2024
أكتوبر
29
آخر تحديث
مشكلات وحلول: كيف تعالج ثغرات الخطط التدريبية؟
في الماضي، حرصت المنشأت على تدريب الموظفين لكي تستثمر في كفاءاتها فتشجعهم على البقاء وعدم المغادرة وبالتالي توفر نفقات توظيف عمالة جديدة، أما الآن فإن الخطط التدريبية التقليدية لم تعد كافية، فالأجيال الجديدة من الموظفين سقف طموحاتها في ارتفاع مستمر وتضع لنفسها خططاً بديلة لتجعل خياراتها متنوعة نحو مستقبل وظيفي أفضل، لذلك أصبحت الشركات بحاجة إلى وضع خطط تدريبية قوية ومكتملة تحقق بنجاح الهدف المرجو منها لكل من الشركة والموظفين الطموحين على حد سواء.
إيماناً بأن التعلم من أخطاء الآخرين ليس علامة ضعف، بل دليلاً على التزام الشركة بالتحسين المستمر والنمو، نسلط الضوء في هذا المقال على أبرز الأخطاء التي تشوب الخطط التدريبية هذه الأيام فتجعل نتائجها مخيبة للتوقعات، مع الإشارة إلى كيفية حلها من أجل برامج تدريبية ثاقبة تعرف أهدافها جيداً.
1. ضبابية أهداف الخطة
الأهداف هي مكون رئيسي من أي خطة ناجحة، إذ تعمل بمنزلة خريطة طريق لتحديد مهارات الموظفين اللازمة لتحقيق هذه الأهداف في أثناء فترة تنفيذ الخطة، وبالتالي يؤدي غيابها إلى تشتت الجهود، في الوقت نفسه قد تكون أهداف الخطة واضحة للإدارة لكنها غامضة بالنسبة للموظفين، كأن تطلق الشركة تدريباً على أداة جديدة لإدارة المشاريع، دون أن توضح الغرض منها والفوائد المتوقعة، ما يؤدي إلى تجاهل الموظفين استخدام هذه الأداة، وبالتالي يفشل التدريب في التوافق مع مهام عملهم اليومي.
الحل
يتعين على الشركة أن تضع في حسبانها أهداف العمل الكبرى واسعة النطاق بحيث تجعل الموظفين جزءاً من تحسين أداء الشركة ككل، فمثلاً الاستثمار في التدريب على تقنية حديثة لن يكون ذا جدوى ما لم يتوافق مع إستراتيجية المنشأة على المدى البعيد، كما ينبغي إبلاغ الموظفين بهذه الأهداف بما يضمن وقوف الجميع على أرضية واحدة وبالتالي الاهتمام والتعاون في تنفيذ الخطة التدريبية.
2. تغليب الأكاديمي على العملي
يقول المثل الصيني «أسمع فأنسى، وأشاهد فاتذكر، وأمارس فأفهم»، إلا أن الخطط التدريبية قد تتغاضى عن ذلك وتمنح جل اهتمامها للمادة العلمية النظرية متجاهلة العنصر العملي، فيلقي المدرب المحاضرة، متوقعاً من المتدربين استيعابها سريعاً، في حين أن ضمان الاستيعاب الجيد لجميع الموظفين لا يكون إلا من خلال التطبيق والتجربة، خاصةً في ظل فترات الانتباه القصيرة التي يعاني منها الموظف المعاصر، فتكون النتيجة أن ينقطع الموظف عن إكمال الدورة التدريبية وبالتالي تفشل الخطة التدريبية في تحقيق أهدافها.
الحل
يجب مبدئياً أن تركز الخطط التدريبية على تقليص الجزء الأكاديمي أو النظري في المناهج الذي لا يتماشى مع الهدف النهائي للشركة، فالبراجماتية هنا هي فرض الوقت في تطوير الموظفين، كذلك ينبغي الاهتمام بمشاركة الموظفين في عملية التعلم، من خلال الاختبارات والمناقشات والتحديات والمحاكاة والأمثلة الواقعية، كما يجب تمكين الموظفين من ممارسة المادة التدريبية التي يتعلمونها في مهام عملهم اليومية، بحيث يكتسبون الخبرة العملية ويعرفون ما الذي اتقنوه وما الفجوات المعرفية التي لا تزال موجودة؛ ليتم سدها أثناء التدريب.
3. تجاهل احتياجات الموظفين
اقتناعاً من إدارة الموارد البشرية أنها تقف في موقع المسؤولية والخبرة بما ينبغي أن تتضمنه الخطط التدريبية، تركز جهدها على القائمة المعدة مسبقاً بالبرامج والدورات التدريبية، وتقع في فخ تجاهل احتياجات الموظفين وما يمرون به في عملهم يومياً، ما يجعل المعرفة المكتسبة من التدريب تتبخر سريعاً وحماس المتدربين يفتر، غافلة بذلك عن حقيقة هامة ألا وهي أن فعالية برامج التدريب تكمن في اتساقها مع احتياجات الموظفين ووضع عقليتهم في الحسبان بما يضمن وصول نتائج التعلم إلى أعلى مستوى ممكن.
الحل
لتدارك هذا الخطأ، يُوصَى باستطلاع رأي الموظفين حول المعارف التي يريدون اكتسابها والدورات التدريبية التي يرغبون في الانضمام لها، كما يتعين على إدارة الموارد البشرية أن تستبق الوقت وتضع في حسبانها أثناء التخطيط للتدريب؛ التطورات الجديدة في التقنيات والعمليات وطرق ممارسة الأعمال، فضلاً عن ذلك ينبغي التفكير في التدريب الذي يحقق أقصى استفادة من إمكانات الموظف وصقل مهاراته بغرض ترقيته لمنصب أعلى أو تنقله داخل الشركة.
4. نهج موحد للجميع
اتباع نهج موحد للجميع هو أحد الأخطاء الشائعة في الخطط التدريبية، لأنه يفشل في تلبية احتياجات وتفضيلات الموظفين المتنوعة، بل يجب أن تشمل البرامج التدريبية جميع الموظفين المستهدفين أيا كان نظام العمل (من المكتب أو المنزل)، وأيا كان نوع التدريب ونمط التعلم الذي يفضلونه. على سبيل المثال لن يستفيد الموظف الذي يعمل عن بعد من سيمينار، ولن يستوعب الموظف الذي يحب التعلم من خلال ورش العمل والتعلم القائم على الأقران من دورة إلكترونية.
الحل
ضع نفسك مكان الموظف المتدرب، قد تواجهه مشكلات في التدريب تختلف عن عقليتك وتجاربك، لذلك ذلل له كل العقبات، فمثلاً امنحه الفرصة لاختيار المحتوى التدريبي الذي يفضله والذي يتوافق مع تطوير مهاراته الوظيفية، وإذا استخدمت تطبيقاً تعليمياً تأكد من أن جميع الموظفين يعرفون طريقة استخدامه قبل بدء التدريب، أما إذا كان السواد الأعظم من قواك العاملة شابة أو بعضها يعمل عن بعد، فالدورات التدريبية التي يمكن متابعتها من الجوال هي الخيار الأمثل.
5. غياب التقييم والمتابعة
لن يكون التدريب ممتازاً على الدوام لكن حتى وإن كان كذلك (وهو ما نرجوه)، فقياس تأثيره لا يكون بالملاحظة فقط، بل بمنهجية متكاملة تعتمد على معلومات موثقة وتخرج بتوصيات وتحسينات، لذلك فإن خلو الخطة من عنصر التقييم والمتابعة، يعيق تحسين التدريبات مستقبلاً ولا يعطي تقديراً دقيقاً لمدى نجاح الخطة في تحقيق الأهداف التي وضعت لأجلها.
الحل
لا يعني التقييم والمتابعة قياس مدى إتمام الدورة التدريبية والتأكد من إكمال الموظف للدورة حتى نهايتها فقط، بل يعني أيضاً وضع مقاييس كميّة ونوعية في الخطة تختبر أداء الموظف في مجال معين ذي صلة قبل التدريب وبعده، وتجمع تعليقات المشرفين بالإضافة إلى قياس مدى تحقق الأهداف التجارية الكبرى، فمثلاً إذا أجرت الشركة تدريباً على القيادة، يجب رصد التطبيق الفعلي لمهارات القيادة في مكان العمل.
كذلك ينبغي إفساح الفرصة للمتدربين لإبداء آرائهم في التدريب والاعتماد على استطلاعات الرأي بعد التدريب لقياس النجاح، كما ينبغي متابعة التدريب بدعم مستمر للوقاية من تدهور المعرفة، مثل الدورات التنشيطية عند الحاجة وبرامج الإرشاد الوظيفي، بالإضافة إلى المصادر التعليمية التي يمكن الاطلاع عليها بسهولة.
أخيراً، يمثل الموظفون رأس المال الأكثر قيمة للشركة، وفي ظل تنافس الشركات على الاحتفاظ بكفاءاتها، أصبح من المهم مساعدتهم على التركيز على النمو المهني بتوفير فرص التعلم المستمر، وذلك عبر خطط تدريبية فعالة وناجعة تعظم عائد الاستثمار في التطوير والتعليم.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك