تسجيل الدخول اطلب عرض تجريبي الآن
AR
اطلب عرضك الخاص الآن
AR

تقييم الموظف: خطوات نحو تحسين الأداء المهني والشخصي

يجلس أحمد الموظف الشاب الطموح أمام مكتبه بانتظار اجتماعٍ مع مديره لمراجعة أدائه، فهو متحمس لمعرفة التقييم الذي استحقه عما أنجزه خلال العام، ولكنه أيضًا يشعر ببعض التوتر، كيف سيتم تقييم جهوده؟ وهل سيتم تقدير مبادراته وأفكاره الجديدة؟ هذه اللحظة ليست غريبةً على أي عامل فتقييم الموظف جزء أساسي من الحياة المهنية، إذ يُظهر الجهود المبذولة ويوجه المسار المهني ويلعب دورًا هامًا في تحفيز العاملين لتطوير مهاراتهم وأدائهم. نستعرض في هذا المقال مفهوم تقييم الموظف وأهميته وكيفية تقديم ملاحظات بنّاءة تساعده في التطور المهني والشخصي، وصولًا إلى طريقة كتابة تقرير تقييم احترافي.

ستقرأ في السطور التالية:

ما هو تقييم الموظف؟

تقييم الموظف هو عملية إستراتيجية تُستخدم لقياس وتقييم أداء الموظفين في بيئة العمل، بهدف تقديم وجهة نظر موضوعية لأداء الموظف موازنة بالأهداف والتوقعات المحددة مسبقًا، ويجب ألا يركز هذا التقييم فقط على الإنجازات السابقة، بل يُفترض أن يتنبأ أيضًا بالإمكانات المستقبلية ويحدد مجالات تحسين الأداء الفردي والجماعي وتطوير الموظفين وتعزيز التواصل واتخاذ القرارات الإدارية. ويشمل التقييم الجيد العديد من الجوانب الرئيسية، مثل:

  • وضع الأهداف وتحقيقها: يجب أن يقيس التقييم مدى فعالية تحقيق الموظف لأهدافه المحددة مسبقًا، ما يتطلب أهدافًا واضحة وذات صلة بموضوع التقييم، وقابلة للقياس والتحقيق ضمن إطار زمني محدد (Smart Goals).
  • مجالات التقييم: بجانب تحقيق الأهداف، يجب أن يقيس التقييم مهارات الموظف، مُحددًا نقاط القوة والضعف والمهارات التقنية والفنية المتصلة بمهام الموظف في العمل، إضافة للمهارات الشخصية مثل التواصل والعمل الجماعي وحل المشكلات وقدرات القيادة.
  • الملاحظات والتوجيهات: تشمل التقييمات الفعالة ملاحظات بنّاءة تتضمن تقديم أمثلة محددة لكل من المساهمات الإيجابية والمجالات التي تحتاج إلى تحسين، مع التركيز على السلوك وليس على السمات الشخصية لتوجيه الموظف نحو تحقيق إمكاناته الكاملة.
  • خطط تحسين الأداء: بالنسبة للموظفين الذين يُظهرون ضعفًا مستمرًا في الأداء، قد تكون هناك حاجة لخطة تحدد الخطوات التي يحتاجها الموظف لتحسين أدائه، مع تحديد توقعات وجداول زمنية واضحة لمراقبة التقدم وتقديم الدعم المستمر.
  • تخطيط التطوير الوظيفي: مناقشة تطلعات الموظف الوظيفية وتحديد فرص الترقية وإنشاء خارطة طريق لتحقيق أهدافه المهنية، ويتضمن ذلك برامج الإرشاد أو التعليم الإضافي أو فرص التنقل الداخلي.

أهمية تقييم الأداء للموظفين

يعد تقييم الموظفين أحد الأدوات الإدارية التي تُستخدم على نطاق واسع لتحسين الأداء ودفع الموظفين لتحقيق التميز، وتبرز أهمية تقييم الموظف في تحقيق الفوائد التالية:

زيادة الوعي الذاتي

يعزز تقييم الموظفين من وعيهم بذواتهم من خلال توفير ملاحظات موضوعية حول أدائهم بما في ذلك نقاط القوة والضعف، ما يساعدهم على تحسين مهاراتهم وسلوكياتهم في بيئة العمل، فوجدت دراسة أجرتها مؤسسة جالوب أن المنظمات التي لديها موظفين منخرطين بقوة في بيئة العمل تشهد زيادة في الربحية بنسبة 21٪، بالإضافة إلى ذلك عندما تستفيد الشركات من أدوات التغذية الراجعة في الوقت الفعلي، فإنها تشهد زيادة ملحوظة بنسبة 72٪ في إنتاجية الموظفين.

وهو ما يُظهر أهمية التقييمات في توجيه الموظفين لتطوير أنفسهم باستمرار، والتركيز على المجالات التي تحتاج إلى تحسين. كما أن زيادة وعي الموظف بتأثير تصرفاته يمكّنه من التكيف مع المواقف المختلفة سواء كان ذلك في تعزيز انضباطه الشخصي أو تعامله مع التحديات أو في تحسين التواصل مع زملائه.

تعزيز فرص التدريب وتطوير المهارات

يساعد التقييم في التعرف على الفجوات بين الأداء الحالي والمطلوب، ما يسهّل تحديد النقاط التي يحتاج الموظف لتطويرها، ويسمح بتخصيص برامج تدريبية مستهدفة تضمن أن الموظفين يكتسبون المهارات اللازمة لهم للتفوق في وظائفهم والاستعداد للترقيات، كما يعزز تقييم الموظفين من ثقافة التعلم المستمر. فعندما يتم تقييم الأداء بانتظام، يدرك الموظفون أهمية تطوير المهارات وضرورة تحديث معارفهم للتكيف مع تغيرات التكنولوجيا والأسواق. ويوفر تقييم الأداء أيضًا رؤية واضحة للتطوير المناسب بناءً على نتائج التقييم، ما يؤثر إيجابًا على الإنتاجية وجودة العمل، ويسهم في بناء فرق عمل أقوى تتسم بالتوازن والكفاءة.

الترقية والتقدم الوظيفي

يسهم التقييم الوظيفي للموظفين في توثيق إنجازاتهم وأدائهم ومدى جاهزيتهم لتحمل مسؤوليات جديدة والترقية إلى مناصب أعلى، فيصبح من السهل على المنشأة اتخاذ القرار السليم في تحديد المؤهلين للتقدم في المسار المهني، فالموظفون الذين يظهرون تحسنًا ملموسًا في أدائهم بناءً على ملاحظات التقييمات يُصبحون أكثر أهلية للترقية نظرًا لتطوير أنفسهم واستجابتهم للتوجيهات الشخصية والمهنية التي وُضعت لهم، وهو ما يثبت جديتهم وطموحهم وقدرتهم على التعلم من أخطائهم، ويجعلهم مرشحين مثاليين لتولي الأدوار القيادية.

زيادة الرضا ومشاركة الموظفين

عندما يشعر الموظفون بالتقدير من خلال التقييمات المنتظمة والملاحظات الإيجابية يرتفع مستوى رضاهم عن العمل، ويتولد لديهم ارتباط أكبر بمؤسساتهم، ما يخلق بيئة عمل إيجابية ومشجعة تعزز إنتاجيتهم وتقلل من معدلات ترك العمل، وهو ما أكدته دراسة لمنصة Reflektive الرائدة في إدارة الموظفين بأنه «عندما يتلقى الموظفون اهتمامًا وتقديرًا وتوجيهًا منتظمًا حول كيفية التحسين، فإنهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر انخراطًا وإنتاجية، وغالبًا ما يبقون مع أصحاب العمل لفترة أطول ويعملون بجدية أكبر، ما يقلل من تكاليف التوظيف والاحتفاظ بالموظفين». 


وأشارت الدراسة إلى أن 92% من المشاركين قالوا إنهم يريدون تعليقات على الأداء أكثر من مرة في السنة، وفضّل 72% المراجعات مرة واحدة على الأقل في الشهر، بينما فضّل 49% المراجعات مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، كما أظهر الاستطلاع أن 85% من المهنيين المشاركين قد يفكرون في ترك وظائفهم بعد تقييم أداء غير عادل.

تحقيق الأهداف التنظيمية

يلعب تقييم الموظف دورًا محوريًا في توجيه الجهود الفردية والجماعية نحو تحقيق الأهداف التنظيمية، فيساعد التقييم على تحديد أهداف محددة لكل عامل تتماشى مع تطلعات القسم والمنشأة ضمن مؤشرات قابلة للقياس والتحقق. كما أن تحديد الأهداف الفردية بالتوازي مع الأهداف العامة للمنظمة يمكّن الموظفين من فهم دورهم ومساهمتهم في نجاح العمل. ويكشف التقييم أيضًا الموظفين ذوي الإمكانات العالية ويتيح تنمية قدراتهم القيادية وتسريع نموهم الوظيفي لتحقيق الاستفادة القصوى من الثروة البشرية في المنشأة.

تحفيز الابتكار وتحسين الأداء

يشجع تقييم الموظف على تقديم أفكار جديدة وطرح حلول مبتكرة وخلق بيئة تنافسية صحية تشجع على العمل بجدية أكبر لتحقيق أفضل أداء. فعندما يعرف الموظفون أن هناك نظامًا ثابتًا لتقييم جهودهم، فإنهم يشعرون بمزيد من الثقة للمخاطرة وتقديم أفكار غير تقليدية، لأنهم يعلمون أن الأداء سيُقيّم بناءً على الجهود المبذولة حتى لو لم تكن النتيجة النهائية مثالية.

فوفقًا لدراسة أجرتها McKinsey تَبين أن الشركات التي تعتمد على نظام تقييمات منتظم شهدت تحسنًا عاليًا في إنتاجية الموظفين لا يقتصر على الأداء الفردي، بل يمتد ليشمل أداء المؤسسة بالكامل عبر توفير تغذية راجعة مستمرة تُشعر الموظفين بأنهم موضع اهتمام المؤسسة، ما يعزز الولاء والإبداع والإنتاجية​، وهو ما يذكرنا بعبارة Anne M. Mulcahy الرئيسية التنفيذية السابقة لشركة زيروكس Xerox: «الموظفون الذين يعتقدون أن الإدارة مهتمة بهم كفردٍ كامل -ولا تُعاملهم على أنهم مجرد موظفين- هم الأكثر إنتاجية ورضًا وإشباعًا، وحصولك على موظفين راضيين يعني زيادة رضا العملاء، ما يؤدي إلى ربحية أكبر».

تطوير التواصل والشفافية

يعزز برنامج تقييم ومتابعة الموظفين من التواصل الفعال والشفافية بين الموظفين والإدارة، فتقييم الموظف ليس مجرد عملية لتقديم التغذية الراجعة، بل هو قناة اتصال مفتوحة تمكّن الطرفين من تبادل الأفكار والتوقعات، وتتيح للعامل فرصة التعبير عن احتياجاته ومخاوفه، كما تتيح للإدارة فرصة فهم التحديات التي يواجهها الموظفون والعمل على حلها. وتساهم شفافية التقييم في بناء الثقة داخل المؤسسة وتعزيز الولاء، وتشجع على تبادل المقترحات والمعارف التي يمكن أن تؤدي إلى تحسينات إبداعية في العمل.

التوثيق والمساءلة

يعمل تقييم الموظفين على إنشاء سجل واضح يوثق أداءهم على مر الوقت، ما يضمن أن تكون القرارات مبنية على بيانات موضوعية واضحة، وليس على الانطباعات الشخصية أو التحيزات. ويحمي هذا التوثيق المؤسسات في حال حدوث نزاعات قانونية، إذ يمكن استخدامه دليلًا على عدالة التقييمات، ويُظهر التزام المنشأة بالشفافية والإنصاف في التعامل مع موظفيها.

الملاحظات البناءة ودورها في النمو الشخصي والمهني

يعد تقديم التغذية الراجعة من أكثر الأساليب فعالية في تعزيز النمو الشخصي والمهني، ومع ذلك، يختلف تأثير هذه الملاحظات بناءً على طريقة تقديمها ونيتها. ففي حين تساعد الملاحظات البنّاءة على توجيه الشخص نحو تحسين نفسه، قد يؤدي النقد السلبي إلى نتائج عكسية تؤثر على الثقة بالنفس والدافعية، لذا لا بدّ لمديري الموارد البشرية وأصحاب الأعمال فهم الفرق بين المفهومين لضمان تقديم تغذية راجعة مفيدة تساهم في تحقيق النمو المستدام.

ما هي الملاحظات البناءة وكيف تختلف عن النقد السلبي؟

الملاحظات البناءة هي نوع من التغذية الراجعة التي تهدف إلى تعزيز الأداء من خلال تسليط الضوء على النقاط التي تحتاج إلى تحسين بجانب الإشادة بالإنجازات والنقاط الإيجابية، وتهدف إلى مساعدة الموظف على تحسين سلوكه وأدائه والتغلب على التحديات التي تواجهه، فتعزز  من ثقته بنفسه وتجعله أكثر تقبلًا للتحسين والتغيير.

بينما يعرّف النقد السلبي بأنه التركيز على العيوب والأخطاء دون الاعتراف بالإنجازات أو تقديم إرشادات واضحة للتحسين، وغالبًا ما يكون هذا النوع من النقد جارحًا وقاسيًا في أسلوبه ما يؤدي إلى إحباط المتلقي وتقليص ثقته بنفسه، وخلق مشاعر سلبية وردود دفاعية تجعل الموظف يبتعد عن التفكير في التحسين ويركز بدلًا من ذلك على الألم الذي يسببه النقد.

أبرز الفروق بين الملاحظات البنّاءة والنقد السلبي:

  • النية والغرض: تهدف الملاحظات البنّاءة إلى مساعدة الموظف على التحسن والنمو، وتُقدم بهدف تعزيز الأداء وتطوير السلوك. بينما يهدف النقد السلبي إلى إبراز العيوب بنية هجومية تؤدي إلى إحباط المتلقي دون تقديم أي فرص للتعلم.
  • الأسلوب واللغة: تُقدم الملاحظات البنّاءة بأسلوب لطيف ومحترم، إذ يتم تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف والتركيز على السلوكيات القابلة للتغيير بدلًا من الهجوم على الشخصية. في حين يتميز النقد السلبي بأسلوب قاسٍ يعتمد التركيز على الأخطاء والتقليل من قيمة المتلقي.
  • التأثير على المتلقي: تساهم الملاحظات البنّاءة في تعزيز الثقة بالنفس وتحفيز الموظف على تحسين أدائه، وتُشعره بأنه قادرٌ على تحقيق نتائج إيجابية ومواصلة التطور بفضل التوجيهات والاقتراحات. بينما يزيد النقد السلبي من التوتر والإحباط، ويؤدي إلى ردود فعل دفاعية تعيق التحسن والتعلم كونه يقتصر على إبراز المشكلات دون تقديم أي حلول عملية.

أهمية الملاحظات البناءة في النمو الشخصي والمهني للموظف

تؤثر الطريقة التي نتلقى بها التغذية الراجعة على قدرتنا على التقدم والنمو، لذا تعد الملاحظات البناءة محركًا للتغيير والإبداع من خلال:

  • تحديد أهداف واضحة تساعد الموظفين على فهم الجوانب المطلوبة منهم وتحديد نقاط الضعف التي تحتاج إلى التغيير.
  • تعزيز الثقة بالنفس وخلق توازن بين التقدير والتحفيز يشجع الأفراد لمواصلة العمل على نقاط قوتهم وتطويرها.
  • تطوير مهارات جديدة أو تعديل سلوكيات معينة تحقق النجاح المهني، وتحسن من جودة العمل وإنتاجيته.
  • بناء علاقات صحية ومثمرة بين الزملاء والمديرين وتعزيز الثقة المتبادلة، وخلق بيئة عمل قائمة على التعاون والاحترام.

التوصيات العملية لتطبيق الملاحظات البناءة في مؤسستك

يتطلب تطبيق الملاحظات البناءة في منشأتك اتباع مجموعة من الإرشادات التي تسمح لك بتقديم التقييم السلبي للموظف بأسلوب بنّاء وفعال، ومن أهم النصائح التي يمكنك اتباعها:

  • توقيت تقديم الملاحظات: يفضل تقديم الملاحظات فور وقوع الحدث أو المشكلة، لذا تجنب تأخير الملاحظات لأن ذلك من شأنه أن يقلل من فعاليتها ويضيّع فرصة التحسين السريع.
  • وضوح الرسالة: يجب أن تكون الملاحظات واضحة ومباشرة لا تترك مجالًا لسوء الفهم أو الغموض، فالرسائل غير الواضحة يمكن أن تؤدي إلى تفسيرات خاطئة وتقلل من الأثر المطلوب.
  • التوازن بين الإيجابية والانتقاد: يمكنك استخدام أسلوب «الساندويتش» لموازنة النقد مع الثناء، ابدأ بمدح يتبعه انتقاد، ثم اختم حديثك بإيجابية لتعزيز قبول الموظف للتغذية الراجعة وتخفيف وقع النقد السلبي.
  • تقديم حلول عملية: يشمل النقد البنّاء تقديم اقتراحات محددة للتطوير، فالنقد دون حلول يؤدي للإحباط، لذا لا بدّ من إرشادات فعّالة وخطوات عملية قابلة للتنفيذ.
    وقد أظهرت دراسة أجراها موقع Harvard Business Review أن نسبة 57% من الموظفين يفضلون تلقي الملاحظات التصحيحية مقارنة بـ43% فقط الذين فضلوا الثناء والتقدير، وأعرب 72% من المشاركين عن اعتقادهم بأن أدائهم سيتحسن بصورة أكبر إذا تلقوا حلولًا للتحسين من مديرهم، ما يشير إلى أهمية النقد البناء في تعزيز الأداء المهني.
  • التركيز على السلوك وليس الشخص: يجب أن توجه الملاحظات إلى الأداء والسلوك بدلاً من الشخص ذاته لتجنب الشعور بالاستهداف، فالنقد الشخصي يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل سلبية ويقلل من فعالية الملاحظات.
  • إنشاء ثقافة مفتوحة للتغذية الراجعة: تشجيع التواصل المفتوح بين جميع الموظفين يساهم في توفير بيئة صحية يشعر فيها الجميع
    بالراحة لتقديم الملاحظات واستقبالها دون خوف.
  • استخدام أدوات التقييم الفعالة: مثل مراجعات الأداء والاجتماعات الفردية والبرمجيات المناسبة للوصول إلى تقييم شفاف وعادل مبني على الأداء الفعلي، وتساعدك مزايا تقييم الأداء في نظام جسر لإدارة الموارد البشرية على تحديد دورة تقييم سنوية أو نصف سنوية أو شهرية، وتعيين المهام التي ستُقيِّم أداء الموظفين على أساسها، مع إمكانية تفعيل الإشعارات لتذكير المسؤول المباشر بموعد التقييم.

الطرق الشائعة لتقييم الموظفين

يمكن تقييم الموظف وفق أشكال مختلفة من التقييم، كلُّ منها مصمم لقياس الأداء من وجهة نظر مختلفة تلبي احتياجات تنظيمية محددة، ويساعد فهم هذه الأنواع على اختيار أكثر الطرق فاعلية وفقًا لكل منظمة وطبيعة القوى العاملة فيها، ومن أهمها:

1. التقييم السنوي للموظفين

يقيّم المدير المباشر بانتظام في نهاية كل عام أداء الموظفين بناءً على معايير محددة مسبقًا تتضمن مراجعة إنجازاته ونقاط قوته ومجالات التحسين، إلّا أن هذا التقييم قد يكون عرضة للتحيز أو عدم الموضوعية في بعض الأحيان، فوفقًا للدراسات يرى 51% من الموظفين أن التقييمات السنوية غير دقيقة، ما يتطلب دمج هذه الطريقة مع تقنيات أخرى أكثر فاعلية.

2. مراجعات الأقران

تشمل مراجعات الأقران (Peer Reviews) تقييم الزملاء لأداء بعضهم بناءً على تجربتهم اليومية في العمل، وتوفر هذه الطريقة رؤى قيمة حول عمل الموظف في الفريق وتعاونه ومهاراته في التواصل، باعتبار أن الزملاء في نفس المستوى الوظيفي هم الأكثر قدرة على تقديم تقييم دقيق للأداء العملي والتفاعل اليومي، وبرغم أن هذا التقييم يؤسس على وجهات نظر متعددة، إلّا أنه يتطلب معايير واضحة وصارمة لتجنب التحيزات الشخصية وضمان دقته.

3. التغذية الراجعة 360 درجة

تجمع هذه الطريقة المدخلات من مصادر متعددة بما في ذلك المديرين والمشرفين والزملاء والمرؤوسين وأحيانًا العملاء، ويوفر هذا النهج الشامل رؤية متكاملة لأداء الموظف من وجهات نظر مختلفة، كما يعزز الموضوعية ويقلل من احتمالية التحيز لأنه يعتمد على آراء متنوعة.
إلا أن نجاح هذه الطريقة تتطلب تنفيذًا دقيقًا لضمان تغذية راجعة بناءة، ويعتمد على توفير تدريب للمقيمين على كيفية تجنب التحيزات المحتملة.

4. قوائم المراجعة السلوكية

تستخدم قوائم المراجعة السلوكية (Behavioral Checklists) لقياس الأداء بناءً على سلوكيات محددة تتعلق بالوظيفة ومدى التزام الموظفين بهذه السلوكيات المرغوبة في أدوارهم، وتتميز قوائم المراجعة السلوكية بأنها تبين بوضوح الأداء المرغوب فيه وتقلل من التعقيد في التقييمات، إلا أنها تتطلب موارد كبيرة من الوقت والجهد والتدريب لضمان فعاليتها، كما أن التحديات المتعلقة بالتحيز والتحديث المستمر قد تعيق تطبيقها في بعض المؤسسات.

5. الإدارة بالأهداف (MBO)

تعد الإدارة بالأهداف (Management by Objectives) منهجًا فعالًا لتقييم الأداء يعتمد على تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس لكل موظف لفترة زمنية معينة، ويتم بعد ذلك تقييم الأداء بناءً على مدى تحقيقها، ويعمل الموظف والمدير معًا على وضع هذه الأهداف ما يوفر توجيهًا فعالًا للموظف نحو تحقيق نتائج ملموسة، وتحسينًا مستمرًا في أدائه من خلال تركيز التقييم على النتائج، كما تمكّن هذه الطريقة من تقديم تغذية راجعة أكثر دقة وتحديدًا أفضل للنقاط التي تحتاج إلى تحسين. وتشير الأبحاث إلى أن الأداء الفردي والتنظيمي يزيد بنسبة 16٪ عند تنفيذ نظام تقييم يعتمد على أهداف وغايات محددة.

6. التغذية الراجعة المستمرة

تشمل آلية تقييم أداء الموظفين بالتغذية الراجعة المستمرة إجراء مناقشات مستمرة بين الموظفين والمديرين حول الأداء بدلاً من الاعتماد فقط على التقييم السنوي أو النصف سنوي والتقييمات الرسمية الأخرى، ما يسمح للموظف بتحسين أدائه فورًا دون الانتظار لنهاية الفترة التقييمية، كما تمكّن من الحصول على تعليق الموظف على التقييم وتعزيز مشاركته والتزامه وإجراء تعديلات ودعم في الوقت الحقيقي، كما تساعد الموظفين أيضًا على البقاء على المسار الصحيح ومعالجة التحديات عند ظهورها.

وتُظهر الدراسات أن التغذية الراجعة المستمرة ليست فقط مفيدة على مستوى الأداء الفردي، ولكنها تساهم أيضًا في بناء فرق عمل أكثر تعاونًا وتدعم التعلم من الزملاء وتعزز الإنتاجية الجماعية​، وتساعد الموظفين في معرفة مدى تقدمهم نحو تحقيق الأهداف، ما يدعم عملية التطوير ويقلل من الإحباط الناتج عن الانتظار حتى التقييم السنوي.

7. تقييمات المشاريع

في بعض الأحيان خاصة في البيئات التي تعتمد على المشاريع، قد يكون من الأنسب تقييم أداء الموظفين بناءً على مشاركتهم في المشاريع الفردية أو الجماعية، فتمكن طريقة تقييم المشاريع من قياس كيفية تعامل الموظف مع المهام المحددة تحت ظروف معينة، مثل إدارة الوقت والتعاون مع الفريق والابتكار وحل المشكلات، وتتميز بأنها توفر صورة دقيقة لأداء الموظف في سياقات عملية، ما يسهم في تقديم تقييمات أكثر دقة وملاءمة، وتحديد المهارات والكفاءات ذات الصلة بالأدوار أو المشاريع المحددة.

8. التقييمات الذاتية

التقييم الذاتي هو عملية انعكاسية يتم فيها تقييم الموظف لنفسه وأدائه ومهاراته ومساهمته في دوره الوظيفي، ويشجع هذا النهج التفكيري الموظفين على التفكير في نقاط قوتهم والاعتراف بنقاط الضعف، ما يعزز الوعي الذاتي والفهم العميق لتأثير الشخص في بيئة العمل، وهو أمر أساسي للتحسين المستمر والتقدم الوظيفي، كما يسهّل التقييم الذاتي تحديد الأهداف الشخصية وتوافقها مع أهداف المنظمة ويشجع على التحفيز والمسؤولية، ويتيح للعاملين بناء تحسين أدائهم على نقاط قوتهم أو ضعفهم إذ يعتقد 64% من الموظفين أن البناء على نقاط قوتهم سيجعلهم أكثر نجاحًا في العمل.

كيفية كتابة تقرير تقييم موظف

يمكن لمديري الموارد البشرية إعداد تقرير تقييم موظف احترافي من خلال اتباع خطوات محددة ضمن هيكلية واضحة تهدف إلى تقديم تقييم شامل لأداء الموظف، ويلعب هذا التقرير دورًا هامًا في تعزيز الأداء الفردي والتطوير المهني، ومن أهم خطواته:

1. جمع البيانات والمعلومات

قبل البدء بكتابة التقرير من الضروري جمع البيانات المتعلقة بالموظف من مصادر متعددة، وتشمل:

  • نتائج العمل مثل مراجعة الأهداف المحققة ومؤشرات الأداء.
  • ملاحظات أداء الموظف اليومية أو الأسبوعية.
  • التقييمات الذاتية من الموظف لفهم وجهة نظره الشخصية حول أدائه.

2. تحديد نقاط تقييم الموظف

وضع معايير واضحة لتقييم الموظف، على أن تكون هذه المعايير مخصصة لكل وظيفة وتتفق مع الأهداف الإستراتيجية للشركة، ومنها:

  • الأداء العام ومدى تحقيق الأهداف.
  • الكفاءة في العمل وجودة أداء المهام.
  • الابتكار والإبداع وتقديم حلول جديدة لتحسين العمليات.
  • الالتزام بالمواعيد النهائية.
  • التفاعل والتعاون مع الزملاء والقدرة على العمل ضمن الفريق.

3. استخدام هيكل واضح للتقرير

يجب أن يكون التقرير منظمًا ليسهل قراءته، ويمكن وضعه ضمن الهيكل التالي:

  • مقدمة عن معلومات الموظف مثل اسمه ومنصبه وفترة عمله في الشركة.
  • أهداف التقييم وتوقعات الشركة من الموظف.
  • نظرة شاملة على أداء الموظف تشمل النجاحات والتحديات.
  • المجالات الفردية للأداء وتقييم كل مجال على حدة مع تقديم أمثلة.
  • التوصيات والنصائح لتحسين الأداء وتطويره.

4. تحليل الأداء بناءً على المعايير

يتضمن هذا الجزء مراجعة أداء الموظف بناءً على كل معيار مع استخدام أمثلة عملية تدعم التقييم، مثل إكمال مشروع معين في الوقت المحدد أو تقديم حلول مبتكرة لمشكلات الفريق، مع توضيح أدوات التقييم مثل الاستبيانات أو المقابلات مع المشرفين المباشرين.

5. نقاط القوة في تقييم الموظف

بعد تحليل الأداء، من المهم التركيز على نقاط القوة التي يمتلكها الموظف، ويمكن أن تشمل هذه النقاط مهارات القيادة والقدرة على حل المشكلات أو الالتزام، ويعد هذا الجزء فرصة لتعزيز الثقة لدى الموظف وتقدير مجهوداته.

6. نقاط التطوير

تقديم تغذية راجعة بنّاءة تهدف إلى مساعدة الموظف على تحسين أدائه عبر تناول النقاط التي تحتاج إلى تحسين بطريقة تساعد الموظف على تطوير نفسه دون إحباطه مع التركيز على الحلول بعبارات مثل: «الإبداع ملحوظ في الأفكار، ولكن ننصح بتحسين إدارة الوقت لتسليم المهام في موعدها».

7. التوصيات المستقبلية

بناءً على التحليل، يمكن تقديم توصيات عملية قابلة للتنفيذ تعزز فرص التحسين، مثل التعاون بين الموظف وفريقه أو توجيهه نحو أهداف مهنية محددة، ويجب أن تُقدم التوصيات خطة واضحة لتحسين الأداء مثل: «نوصي بتحسين مهارات إدارة الوقت من خلال حضور دورات تدريبية».

8. الاستنتاج

ينبغي أن يُختتم التقرير باستنتاج يلخص أداء الموظف ويشير إلى النقاط البارزة في التقييم سواء الإيجابية أو تلك التي تحتاج إلى تطوير، مع كتابة تعليقات حول تأثير الموظف على الفريق أو القسم الذي يعمل فيه.

9. مراجعة التقرير مع الموظف

يمكن بعد كتابة التقرير مراجعته مع الموظف في جلسة تفاعلية تسمح له بإبداء ملاحظاته، والحصول على تعليق الموظف على التقييم لتعزيز شعوره بالمسؤولية.

10. التوقيعات والتوثيق

أخيرًا، يتم توثيق التقييم بتوقيع مدير الموارد البشرية والمشرف المباشر، وقد يتطلب الأمر توقيع العامل لإثبات اطلاعه على التقييم وتأكيد رسميته ومشاركته مع الموظف.

في الختام، يعد تقييم الموظفين أداة حيوية ليس فقط لتحسين الأداء المهني ولكن أيضًا لتعزيز النمو الشخصي للموظفين، فمن خلال تقديم تقييم موضوعي ومستند إلى معايير واضحة، يمكن للشركات ضمان العدالة وتعزيز بيئة عمل إيجابية تحفز الموظفين على تطوير مهاراتهم وتحقيق أهدافهم المهنية، ومع اتباع أسلوب احترافي في كتابة تقارير التقييم، يمكن لمديري الموارد البشرية تقديم ملاحظات فعّالة تساهم في تعزيز نجاح الموظفين والشركة على حد سواء.

اقرأ أيضًا على مدونة جسر

الاشتراك-في-نشرة-جسر-HR-البريدية

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية