تسجيل الدخول اطلب عرض تجريبي الآن
AR
اطلب عرضك الخاص الآن
AR

كيف تهيئ الموظفين لاستقبال الملاحظات السلبية؟ (خلاصة تجارب الخبراء)

وفقاً لأبحاث مؤسسة جالوب Gallup، فإن 80% من الموظفين الذين تلقَّوا مراجعات سلبية مُحبِطة يفكرون في ترك العمل ويبحثون عن عمل جديد، بسبب المشاعر السلبية التي نتجت عن تلك المراجعات، إحصائية صادمة، أليس كذلك؟! الأصعب من ذلك أن 90% من الموظفين لا يشعرون بالاندماج في العمل بعد تلقِّي المراجعات السلبية المحبِطة! إذًا لا فائدة من تقديم تلك المراجعات، ليس لأنها سلبية بل لأنها مُحبطة وغير بنَّاءة، إما أنها ستؤدي إلى زيادة معدل دوران الموظفين أو إلى تراجع الأداء نتيجة عدم الاندماج في العمل.

وهذا ما يجعل تقديم تقييم الأداء السلبي تحديًا يواجه القادة والمدراء والموارد البشرية، والحل يكمن في معرفة كيفية تقديم نقد بنَّاء لا يُحبِط الموظفين، وكيفية تأهيل الموظفين لاستقباله بصدر رحب، وهذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال على لسان خبراء الموارد البشرية المشاركين في مجلس جسر، لمساعدتك على تحويل النقد إلى أداة للنمو وتحسين الأداء.

لماذا قد يمتنع بعض المدراء عن تقديم المراجعات السلبية؟

إضافةً إلى فريق المدراء الذي يقدم ملاحظات سلبية محبطة وغير بنّاءة كما أشرنا في المقدمة، فإن هناك فريقاً آخر من المدراء قد يمتنعون عن تقديمها من الأساس! وفقاً لاستطلاع رأي أجرته هارفارد بيزنس ريفيو HBR مع ما يزيد عن 7500 مشارك، أشار 44% منهم أن تقديم المراجعات السلبية يعد تحديًا مرهقاً وصعباً بالنسبة لهم، لدرجة أن 21% من المدراء منهم يتجنبون تقديم النقد لموظفيهم، تحسُّبًا لردود فعل الموظفين المنفِّرة، أو بسبب ما تتطلبه تلك العملية من جهد لمتابعة الأداء وصياغة النقد بأسلوب بنّاء، وسواء في حالة هذا النوع من المدراء أو ذاك، فإن أداء الموظفين يظل مهددًا بتفاقم القصور ونقص الجودة وما يتبع ذلك من تراجع الإنتاجية، بسبب عدم الحصول على ملاحظات صادقة تدعم قصور الأداء.

كيف تهيئ الموظف لاستقبال الملاحظات السلبية؟

ضمن فعاليات مجلس جسر، أشار عبد الرحمن الأخضر مدير أول لدعم الأعمال في شركة سلة إلى مجموعة من العوامل التي يجب مراعاتها لجعل الموظف أكثر استعداداً لتلقِّي المراجعات السلبية البنَّاءة بصدر رحب، مما يعزز استفادته منها وتحسين أدائه، وتلك العوامل يمكن صياغها في المعادلة التالية:

ملاحظات سلبية بنَّاءة= أسلوب إيجابي + توقيت مناسب + نقد بنَّاء + فهم لشخصية الموظف

وقد استخلصنا من خلال نقاشات مجلس جسر أهم النصائح من تجارب خبراء الموارد البشرية لتقديم مراجعات سلبية لا ينفر منها الموظفون، وهي:

1. قدّم الملاحظات بصفة منتظمة

من أكثر الأسباب التي تجعل الموظف غير متقبل للملاحظات السلبية هو عدم اعتياده على تلقِّيها بانتظام من الأساس، فنجد كثيراً من المنشآت تقتصر تقديم الملاحظات على فترة تقييم أداء الموظفين، فيتلقى الموظف دفعة واحدة من الملاحظات المتراكمة فيصعب عليه تقبَّلها أو الاستفادة منها كما هو مطلوب. تقول أصايل العويضي مديرة الموارد البشرية والشؤون الإدارية في شركة عيادة التسويق: «اعتياد الموظف على استقبال المراجعات والملاحظات بصفة مستمرة من شأنه أن يجعله أكثر استعداداً لتلقِّيها بصدر رحب، بخلاف إذا ما اقتصرت الملاحظات على فترات تقييم الأداء».

والكلام هنا لا يتعلق بالاعتياد على تلقِّي الملاحظات السلبية فقط، بل تزداد أهمية استمرارية تقديم الملاحظات خاصة فيما يتعلق بالإيجابية منها، فحصول الموظف على الثناء الذي يستحقه على مجهوداته المبذولة يجعله أكثر تقبَّلًا للنقد في حال قصور الأداء، لأنه يشعر أن المدراء أكثر حرصًا على مستوى أدائه بدلاً من أن يشعر أنهم يبادرون فقط وقت النقد ويتصيدون الأخطاء، فقد أظهر استطلاع هارفارد بيزنس ريفيو HBR -الذي أشرنا إليه آنفًا- أن 37% من المدراء لا يهتمون بتقديم الملاحظات الإيجابية للموظفين. لذا، على المدراء أن يضعوا في حسبانهم دائمًا المقولة التي تقول: «لا تكن بطيء الثناء سريع النقد».

2. اتبع سياسة الباب المفتوح

المنشأة التي تدعم تلقِّي التغذية الراجعة من الموظفين فضلًا عن تقديمها لهم هي منشأة ذات ثقافة إيجابية من وجهة نظر الموظفين، فعندما يشعر الموظف أن صوته مسموع في حالة ما إذا كان لديه ملاحظات أو انتقادات أو شكاوى أو استفسارات، تتعزز ثقته في مدرائه وانتمائه لمنشأته، ويصبح من دوره أكثر إيجابية عندما تُقدَّم إليه ملاحظات سلبية تدعم أدائه، فيستمع لها بقبول لأنه يدرك أن تبادل التغذية الراجعة هي ثقافة مدعومة في بيئة العمل

3. مُدّ جذور الثقة

ليس الهدف من تقديم الملاحظات السلبية إشعار الموظف بفشله ولا تأنيبه على الخطأ الذي اقترفه، بل هو بغرض المساعدة في تحسين الأداء، ولكن للأسف يخطيء بعض المدراء في تقديم نقد بنَّاء ويركزون فقط على لوم الموظف وإحباطه، وهذا يتسبب في شعوره بأن الهدف من المراجعات السلبية هو تحميله مسؤولية القصور أو المشكلات والتأنيب فحسب دون دعمه في صناعة الحل، وهذا يهز الثقة بين الموظف من جهة وبين مدرائه ومنشأته من جهة أخرى، فيصبح تقديم النقد إليه ثقيلاً على قلبه من دون أن يحقق استفادة حقيقة من الملاحظات التي يتلقاها.

يقول عبدالرحمن الأخضر مدير أول لدعم الأعمال في سلة: «إذا استطعتَ التحول من مجرد شخص يقدم الملاحظات السلبية فقط ليلقي اللوم إلى شخص يشارك في صنع الحل جنبًا إلى جنب مع الموظف، فسوف تتمكن من بناء موثوقية تجعل الموظفين أكثر تقبُّلاً للملاحظات مهما كانت».

4. قدّم ملاحظات بنَّاءة ذات جودة

الملاحظة الأولى: «الخطأ كله بسبب أنك شخص كسول وبطيء بطبيعتك، ولهذا تتأخر في معالجة مكالمات العملاء».

الملاحظة الثانية: «التقرير الذي قدمته لم يكن على المستوى المطلوب، ويحتاج إلى إعادة مرة أخرى».

الملاحظتان السابقان لم تكن أياً منهما بنَّاءة أو ذات جودة، فالملاحظة الأولى عبارة عن نقد هدَّام يستهدف شخص الموظف، وهذا بدوره قد يجعل الموظف يأخذ الأمور على منحى شخصي، بالإضافة إلى أن الأسلوب في حد ذاته مُنفِّر، والأهم من ذلك أن تلك الملاحظة لم تساعد الموظف في اكتشاف جذور المشكلة ولم تدعمه في التوصل إلى حلول مقترحة! تقول فاتن الراعي رئيسة قسم التمكين في جسر: انتقد سلوك الموظف وليس شخصه، وركّز النقد على الفعل وليس الفاعل، مع مراعاة استخدام أسلوب يوحي بالدعم في تقديم الملاحظة السلبية، مثل: سنعمل معًا على معالجة تلك المشكلة.

لاحظ الآن كيف يمكن تحسين الملاحظة الأولى لنجعلها تصبح بنَّاءة وبجودة أفضل:

لقد لاحظت أنك تأخذ وقتاً لمعالجة مكالمات العملاء في الفترة الأخيرة، وهذا قد يكون مُحبطاً للعملاء كما تعلم، هل تواجهك أي مشكلات تتعلق بمعلومات المنتجات تتسبب في زيادة وقت الاستجابة؟ ما رأيك أن نراجع معاً بعض المكالمات الأخيرة لنكتشف ذلك؟

أما الملاحظة الثانية فلا تزيد عن أنها مجرد نقد غامض غير مفيد، فالموظف مطلوب منه إعادة التقرير ولا يعرف بالضبط ما هي مشكلته، إذ لم تحدد الملاحظة مواطن القصور فيه، هل مثلًا البيانات التي تضمنها التقرير فيها مشكلة؟ أم أن التقرير طويل عن الحد المطلوب؟ أم أن المشكلة في التنسيق والتدقيق اللغوي؟ أم أنه لم يشمل إحدى الجزئيات المطلوبة؟ حرفياً الموظف سيعيد التقرير هائمًا على وجهه! فضلًا عن أنه لم يحقق أي استفادة من الملاحظة. لاحظ الآن كيف يمكن تحسين الملاحظة الثانية لتصبح أكثر إفادة:

مشكور على جهدك الذي بذلته في التقرير، لكن بعض البيانات التي شملها التقرير بدت لي غير دقيقة فيما يتعلق بجزئية..، وهذا قد يسبب مشكلة في النتائج، أقترح أن تراجع فريق البيانات مجدداً للتحقق منها.

وبناءً على ذلك، يتضح أن الملاحظات السلبية لكي تكون بنَّاءة وذات جودة وواضحة يجب أن تشتمل على ثلاثة أركان أساسية:

  • السلوك السلبي: إشارة واضحة ومحددة إلى القصور الممُلاحَظ.
  • تأثير السلوك: بيان نتيجة هذا القصور من مشكلات.
  • الحل: المبادرة بالإشارة إلى مُقتَرَح أو توجيه لتحسين الأداء، أو توضيح التعديل المطلوب التغيير إليه.

5. انتقِ الوقت المناسب وافهم شخصية الموظف

طريقة واحدة وأسلوب مُوحَّد لا يصلحان لكل الموظفين في تقديم الملاحظات السلبية، وهذا يتطلب من المدراء وقادة الفِرَق فهمًا لشخصية الموظفين وما يصلح معهم. وبصورة عامة، في الغالب لا أحد منا يفضل أن يُنتَقَد أمام الجميع، فالأفضل أن تُقدَّم المراجعات السلبية لكل موظف على حدة، حتى لا يشعر بالإحباط أمام زملائه، لكن بالتأكيد ثمة أعمال أو مشاريع تستلزم بطبيعتها مناقشة تقدم العمل في اجتماعات جماعية يتم فيها تقديم الملاحظات، فلا مشكلة في ذلك ما دامت الملاحظات تُطرح بأسلوب جيد وبنَّاء.

6. احرص  على التواصل البشري

بعض المنشآت تكتفي بإرسال الملاحظات السلبية للموظفين عبر البريد الإلكتروني، وهذا في الغالب ليس فعَّالاً في تحقيق أقصى استفادة للموظف وتحسين الأداء، لأنه يكون أشبه بتوجيه آلي قد لا يطَّلع عليه كثير من الموظفين! تقول أصايل العويضي: «يجب عدم الاقتصار على مجرد إرسال التقييمات أو المراجعات السلبية عبر البريد الإلكتروني، بل الأفضل توثيقها ومناقشتها في اجتماع لتقييم الأداء Appraisal meeting».

ويؤكد عبدالرحمن الأخضر على أهمية التواصل البشري قائلًاً: «من الضروري أن يتزامن تقديم الملاحظات مع التواصل الشفهي والبصري ولغة الجسد، فكل هذا من شأنه إضفاء طابع إنساني في تقديم التغذية الراجعة، وتجنب سوء الفهم، وضمان استيفاء جوانب تقييم الأداء جميعها في اجتماع أو نقاش بنّاء مع الموظف، والاطلاع على تعليق الموظف على التقييم». تخيل فقط أن نبرة الصوت وحدها كفيلة بترك انطباع إيجابي لدى الموظفين حول الملاحظات السلبية، لأن من شأن نبرة الصوت الإيجابية أن تنقل للموظف شعور أن المدراء مهتمون وحريصون على تطور أدائه وتقويمه.

ختاماً، فإن الجهد المبذول في تقديم ملاحظات سلبية بنَّاءة يجعل تلك الملاحظات أداة قوية لتطوير الموظفين ولنمو المنشأت، ويجعل الموظفين أنفسهم أكثر استعدادًا لتقبُّلها والاستفادة منها، وهذا يتطلب قدرًا من التواصل الفعال مع الموظفين ودراية بمواطن القصور  بالتحديد وتقديم الدعم للوصول إلى حلول للمعالجة. وتذكّر دائمًا أن تجعل الموظف يشعر  بأنك تقدم النقد من باب الاهتمام والحرص على رفع جودة الأداء وليس من باب اللوم والتأنيب.

اقرأ أيضًا على مدونة جسر

الاشتراك-في-نشرة-جسر-HR-البريدية

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية