تُشعر العاملين في مجال الموارد البشرية حين يصبح الاستغناء عنهم لصالح الآلة أمرًا محتملًا.
الذكاء الاصطناعي يراقبك!
ربما لمصلحة الجميع يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمارس قدرًا من الرقابة على أنشطة العاملين، عبر كاميرات المراقبة الموجودة فعليًا داخل المنشأة، ربما يعطيك تقارير تفيد بأن السيدة/ رغد (مثلًا) كانت تتظاهر بالعمل بينما هي شاردة في أمور أخرى، أو أن السيد/ سلطان محتقن الوجه ويتعرق بكثافة بما يوحي أنه على وشك الإصابة بنوبة قلبية وينبغي التدخل فورًا لإسعافه.
كذلك سيكون بالطبع هناك جانب الرقابة على الحضور والانصراف من خلال الكاميرات بالتعرف على ملامح الوجه وربما بصمة العين، دون الحاجة لوجود نظام يتم التعرف إليه عن طريق بصمة الإصبع أو استخدام البطاقات الممغنطة، كما يوجد بالفعل حاليًّا أنظمة تتيح تسجيل الدخول إلى مواقع العمل البعيدة عن طريق الهاتف، حيث يتم توكيد الموقع من خلال GPS، ربما في المستقبل لا تكون مضطرًا لفتح تطبيق عبر الهاتف من الأساس، ويكفي وصولك إلى موقع العمل لتسجيل حضورك إلى العمل آليًّا.
تقييم الأداء
مع نظام ثوري متكامل للموارد البشرية، ستكون أطراف المنشأة بكاملها متصلة ببعضها البعض، ستنعكس نتائج المبيعات ومؤشرات أداء الأفراد كأجزاء من فرق العمل وكذلك كلٌ على حدة تلقائيًّا لتعطي أرقامًا واقعية وآنية لأداء العاملين بالمنشأة، بل ربما يكون اتصال نظام الموارد البشرية بالذكاء الصناعي موردًا للمعلومات حول معطيات الاقتصاد التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الفرد، سيخبرك النظام مثلًا متى وكيف يكون من المفيد أن تقوم بصرف علاوات إضافية أو مكافآت لمواجهة غلاء المعيشة في حال وجود متغيرات اقتصادية عنيفة، ما يشكل أيضًا مؤشرًا لاستقراء الرضى الوظيفي.
سيتمكن النظام كذلك من إخبارك بعدالة إن كانت تلك الزيادة تشكل عبئًا غير ضروري أم أن القيمة المضافة من قبل الموظف تستحق محاولة استبقاءه عن طريق تحسين دخله من خلال علاوة أو بدلات إضافية، أخيرًا لن يكون عليك إجراء حسابات طويلة ومعقدة والقيام بإعداد الجداول والتصنيفات لاختيار موظف الشهر، أو موظف العام.
التدريب والتطوير
بالتأكيد يمكننا تصور أن تعمل نظم إدارة الموارد البشرية مستقبلًا كبنك للمحتوى التعليمي والتدريبي، مثلاً: ستقترح واجهة المستخدم على كل موظف أنواع الحصص والبرامج التدريبية التي يحتاج إليها لتعزيز قدراته ومهاراته، ويمكن أن يكون هناك اتصال مباشر بين النظام والجهات المانحة للشهادات المهنية المختلفة، وعبر اتفاقيات شراكة يمكن أن توفر منصات هذه الجهات المانحة حصصًا تدريبية للعاملين بالمنشأة، وإرسال النتائج مباشرة إلى النظام، الذي يقوم بتحليلها وإضافة تقييمها إلى قاعدة البيانات الخاصة بالعاملين بالشركة.
خطط واقعية للمستقبل
يُشكّل التخطيط جزءًا حيويًا من مهام الموارد البشرية، وبالتأكيد سيكون توفر نظام مرن ومتطور عاملًا مساعدًا لحل كثير من المشاكل واختصار كثير من الخطوات، ربما يتمكن نظام الموارد البشرية المستقبلي من إجراء تنبؤات تخص احتياجات منشأتك مستقبلًا من القوى العاملة، وإعطائك كافة معطيات تخطيط القوى العاملة وكذلك موازنة الموارد البشرية للعام المقبل من خلال تحليل المعطيات المقروءة آليًّا من قبل النظام، سيتمكن النظام من إخبارك مثلًا بوجود عجز (أو زيادة) في عدد العاملين داخل إدارة ما من منشأتك، ويعطيك تصورًا عن عدد الموظفين الذين تحتاج إليهم مستقبلًا، أو ربما عدد العاملين الذين ربما يتوجب عليك الاستغناء عنهم.
خلاصة توقعات مستقبل نظم إدارة الموارد البشرية
من الصعب استيعاب احتمالات حلول الآلات والأنظمة الحاسوبية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي محل البشر، وبالتأكيد نتمنى أن يظل دورها مقتصرًا على تذليل العقبات وتوفير الوقت والجهد، في المحصلة النهائية فإن الإنجاز المتوقع لنظم إدارة الموارد البشرية المستقبلية يمكن أن يُرى في النقاط التالية:
- تعزيز الكفاءة: سيساعد الذكاء الاصطناعي الموارد البشرية على أتمتة المهام العادية، مما يمكّن متخصصي الموارد البشرية من التركيز على المبادرات الإستراتيجية مثل إدارة المواهب وتخطيط القوى العاملة
- تسهيل عملية الاستحواذ على المواهب: يعمل الذكاء الاصطناعي على تبسيط عملية التقدم للوظيفة وفحص المرشحين، مما يجعل عملية التوظيف أكثر كفاءة. قد يهمك الاطلاع على الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية في 2024
- تجربة محسّنة للموظفين: توفر خيارات الخدمة الذاتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي للموظفين استجابات سريعة ودقيقة لاستفساراتهم المتعلقة بالموارد البشرية، مما يؤدي إلى تحسين الرضا الوظيفي
- إدارة الحضور والإجازات بكفاءة: يعمل الذكاء الاصطناعي على تبسيط تتبع الحضور وإدارة الإجازات، مما يضمن سجلات دقيقة ومعالجة الطلبات بكفاءة
- الامتثال لسياسات الموارد البشرية: يضمن الذكاء الاصطناعي تنفيذ سياسات الموارد البشرية بشكل متّسق باستخدام وسائل مختلفة، مما يُقلّل من مخاطر عدم الامتثال، وكذلك الانحيازات الشخصية والاستثناءات، ويوفر التوجيه عند الحاجة
- التدريب والتطوير المخصصان: يوصي الذكاء الاصطناعي ببرامج تدريب مخصصة لمساعدة الموظفين على تعزيز مهاراتهم والنمو داخل المنظمة
- المزايا والتعويضات: يجيب الذكاء الاصطناعي على الاستفسارات المتعلقة بالمزايا والتعويضات، مما يضمن الشفافية والرضا بين الموظفين
- تقليل استعلامات الموارد البشرية: يقلل الذكاء الاصطناعي من حجم استعلامات الموارد البشرية من خلال توفير استجابات فورية، مما يسمح لفرق الموارد البشرية بالتركيز على المهام الأكثر تأثيرًا وأهمية
وأخيرًا، من الضروري أن يواكب خبراء الموارد البشرية ما سيكون عليه مستقبل المهنة مع قفزات التطور الواسعة في نظم إدارة الموارد البشرية، وينبغي عليهم أن يكونوا أكثر تأهبًا ومرونة لاستيعاب هذه التطورات والتعامل معها بإيجابية لتحقيق الاستفادة القصوى منها، ومواكبة هذه التطورات المثيرة في عملهم.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك