2024
مارس
7
آخر تحديث
هل الرواتب كافية لتحفيز الموظفين في الشركات وفقا لعلم اقتصاد الموظفين؟
يكمن نجاح أي مدير في قدرته على تحقيق الأهداف التجارية المطلوبة منه من خلال توجيه وإدارة مرؤوسيه بفاعلية. وتتضمن هذه الإدارة الفعالة تحفيز الموظفين في الشركات للعمل عبر محفزات مادية أو معنوية. ولكن أي المحفزات ستؤتي ثمارها؟ وكيف نواجه ارتفاع نسبة الموظفين غير المتفاعلين إلى 70% من إجمالي الموظفين طبقًا لمركز جالوب؟
ولمّا كان البقاء على قيد الحياة هو أهم احتياج بشري طبقًا لهرم ماسلو-Maslow، فإن العمل من أجل المال لتأمين الحاجات الأساسية يأتي في المرتبة الأولى من دوافع الموظفين في شركتك ناهيك عن العمل لتحسين مستوى المعيشة. إليك ما تحتاج معرفته عن اقتصاديات الموظفين قبل تصميم حوافز مالية لرفع الإنتاجية.
جدول المحتويات:
كيف يؤثر المال في تحفيز الموظف للعمل؟
بالطبع، المال! تشير النظرية الاقتصادية لآدم سميث أن الإنسان بطبعه لا يحب العمل وبذل الجهد، ويميل إلى الاستسهال في كل شئ. لذلك، يتطلب الأمر بعض المال في صورة راتب، أنواع مختلفة من الحوافز، جائزة، أو حتى مكافأة لتحفيز الموظفين في الشركات على العمل. وبالرغم من قصور النظرية الاقتصادية عن تفسير الدوافع الكاملة لعمل أي موظف، ولكنها توفر تفسيرًا منطقيًا إلى حد كبير يثبت أهميته في سوق العمل حتى اليوم، خاصةً إذا كان المال هو الدافع الأساسي للعمل لدى موظفيك.
ولكن كيف تحفز قيمة الأجر الشهري الموظف على العمل؟ وهل المنفعة المستمدة من المال ثابتة مع زيادة قدر هذا المال بشكل دائم؟ الإجابة في تقسيم قيمة المال بالنسبة للموظف إلى ثلاثة أقسام:
- المال من أجل البقاء
- المال من أجل تحسين مستوى المعيشة أو الاستمتاع والمرح
- المال كدليل على التقدير المعنوي
المال من أجل ضمان الحاجات الأساسية للبقاء: حتى لا يتحول العمل إلى عبء ثقيل
يحتاج الموظف للبقاء على قيد الحياة وتوفير احتياجاته الأساسية للنجاة قبل أي شئ. احتياج الموظف للبقاء هو أول الاحتياجات في هرم ماسلو لترتيب الاحتياجات البشرية. وبالتالي، هو أقوى الدوافع للعمل: من أجل كسب الرزق. الجميع يعلم ذلك. ولكن، من المهم التأكيد على هذه الفكرة لإدراك عدة أشياء في تحفيز الموظفين اليوم.
إذا كان البقاء هو الدافع الوحيد للعمل لدى الموظف، والمال هو الشئ الوحيد الذي يرجو الموظف تحقيقه من العمل، وكان هذا المال بالكاد يكفي احتياجات الموظف الأساسية للبقاء على قيد الحياة، فإن العمل سيتحول إلى بلاء وجودي ضروري للبقاء على قيد الحياة.
هذا المعنى السلبي للعمل في ذهن الموظف سيجعل من المستحيل تحفيز الموظف بأي نوع من أنواع الحوافز حتى لو كانت حوافز مالية. حيث يستجيب الموظف للحوافز المادية فقط لتحسين مستوى معيشته وليس لتوفير احتياجاته الأساسية للحياة!
كيف تتصرف عندما يتحول العمل لبلاء وجودي بالنسبة للموظف؟
تأكد أن الراتب الأساسي للموظف يضمن له القدر المناسب لتأمين الاحتياجات الأساسية إذا كنت تطمح في تحفيزه للعمل وتعزيز التفاعل. ولكن، لا تقع في فخ زيادة الراتب بشكل أزيد من اللازم من أجل تحفيز الموظف، فآثر الحوافز المادية قد تؤدي إلى نتيجة عكسية إذا كان الراتب أكبر بكثير من القيمة السوقية للعمل الذي يقدمه الموظف.
المال من أجل تحقيق المنفعة والفرح
بعد تأمين احتياجاته الأساسية للبقاء من ملبس، ومأكل، ومسكن؛ تفترض النظرية الاقتصادية أن الموظف يعمل من أجل تحقيق أعلى قدر ممكن من المنفعة-Utility. أي أنه يسعى لكسب المزيد من المال الذي يمكنه من قضاء وقت فراغه (عدم العمل) بشكل أفضل. قد يفضل الموظف الذهاب للتسوق مع العائلة، التسامر مع الأصدقاء، التنزه في الحدائق أو السفر واستكشاف العالم.
حيث تفترض النظرية أن (العمل) هو نشاط غير مرغوب فيه ولكن الموظف يستطيع تحمله وتقبله طالما أنه يعتقد أن المنفعة التي يوفرها له العمل (القدرة المادية على قضاء وقت الفراغ بشكل ممتع، ووجود وقت فراغ من الأساس) أكبر من تكلفة العمل على الموظف (الوقت والجهد وربما المال المبذول في العمل).
في هذه الحالة، يستمر الموظف في العمل بحماس لكي يحقق المتعة والمنفعة التي يوفرها له الراتب أو المقابل المادي عمومًا. ومن الصعب تحفيز الموظفين في الشركات للعمل بجهد أكبر أو لوقت أكثر إذا كانت المنفعة التي يستمدها من ذلك لا تزيد عن التكلفة التي يبذلها لتحقيق ذلك.
مثال توضيحي: قانون تلاشي المنفعة الهامشية
على سبيل المثال، فهد موظف سعودي متزوج ولديه طفلة ويعمل بدوام كامل لمدة 8 ساعات يوميًا تؤمن له راتب شهري بقيمة 6,000 ريال. فهد موظف مقتصد يختار إنفاق أمواله بأسلوب منطقي وعقلاني فيما ينفعه وأسرته. وبالتالي، يكفي راتب فهد الشهري لتوفير الحاجات الأساسية من ملبس ومأكل ومسكن للعائلة، مع توفير القدرة على التنزه مرة أسبوعيًا وادخار مبلغ 500 ريال شهريًا.
الأجر الذي يتقاضاه فهد مقابل ساعة من العمل يقدر بـ25 ريال في الساعة. وبالتالي، يحتاج فهد للعمل لمدة 8 ساعات يوميًا لتأمين المنفعة الأساسية التي تدفعه للعمل. الشركة تتيح للموظفين العمل الإضافي حتى 4 ساعات بضعف سعر الساعة الأصلي. أي أن الساعة الإضافية تقدر بـ50 ريال. إذا عمل فهد لمدة 4 ساعات إضافية بالإضافة لدوامه الأصلي سيتضاعف دخله شهريًا ليصل إلى 12,000 ريال في الشهر.
هل سيقرر إضافة 4 ساعات فقط على الساعات الثمانية لمضاعفة دخله الشهري؟ على الأغلب، لن يفعل ذلك.
ينص قانون تلاشي المنفعة الهامشية في علم اقتصاد الموظفين على أن زيادة ساعة إضافية للدوام الكامل كل يوم ربما يرفع من المنفعة طويلة المدى للموظف. حيث يتقاضى الموظف ضعف أجره عن تلك الساعة، وبالتالي يتمكن من زيادة دخلة بمقدار يسمح له بالإدخار أو تحسين حياته.
ولكن، تنقص تلك المنفعة كلما زاد عدد الساعات الإضافية. حيث يبدأ الموظف في الشعور بالإرهاق والتعب جراء عمله لأكثر من 9 ساعات يوميًا، يفتقد الوقت مع العائلة والأصدقاء، يضحي بوقت النوم والراحة وربما يتأخر عن العمل في اليوم التالي. عوضًا عن عدم وجود وقت كافي للاستمتاع بالدخل الذي يجنيه الموظف من الأساس. كل هذه العوامل تجعل المنفعة العائدة على الموظف من إضافة ساعات عمل إضافية (هامشية) تتلاشى كلما زاد عدد الساعات رغم زيادة الأجر والمقابل المادي.
نستنتج من المثال السابق صعوبة تحفيز الموظفين في الشركات للعمل لساعة إضافية إذا كان ذلك يعني تأخير موعد الفسحة مع أبنائه على سبيل المثال. عندها سيفضل الموظف قضاء تلك الساعة مع الأبناء على العمل لساعة إضافية إلا في حالة ارتفاع أجر الساعة الإضافية بالقدر الذي يجعل المنفعة من العمل الإضافي (الأجر المضاعف للساعة الإضافية يعني هدية قيمة للأبناء) أكبر من المنفعة المبذولة في العمل الإضافي (التضحية بقضاء ساعة مع الأبناء).
بالطبع يختلف تعريف المنفعة من موظف لآخر، ولكن يفترض "الاقتصاد" أن الجميع لديه الحافز للعمل طالما أن المنفعة المستمدة من العمل أكبر من التكلفة المبذولة فيه. وبناءً على ذلك، فإن قوانين اقتصاديات الموظفين Personnel Economics تفترض أن الموظف يسعى لتحقيق مصلحته الشخصية فقط، يتصرف بعقلانية، ويفكر بشكل منطقي. وبالتالي، فهي قاصرة عن تفسير دوافع العمل منفردة للموظف في القرن الواحد وعشرين.
المال كدليل على التقدير المعنوي
يجري حوار بين دون دريبر Don Draper و مرؤوسته بيجي أولسون Peggy Olson في حلقة من مسلسل الدراما الشهير، الرجال المجانين Mad Men، الذي يوثق حالة وكالات الاعلانات في نيويورك في الخمسينات. تعبر بيجي عن رغبتها في سماع كلمة "شكرًا" من مديرها على كل ما تحققه من انجازات للفريق وللشركة. يرد عندها دون دريبير بعبارة: هذا هو الغرض من المال-That's what the money is for.
مشيرًا إلى أن الراتب الذي تتقاضاه بيجي يمثل كلمة "شكرًا" بالنسبة للموظف. لا ندري تحديدًا هل يقصد أنها تتقاضى راتبًأ عالى القيمة أم أن مجرد فكرة تقاضيها لراتب تمثل القيمة المعنوية المرجوة من العمل. ولكن في كل الأحوال وبعيدًا عن مدى صوابية ممارسات دون الإدارية في المسلسل، نستنتج أن "المال" بالنسبة لدون يعني التقدير المعنوي بجانب القيمة المادية للمال. وهو أمر حقيقي بالنسبة للكثير من الموظفين اليوم.
حيث قد تعني زيادة راتب الموظف (حتى بدون ترقيته لمنصب أعلى) تقدير الشركة له، وتنعكس على نفسيته بشكل معنوي إضافة إلى المنفعة المادية من زيادة الراتب. كذلك هو الحال بالنسبة للمكافآت، الحوافز، والبدلات المالية. والعكس صحيح أيضًا، عند انخفاض راتب موظف موهوب لأقل من متوسط القيمة السوقية لمهارته، فإن الموظف قد بشعر بعدم التقدير وبالإهانة لشخصه، مما ينعكس سلبًا على رغبته وحافزه الداخلي في العمل. حتى لو كان الراتب يكفي احتياجاته المادية وتطلعاته.
خلاصة تحفيز الموظفين في الشركات باستخدام لغة المال
المدير العظيم الذي يستطيع إلهام الثقة في موظفيه يدرك أهمية علم اقتصاد الموظفين وقيمة النظريات التي يقدمها في تفسير سلوكيات الموظفين وكيفية تحفيزهم للعمل، ولكنه يدرك أيضًا أن المال وحده لا يكفي. خاصةً في القرن الواحد وعشرين، حيث يعمل معظم المحترفين في العالم من أجل تحقيق الذات، المكانة الاجتماعية، خدمة الآخرين والشعور بالإنجاز والابداع.
لذلك، فإن المدير العظيم يبحث باستمرار عن الدوافع النفسية والاجتماعية لموظفيه بغرض استخدامها في تحفيزهم وتقديرهم، وكذلك لا يتجاهل العامل المادي تمامًا ويحاول تصميم حوافز مالية ومكافآت تؤتي الثمار المرجوة منها دون أن تؤتي نتائج عكسية؛ كغياب روح الفريق بسبب المنافسة الشرسة على الحوافز بين الموظفين.
هناك العديد من الدوافع النفسية والمجتمعية التي تحفز الموظفين في الشركات للعمل مثل الرغبة في تحقيق الذات والإنجاز، وتحقيق المكانة الاجتماعية، والتحرر من قيود وأعباء الحياة. ولكن كل هذه الدوافع لم تكن لتوجد لو لم يوفر العمل الاحتياجات الأساسية للموظف للبقاء على قيد الحياة. لذلك، بدأنا بالأسباب الاقتصادية للعمل.
في مقالات أخرى سنوضح الدوافع النفسية والاجتماعية للعمل، لنساعدك على توفير حوافز معنوية ترفع من الانتاجية وتعزز التفاعل بين الموظفين. تحفيز الموظفين في الشركات للعمل بفاعلية وفهم دوافعهم الفردية هي ما يميز المدير الجيد عن المدير العظيم.
لذلك، إذا لم يكن لديك الوقت لفهم تلك الدوافع لتحفيز موظفي شركتك للعمل بفاعلية بسبب المهام الروتينية، احصل على النسخة التجريبية من نظام جسر لأتمتة عمليات الموارد البشرية ووفر 60% من وقتك للمهام الاستراتيجية التي تتوق لها شركتك.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك