يقول جاك ويلش أحد أكبر وأفضل الرؤساء التنفيذيين في القرن الماضي أن قسم الموارد البشرية يعد العمود الفقري وأساس نجاح المنظمات، إذ يقوم باختيار المواهب والكفاءات المثلى التي تحقق أهداف المنظمات.
في سوق وصلت فيه المنافسة إلى درجة حامية أدت إلى استحداث العديد من المصطلحات مثل "الحرب على المواهب"، ظهرت الحاجة الملحة لتقويم وتحسين دور الموارد البشرية داخل المنظمات والاهتمام بصناعة تحول لدور هذه الإدارة من دور هامشي ينفذ فقط أوامر الإدارة العليا إلى دور استراتيجي ومهم في صناعة القرارات وقيادة المنظمة نحو تحقيق أهدافها.
وللأسف، يواجه قسم الموارد البشرية في سوقنا السعودي تحديات تعيق نمو دوره في المنظمات إذ يقبع بين فكي كماشة المنظمة وقيادتها العليا والموظف الذي أصبح ضحية لهذا الضغط، وهذا بدوره جعل الموارد البشرية في وجه المدفع أو كما يقال: الإدارة التي لا ترحم.
نناقش في هذا المقال أهم الأسباب التي تؤثر سلبًا على سمعة الموارد البشرية ونطرح حلولًا تفيد كلًا من قادة المنشآت ومديري قسم الموارد البشرية. ستقرأ خلال المقال:
- أسباب عدم تمكين إدارات الموارد البشرية في المنظمات
- ثلاث نصائح لقيادي المنظمة لتعزيز قوة قسم الموارد البشرية
- عشر خطوات عملية لتعزيز سمعة قسم الموارد البشرية في المنظمات
أسباب عدم تمكين إدارات الموارد البشرية في المنظمات
لكي نستطيع أن نغير هذه النظرة السلبية عن قسم الموارد البشرية لا بد من أن نقر أولًا أن الموارد البشرية تئن تحت وطأة ضغوط الإدارة العليا واحتياجات الموظف، ثانيًا أنها تمارس بطريقة غير صحيحة وبعيدة كل البعد عن ما تمثله هذه الإدارة من مهام ومسؤوليات وسلوكيات وثقافة، ثم علينا أن نعلم أن ما يحدث حاليًا هو نتيجة لعدة أسباب، منها :
- عدم تمكين الإدارات التنفيذية وقيادات المنظمات لقسم الموارد البشرية
- اهمال الاختيار الصحيح لموظفي وقادة الموارد البشرية
- عدم وجود ممارسين في هذه الإدارة يعلمون دورهم الحقيقي وما يمثلونه من مساهمة استراتجية داخل المنظمات
- ضعف مهارات وقدرات ممارسي الموارد البشرية الاستراتيجية، وضعف فهمهم لطبيعة الأعمال في المنظمات
ثلاث نصائح لتعزيز قوة قسم إدارة الموارد البشرية في منشأتك
تبدأ حلول تعزيز سمعة قسم الموارد البشرية من تنفيذيي وقياديي المنظمات، إذ ينبغي عليهم:
1. حسن الاختيار والتركيز على أهم عناصر وجدارات المرشحين ومدى توافقها مع احتياج المنظمة
إذ تعاني الكثير من المنظمات من عدد لا بأس به من عمليات التوظيف غير الصحيحة والتي تعتمد إما على عدم الاختيار الدقيق أو الاختيار بناء على الثقة فقط أو المعرفة، فإما أن يكون شخص غير متخصص أو لا تتوافق ثقافته وسلوكياته مع ثقافة وتوجهات قسم الموارد البشرية أو شخصية مرت بمسار عملي مختلف ربما لا يتوافق مع وظيفة قيادية في الموارد البشرية.
وهنا على تنفيذي الشركة الاهتمام بعناصر الجدارات أو ما يسمى بمثلث الجدارات والذي نعبر عنه بثلاث ركائز أساسية:
المعرفة
حيث تتطلب إدارة الموارد البشرية العديد من المعارف والعلوم ابتداءً بالتخصص ومرورًا بالسياسات والإجراءات والأنظمة والتشريعات، وانتهاءً بالدورات التدريبية والتطويرية للمهارات والأساسيات في الموارد البشرية.
المهارة
إذ يوجد متطلبات لا بأس بها من المهارات سواء كانت المهارات الناعمة والتي من المهم توفرها لدى غالبية الموظفين ولكنها لا بد أن تكون أكثر تواجدًا لدى مختصي الموارد البشرية مثل مهارة التواصل ومهارة إدارة الوقت والذكاء العاطفي والاجتماعي الذي يساعد بشكل كبير على فهم أنفسنا أولًا قبل فهم الآخرين.
القدرات والسلوكيات
قدرات مثل التمكن العام من خدمات ومبادرات الموارد البشرية، والتمكن من التعامل مع المشكلات والقضايا اليومية الخاصة بالموارد البشرية، بالإضافة إلى التمكن التام المتعلق بتفاصيل العمل مثل الأنظمة والقوانين والسياسات. ولا ننسَ القدرة التامة على التعامل مع الأنظمة التقنية الحديثة مثل نظام جسر وغيره من الأنظمة.
أما بخصوص السلوكيات فينبغي أن يظهر على موظفي قسم الموارد البشرية اهتمامهم ببناء العلاقات الإيجابية والتعامل مع الأحداث بشكل عقلاني ومنطقي، بالإضافة إلى خلق التوازن بين احتياجات المنظمة واحتياجات الموظفين.
وفيما يلي 15 جدارة كأمثلة على جدارات مهم وجودها في مدير الموارد البشرية:
- توفير الدعم التحفيزي
- تعزيز العمل الجماعي
- تمكين الآخرين
- إدارة التغيير
- تطوير الآخرين
- الاهتمام بالتواصل الفعال
- التأثير على الآخرين
- بناء علاقات تعاونية
- التفكير التحليلي
- التفكير الاستراتيجي
- الثقة بالنفس
- الفطنة بالأعمال
- الشمولية
- تعزيز الابتكار
- المبادرة
اهتمامنا بهذه الجوانب بلا شك سيصنع لنا الأثر الإيجابي العميق من قدرتنا على الاستعانة -بعد الله- بكفاءات متخصصة لها القدرة على صناعة موارد بشرية مميزة داخل المنظمة.
2. تمكين الموارد البشرية وتفعيل صلاحياتهم وفتح المجال لإشراكهم في صناعة القرار
إن أحد أهم التحديات التي يواجهها مختصو الموارد البشرية هي التحديات الداخلية في المنظمة والتي تتمثل في ضعف ثقة أصحاب وصناع القرار -خاصة في المنظمات المتوسطة والصغيرة- بهم، ويعد هذا التحدي هو التحدي الأزلي الذي يقف سدًا منيعًا أمام أي مبادرات تطويرية لقسم الموارد البشرية داخل أي منظمة.
في إحدى الشركات التي عملت بها صرح بها أحد القياديين التنفيذيين بقوله: "ماذا تعمل الموارد البشرية ولماذا أقوم بوضع ميزانية كبيرة لرواتب ومصاريف لا تستحقها هذه الإدارة! أنا قادر كصاحب شركة أن أؤمر موظفي الموارد البشرية وهم فقط ينفذون بدون أية اعتراضات". للأسف هذه الشركة لم يعد لها وجود بالسوق، فقد كان من أكبر مشاكلها قسم الموارد البشرية وكمية المشاكل المرتبطة به مثل: الإنتاجية، سمّية بيئة العمل وما يرتبط بها من مشاكل بين الأفراد، الدوران الوظيفي العالي، الكفاءات غير المؤهلة، الصراعات الداخلية، كل هذا وأكثر كان سببًا في إضعاف هذه الشركة وانتهائها.
ولتجنب هذا المصير نحتاج إلى دورين مهمين: قدرة مدير الموارد البشرية وثقته بنفسه ومدى فهمه لتخصصه وقوة مهاراته الاستراتيجية، ودور المنظمة لفهم أهمية هذه الإدارة وتمكينها وإعطائها الصلاحيات المناسبة ليكون هناك تطبيق عملي للمثل القائل "أعطِ الخبز لخبازه" ليكون بالفعل قادرًا على حل المشاكل الداخلية وتطوير هذه الإدارة وممارساتها واستراتيجياتها.
3. دعم قرارات قسم الموارد البشرية وتمهيد طريق النجاح لهم
مقاومة التغيير وخاصة في القرارات التي فيها تغيير جذري إما لممارسة أو ثقافة أو سياسة واحدة من أهم التحديات التي تواجه قسم الموارد البشرية، ولكن هناك جانبين مهمين في هذه الحكاية لا بد أن يكون بينهما توافق كبير:
الجانب الأول: مدير قسم الموارد البشرية
ففهم مدير الموارد البشرية للمنظمة بشكل واضح وقدرته التامة على موائمة خطته الاستراتيجية مع خطة المنظمة بشكل قوي بالإضافة إلى قدرته وقوته في عرض المعلومات والتقارير المرتبطة بتقاريريه يساعده على أن يعرض قضيته بشكل قوي ومقنع، فيكسب أكبر قدر من الأصوات والداعمين لتنفيذ الاستراتيجيات والمبادرات الجديدة التي من شأنها أن تساعد المنظمة على النجاح فيما يتعلق بالموارد البشرية.
الجانب الآخر: قادة المنظمة
فدعم القيادة العليا ومدراء الإدارات مهم لأنه يعطي قوة كبيرة لقادة الموارد البشرية لتفعيل قراراتهم وتطبيقها على أرض الواقع. وهذا الدعم ينبغي أن يظهر لقادة الموارد البشرية بتسهيل الطريق لهم لأن العائد في النهاية هو للمنظمة بشكل عام ولكل إدارة بشكل خاص من خلال موارد بشرية قوية ومواهب تحقق النجاح.
ولكي تنجح عملية الربط بين القادة في هذه الخطوة نحتاج إلى وجود خطة تواصل قوية تساعد على إيصال الرسائل الاستراتيجية للجميع مع توضح أثرها الإيجابي والتركيز على الأهداف وكيفية تطبيقها، بالإضافة إلى عرض التقارير المعززة كل فترة للتأكيد على أهمية هذه المشاريع وأثرها الإيجابي على الموارد البشرية.
10 خطوات عملية لتعزيز سمعة قسم الموارد البشرية في المنظمات
الآن يأتي دور مختصي وقياديي الموارد البشرية في تحسين سمعة قسمهم بأنفسهم، وهنا يمكن التركيز على ما يلي:
أولًا: موائمة الاستراتيجة الخاصة بالموارد البشرية مع استراتيجية المنظمة
وهنا يحتاج قادة الموارد البشرية أن يكون لديهم الوعي والمعرفة الكاملة باستراتيجية المنظمة سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة حيث أنه من الصعب أن تجد منظمة ليس لها استراتيجية، فعلى أقل تقدير هذه الاستراتيجية متشكلة لدى قائد المنظمة ومالكها.
وهنا نحتاج إلى صناعة خط تواصل قوي يساعد على فهم هذه الاستراتيجية، ومن ثم صياغة وبناء استراتيجية الموارد البشرية التي تتوافق معها وتدعمها لتحقيق الأهداف والمشاريع، فالمورد الأقوى الذي يستطيع تحقيق استراتيجية المنظمات هو المورد البشري، ومن خلال مبادرات الاستقطاب للمواهب والمحافظة عليهم داخل المنظمة وبناء الدور التطويري والتأهيلي لهم يساعد قسم الموارد البشرية في تحقيق أي استراتيجية حالية أو مستقبلية.
ثانيًا: فهم طبيعة العمل
والمقصود هنا فهم طريقة عمل المنظمة، كيف تتعامل مع لغة الأرقام؟ ما أهم توجهات أصحاب القرار الإدارية والفكرية؟ كذلك ما الدور الأساسي المتوقع من قادة الموارد البشرية؟ وضع النقاط على الحروف فيما يخص هذا يساعد قسم الموارد البشرية على صياغة التقارير وعرضها بصورة مقعنة تظهر جودة المشاريع المقدمة من طرفهم وكيف تسهم في دعم توجهات المنظمة.
ثالثًا: رفع مستوى مهارات موظفي الموارد البشرية
نحتاج في البداية إلى صياغة مصفوفة الجدارات (المعرفة، المهارات، القدرات والسلوكيات) التي لا بد أن تتوفر لدى موظف الموارد البشرية، ومن ثم عمل التقييمات اللازمة لمعرفة الوضع الحالي وقياسه بشكل صحيح، بعد ذلك نستطيع بناء البرامج التطويرية المناسبة سواء كانت تدريب أو تكليف بمهام مساعدة أو التكليف بمشاريع مستقلة من الممكن أن يتحملوا كامل المسؤولية فيها.
ولا ننس التركيز على الأخلاقيات والسلوكيات الإيجابية الخاصة بموظف الموارد البشرية التي تعزز مبادئ الإنسانية والشفافية والصدق، والتأكيد على أهمية بذل ما يمكن من أجل خدمة العميل الداخلي (الموظف) مع خلق التوازن بين احتياجات المنظمة واحتياجات الأفراد.
رابعًا: بناء وتعزيز العلاقات مع أصحاب المصلحة
نحتاج في إدارة الموارد البشرية إلى التركيز بشكل كبير على تحسين العلاقات وتعزيزها مع كل أفراد المنظمة وخاصة قادة الإدارات وزيارتهم بشكل متكرر لمناقشة أهم التحديات المشتركة، هذا التواصل مهم جدًا خاصة من قادة ومسؤولي الموارد البشرية لأنها هي العصب الأساسي للعلاقة المميزة والإيجابية داخل المنظمة، إذ تسهل وتختصر العديد من التحديات التي من الممكن أن تواجه قادة الموارد البشرية في تنفيذ مشاريعهم مثل مقاومة المشاريع أو رفضها أو عدم التعاون لإنجاحها.
خامسًا: تطوير مهارة التخطيط
يحتاج قادة قسم الموارد البشرية تعزيز مهارة التخطيط وخاصة الاستراتيجية التي تبنى عادة على المدى الطويل. هذه الخطط تعزز مفهوم الشراكة الاستراتيجية من الموارد البشرية تجاه المنظمة وترفع من مستوى قادة الموارد البشرية داخل المنظمة وتجعلهم مشاركين في القرار الاستراتيجي.
سادسًا: حضور المؤتمرات والفعاليات
تعد المؤتمرات أهم محفز ومساعد لتطوير ممارسات الموارد البشرية إذ تساعد على فهم مستقبل هذا التخصص والتواصل مع أبرز المواهب والمختصين في مجالهم، بالإضافة إلى مناقشة أبرز الممارسات الحديثة والحلول التقنية والتطويرية للمواهب والمنظمات بشكل عام.
لقد ساعدت هذه المؤتمرات العديد من القياديين في الموارد البشرية بأن يكونوا سباقين للتطوير، وفتحت لهم أبوابًا من فرص التواصل مع العديد من محترفي الموارد البشرية والاطلاع على تجارب الآخرين المثرية والتي تساعد على الابتكار والإبداع والتجديد.
سابعًا: تقوية الموارد البشرية من الداخل
من الخطوات المهمة التي ينبغي لقائد الموارد البشرية أن يهتم بها، وذلك بتحليل أبرز المشاكل والتحديات الداخلية والمبادرة إلى حلها وإغلاق أي فجوة داخلية من الممكن أن تؤثر على أي مشروع أو استراتيجية مستقبلية، بالإضافة إلى دعم موظفي القسم باستمرار.
ثامنًا: تفعيل الحلول التقنية
في زمن التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، أصبحت الحاجة ماسة إلى تطوير الممارسات داخل قسم إدارة الموارد البشرية ورفع المستوى التقني للإدارة من خلال حلول تقنية متقدمة لتسهيل العمل ورفع مستوى جودة الخدمات المقدمة للموظفين، من المؤسف أن نرى ونحن في ظل هذه التطورات التقنية العديد من الشركات التي لا تزال تقبع تحت روتين الأعمال الورقية والإجراءات التقليدية التي تجعل الموارد البشرية تدور في دائرة مفرغة من الإجراءات والمستندات.
تاسعًا: التطوير المستمر
الاهتمام بالتطوير المستمر في البنية التحتية والمبادرات والممارسات الصحيحة التي من شأنها أن تسعد الموظفين وتفعل دورهم الأساسي بالمنظمة، مثل: تطوير هياكل التعويضات، تطوير بيئات العمل، تطوير طرق التواصل، إشراك الموظفين في الخطط والحلول، إبراز دور الموظف داخل المنظمة، وغيرها من الممارسات التي من شأنها أن تربط الموظفين بالمنظمة وهذا يحتاج إلى دعم من جميع الأطراف في المنظمة لتمكين قادة قسم الموارد البشرية من تنفيذ مثل هذه الاستراتيجيات.
عاشرًا: الاهتمام برفع مستوى الاندماج الوظيفي وتحسين بيئة العمل
يعد بناء بيئة عمل مبنية على تعزيز روح الولاء والاندماج ورفع مستوى المنظمة في جذب واستبقاء المواهب عاملًا مهمًا لتحقيق نجاحات متعددة للمنظمات، ولكن المشكلة الأكبر التي تواجه المنظمات هو تطبيق المبادرات الخاصة بالاندماج والولاء والتي تركز على أفضل الممارسات الموجودة بالسوق وتطبيقها ونسيان أهم شيء وهو أن نقوم بتحليل الاحتياج الفعلي من المبادرات التي تتوائم مع متطلبات الموظفين داخل المنظمة وتطبيق ما يتناسب مع منظمتنا، فذلك أولى من تطبيق مبادرات قد لا تتناسب مع موظفينا ولا مع ثقافتنا وتركز على التسويق أكثر من البناء والتحسين الداخلي.
ختامًا، تحسين سمعة قسم الموارد البشرية عمل يتكاتف فيه جهود القادة من مختلف الإدارات بجانب موظفي القسم أنفسهم، شاركنا رأيك بخصوص النقاط المذكورة وأثرِنا بوجهات نظرك على منشور لينكيدإن الخاص بالمقالة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك