في عالم الأعمال، غالباً ما يستخدم مصطلحا الكفاءة والفاعلية لوصف الأداء في المنشآت، وعلى الرغم من ارتباطهما الوثيق، إلا أن هذين المصطلحين يمثلان مفاهيم مختلفة. يعرف كاتب الاقتصاد الأمريكي بيتر دراكر هذين المفهومين بمقولته:«الكفاءة هي فعل الأمور بطريقة صحيحة، أما الفاعلية فهي فعل الأمر الصحيح». وفهم الفرق بين هذين المفهومين يمكن أن يساعد المنشآت على تحسين عملياتها وتحقيق أهدافها بشكل أكثر استدامة. فما تعريف الكفاءة والفاعلية؟ وما الفرق بينهما؟ وكيف نحقق التوازن بينهما في العمل؟
جدول المحتويات:
- ما هي الفاعلية؟
- ما هي الكفاءة؟
- ما الفرق بين الكفاءة والفاعلية؟
- أهمية التوازن بين الكفاءة والفاعلية
- كيف يمكن تحقيق هذا التوازن؟
ما هي الفاعلية؟
تشير الفاعلية (Effectiveness) إلى مدى قدرة الأفراد أو المؤسسات على تحقيق الأهداف المرجوة. بمعنى آخر، تدور الفاعلية حول التركيز على فعل الشيء الصحيح. وهي مفهوم يعكس النتائج النهائية ومدى تطابقها مع التوقعات أو الأهداف المحددة مسبقاً.
على سبيل المثال، إذا كان هدف فريق مبيعات بيع 200 وحدة من منتج ما خلال شهر، وتمكّن الفريق من تحقيق هذا الهدف، فهذا يعتبر مقياساً لفاعليتهم. ولكن، لتحقيق الفاعلية، قد يكون الفريق قد اضطر إلى بذل جهد زائد أو استخدام موارد إضافية.
إذن يمكننا القول أن الفاعلية تعني القدرة على تحقيق الأهداف أو إكمال المهام المطلوبة بغض النظر عن الطريقة. وبعبارة أخرى، هي القدرة على فعل الشيء الصحيح لتحقيق النتيجة المرجوة.
ما هي الكفاءة؟
تعني الكفاءة (Efficiency) تحقيق الأهداف باستخدام أقل قدر ممكن من الموارد مثل الوقت، والمال، والجهد، أو الطاقة. بعبارة أخرى، تركّز الكفاءة على فعل الشيء بطريقة صحيحة. إذا كان فريق المبيعات في المثال السابق ً قد تمكن من بيع 200 وحدة مع تقليل التكاليف أو الوقت اللازم لتحقيق هذا الهدف، فإن ذلك يعكس كفاءتهم. يعني أن الكفاءة تهتم بالعملية نفسها ومدى اقتصاديتها، بينما الفاعلية تهتم بالنتيجة النهائية.
باختصار الكفاءة في العمل تشير إلى القدرة على تحقيق الأهداف بأقل الموارد الممكنة، سواء كانت هذه الموارد مالية، أو بشرية، أو وقتية، فهي تعني تحسين العمليات التشغيلية داخل المنشأة لتحقيق أقصى استفادة من كل عنصر من عناصر العمل.
ما الفرق بين الكفاءة والفاعلية؟
رغم أن الكفاءة والفاعلية مفهومان مرتبطان، إلا أن الفرق بين الكفاءة والفاعلية يكمن في التركيز الفاعلية على النتيجة النهائية، بينما تركز الكفاءة على العملية المستخدمة للوصول إلى هذه النتيجة. كما أن الكفاءة تهتم بتقليل الهدر وتحسين الإجراءات التشغيلية، في حين أن الفاعلية تهتم بضمان تحقيق الأهداف الصحيحة حتى لو كان ذلك يتطلب موارد أكثر.
يمكن قياس الكفاءة من خلال المؤشرات الملموسة مثل تكلفة الإنتاج والوقت المستغرق، بينما الفاعلية تقاس من خلال تحقيق الأهداف الكبرى التي تتماشى مع إستراتيجية العمل.
على سبيل المثال، قد تكون الشركة فعالة في تحقيق مبيعات مرتفعة، لكنها إذا استنزفت الكثير من الموارد لتحقيق هذه المبيعات، فإن كفاءتها تكون منخفضة. وعلى الجانب الآخر، قد تكون الشركة كفؤة في استخدام الموارد، لكنها إذا فشلت في تحقيق أهدافها الإستراتيجية، فإن فاعليتها تصبح محل شك.
أهمية التوازن بين الكفاءة والفاعلية
لتحقيق النجاح المستدام، يجب أن تسعى المنشات إلى تحقيق توازن بين الكفاءة والفاعلية، حيث لا يكفي مجرد إنجاز المهام بأقل التكاليف (الكفاءة) دون التأكد من أن هذه المهام تخدم الأهداف الإستراتيجية للشركة (الفاعلية). هذا التوازن يضمن للشركات مزايا تنافسية كبيرة، من بينها:
تحقيق الأهداف بأقل تكلفة
عندما تتمكن المنشأة من الجمع بين الكفاءة والفاعلية، فإنها لا تحقق أهدافها النهائية فحسب، بل تفعل ذلك بأقل قدر ممكن من الهدر في الموارد. على سبيل المثال، إذا كانت شركة تصنيع سيارات تستخدم تقنيات حديثة لتقليل استهلاك المواد الخام في عملية الإنتاج (الكفاءة)، لكنها تنتج طرازات لا تلبي احتياجات السوق (ضعف الفاعلية)، فإنها ستواجه خسائر. أما إذا ركّزت على تطوير طرازات مطلوبة في السوق مع تحسين عمليات الإنتاج، فستحقق التوازن المطلوب بين الكفاءة والفاعلية، مما يزيد من أرباحها ويقلل من الهدر.
الاستدامة على المدى الطويل
المنشآت التي تتمتع بتوازن بين الكفاءة والفاعلية تكون أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات السوقية والبقاء في بيئة الأعمال التنافسية. على سبيل المثال، في قطاع التكنولوجيا، قد تكون شركة ما كفؤة جداً في إنتاج الهواتف الذكية بتكاليف منخفضة، لكنها إذا لم تبتكر ميزات جديدة تلبي احتياجات المستخدمين، فقد تفقد حصتها السوقية أمام المنافسين الذين يركزون على الفاعلية من خلال تطوير منتجات أكثر جاذبية.
تحسين الإنتاجية العامة
عندما توازن المنشأة بين الكفاءة والفاعلية، فإنها تعزز إنتاجية موظفيها وعملياتها التشغيلية، مما ينعكس إيجاباً على أدائها العام. على سبيل المثال، يمكن لشركة في قطاع الخدمات توصيل الطلبات تحسين كفاءة عملياتها باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد أفضل المسارات وتوفير الوقود، لكنها إذا لم تركز على فاعلية الخدمة –مثل تسليم الطلبات في الوقت المحدد وتحقيق رضا العملاء– فقد تفقد عملاءها حتى لو كانت عملياتها التشغيلية متقنة. لذا، فإن الجمع بين تحسين العمليات الداخلية وتقديم خدمة ذات قيمة حقيقية للعميل يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز النمو.
كيف يمكن تحقيق التوازن بين الكفاءة والفاعلية؟
تحقيق التوازن بين الكفاءة والفاعلية يتطلب إستراتيجية شاملة تضمن تحقيق الأهداف الصحيحة بأفضل طريقة ممكنة، مع الاستخدام الأمثل للموارد، فيما يلي بعض الخطوات الأساسية لتحقيق هذا التوازن:
1. تحديد الأهداف بوضوح
من المهم أن تكون الأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها واضحة ومعقولة، فبدون وضوح الرؤية، قد تنجح المؤسسة في تحسين الكفاءة لكنها تفشل في تحقيق أهدافها الفعلية، مما يؤدي إلى إهدار الموارد.
مثلاً شركة ناشئة تعمل في مجال التجارة الإلكترونية قد تركز على تحسين سرعة عمليات التعبئة والتغليف (الكفاءة)، ولكن إذا لم تركز على تطوير تجربة العملاء وتقديم منتجات ذات جودة عالية (الفاعلية)، فقد تخسر ولاء العملاء.
2. تحليل الأداء
لتحديد ما إذا كانت المؤسسة فعالة وكفؤة، يجب أن تقيس المنشآت أدائها باستمرار، وتقييم مدى كفاءتها وفاعليتها في تحقيق الأهداف. تحليل البيانات وتقييم العمليات الداخلية يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف، مما يسهم في تحسين الأداء بشكل مستمر.
إذا كانت شركة نقل تستخدم عدد قليل من المركبات لتوفير التكاليف (الكفاءة)، ولكن هذا يؤدي إلى تأخير في عمليات التوصيل (انخفاض الفاعلية)، فإن تحليل البيانات سيمكن الشركة من تعديل إستراتيجيتها لتحقيق توازن أفضل بين تقليل التكاليف وتقديم خدمة سريعة.
3. التدريب المستمر
يعد تدريب الموظفين أمراً ضرورياً لتحقيق الكفاءة والفاعلية معًا، فالموظفون المدربون جيداً قادرون على استخدام الأدوات التقنية بفعالية، مما يعزز من الإنتاجية دون المساس بجودة العمل. مثل مستشفى تعتمد على تدريب الكادر الطبي على أحدث الأجهزة الرقمية تساعد في تحسين سرعة التشخيص (الكفاءة) مع ضمان دقة التشخيص والعلاج المناسب (الفاعلية)، مما يؤدي إلى تحسين جودة الرعاية الصحية.
4. استخدام التقنية
يمكن للتقنيات الحديثة مثل أتمتة العمليات وتحليل البيانات أن تسهم في تعزيز الكفاءة والفاعلية معاً، إذ تتيح الأتمتة تنفيذ المهام المتكررة بسرعة ودقة، مما يقلل الوقت والجهد المبذولين، بينما يتيح تحليل البيانات اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية بناءً على معلومات موثوقة.
على سبيل المثال، تستخدم الشركات في قطاع التصنيع الروبوتات المؤتمتة لتحسين جودة الإنتاج وتقليل الأخطاء، مما يزيد الكفاءة، في حين تستفيد المتاجر الإلكترونية من الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك العملاء وتقديم عروض مخصصة، مما يعزز الفاعلية عبر تلبية احتياجات السوق بشكل أكثر دقة.
5. الابتكار المستمر
المنشآت بحاجة إلى الابتكار المستمر في طرق عملها لتحقيق الفاعلية المطلوبة، قد يتطلب ذلك تخصيص موارد إضافية، لكنه يؤدي في النهاية إلى تعزيز الفاعلية والكفاءة معاً.
6. تحديد الأولويات وإدارة الموارد
تحديد الأولويات واستخدام الموارد بشكل أكثر تأثيراً يضمن تحقيق الأهداف بكفاءة وفاعلية، مع تقليل الهدر في الموارد المالية والبشرية.
شركة إعلامية تريد إنتاج محتوى فيديو عالي الجودة قد تستثمر في معدات تصوير متطورة (الكفاءة)، ولكن لضمان الفاعلية، يجب أن تركز أيضاً على إنتاج محتوى يلبي اهتمامات الجمهور المستهدف، وليس مجرد إنتاج مقاطع فيديو بأفضل المعدات.
7. التخطيط للمشاريع
وجود فريق فعال يحدد أهداف المشروع بوضوح ويعمل على تحقيقها، وفريق كفؤ يضمن تحقيق الأهداف بأقل تكلفة ممكنة، هو المفتاح لتوازن الأداء.
في قطاع البناء، التخطيط الجيد يتطلب تحديد مواد البناء المناسبة واستخدامها بكفاءة لتقليل التكاليف، مع ضمان تحقيق معايير السلامة وجودة التصميم لتلبية احتياجات العملاء.
8. إدارة الوقت
تعني الفاعلية تخصيص الوقت لمهام ذات أولوية عالية، بينما تعني الكفاءة إنجاز هذه المهام بسرعة ودون إهدار للوقت. الجمع بين الأمرين يضمن تحقيق الأهداف بأفضل شكل ممكن.
أخيراً، على الرغم من أهمية كل منه الكفاءة والفاعلية على حدة، فإن التوازن بينهما يعتبر العنصر الحاسم في تحقيق النجاح المستدام، المنشآت التي تجمع بين الكفاءة والفاعلية يمكنها تحقيق أهدافها الإستراتيجية مع تقليل التكاليف وتحقيق إنتاجية أكبر، فالفاعلية بدون كفاءة قد تؤدي إلى إهدار الموارد، والكفاءة دون فاعلية قد تؤدي إلى تحقيق أهداف غير ذات قيمة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك