مع الآثار التي ما نزال نعيشها بعد الأزمة الصحية الأخيرة، اكتسبنا الكثير من الخبرات التي تسمح لنا أخيرًا بتسليط الضوء على أكبر تحديات الموارد البشرية التي تواجهنا اليوم وكيفية تخطيها. العمل من المنزل، التباعد الاجتماعي، ازدياد الضغوط النفسية والقلق بسبب الوباء وآثاره الاقتصادية؛ كلها آثار تضيف تحديات جديدة للموارد البشرية اليوم. في هذه المقالة نساعدك على فك غموض أكبر أربعة تحديات تواجه الموارد البشرية اليوم ومعرفة ما يمكنك فعله لتجاوزها بنجاح في شركتك.
4 تحديات رئيسية تواجه الموارد البشرية وكيفية التغلب عليها في المنشآت
1. الثقافة والعلاقات المهنية
في واقعنا الحالي أصبح "التغير" و"الغير مألوف" هو الثابت. في ظل تلك التغيرات، تزداد صعوبة بناء الثقافة والاعتناء بها. فكيف تعزز ثقافة تفاعلية وعلاقات اجتماعية في ظل التباعد الاجتماعي؟
ما هي أسوء الاحتمالات؟
- أضرّ التحول إلى العمل عن بعد بثقافة شركتك
- يعمل كل موظف بمعزل عن الآخر، والجميع بمعزل عن الشركة
- تدني كفاءة التواصل ومستويات الثقة بين الموظفين ومدرائهم لأدنى درجاته على الإطلاق
أين تجد طرف الخيط لحل أول تحدي من تحديات الموارد البشرية؟
ستجد صعوبة في قياس سلامة ثقافة الشركة والعلاقات بين الفريق في واقعنا الجديد، حيث تتغير معالم الثقافة ومعها صور التواصل وأشكال العلاقات في الشركة. ولكن، يمكنك الإجابة عن الأسئلة التالية لتقفي الآثار وقياس وضعك الحالي بواقعية:
- هل هدأ الموظفون فجأة على غير المعتاد؟ هل صرت تتحدث معهم بصورة أقل عن السابق؟
- كيف حال التواصل بينك وبين الفرق والموظفين؟ هل تتدهور حالته وتصبح الرسائل أكثر إلتباسًا حتى لا تكاد تصل لوجهتها محتفظةً بمعناها الأصلي؟
- ماذا عن عمليات التواصل بين الفرق؟ هل تتواصل الفرق بشكل فعّال أم كل يعمل في صومعة منعزلة عن الآخر؟
ما الإجراءات التي يمكنك اتخاذها للحد من هذا التحدي؟
الحفاظ على ثقافة قوية أحد أصعب تحديات الموارد البشرية في أفضل الأوقات. ولكن العام الأصعب قد ولّى، ويجب أن نكون تعلمنا لعامنا الحالي والأعوام القادمة. وفيما يخص هذا ننصحك بأن تراجع مبادرات تقدير الموظفين وكذلك نظام إدارة الآداء في شركتك. تحقق تلك البرامج نتائج كبيرة إذا نُفذت بإحسان. وكذلك فهي توفر الإطار العام الذي يسهل عمليات التواصل على مستويات عدة أخرى:
- تشجع برامج تقدير الموظفين عبر جميع مستويات وفروع الشركة الموظفين على العمل والتعاون كما تعزز من تفاعلهم مع الشركة. من المهم أن تكون هذه المبادرات واضحة المعالم والسياسات وتهدف لإيصال رسالة واضحة مغزاها أن الشركة تقدّر جهود وإنجازات موظفيها. تفقد العديد من إجراءات إظهار التقدير للموظفين لتساعدك في تصميم خططك الخاصة
- تعزز برامج إدارة الأداء الترابط والابتكار وتساعد الموظفين على التطور. حيث يتحقق ذلك من خلال الاجتماع الدوري معهم وبخاصةً الاجتماعات الفردية (واحد إلى واحد one-to-one). بالإضافة إلى التقييم، النصح والإرشاد الوظيفي وإبداء الرأي والملاحظات على مستويات مختلفة وجوانب عدة من مهامهم يساعدهم على النمو والشعور بالقيمة التي تضيفها الوظيفة لحياتهم المهنية والشخصية
2. الإنتاجية واتساق الجهود
اضطرّت أزمة كورونا الأخيرة الكثير من الشركات لتقليل العمالة، ومع انخفاض العمالة أصبحت الإنتاجية أهم من أي وقت مضى خاصةً مع العمل عن بُعد. بل إن تحقيق إنتاجية عالية لا تكفي بدون التأكد من اتساق الجهود والمشاريع المختلفة للموظفين مع أهداف الشركة التجارية ومساعيها. يجب أن يعمل الجميع بجد وفي إتجاه صحيح.
ما هي أسوأ الاحتمالات؟
- عدم وضوح الربط بين أعمال الفرق ومهامها وبين الأهداف الاستراتيجية للشركة بالنسبة للفريق (أو حتى عدم معرفتهم بهذه الأهداف ابتداءً)
- التضارب في الأولويات والتوجهات بين الفرق المختلفة
- تدهور مقاييس الآداء ومعدلات الإنتاجية بالإضافة إلى قلة المساءلة والمحاسبة
أين تجد طرف الخيط في مواجهة هذا التحدي؟
يعد العمل عن بعد تحد من تحديات الموارد البشرية وفرصة في آن. حيث تتضخم الضغوط الإقتصادية والنفسية وتتباين بيئات العمل لكل موظف بالإضافة إلى صعوبة الفصل بين الحياة الشخصية والمهنية من جهة التحديات. بينما يمثل الواقع الجديد فرصة لتغذية استقلالية الفريق، توفير الوقت والمال والطاقة، التوجه للعمل المرن والتركيز على الأشياء المهمة في المنشآت السعودية اليوم. لتحقيق هذا الانتقال بنجاح، اسأل:
- أين يعمل موظفوك وما التحديات التي تواجههم؟ فالبعض يعمل من المنزل مع عائلته، والبعض مع زوجته وأولاده، والبعض يفضل العمل من المقهى… معرفتك بتلك السياقات ستمكنك من فهم التحديات التي يمكن أن تواجههم وكيفية تدخلك لمساعدتهم على تخطيها
- ما هي عمليات وطرق المحاسبة والمساءلة التي تتبناها شركتك؟ يجب إيضاح المهام ومقاييس جودة المخرجات المطلوبة بشدة وكذلك وضوح مواعيد التسليم، المكافآت، وعواقب الإخفاق
- هل يحدد فريقك الأهداف الاستراتيجية ثم يتجاهلها حتى نهاية ربع العام؟ هل الأهداف المحددة على المستوى التنفيذي غير معروفة لبقية الشركة؟
- هل للفرق أولويات منفصلة ومنقطعة الروابط؟ وهل يعرف كل منهم الأهداف الأهم في الوقت الحالي؟
الإجراءات التي يمكنك اتخاذها لتخطي هذا التحدي
وائم بين الأهداف، وضّح الأولويات، وكسّر جدران الصوامع التي تنعزل بداخلها الفرق بعضها عن البعض. مفتاحك هو تحديد الأهداف والنتائج الرئيسية - Objectives and Key Results أو أي إطار عمل آخر تستخدمه في وضع الأهداف والتأكد من اتساقها. حيث يوفر هرم الأهداف المترابطة حجر الأساس لإدارة موارد بشرية فعالة وتعزيز ثقافة من الإنتاجية والآداء المرتفع.
إليك كيف يساعد برنامج إدارة الأهداف والآداء على تحقيق التوافق ورفع الإنتاجية:
- استخدم برنامج إدارة الأهداف والنتائج الرئيسية (OKRs) الذي استخدمه المستثمر جون دوار في جوجل وذكره في كتابه "قِس الأشياء المهمة - Measure What Matters" أو برنامج الأهداف الذكية (سمارت-SMART) أو حتى مزيجًا من الاثنين! معًا، فإن الأهداف تُوَفِّق بين جهود الفرق وتضمن سير عمل الجميع في اتجاه تحقيق الأهداف الاستراتيجية (الكبيرة) للشركة.
- حفِّز السلوكيات الصحيحة. تضمن الأهداف تركيز موظفيك على الأهداف المهمة لشركتك، بينما تضمن برامج الحوافز المالية والمعنوية استمرار وتكاثر السلوكيات التي تحقق النجاح في تحقيق تلك الأهداف على أكمل وجه! شجّع تلك السلوكيات مثل إظهار المبادرة، الاستقلالية في اتخاذ القرارات، وسرعة التصرف بحكمة، هذه السلوكيات بالغة القيمة وتستحق المكافأة والتشجيع.
- أظهِر التأثير والقيمة من العمل، لا أحد يحب أن يعمل بدون أن يرى ثمرة جهده. اكتساب الفريق لرؤية ولو بعيدة المدى أو بطيئة الخُطى لآثار مجهوداتهم على أهداف الشركة ومؤشرات نجاحها أمر في غاية الأهمية وهو محفز رئيسي للموظفين اليوم طبقًا لكتاب "الدافع - الحقيقة الصادمة لما يحفزنا"رؤية حول كيفية تأثير عملهم على نجاح فريقك والشركة - وهو محفز رئيسي للموظفين.
3. تطوير كفاءة المديرين
يلعب مدراء الأقسام والفرق دورًا حاسمًا في إبقاء قطار التقدم على مساره ولا يمكنهم فعل ذلك بمفردهم. بصفتك قائد للشركة أو للموارد البشرية يجب أن تدعم مدراء الأقسام والفرق وتزودهم بالأدوات التي تمكنهم من إدارة فرَق عالية الكفاءة والتفاعل بغض النظر عن مكان أو كيفية عمل هذه الفرق.
ما هي أسوأ الاحتمالات؟
- أجرِيت استبيانات للرضا الوظيفي والنتائج غير مبشرة
- يحجم الموظفون عن المشاركة والمبادرة ويكتفون برد الفعل ومواكبة التغيرات
- يشعر الموظفون بمحدودية فرص نموهم في الشركة أو لا يؤمنون بوجودها أصلًا
أين تجد طرف الخيط؟
يؤثر سوء الإدارة بشكل كبير على ثقافة الشركة، تفاعل الفريق، وسمعة الشركة في السوق العمل وسوق بيع المنتجات. اسأل نفسك لحل هذا التحدي من تحديات الموارد البشرية:
- هل ترى نقصًا في التعاون أو انخفاض الأداء ضمن فرق محددة؟ لماذا تلك الفرق بالتحديد؟ ما العوامل المشتركة بينها؟
- هل تنقص مبادرات الموظفين التطوعية لاقتراح التحسينات؟
- هل يشتكي الموظفين من ثقافة سامة أو غير صحية؟ هل تشعر أنت بسعادتك كجزء من فريق الشركة يتأثر بثقافة العمل؟
الإجراءات التي يمكنك اتخاذها
مدراء الأقسام والفرق هم الرابط الأساسي بين موظفيك ومعدلات تفاعلهم في الشركة ورضاهم عن تجربة العمل. ويصنع القادة الأكفّاء الفارق في مدى نجاح شركتك خاصةً في أوقات التغيير والتغيُّر المستمر.
استخدم هذه النصائح لمساعدة المديرين على النجاح:
- أعط الأولوية للتعاملات الفردية (شخص-إلى-شخص).حيث تخلق تلك المحادثات المتسقة والنقدية الثقة وتعزيز تفتُّح الذهن اللازمين لمشاركة أكبر وإنتاجية أعلى
- درّب مدرائك على فهم ومحاكاة قيم الشركة وكُن قدوة لهم. حيث يحقق المدراء القادرون على إيضاح توقعاتهم من مرؤوسيهم بشكل سليم ويشجعونهم بالأدوات المناسبة نجاحات أعلى ومخرجات أكثر ابتكارًا وجودة
- جهِز المدراء بأدوات العلامة التجارية. المدراء الأكفّاء هم حماة لثقافة الشركة وسفراء لعلامتها التجارية في الداخل والخارج. يرجع ذلك لفهمهم العميق لاستراتيجية العلامة التجارية للشركة وكذلك توجهاتها التنافسية في السوق
4. الاحتفاظ بالمواهب
تبغض الشركات الناجحة اللحظة التي يقرر بها موظف موهوب الاستقالة من عمله طواعيةً. ذلك لأنها تتكلف مبالغ طائلة للبحث عن آخر، دمجه بالوظيفة وثقافة الشركة وتدريبه على العمل. ويزداد الأمر صعوبة في ظل أزمة كورونا، حيث ترتفع تكلفة تدريب الموظفين ودمجهم في ثقافة الشركة في ظل العمل عن بعد. حان الوقت للتركيز على كيفية جذب المواهب إلى شركتك (وكيفية الحفاظ على المواهب الموجودة بالفعل).
أسوأ الاحتمالات
- سوق العمل لا يمكن التنبؤ إطلاقًا بتنبؤاته وتحتدم فيه المنافسة على المواهب.
- الشركة قلقة بشأن فقدان أفضل المواهب لديها.
- لن تستطيع الشركة تحمل خسارة الكفاءات ولا تملك رفاهية دفع تكاليف استبدالهم وخسارة الوقت، خاصة في الوقت الحالي.
أين تجد طرف الخيط لحل التحدي الأهم من تحديات الموارد البشرية؟
بخصوص الاحتفاظ بالموظفين، فالتحدي يبقى قائمًا سواءً في العمل عن بعد أو من مكان العمل. على الرغم من أن 90% تقريبا من جيل الألفية يفضلون البقاء في الشركة لتطوير مهاراتهم والحصول على الترقيات، إلا أنهم سيغادرون الشركة إذا لم يشعروا بالتقدير الكافي لمواهبهم وأعمالهم. ويسوء الوضع للشركات التي لن تستطيع تطوير عملياتها وأنظمة إدارتها للموارد البشرية للعمل عن بعد. استكشف الأسئلة التالية لتقودك لما عليك فعله:
- هل تعاني من معدل مرتفع للاستقالات التطوعية؟
- هل تحتوي الشركة على العديد من الوظائف الشاغرة التي يصعب شغلها؟
- هل تستقبل نقد سئ وحاد باستمرار عن الشركة؟ كيف تصنف قيادة شركتك وثقافتها في سوق العمل؟
الإجراءات التي يمكنك اتخاذها
قدم تجربة موظف استثنائية لتحافظ على المواهب عالية الآداء والكفاءة. بالإضافة إلى منافسة شركتك على صدارة الشركات الأكثر اقبالًا من قبل أفضل المواهب الموجودة في السوق. لكي تحقق ذلك، استثمر في موظفيك، طور من امكانياتهم ووفر لهم الأدوات المناسبة للإنجاز والتعلم واهتم ببناء ثقافة عمل صحية ومنتجة. تذكر أن "الثقافة بالنسبة للتوظيف، كالمنتج بالنسبة للتسويق".
- اهتم بأولويات إدارة الموارد البشرية الفعالة، على الأرجح سيفضل الموظفون البقاء في الشركة عندها.
- وظّف الكفاءات المناسبة. ربما يعني ذلك البحث عن المواهب الصاعدة التي تطمح للمزيد من التعلم أو الشغوفين بالعمل ضمن فرق صغيرة تحقق نجاحات كبيرة! المهم، أن تعتني باختيار الموظف المناسب لثقافة شركتك ومميزاتها.
- استثمر في برنامج لأتمتة شؤون ورواتب الموظفين، وتوفير الخدمة الذاتية لتوفير وقت الموارد البشرية من جهة وتحسين تجربة الموظف من جهة أخرى. نظام جسر يسمح لك بذلك وأكثر.
- اهتم بمقابلات الاستقالة (Exit Interviews) التي تجريها الموارد البشرية للموظفين في نهاية خدمتهم بالشركة. عادةً، يظهر الموظفين صراحةً كبيرة وتفاعلًأ واضحًا في بيان أسباب مغادرتهم للشركة. الأمر الذي يساعدك على معرفة أماكن الخلل والعمل على تحسينها.
- اطلع على محتوى ندوة "الاستقالة الصامتة" لمستشار الموارد البشرية/ أ. نايف عمر العوبثاني.
في النهاية، تذكر أن "تُدرِّب موظفيك بالقدر الذي يمكنهم من المغادرة، وأحسن إليهم بالقدر الذي لا يضطرهم لذلك" - ريتشارد برانسون. كانت هذه إحدى المقولات ضمن 7 اقتباسات ملهمة لمديري الموارد البشرية.
يمكن أن تخلق البيئة المعقدة والمتغيرة باستمرار شعورًا بالقلق والإجهاد. حيث تعتقد (بصفتك متخصصًا في الموارد البشرية) أنه يجب عليك أن تكون خبيرًا في كل شيء. بالطبع ذلك أمر غير صحيح. تحتاج فقط للعديد من الأدوات والأفكار التي يمكنك توظيفها بخبرتك ومهارتك بما يناسب شركتك ومواردها البشرية. سعِدنا بتجهيز هذا الدليل لتحديات الموارد البشرية. لا تدع انشغالك بالمهام الإدارية يمنعك من المهام الاستراتيجية التي تحتاجها شركتك بشدة. عوضًا عن ذلك، احصل على نسخة تجريبية من نظام جسر لأتمتة الموارد البشرية واسمح لنا بتوفير 60% من وقتك لتستثمره في استراتيجية الموارد البشرية الأكثر منطقية بالنسبة لوضع شركتك الراهن.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك