عندما ينسى الموظف سيرته الذاتية على الطابعة أو يتغيب عن العمل بصفة متكررة لزيارة الطبيب أو يتحدث في الهاتف كثيرًا، فإن ذلك يعني في التراث المشترك للمديرين أنه على وشك الرحيل، غير أن الأبحاث الحديثة أتت باستنتاجات مختلفة.
ففي دراسة نشرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو حول السلوكيات التي تسبق تقديم الموظف استقالته بناء على استقصاء أجري مع مديرين من شركات وصناعات ومناطق جغرافية مختلفة، غابت تلك العلامات الثلاث، وشملت القائمة علامات تحذيرية كانت قاسمًا مشتركًا في العديد من حالات الاستقالة الفعلية.
أهم العلامات التي تعني أن الموظف يفكر في الاستقالة
1. انخفاض إنتاجيته عن المعتاد
جاءت هذه العلامة على رأس قائمة العلامات التحذيرية، فعندما يتكرر تأخر الموظف عن تسليم المشاريع المكلف بها أو تخرج جودة عمله بمستوى أقل من المعتاد، فهذا يعني انخفاض إنتاجيته في العمل وقد يكون ذلك نتيجه لانسحابه فكريًا من الوظيفة استعدادا للاستقالة، تتأكد هذه العلامة، إذا لُفت انتباهه إلى الأداء دون المستوى، ومع ذلك لم يبد اهتمامًا أو لم يقدم تفسيرًا حقيقيًا لانخفاض الأداء.
2. الغياب عن العمل أكثر من المعتاد
عندما يبدأ الموظف الذي اعتاد الحضور بانتظام في الاختفاء، فينبغي الانتباه إلى أنه قد يكون مؤشرًا على قرب تقديمه الاستقالة، فمثلا يلاحظ التراكم المفاجئ في أيام الإجازات سواء إجازات عشوائية أو نصف يوم أو مغادرة العمل مبكرًا لحضور موعد شخصي.
تحمل هذه الزيادة في الغياب تفسيرات مختلفة، فقد تعكس شعور الموظف بالانعزال عن الشركة ورغبته في الاحتفاظ بوقته الخاص لنفسه مع احتمال تطور الأمر لشعوره بالرغبة في تغيير محل العمل كليًا، وقد تعكس شعوره بالإنهاك بسبب بيئة العمل أو ثقافة الشركة السلبية التي أضرت بنفسيته وجعلته يتجنب الحضور قدر الإمكان وبالتالي فهو على وشك البحث عن وظيفة أفضل، غير أنها غالبا ما تعكس أنه يستخدم هذه الأيام لحضور مقابلات التوظيف أو العمل الجزئي مع شركة أخرى لتقييم فرصة العمل قبل اتخاذ قرار نهائي.
3. العمل وفقا للحد الأدنى
يعد العمل وفقا للحد الأدني أحد أهم أشكال الاستقالة الصامتة للموظف، ويُقصد بها أنه يبذل الحد الأدني من الجهد المطلوب لأداء الوظيفة بحيث يجنبه الفصل من الشركة، ويستمر الموظف في العمل بهذه الطريقة إلى أن يجد فرصة وظيفية أفضل يسعى إلى اقتناصها.
4. رفض الالتزام بمشاريع طويلة الأجل
عندما يتجنب الموظف أي مشاريع أو التزامات طويلة الأجل فقد يكون ذلك مؤشرًا على علمه بأنه سيغادر الشركة وبالتالي لا يريد أن يترك الشركة في مأزق بعد مغادرته، فقد تظهر عليه علامات مثل التردد المفاجئ في قبول المشاريع المستقبلية الكبرى أو عدم الاكتراث بخطط الترقية وفرص التطوير المهني التي تؤهل للنمو الوظيفي داخل الشركة.
يفسر هذا الانسحاب رغبة الموظف في الاستثمار في مستقلبه بخطط خاصة لا تشمل الشركة، وبالتالي فهو يعلم جيدًا -حتى ولو في اللاوعي فقط- أنه لن يستمر طويلًا مع الشركة وبالتالي لا يريد أن يَعِد بأكثر مما ينوي تقديمه.
5. أصبح أقل اندماجًا مع فريق العمل
إذا نأي الموظف بنفسه عن فريق العمل وكأنه يصنع حاجزًا بينه وبينهم بشكل مفاجئ، فقد يكون ذلك مؤشر حقيقي على انفصاله العاطفي عن الشركة وأنه على وشك تقديم الاستقالة، يلاحَظ ذلك في أكثر من موقف، مثل ضعف التواصل و عدم الاكتراث بالتعاون بالإضافة إلى إلغاء الاجتماعات والتغيب عن الأحداث والمناسبات التي ينظمها الفريق.
تشير مثل هذه السلوكيات إلى مشكلة عميقة في وجدانه تجاه الشركة، فهو يلجأ للانسحاب تجنبًا للحديث مع رئيسه وزملائه، ولإخفاء طموحاته ولكي يتجنب الخوض في حوار عن مستقبله مع الشركة، أو لأن قلبه لم يعد يستطيع أن يعمل بروح الفريق مع زملائه.
6. أصبح أقل اهتمامًا بإرضاء مديره من المعتاد
تمثل هذه العلامة مؤشرًا تحذيريًا مهمًا على أن الموظف على وشك تقديم استقالته، فالموظف الذي كان متحمسًا في السابق لنيل تقدير مديره أصبح غير مبال، ويبدو أنه لم يعد يهتم بإرضاء رؤسائه أو تجاوز التوقعات وتحقيق التميز، ما يعني أن أولوياته أعيد ترتيبها وطريقة تفكيره تجاه الشركة تغيرت عن السابق.
7. التعبير عن عدم الرضا بالوظيفة
نادرًا ما تسلم شركة من استقبال شكاوي الموظفين حول أمر ما، إلا أن ذلك عندما يحدث عرضيا فهو لا يشكل خطورة، لكن العلامة التحذيرية تظهر عندما يبدأ فجأة موظف راضٍ عادةً في التعبير المستمر عن إحباطه من عبء العمل أو من الشركة أو الزملاء أو المدير، فيبدو عدم الرضا على الموظف بوضوح في زيادة الشكاوى والانتقادات.
يمكن ملاحظة ذلك في اجتماعات الشركة أو الحوارات الفردية أو في رأي المدير نفسه، وهو ما يستدعي الانتباه، لأنه غالبا ما يسفر هذا السخط عن بحث الموظف عن وظيفة أخرى تتوافق بطريقة أفضل مع أهدافه الشخصية والمهنية.
8. فقدان الحماس لأهداف الشركة
يظهر الحماس لأهداف الشركة في مناسبات إستراتيجية مختلفة، مثل إطلاق مشاريع جديدة أو وضع أهداف جديدة طويلة المدى تريد الشركة أن تحققها، أو تدريب الزملاء الآخرين داخل الشركة. وعندما يلتزم الموظف الصمت تجاه هذه المناسبات ويغلب على سلوكه تجاهلها وعدم الاكتراث بإبداء رأيه والمشاركة فيها، فإن ذلك يمثل إشارة تحذيرية على حدوث انفصال عميق بين أهدافه العملية وبين أهداف الشركة.
9. ظهور سلوكيات سلبية جديدة
السلوكيات هي خير ما يعبر عن خبايا النفس التي لا يفصح عنها اللسان صراحة، وإذا بدر من الموظف سلوكيات سلبية غير معهودة منه، فقد يعني ذلك أنه على وشك تقديم استقالته، على سبيل المثال إذا افتقر إلى التهذيب في تعامله مع رئيسه أو زملائه في العمل، أو انحسر اهتمامه بالعمل مع العملاء.
تنطبق هذه العلامة بالأخص على الموظف الذي طالما كان محافظًا في تعامله وتبنى سلوكيات إيجابية، إذ يعني التحول في سلوكه للأسوأ أنه أصبح أكثر جرأة على المخاطرة وكأن لسان حاله يقول «ما الذي قد أخسره إذا فعلت كذا أو كذا!».
10. تراجع جهده ودوافعه
عندما يصبح عقل الموظف مشغولًا باقتناص فرصة عمل في مكان آخر، يؤثر ذلك على دوافعه الذاتية للعمل بجودة عالية، فإذا كان معروفًا بأدائه الممتاز يلاحظ أن أدائه انخفض إلى المستوى المتوسط، ففي ظل نيته تقديم الاستقالة، يفقد الحافز ولا يشعر بأهمية أن يستثمر في وظيفته الحالية المزيد من الطاقة والجهد.
كيف تتأهب الشركة لتفكير الموظف في الاستقالة؟
الإستراتيجية الأولى لتقليل معدل دوران الموظفين هي التدخل بإجراءات تحسن من الرضا الوظيفي وتعزز من المشاركة في العمل، غير أن تصميم وتنفيذ هذه الإستراتيجية على نطاق واسع يشمل جميع الموظفين يستغرق وقتًا، لذلك ينصح الخبراء بأن تركز الشركة على الاحتفاظ بالموظفين المتميزين في المدى القصير، والهدف من ذلك هو استثمار الوقت والموارد في الموظفين الذين يضيفون أعلى قيمة وهم عرضة لمغادرة الشركة. يتضمن ذلك الإستراتيجيات الثلاثة الآتية:
- تقديم مزايا مثل زيادة الأجور والترقيات والمشاريع الخاصة لهذه الفئة المتميزة من الموظفين، بالإضافة إلى إجراء «مقابلات الاستبقاء» الفردية بانتظام، وهي تمثل النقيض من «مقابلات الخروج»، إذ يستهدف هذا النوع من المقابلات معرفة ما الذي يجعل الموظف المتميز يستمر في العمل بالشركة وما الذي يمكن تغييره لمنعه من التفكير في البحث عن فرصة أفضل في الخارج.
- ملاحظة الموظفين المتميزين الأكثر عرضة لمغادرة الشركة بحثًا عن الإشارات التحذيرية التي تناولناها، والعمل بجدية على إعداد موظفين آخرين لخلافتهم لتقليل الأضرار التي تنتج عن الاستقالة المفاجئة، أضرار مثل أن يأخذ الموظف المستقيل بعض العملاء معه، أو أن تحدث ثغرة في عمليات الشركة تؤدي إلى ضرر على المدى الطويل.
- تتبع أهداف وإنجازات الموظفين المتميزين الأكثر عرضة للاستقالة لملاحظة أي انحراف واضح عن المسار المعتاد، بالإضافة إلى تتبع الإجازات ومواعيد الحضور والانصراف، لملاحظة الشئ نفسه.
يمكن استخدام نظام الموارد البشرية جسر في ملاحظة الموظفين بدقة وببضع نقرات فقط، إذ يحتوي على أداة لاستخراج تقارير الموظفين بما في ذلك تقارير الإجازات والحضور والانصراف وغيرها لكل موظف، بالإضافة إلى أداة لإدارة الأداء تجعل من السهل قياس أداء أي موظف وتتبع أهدافه وإنجازاته بنظرة واحدة فقط على لوحة الأداء.
أخيرًا، من المحتمل أن تقع الشركة في فخ المبالغة والمغالاة في تفسير سلوكيات الموظف على أنها مؤشرات على تفكيره في الاستقالة، إلا أن الهوس بمن حضر ومن لم يحضر وكم عدد أيام الإجازات المرضية التي حصل عليها الموظف في آخر الشهر، ليس هو الهدف من مناقشة هذا الموضوع، بل الأجدى مما سبق أن تطبق الشركة إستراتيجيات قوية للاحتفاظ بالموظفين، وتعالج الأسباب التي قد تشجعهم على التفكير في المغادرة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك