تسجيل الدخول اطلب عرض تجريبي الآن
AR
اطلب عرضك الخاص الآن
AR

تقويم الأداء الوظيفي في الشركات: ما هو ولماذا مهمًا؟

عُد بذاكرتك إلى الوراء قليلًا، وفكر في آخر اجتماع عقدته مع مديرك المباشر أو مسؤول إدارة الموارد البشرية لتقييم أدائك، هل كنت قلقلًا؟ وماذا حدث بعدها؟ حسنًا، أنا اتذكر! فقد كنت متوترًا للغاية، وبعد الاجتماع مباشرة، طلب مني مسؤول إدارة الموارد البشرية حينها حضور دورة تدريبية، وقراءة عدة كتب في إدارة المشاريع، فهو يري أنني احتاج إلى تعزيز مهارات إدارة المشاريع لديّ أكثر. 

هذا كله جزء مما يُعرف بتقويم الأداء الوظيفي للموظفين، وهي عملية إدارية هدفها الأساسي ليس محاسبتك، بل مساعدتك على النمو والنجاح في عملك. ببساطة، لأن تقويم الأداء لا يكتفي بقياس ما أنجزته، بل ينظر إلى كيف يمكنك أن تكون أفضل، ويضع لك خارطة طريق واضحة للنمو والتطور. لكن قبل التعمق في ذلك، دعنا نتعرف أولًا على ما هو تقويم الأداء الوظيفي، ولماذا بهذه الأهمية؟ 

جدول المحتويات

ما هو تقويم الأداء الوظيفي؟

ببساطة، تقويم الأداء الوظيفي هو مراجعة منهجية لأداء الموظف استنادًا إلى بيانات واقعية وتقييمات سابقة. لا تُجرى هذه المراجعة بهدف تسجيل ملاحظات حول الموظف وحسب، بل لوضع خطة واضحة لتحسين أدائه مستقبلاً، من خلال تحديد نقاط قوته وتعزيزها، ونقاط ضعفه ومعالجتها.

على سبيل المثال؛ إذا أظهرت نتائج تقييمك أنك تتأخر في إنجاز المهام رغم جودتها ودقتها العالية، فقد يُقترح إدخالك في برنامج تدريبي لتطوير مهارات إدارة وتنظيم الوقت. بهذا الشكل، أنت لا تُحاسب فقط على تأخيرك في إنجاز المهام، بل تحصل على فرصة لتحسين المهارات التي تمكنك من التغلب على هذا التأخير فيما بعد.

المميز في تقويم الأداء الوظيفي برأيي أنه عملية تفاعلية؛ لأنه لا يعتمد فقط على رأي المدير أو مسؤول الموارد البشرية، بل تشمل أيضًا مشاركة الموظف نفسه. فقد يُطلب منك أن تقيّم ذاتك، أو تناقش مديرك حول الصعوبات التي تواجهها، وتقترح حلولًا تحسّن من أدائك. هذه الشفافية تخلق بيئة عمل قائمة على الثقة، وتدفعك لأن تشارك في تحسين أدائك بوعي واهتمام.

ما أهمية تقويم الأداء الوظيفي للموظفين؟

يمكننا التفكير في تقويم الأداء الوظيفي على أنه مرآة تعكس أين يقف الموظف اليوم، وتمنحه الأدوات اللازمة ليصل إلى حيثما يريد أن يكون غدًا. تتجاوز أهمية تقويم الأداء الوظيفي للموظفين كونه إجراءً إداريًا دوريًا، ليصبح عنصرًا محوريًا في بناء بيئة عمل فعّالة، قائمة على التواصل وتطوير المهارات المهنية، لهذه الأسباب:

1. توضيح التوقعات والمسؤوليات

تفتقر الكثير من المؤسسات إلى نظام واضح في توزيع الأدوار والمسؤوليات وحتى الأولويات، مما يربك الموظف ويؤثر على أدائه. وهنا تبرز أهمية تقويم الأداء الوظيفي، إذ يساعد الموظف على فهم ما هو متوقع منه بصورة دقيقة من خلال حصوله على تقييمات منظمة، توضّح له ما الذي أنجزه جيدًا، وما المجالات التي تحتاج إلى تحسين.

يمنح هذا التوجيه الموظف الثقة بأنه يسير في الاتجاه الصحيح، ويقلّل من التشتت والضياع الوظيفي. على سبيل المثال؛ إذا كنت تعمل في إدارة الحملات الإعلانية بقسم التسويق، وتعتقد أن دورك يقتصر على إطلاق الحملات وإدارتها فقط. من خلال تقويم الأداء الوظيفي يمكنك اكتشاف أن الإدارة تنتظر منك متابعة أداء الإعلانات وتحليل النتائج وتحسينها أيضًا، هذا الوضوح يساعدك على أداء دورك بكفاءة أكبر فيما بعد.

2. تعزيز الشعور بالعدالة والرضا الوظيفي

لا شيء يُشعر الموظف بالرضا في بيئة العمل أكثر من الإحساس بالعدالة. وهنا تبرز أهمية تقويم الأداء الوظيفي في ترسيخ هذا الإحساس من خلال ربط الجهد والنتائج بالتقدير المستحق سواء كان ترقية أو مكافآت أو حوافز.

فعندما يكون نظام التقويم شفافًا يستند إلى معايير واضحة، يدرك جميع الموظفين أن الإنجاز لا يضيع، وأن التقدير مبني على تقييم أداء حقيقي وموضوعي وليس على الانطباعات أو المحاباه والعلاقات الشخصية. هذه العدالة تُشعر الموظف بقيمة حقيقية لدوره في المؤسسة، ما يُترجم إلى أمان وظيفي أكثر، ويُحفّزه على بذل المزيد للإنجاز والتطوّر.

3. تحديد فرص التطوّر المهني

يُعد تقويم الأداء الوظيفي فرصة من ذهب للموظف كي يكتشف قدراته وإمكاناته غير المستغلة، وكذلك الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، سواء كانت مهارات تقنية أو سلوكية أو حتى تنظيمية. وهذا لا يخدم فقط المؤسسة، بل يساعد الموظف على بناء مسار مهني أقوى وأكثر استقرارًا.

لأنه يساعده على التفكير في مستقبله المهني بشكل أكثر وضوحًا؛ فمن خلال التقييمات المتكررة، يبدأ الموظف في رؤية خريطة واضحة لمساره المهني؛ يعلم ما هي المهارات التي يحتاج إلى اكتسابها ليحقق أهدافه المهنية، وما الفرص التي يمكن السعي نحوها؛ سواء كانت ترقية، أو حتى تغيير المسار الوظيفي كاملًا. هذا الوضوح يمنحه طموحًا واقعيًا، ويساعده على التخطيط لمستقبله الوظيفي بشكل منظم.

4. تعزيز التواصل مع الإدارة

عادة ما يسود افتراض خاطئ في بيئة العمل أن الصمت يعني أن كل شيء على ما يرام، لكن الحقيقة أن غياب الحوار بين الموظف وإدارته قد يخفي خلفه الكثير من الإحباطات، أو حتى الفرص المهدرة. هنا يأتي دور تقويم الأداء الوظيفي كوسيلة منتظمة للحوار المهني البنّاء.

حين يُجري المدير جلسة تقويم أداء حقيقية، تتجاوز الأرقام والدرجات، وتتحول إلى مساحة مفتوحة للنقاش، يبدأ الموظف بالشعور أن رأيه مسموع وجهوده مُقدَّرة، وأن بإمكانه التعبير عن التحديات التي يواجهها دون خوف أو تردد، ما يعزز شعوره بالانتماء للمؤسسة.

في المقابل، يحصل المدير على رؤية أوضح لما يدور في يوميات الفريق، ويمكنه تقديم تقييمات تُبنى على ملاحظات فعلية، لا افتراضات. على سبيل المثال، قد يكشف تقويم الأداء الوظيفي أن الموظف يواجه صعوبات في التنسيق مع فريق آخر، فيقود ذلك إلى مبادرة إدارية لتحسين آليات العمل المشترك بين الفرق المختلفة.

ما الفرق بين تقويم الأداء الوظيفي وتقييم الأداء الوظيفي؟

يعتقد الكثيرون أن تقويم الأداء الوظيفي وتقييم الأداء الوظيفي هما مصطلحان مترادفان، حتى أنني عند الإعداد لهذا المقال، وجدت صعوبة قليلًا في العثور على مصادر متعددة موثوقة ومتخصصة حول تقويم الأداء، ومعظمها تخلط بين المصطلحين رغم أن بينهما فرقًا جوهريًا في المعنى والمضمون، يؤثر مباشرة على طريقة إدارة الموارد البشرية، وتوجيه الجهود نحو تطوير الموظفين. 

يُقصد بتقييم الأداء الوظيفي العملية التي يجري فيها قياس أداء الموظف خلال فترة زمنية معينة، مقارنةً بمجموعة من المعايير المحددة مسبقًا. هذه المعايير قد تتعلق بجودة العمل، وسرعة الإنجاز، والالتزام بالمواعيد، والقدرة على العمل الجماعي، وغيرها. وهذا بهدف إصدار حكم موضوعي حول أداء الموظف، يساعد في اتخاذ قرارات تتعلق بالمكافآت أو الترقية أو التحسين أو حتى الاستغناء. 

أما تقويم الأداء الوظيفي، وكما أشرنا في مقدمة مقالنا، فهو الخطوة التي تأتي بعد التقييم مباشرة، وتهدف إلى تصحيح الأداء وتطويره. والحقيقة أن الفارق بين كلاهما لا يتعلق بالوظيفة الإدارية فقط، بل أيضًا بالتوقيت والدور؛ فتقييم الأداء عادة ما يُجرى في نهاية دورة الأداء، ليكون بمثابة تقرير نهائي حول أداء الموظف خلال تلك الفترة.

في حين أن تقويم الأداء هو عملية مستمرة وتطويرية، تهدف إلى متابعة الموظف بشكل منتظم، ومساعدته على تحقيق نتائج أفضل بناءً على نقاط القوة والضعف التي تم كشفها في التقييم. بمعنى آخر، تقييم الأداء الوظيفي يخبرك أين المشكلة، أما تقويم الأداء فيرشدك إلى كيفية معالجتها وتحسين الأداء في المستقبل.

على سبيل المثال؛ إذا جري تقييم أداء لأحد موظفي المبيعات بناءً على عدد الصفقات التي أغلقها ومستوى رضا العملاء، وحصل على تقييم بنسبة 75%. فقد يكتشف تقييم الأداء هنا أن نقاط ضعفه تتمثل في مهارات التواصل مع العملاء الجدد مثلًا. أما تقويم الأداء فيتدخل لاقتراح إجراءات عملية لتحسين مهارات التواصل مع العملاء، مثل تدريبه على مهارات الإقناع أو تنظيم جلسات إرشاد مع موظفين أكثر خبرة.

أيَصا، من المهم إدراك أن العلاقة بين تقييم وتقويم الأداء ليست علاقة تعارض أو اختيار، بل علاقة تكاملية؛ فالتقييم يوفّر البيانات والملاحظات، بينما يحوّل التقويم تلك البيانات إلى خطط عمل قابلة للتنفيذ. لذا، فإن المؤسسات الناجحة هي التي لا تكتفي بقياس أداء موظفيها، بل تعمل بذكاء على تطويره بشكل مستمر ومدروس ليحقق أداءً أفضل مستقبلاً. 

أهداف تقويم الأداء الوظيفي

تتعدَّد أهداف تقويم الأداء الوظيفي، فإضافة إلى قياس مستوى أداء الموظف بدقة مقارنة بما هو متوقع منه، وتعزيز التواصل الفعّال بين الموظف والإدارة، ودعم القرارات الإدارية الهامة مثل الترقيات والمكافآت والتنقلات، يوجد المزيد من الأهداف المهمة مثل: 

تحديد الاحتياجات التدريبية الفردية لكل موظف

يُعد تحديد الاحتياجات التدريبية الفعلية للموظف من أهم أهداف تقويم الأداء الوظيفي، لأن ببساطة مهارات كل موظف ونقاط قوته وضعفه هي حالة فردية، وبالتأكيد لا يحتاج كل الموظفين إلى نفس النوع من التدريب أو التأهيل. لذلك من خلال تقويم الأداء، تستطيع المؤسسة تحديد المهارات أو الجوانب التي تحتاج إلى دعم أو تطوير لكل موظف بدقة. 

هذه المعلومات القيّمة تجعل عملية التدريب أكثر فاعلية، لأن الموارد تُوجّه نحو المجالات التي تُحدث فرقًا حقيقيًا في مهارات الموظف وأدائه الوظيفي. وبدلًا من تقديم برامج تدريبية عامة لا تعود بفائدة ملموسة، يصبح التدريب عملية إستراتيجية قائمة على بيانات واقعية، تدفع الموظفين نحو إتقان أدواتهم وتحسين إنتاجيتهم.

تحسين الأداء العام للمؤسسة

رغم أن تركيزنا كان منصبًا على أهمية تقويم الأداء الوظيفي للموظفين، فهذا لا يعني أن هذه الأهمية تقتصر على الموظفين فقط، إنما تفيد المؤسسة بالقدر نفسه. فكر معي هنا، ماذا سيحدث عندما يُطوَّر كل موظف ضمن منظومة متكاملة حيث يعرف مهامه ومسؤولياته، ونقاط قوته وضعفه، والأهم، كيف يحسّن من أدائه؟ 

هذا صحيح، سينعكس على الأداء العام للمؤسسة، فتتحسن العمليات، وتقل الأخطاء، وتزداد الجودة والإنتاجية. ببساطة، المؤسسة التي تعتمد تقويمًا فعّالًا للأداء الوظيفي تستطيع أن تبني فرق عمل قوية ومتوازنة وذات كفاءة عالية، لأن كل فرد فيها يسير ضمن خطة تطوير شخصية تتناغم مع أهداف المؤسسة الكبرى.

كشف التحديات وتدارك الأزمات

من أهداف تقويم الأداء الوظيفي المهمة أيضًا كشف التحديات مبكرًا قبل أن تتحول إلى أزمات تؤثر على بيئة العمل أو نتائج الفريق. فالتقويم المنتظم يمكّن الإدارة من ملاحظة مؤشرات التراجع أو ضعف الأداء في بدايتها، سواء على مستوى الفرد أو الفريق، وهو ما يمنحها فرصة للتدخل السريع سواء عبر تقديم دعم إضافي، أو إعادة توزيع المهام، أو تعديل الأهداف. 

هذا النهج الوقائي لا يحمي من الأثر السلبي على الإنتاجية، ويجنّب المؤسسة الدخول في دوامة خسائر أو تأخيرات يصعب معالجتها لاحقًا فحسب، بل يساهم أيضًا في الحفاظ على التوازن النفسي والمهني للموظف. فعندما يشعر الموظف أن هناك من يلاحظ تعثره ويقدم له الدعم الذي يحتاجه في الوقت المناسب، فإن ذلك يعزز ثقته في مؤسسته، ويقلل من مشاعر الإحباط أو فقدان الحماس. 

5 من أهم عناصر تقويم الأداء الوظيفي 

يُبنى تقويم الأداء الوظيفي للموظفين على مجموعة من العناصر الجوهرية التي تتيح للإدارة بناء صورة متكاملة عن أداء الموظف، ليس فقط من حيث الإنجاز، بل من حيث السلوك، والقدرة على النمو، والتفاعل مع بيئة العمل. هذه العناصر تُستخدم كأساس عادل لتقدير الأداء، وتوجيه خطط التطوير والتحفيز. إليك شرح عناصر تقويم الأداء الوظيفي الأهم: 

1. كفاءة الأداء وجودته

كفاءة الأداء وجودته تُعد من أبرز مؤشرات التقييم في أي منظومة عمل احترافية، إذ تركز على مدى تمكّن الموظف من أداء مهامه بكفاءة عالية، وفقًا للمعايير المطلوبة أو بما يفوق التوقعات. لا يقتصر هذا العنصر على إتمام المهام في الوقت المحدد، بل يشمل جودة التنفيذ، ودقة التفاصيل، والتنظيم في العمل، والقدرة على الحفاظ على مستوى أداء ثابت دون تراجع.

الموظف الكفء لا يحتاج إلى متابعة لحظية أو تصحيحات متكررة، بل يُظهر استقلالية في الأداء، ويقدّم نتائج موثوقة تعكس فهمه العميق لمهامه وقدرته على تحمل المسؤولية. كما أن جودة أدائه تسهم في تجنّب الأخطاء التي قد تكلّف المؤسسة موارد إضافية.

2. الإنتاجية والالتزام بالوقت

الإنتاجية والالتزام بالوقت عنصر أساسي من عناصر تقويم الأداء الوظيفي وهو مكمل تمامًا لكفاءة الأداء وجودته، فمن غير الكافي أن ينجز الموظف مهامه بجودة عالية إذا كان ذلك يتجاوز مواعيد التسليم المحددة باستمرار. لهذا السبب، يُولي تقويم الأداء الوظيفي اهتمامًا خاصًا بمسألة الإنجاز في الوقت المناسب، وبحجم العمل المنجز مقارنة بما هو متوقع، وبمدى قدرة الموظف على الحفاظ على وتيرة إنتاجية منتظمة دون تأخير.

يقيس هذا العنصر أيضًا التزام الموظف بالمواعيد النهائية، وقدرته على إدارة وقته بفعالية. فالموظف المنتج لا يكتفي بإنهاء المهام، بل يديرها بكفاءة زمنية، مما ينعكس إيجابًا على سلاسة العمل داخل الفريق وعلى قدرة المؤسسة ككل على الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها أو شركائها.

3. الانضباط والالتزام المهني

لا يقتصر الانضباط في بيئة العمل على مجرد الالتزام بساعات العمل والحضور والانصراف، بل يشمل الالتزام بمنظومة القيم والسلوكيات والسياسات التي تحدد هوية المؤسسة وتنظّم علاقاتها الداخلية. في تقويم الأداء الوظيفي، يُعد هذا العنصر مؤشرًا رئيسيًا على مدى التزام الموظف بسياسات العمل الداخلية، ومدى احترامه لزملائه، وحرصه على سرية المعلومات، واتباعه للإجراءات المؤسسية دون تهاون.

الانضباط المهني هو ما يحوّل بيئة العمل من مساحة فوضوية إلى منظومة تعمل بتناغم وثقة. فالموظف الملتزم لا يسهّل فقط سير العمل، بل يُعد قدوة ضمن الفريق، ويساهم في ترسيخ ثقافة الاحترام والمسؤولية المشتركة.

4. التعاون والتواصل

التعاون والتواصل من عناصر تقويم الأداء الوظيفي الجوهرية، خاصة في بيئات العمل التي تعتمد على التفاعل اليومي بين الأفراد والأقسام. فنجاح الفريق لا يتوقف على أداء كل فرد بمعزل عن الآخرين، بل على مدى قدرتهم على التعاون، وتبادل المعرفة، وبناء علاقات عمل قائمة على الاحترام والمرونة والتفاهم.

يقيم عنصر التعاون والتواصل مدى قدرة الموظف على العمل بانسجام داخل الفريق، واستعداده لتبادل الأفكار، ودعمه لزملائه عند الحاجة، دون أن تطغى روح المنافسة السلبية أو الانغلاق على سلوكه المهني. كما يشمل القدرة على الاستماع الفعّال، وتقبّل وجهات النظر المختلفة، وتقديم الاقتراحات أو الاعتراضات بطريقة بنّاءة تساهم في تطوير الفريق لا تعطيله.

5. سرعة التعلّم والتكيف

في بيئة العمل سريعة التغيّر، الموظف الفعّال هو من يمتلك مرونة ذهنية تجعله أكثر قدرة على التكيّف، وتعلم أدوات وأساليب جديدة بسرعة ترفع من قيمته المهنية. لذا، يقيم هذا العنصر من عناصر تقويم الأداء الوظيفي مدى قدرة الموظف على استيعاب التوجيهات الجديدة بسرعة، واستعداده لتعديل أسلوب عمله بناءً على ملاحظات أو ظروف متغيرة. كما يقيّم مدى تقبله للنقد البنّاء، واستثماره له كفرصة للتطوير بدلًا من التعامل معه كتهديد.

كذلك، يُنظر إلى سرعة التعلم على أنها مؤشر على حيوية الموظف وطموحه المهني، وهو عنصرًا مهمًا في اتخاذ قرارات الترقية، أو إسناد المهام القيادية. ببساطة، لأن الموظف الذي يسعى لتطوير نفسه باستمرار، ويأخذ بزمام المبادرة لتعلّم مهارات جديدة، يعزز من قيمته داخل الفريق ويضيف بعدًا استراتيجيًا لأدائه. 

أدوات قياس وتقويم الأداء الوظيفي في بيئة العمل

تتعدد أدوات قياس وتقويم الأداء الوظيفي التي تعتمد عليها المؤسسات لتقييم أداء موظفيها، وتختلف هذه الأدوات من حيث الدقة، والآلية، والغرض من استخدامها. من بين أكثر الأدوات شيوعًا واستخدامًا في بيئة العمل:

1. المقابلة التقييمية

المقابلة التقييمية هي أبسط صورة من نموذج تقويم الأداء الوظيفي في الشركات وأقدمها، لكنها لا تزال فعالة عندما تُنفذ بطريقة منهجية. إذ يجتمع المدير المباشر مع الموظف وجهًا لوجه لمراجعة نتائج التقييم، ومناقشة الأداء السابق، وتبادل الآراء حول نقاط القوة والضعف، والظروف التي ربما أثرت على مستوى الإنجاز. ورغم أن المقابلة التقييمية لا تُعد أداة قياس بحدّ ذاتها، فإنها تشكّل وسيلة تحليل وتفسير حيوية للبيانات التي جُمعت من أدوات أخرى.

2. مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs

تُعد مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs بمنزلة نموذج تقويم الأداء الوظيفي للموظفين الأكثر استخدامًا في الشركات، فهي ببساطة معايير رقمية قابلة للقياس، تُحدَّد وفقًا لطبيعة كل وظيفة، وتساعد على ربط أداء الموظف بأهداف الشركة. وتكمن أهميتها في أنها تُخرج التقييم من التقدير الشخصي إلى القياس الموضوعي.

مثلًا، قد يُطلب من مسؤول المبيعات تحقيق 100 ألف ريال شهريًا، بينما يُتوقع من مطوّر برمجيات إنهاء عدد محدد من المهام في فترة زمنية معينة. بهذه الطريقة، يصبح لدى الموظف صورة واضحة عن مهامه اليومية وما هو مطلوب منه، ويمكن للإدارة تقييم نتائجه بناءً على بيانات فعلية لا مجال فيها للتحيّز.

3. تقويم 360 درجة

تقويم 360 درجة هو أحد أكثر أدوات تقويم الأداء شمولًا، إذ يتيح جمع ملاحظات عن أداء الموظف من عدة مصادر، وليس فقط من مديره المباشر. إذ يُطلب من زملاء العمل، والمرؤوسين، والمديرين، وأحيانًا حتى العملاء، تقديم تقييماتهم حول سلوك الموظف، مهاراته التفاعلية، وأسلوب تعامله في بيئة العمل. 

يتميز نموذج تقويم الأداء الوظيفي 360 درجة بأنه يضع الموظف أمام صورة أكثر توازنًا وشمولًا عن أدائه، ويكشف الفجوات بين تصوره الذاتي وتصورات الآخرين عنه. ويُعد مفيدًا خصوصًا في تقويم المهارات السلوكية والقيادية والتعاونية التي قد لا تظهر في مؤشرات الأداء الكمية المعتادة.

4. نموذج إدارة الأداء بالأهداف MBO

إدارة الأداء بالأهداف (Management by Objectives) هي أداة تقيّم أداء الموظف بناءً على مدى تحقيقه لأهداف محددة تم الاتفاق عليها مسبقًا بينه وبين مديره. تُعد هذه المنهجية من أكثر أدوات تقويم الأداء الوظيفي فعالية في البيئات التي تركز على النتائج، إذ يُطلب من الموظف تحقيق نتائج واضحة وقابلة للقياس خلال فترة زمنية محددة، ويُقاس نجاحه بناءً على مدى التزامه بتلك الأهداف.

يتميز نموذج إدارة الأداء بالأهداف بأنه يُركز على الإنجاز الواقعي ويحفّز الموظف لتحقيق نتائج ملموسة، فضلًا عن أنه يعزز الشعور بالمسؤولية والمشاركة، لأن الموظف لا يكون فقط منفذًا للمهام، بل شريكًا في صياغة أهدافه وتحديد أولوياته. ومع ذلك، فإن نجاح هذا الأسلوب يعتمد على وضوح الأهداف وواقعيتها، ووجود نظام متابعة دوري يسمح بتعديل المسار عند الحاجة.

إضافة إلى هذه الأدوات، يوجد الكثير من أدوات قياس وتقويم الأداء الوظيفي التي لا يتسع المجال لذكرها. والحقيقة أنه لا توجد أداة واحدة مثالية لجميع الحالات، والمؤسسات الذكية تختار مزيجًا متوازنًا من الأدوات يناسب طبيعة الوظيفة، مستوى الموظف، وثقافة المؤسسة. فكل أداة تكشف بُعدًا مختلفًا من الأداء، واستخدامها معًا يحقق صورة متكاملة أكثر عدلاً ودقة.

كيف يساعدك نظام إدارة الأداء من جسر في إجراء تقويم الأداء الوظيفي بفعالية؟

في المؤسسات التي تطمح للتطوير المستمر، لا يكفي أن تُقيَّم جهود الموظفين بطرق تقليدية. هنا يأتي نظام إدارة الأداء كأداة مٌتقدمة تجمع بين الدقة والتخصيص، تمكنك من إجراء دورات تقييم متوافقة مع احتياجاتك من خلال تصميم نماذج تقييم مرنة قابلة للتعديل، خاصة بكل وظيفة وفترة زمنية، سواء كانت سنوية، فصلية، أو حتى خلال فترة التجربة. هذه التقييمات لا تركز فقط على الأداء، بل تمتد لقياس المهارات والسلوكيات بما يتناسب مع واقع كل مؤسسة.

أتمتة-إدارة-الأداء-في-الموارد-البشرية

ما يميز نظام إدارة الأداء من جسر فعلًا هو أنه لا يكتفي بجمع البيانات، بل يربط بين أهداف المؤسسة وأداء الأفراد باستخدام أدوات مثل نموذج الأهداف والنتائج الرئيسية OKRs ونموذج إدارة الأهداف بالأداء MBOs. هذا الربط يجعل التوقعات واضحة، ويحفّز الموظفين لتحقيق نتائج ملموسة. 

يسهّل النظام على المديرين تتبع الأداء بشكل بصري وسلس، عبر لوحات بيانات تعرض مؤشرات الأداء بدقة لحظية. وعند موعد التقييم، تُفعّل خاصية التقويم 360 درجة لتقديم صورة شاملة عن الموظف من زوايا متعددة، تشمل المدير والزملاء وحتى العملاء عند الحاجة، مما يحدّ من التحيز ويوفر منظورًا أكثر توازنًا عن الأداء الحقيقي.

وبعد التقييم، فلا تُترك النتائج على الرف. يتيح النظام مراجعة المؤشرات بشكل دوري، ويوفر أدوات تحليل تساعد المسؤولين على اتخاذ خطوات تطوير حقيقية، سواء بإطلاق خطة تدريب، ترقية، أو منح مكافأة. بهذا الشكل، لا يتحول التقييم إلى عبء إداري موسمي، بل يصبح أداة ذكية لتحفيز الأداء وتعزيز العدالة داخل المؤسسة، مما يخلق بيئة عمل يشعر فيها كل موظف أن جهوده تُقدّر وتُثمر.

 

في الأخير، تقويم الأداء الوظيفي ليس مجرد عملية روتينية تُجرى سنويًا، بل هو أداة استراتيجية تمكّن المؤسسات من بناء ثقافة احترافية قائمة على التطوير المستمر والمساءلة. وعبر استخدام أدوات قياس متنوعة، يصبح بإمكان الشركات فهم نقاط القوة والضعف لدى موظفيها، وتحفيزهم على النمو، وتحقيق أهدافهم الفردية بما يخدم أهداف المنظمة الكبرى.

اقرأ أيضًا على مدونة جسر

الاشتراك-في-نشرة-جسر-HR-البريدية

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية