هل الحل الأمثل لشعور الموظف بأنه مستنزف في العمل يكمن في الحصول على إجازة لمدة أسبوع أو تعلم كيفية إدارة الوقت؟ ماذا إذا كان السبب وراء ذلك ضعف الموارد التي يعمل بها أو غياب التناغم مع زملائه في القسم! يتسرع كثير منا في تبسيط مشكلة الاحتراق الوظيفي ظنًا منهم أن علاجها يكمن في مجموعة من نصائح التنمية البشرية التي لا تمثل في الحقيقة إلا نوعًا من الإسعافات الأولية، بينما المشكلة في حقيقتها تحتاج إلى إستراتيجية متكاملة تتدارك الأعراض قبل أن تستفحل وتتطور بشكل أسرع.
إيمانا بمدى خطورة الاحتراق الوظيفي على الموظف والشركة ككل، نخصص هذا المقال لتشريح هذه المشكلة بالتفصيل بحثًا عن حلول عملية.
ستقرأ في هذه السطور:
- ما هو الاحتراق الوظيفي؟
- ما أسباب الاحتراق الوظيفي الأكثر شيوعًا؟
- في أي مرحلة يصاب الموظف بالاحتراق الوظيفي؟
- كيف تكتشف أعراض الاحتراق الوظيفي بنفسك؟
- كيف تبني ثقافة عمل تحمي من الاحتراق الوظيفي؟
- ماذا تفعل عندما يشكو موظف من الاحتراق الوظيفي؟
- كيف يحمي الموظف نفسه من الاحتراق الوظيفي؟
ما هو الاحتراق الوظيفي؟
الاحتراق الوظيفي هو حالة من الإرهاق الجسدي أو العاطفي تتضمن أيضًا إحساسًا بانخفاض الإنتاجية والإنجاز وفقدان الدافع، ومن الاعتقادات الخاطئة عن الاحتراق الوظيفي أنه مرض جسدي أو نفسي بحد ذاته، ولكنه في الحقيقة عامل أساسي يؤدي إلى بعض الأمراض المتعلقة بالصحة العقلية والجسدية مثل الاكتئاب.
ومفهوم الاحتراق الوظيفي مفهومٌ جديدٌ نسبيًا صاغه عالم النفس الألماني هربرت فرودنبرجر في عام 1974، حيث وصفه في كتابه: «الإرهاق: التكلفة العالية للإنجاز المرتفع» بأنه أكثر من مجرد الشعور بقليل من التوتر. وإذا لم يتم الالتفات له في حينه فقد يتطور إلى مرض جسدي وعقلي وعاطفي يمكن أن يكون له بعض الآثار المدمرة جدًا مستقبلًا. حيث تشير التقديرات إلى أن ضغوط العمل يؤديان إلى ما يقرب من 120 ألف حالة وفاة ونحو 190 مليار دولار تنفق في معالجتها سنويًا.
وطرأ على هذا المفهوم تغيير بعد جائحة كورونا التي كانت عاملًا وسببًا مباشرًا في انتشار الإرهاق والإجهاد في مكان العمل، والتأثير العميق الذي أحدثته على الإنتاجية والصحة، إذ وسعت منظمة الصحة العالمية WHO تعريفها للاحتراق الوظيفي فأصبح يُعرف الآن على أنه: «ظاهرة مهنية تحدث عندما لا يتم إدارة الإجهاد المزمن في مكان العمل بنجاح». وتتركز أعراض الاحتراق الوظيفي في ثلاثة أعراض رئيسية هي:
- فقدان الحافز
- قلة المتعة في العمل
- عدم الإيمان بالقدرة على إنجاز المهام أو الشعور بعدم الفاعلية
تلقي الآثار السلبية العميقة السابقة بظلالها على الاحتراق النفسي وعلاقته بالرضا الوظيفي، إذ تشير الدراسات إلى أن الموظف المنهك أكثر عرضة بنسبة 2.6 مرة للبحث عن وظيفة أخرى، إذ يدفعه الشعور بالإرهاق وعدم التقدير وغياب المساندة إلى تقديم الاستقالة بحثًا عن مكان عمل أفضل.
ما أسباب الاحتراق الوظيفي الأكثر شيوعًا؟
قد يصاب العامل بالاحتراق الوظيفي نتيجة لعوامل مختلفة، ونتطرق فيما يلي إلى أهم أسباب الاحتراق الوظيفي وأكثرها انتشارًا:
- عدم السيطرة: قد يؤدي عدم القدرة على التأثير في القرارات التي تؤثر على وظيفته، مثل الجدول الزمني أو المهام أو عبء العمل إلى الشعور بالإرهاق، وكذلك الأمر بالنسبة لنقص الموارد التي يحتاجها الموظف للقيام بعمله.
- توقعات وظيفية غير واضحة: إذا لم تكن درجة السلطة التي لدى الموظف أو ما يتوقعه المشرف أو الآخرون منه واضحة بالنسبة له، فمن غير المحتمل أن يشعر الموظف بالراحة في العمل.
- ديناميات مكان العمل المختلفة: إذا عمل الموظف مع أحد الزملاء المتنمرين، أو انتقص من قدره من الزملاء أو كان مديره متطلبا فهذا يمكن أن يساهم في ضغوط العمل.
- حدود النشاط: عندما تكون الوظيفة رتيبة أو فوضوية فالموظف بحاجة إلى طاقة مستمرة ليظل مركزًا مما قد يؤدي إلى التعب والإرهاق.
- نقص الدعم الاجتماعي: إذا اعتاد الموظف الشعور بالعزلة في العمل أو في حياته الشخصية، فقد يشعر بمزيد من التوتر.
- اختلال التوازن بين العمل والحياة: إذا كان العمل يستهلك الكثير من الوقت والجهد بحيث لا يملك الطاقة لقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
في أي مرحلة يصاب الموظف بالاحتراق الوظيفي؟
توجد العديد من الدراسات التي تصف المراحل التي يتطور منها الاحتراق الوظيفي في مكان العمل، فوفقًا لجامعة ولاية وينونا الأمريكية فإن هناك خمس مراحل يمر بها الموظف في سياق العمل، وهي:
المرحلة الأولى: السعادة
في هذه المرحلة يكون الموظف سعيدًا بوظيفته والطريقة التي يعمل بها، حيث يشعر بالإبداع والنشاط والحيوية، ولا يمانع في تخطي موعد الغداء أو العمل لوقت متأخر لأنه متحمس جدًا للعمل على مشروع جديد.
المرحلة الثانية: موازنة المهام
في هذه المرحلة الأمور لا تزال على ما يرام، لكن بدأت الوظيفة تفقد بريقها في عينيه، فبعض الأيام تكون جيدة وبعضها سيئ، وقد تلاحظ أنه حتى لو تمكن من الحفاظ على إنتاجيته في العمل، يحتاج ذلك منه إلى بذل المزيد من الجهد، وقد يبدأ النسيان بالزحف على ذاكرته أو يجد نفسه غير قادر على النوم بسبب التوتر.
المرحلة الثالثة: أعراض الإجهاد المزمن
في هذه المرحلة يشعر الموظف بالتوتر وعدم الارتياح فيما يفعله، وعندما يُطلب منه إنجاز بعض المهام سواء في العمل أو المنزل فيتحول الشعور من الحماس إلى الاستياء، وقد يكون مرهقًا أو لا مباليًا أو يعتمد على المشروبات المنبهة لتمضية اليوم، وقد يبدأ في الشعور بالاكتئاب أو السخرية أو اليأس في إمكانية تغير الوضع الحالي للأفضل.
المرحلة الرابعة: الإرهاق
تبدأ الأعراض العقلية والعاطفية والجسدية للإرهاق الناجم عن العمل في هذه المرحلة في التسلل إلى شعور الموظف، يظهر ذلك في مماطلته لإنجاز المهام أو تفويت المواعيد النهائية.
المرحلة الخامسة: الاحتراق الوظيفي الكامل
عند الوصول إلى هذه المرحلة يصبح الشعور بالإرهاق هو الرفيق الجديد للموظف، وفي هذه المرحلة قد يتم تشخيصه بالاكتئاب قبل أن يعرف أن الاحتراق هو السبب الحقيقي في ذلك الشعور.
كيف تكتشف أعراض الاحتراق الوظيفي بنفسك؟
من الشائع أن يمر الموظف بأوقات عصيبة في العمل، أو حتى يشعر بخيبة أمل من وظيفته في بعض الأحيان، ومع ذلك فإن الإرهاق أعمق، وإذا كنت تتساءل عما إذا كان قد دخل في مرحلة الاحتراق الوظيفي أم لا؟ فابحث عن أعراض الاحتراق الوظيفي من خلال طرح هذه الأسئلة، إذ تعني الإجابة بنعم عن معظمها على الإصابة بالإنهاك:
- هل تمر بأيام سيئة أكثر من الأيام الجيدة في العمل؟
- هل تجد نفسك كسولًا أو عصبيًا بشكل غير عادي في العمل أو المنزل؟
- هل تعاني من آلام في المعدة، أو اضطراب في الجهاز الهضمي، أو آلام في ظهرك ورقبتك؟
- هل تعاني من الصداع بشكل متكرر أكثر من المعتاد؟
- هل تغيرت عادات نومك إما نوم أكثر أو أقل بكثير من المعتاد؟
- هل واجهت صعوبة في التركيز على العمل أو فهم ما هو متوقع منك؟
- هل تجد نفسك قادرًا على العمل بكفاءة فقط في اللحظة الأخيرة أو في الموعد المحدد؟
- هل تتجنب العمل أو المحادثات مع الزملاء أو التواصل مع مديرك؟
- هل تشعر بأنك يمكنك ترك وظيفتك بشكل شبه دائم؟
- هل أنت مرهق جدًا لفعل أي شيء ممتع عندما لا تكون في العمل؟
كيف تبني ثقافة عمل تحمي من الاحتراق الوظيفي؟
بناء على التداعيات الخطيرة التي يتركها الاحتراق الوظيفي على أداء الموظفين وإنتاجية الشركة، يطرح هذا السؤال الجوهري نفسه: كيف يمكن للشركة أن تحمي مواردها البشرية من الإصابة بهذا الداء الخطير؟ نناقش فيما يلي مجموعة ثمينة من إستراتيجيات العمل التي ترسم ملامح ثقافة شركة تحمي الموظفين من الإصابة بالاحتراق الوظيفي من الأساس:
1. تقليل أعباء العمل
أعباء العمل هي السبب الرئيس الذي يتسبب في الشعور بالإرهاق، لذلك قلل أعباء العمل على الموظفين لكي تتحسن كفاءتهم وإنتاجيتهم، لكن كيف يكون ذلك؟
- اسمح للموظفين بأخذ فترات راحة قصيرة على مدار اليوم، فالموظف المثالي ليس الذي ينكفئ على العمل بالساعات دون أخذ قسط من الراحة للابتعاد عن مكتبه أو تمديد ساقيه أو الخروج لبضع دقائق أو حتى التمشية حول المكتب لوقت قصير ثم العودة للعمل بمنظور جديد وذهن صاف.
- حدد توقعات واقعية للأهداف التي ينبغي أن يحققها الموظف في ضوء قدراته الحالية ومستوى خبراته.
- اجعل مكان العمل حيزًا لأمور إيجابية أخرى إلى جانب الوظيفة، كأن تشجع الموظفين على بناء علاقات طيبة مع بعضهم البعض وتعلم مهارات جديدة.
2. التركيز على الرفاهية
تعني الرفاهية في مكان العمل تحسين جودة الحياة الوظيفية، بحيث يتمكن الموظف من تحقيق التوازن المثالي بين العمل والحياة، وذلك بعدة طرق منها:
- تنفيذ سياسة العمل المرن بحيث يعمل الموظف لعدد ساعات معقول ويختار أيام العمل ويحصل على إجازة عند الحاجة بسهولة.
- تشجيع الموظفين على ممارسة الرياضة بانتظام، من خلال الاشتراك المخفض في صالة الألعاب الرياضية، وإطلاق تحديات رياضية بين الموظفين.
- الاهتمام بالنظام الغذائي للموظفين، عبر توفير خيارات صحية في مطبخ الشركة من المأكولات والمشروبات.
3. من لم يشكر الناس لم يشكر الله
كما في الحديث النبوي الشريف، يأتي التعبير عن العرفان والتقدير كسمة أساسية في التعامل مع الغير عندما يحسن العمل، لذلك أثنِ على الموظف فيما يحسنه فعلًا، مثلا «أنا سعيد منذ عملنا معا لأنك ..»، إذ يشيع ذلك أجواء إيجابية ويشجعه على العمل بحماس ويساعد في منع الإرهاق، كذلك اجعل الاعتراف بجهود الموظفين إحدى عاداتك المنتظمة، سواء بالشكر قولا أو فعلا مثل التكريم أو تقديم شهادة تقدير أو هدية.
4. اجعل العمل هادفًا
عندما تكون الوظيفة هادفة يقل التوتر وتزداد الإنتاجية ويشعر الموظف بارتباطه بالشركة، لذلك اجعل عمل الموظفين هادفًا من خلال ما يلي:
- استخدم المميزات التي تتمتع بها الشركة مقارنة بالشركات الأخرى لتحفيز الموظفين وإشعال نشاطهم، قد يميز الشركة المنتج أو الخدمة التي تقدمها أو المهمة التي تسعى لتنفيذها أو ثقافة العمل الفريدة.
- سلط الضوء على تاريخ الشركة في مقطع فيديو قصير وشاركه في الاجتماعات، وأرسل رسالة بريدية لجميع الموظفين تتناول الأخبار الجيدة التي تحدث، احرص على فعل ذلك بانتظام لكي يستمر الشعور بالهدف والجدوى.
- كرر على مسامع الموظفين أهمية وجودهم في الشركة وأسباب ذلك، وإلى أي مدى يساهمون بوظائفهم في تكوين الصورة الكبيرة لها كشركة ناجحة.
5. تمكين الموظفين
يعني تمكين الموظفين منحهم قدرًا من الاستقلالية في تحديد كيفية قضاء وقت العمل، وذلك بهدف إشعارهم بالمسؤولية عن نجاحهم مع الاستعداد للمسائلة، وتحتاج هذه الإستراتيجية إلى تخفيف قبضة الشركة في الإدارة التفصيلية، بحيث تفسح المجال للموظف لتحمل مسؤولية أفعاله والتفكير في تبعات القرارات التي يتخذها، إذ يعزز ذلك من ثقته بنفسه ويعلي من شعوره بتقدير الذات، كما يحسن إنتاجيته ويجعله أكثر استعدادًا للمشاركة، وما نقصده بتمكين الموظفين هنا هو ما يلي:
- امنح الموظف حرية اختيار مهامه الخاصة
- اجعله يحدد مواعيد التسليم بنفسه
- أتح له إمكانية اختيار ساعات عمله
- شجّعه على حل المشكلات بطرق إبداعية
- اعطه رأيك في أدائه، واتبع سياسة الباب المفتوح في التواصل
6. رسم مسار واضح للارتقاء المهني
تلعب هذه الإستراتيجية دورًا مهمًا في بث الثقة وتكوين دافع لدى الموظف يجعله أكثر تحملًا للعمل الجاد، إذ يرى نفسه يرتقي في السلم الوظيفي ويتقدم في مسيرته المهنية للأمام، ويفهم جيدًا ما الذي يريد الوصول إليه في الخطوة التالية، كما يقتنع بأنه قادر على تحقيق طموحه.
تتضمن الإستراتيجية رسم مسار واضح للتقدم الوظيفي الذي ينتظر الموظف، بحيث يتضمن فرصًا للنمو المهني تجعله أكثر تحديًا لقدراته وحماسًا تجاه مهام العمل، وتشمل ثلاثة خطوات:
1. وضع خطة التطوير المهني
خطة التطوير المهني هي خريطة يسير الموظف على هداها أثناء فترة عمله، فتتضمن إرشادات عن تقدم الموظف إلى مستويات أعلى من المسؤولية حتى يصبح مديرًا، وتضع الخطة في حسبانها الوظائف الشاغرة حاليًا والمناصب التي تناسب الموظفين.
2. تقديم فرص للتدريب
التدريب هو أحد الطرق التي تسهل على الموظف أعباء العمل، لأنها تمكنه من أداء مهام معينة بكفاءة وثقة، وتشمل فرص التدريب التي يمكن أن تقدمها الشركة لموظفيها الدورات التدريبية الكاملة، أو الندوات عبر الإنترنت (الويبينار) للتركيز على تدريب الموظفين على موضوع معين، كما يجب أن يطبق الموظف ما تعلمه في الواقع العملي، ويحصل على الإرشاد من الزملاء الأكثر خبرة، بحيث يلعبون دور الموجه في المشاريع الصعبة ويقدمون المشورة عند الحاجة.
3. ترقية الموظف المؤهل
ترقية الموظفين هي أهم طرق التحفيز، وعامل مهم في علاج الاحتراق الوظيفي لأنها تمثل اعترافًا بجهود الموظف وكفاءته، وتجعله يقتنع أن جهده الكبير لا يذهب سدى بل يثمر أفضل ما يكون.
7. التواصل الواضح
التواصل الواضح هو أساس التحفيز والإقناع لأي قائد مع فريقه، إذ يجنب العمل الأخطاء والمشكلات التي تحدث بسبب سوء التقدير أو الفهم ما يقلل من الجهد المهدر، لذلك ينبغي صقل مهارة التواصل مع الموظفين من أجل تكوين رؤية واضحة لما ينبغي أن يتم وكيف يتم دون هدر الجهد أو الوقت في إصلاح الأخطاء، ويعني صقل مهارة التواصل مع الموظفين ما يلي:
1. حدد ما تريد إبلاغه بوضوح
قد تظن أن الموظف لديه فهم مسبق لما تريد أن تقوله، فتختصر في حديثك عما هو مطلوب أو تردد ديباجة ثابتة عن طبيعته دون التأكد من أن الموظف فَهِمَه جيدًا، لذلك فكر أولًا في النقاط الجوهرية التي تريد إبلاغه بها ولا تتردد في الحديث عنها مرارا وتكرارا.
2. فسر له السبب
قبل أن تتحدث عن خطوات العمل المطلوب القيام بها، خصص وقتًا لشرح سبب وجدوى العمل المطلوب، فمن شأن فهم السبب أن يحفز الموظف على العمل بجدية والثقة في جدوى ما يقوم به، فمثلًا بدلًا من قول «نريد إنجاز هذا المشروع خلال أسبوع واحد»، برّر ذلك بأنه «استعدادا لاقتراب موسم التخفيضات».
3. تحدث ببساطة ووضوح
عندما تكون الرسالة المطلوب إبلاغها واضحة ولطيفة تصبح أكثر قبولا لدى المتلقي، لذلك ابدأ حديثك بطريقة لطيفة ولخص ما تريد قوله في نقاط أساسية حتى يسهل فهمه.
ماذا تفعل عندما يشكو موظف من الاحتراق الوظيفي؟
عندما يشكو الموظف من أعراض الاحتراق الوظيفي، فإن الإدارة يقع عليها عبء التعامل مع هذه الشكوى بطريقة مثمرة تعكس اهتمامها بالموظف، وذلك بعيدا عن العبارات النمطية مثل حثه على الراحة لبعض الوقت أو تحسين طريقته في إدارة الوقت. نقترح عليك فيما يلي 5 نصائح أوصت بها مستشارة القادة نويمي لو بيرتيل بمقالها في هارفارد بزنس ريفيو للتعامل مع هذا الموقف بأفضل طريقة:
1. خذ الشكوى على محمل الجد
لا تتسرع في الحكم على شكوى الموظف بأنها مبالغة أو إرهاق عام اعتيادي، وإنما خصص جلسة للحديث معه حول الشكوى بالتفصيل، بحيث يعبر خلالها عن أفكاره من دون مقاطعة، دون أن تفترض مسبقًا مشاعره أو أسباب شكواه، ثم انتظر لبضع ثوان قبل الرد عليه بحيث تفكر وتستوعب ما قاله جيدًا.
2. افهم جيدا ما يمر به
لكي تستطيع تشخيص حالته جيدًا: ما إذا كانت حالة مؤقتة أو شعور لحظي أو احتراق وظيفي حقيقي، اطرح عليه الأسئلة الثلاثة الآتية:
- هل تشعر أنك كفء في العمل؟ تقيس إجابته مدى قدرته على تحمل مسؤوليات وظيفته والعمل بفعالية، وبالتالي ما إذا كان يحتاج إلى تدريب أو توجيه لكي يعمل بكفاءة.
- هل تشعر أنك مرهق نفسيا أو تعاني من أعراض مرضية في جسدك؟ يجيب هذا السؤال عما إذا كان يشعر بمشاعر سلبية أو أعراض مرضية ملازمة للتوتر والأرق والقلق مثل الصداع، ففي بعض الأحيان قد يعمل الموظف بكفاءة بينما يكون في حالة صحية سيئة.
- هل تشعر بالسخرية أو بتدني اهتمامك تجاه زملائك أو العملاء؟ يصاب بعض الموظفون ممن اعتادوا أن يكونوا متحمسين لعملهم الهادف ومكرسين جهدهم له، بفقدان هذه المشاعر القوية عندما يصيبهم الاحتراق الوظيفي، فتتحول إلى شعور بالسخرية وفقدان للمعني لما يقومون به.
أثناء طرح الأسئلة قيد للموظف خيارات الإجابة بين ثلاثة خيارات: نادرا، أو أحيانا، أو غالبا، فإذا كانت إجاباته أحيانا فهو معرض لخطر الاحتراق الوظيفي، أما إذا كانت «غالبا» فيعني أنه مصاب به بالفعل.
3. حدد أسباب الإرهاق الجذرية
تحديد أسباب الاحتراق الوظيفي بدقة هو بداية العثور على علاج، لذلك اسأل الموظف عن أكثر ما يثير توتره، واقترح عليه إجابات إذا لم يعرف بدقة الإجابة، فمثلًا هل يعود ذلك إلى نقص الموظفين في المشروع الذي يعمل عليه وبالتالي يضطر للعمل لوقت متأخر وينام أقل من المعتاد؟ تساهم إجابته في فهم مسببات الاحتراق الوظيفي ما إذا كانت بسبب العمل ( قلة الموارد والوقت المتاحين مثلا) أم لأسباب شخصية (ضغوط مالية أو مسؤوليات أسرية).
4. ضع الحلول المناسبة
فكر في الحلول المناسبة لمعالجة المشكلة، بما في ذلك الحلول طويلة الأجل لتلافي تكرار الشكوى، واطلب رأي الموظف في الحلول الممكن تنفيذها، قد يقترح زيادة الموارد الخاصة بمشروع ما أو تأخير موعد التسليم أو الحصول على إجازة طويلة، إلا أن المشكلة قد تحتاج إلى حلول جوهرية على المدى الطويل، مثل العمل وفقًا لنظام العمل المرن، أو الانتقال إلى فريق أو مشروع آخر أو إعادة صياغة مسؤولياته الوظيفية.
قد لا تتاح لك الفرصة لحل جميع المشاكل الآن، إلا أنه من المفروض التفكير في جميع الحلول الفعالة وإن تأخر تنفيذها، تضرب (لو بيرتيل) مثالًا لذلك بأحد عملائها الذي شكى من معاناة أحد موظفيه من الاحتراق الوظيفي وشعوره بصداع مستمر وتأخره في تسليم المشاريع، وبعد أن تحدث المدير معه حول الموضوع أخبره الموظف بإصابته مؤخرًا بحالة عصبية، ساهم في تفاقمها بعض العوامل المحيطة في المكتب، مثل نوع الإضاءة ونقص تدفق الهواء.
توصل المدير إلى حل عاجل للشكوى وهو السماح للموظف بالعمل عن بعد، ما أدى إلى حدوث تحسن في حالته الصحية وارتفاع في مستوى جودة أدائه، لكنه في الوقت نفسه خطط لتنفيذ حل جذري على المدى الطويل يتضمن تغيير نوع الإضاءة وتحسين تدفق الهواء في المكتب، وبعد إجراء هذه التغييرات، استطاع الموظف العودة للعمل من المكتب وتلاشت المشكلة.
كيف يحمي الموظف نفسه من الاحتراق الوظيفي؟
لا يقع عبء النجاة من الاحتراق الوظيفي على الشركة فقط، بل يستطيع الموظف حماية نفسه من الإصابة بأعراضه قبل أن تتفاقم الأمور وتتدهور نفسيته وتتراجع إنتاجيته، إذ توجد علاقة قوية بين الاحتراق الوظيفي والرعاية الذاتية، لذلك كموظف احرص على ما يلي:
انتبه لمشاعرك الداخلية
الاحتراق الوظيفي لا ينفصل عن العاطفة، والعواطف هي أدلة قوية على ما هو مهم بالنسبة لنا، وبالتالي يمكن أن يساعدك الانتباه للمشاعر التي تظهر وعندما تظهر في إدارة الاستياء والإحباط وخيبة الأمل قبل أن تتحول إلى إرهاق.
اصنع لك اهتمامات خارج نطاق العمل
بما أن الاحتراق الوظيفي ظاهرة مرتبطة بالعمل، لذا في الاهتمام بالصحة والمشاعر في مجالات أخرى من الحياة تساهم دائمًا في شحن الطاقة والحيوية اللازمين في العمل، وبالتالي يمكن أن يساعدك القيام بأنشطة أخرى تجد نفسك فيها على تجاوز الأوقات المرهقة أو المحبطة التي واجهتها في العمل.
افصل حياتك المهنية عن الشخصية
حاول أن تضع وتلتزم بجدول عمل يسمح لك بالتعامل مع أولويات مهمة أخرى في حياتك الشخصية بطريقة تشعرك بالتوازن، ويمكنك أيضًا تجربة الحدود المادية مثل إغلاق مكتبك في نهاية اليوم أو حذف حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل من الأجهزة الشخصية.
كافئ نفسك
أحد المقاييس الرئيسية للاحتراق الوظيفي هو الشعور بعدم الفعالية، ومع ذلك يمكنك بناء كفاءتك في أي مجال من مجالات حياتك الأخرى، حيث يجعلك ذلك تشعر بأنك أكثر قدرة في العمل، حيث يمكنك إنهاء قراءة كتاب، أو مساعدة الآخرين، أو القيام بالأعمال المنزلية مثل تصليح الأدراج أو بناء كوخ لطفلك في الحديقة.
اعتن بصحتك الجسدية
إحدى مراحل الاحتراق الوظيفي هو عدم الاهتمام بالرعاية الذاتية، لذا تأكد من تخصيص الوقت لتلبية احتياجات جسمك الأساسية مثل تناول طعام صحي والإكثار من شرب الماء وأداء التمارين الرياضية وقضاء الوقت مع الآخرين وأخذ قسط كافٍ من النوم.
اطلب المساعدة
غالبًا ما يكون الوصول إلى حالة الاحتراق الوظيفي الكامل هو نتيجة أعباء العمل المطلوبة والأولويات المتضاربة، ولكن في كثير من الأحيان ينشأ من الاحتياجات غير المعلنة، لذا لا تتردد في طلب المساعدة من أفراد عائلتك أو أصدقائك أو زملاء العمل وحتى مديرك، حيث قد تجد داعمين ودعمًا غير متوقعين.
أخيرًا، كما تبين لا يتعلق الاحتراق الوظيفي بالموظفين فقط بل يشكل تحديًا معضلًا للإدارة فيستنزف الكفاءات ويترك فجوات في الأداء تكلف الشركة وقتا ومالا، نأمل بالتغطية التي قدمناها أن يساعدك هذا الدليل في وقاية مواردك البشرية من الإصابة به والاستعداد لمعالجته إذا حدث لا قدر الله.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك