2024
سبتمبر
12
آخر تحديث
الغياب في فترة التجربة: كيف تتصرف إزاء هذا الفعل؟
تُعد فترة التجربة الفرصة الأولى التي يُظهر فيها الموظف مدى التزامه وجديته في العمل، والفترة التي يقيّم فيها صاحب العمل ملائمة العامل للمنصب وكفاءته وتوافر المهارات المطلوبة فيه، لذا فإن التزام الموظف بالحضور والتواصل الجيد مع الإدارة وفهم السياسات القانونية والتنظيمية في المنشأة سيساعده على تجاوز هذه المرحلة بنجاح والوصول إلى علاقة عمل مستقرة ومثمرة، فما هي ضوابط فترة التجربة في نظام العمل السعودي؟ وما هي أحكام الغياب والإجازات فيها؟
ستقرأ في السطور التالية:
- ما هي فترة التجربة؟
- أهمية فترة التجربة في عقد العمل
- ضوابط فترة التجربة في نظام العمل السعودي
- الغياب في فترة التجربة
- هل يستحق الموظف إجازة خلال فترة التجربة؟
- هل يمكن للعامل الغياب خلال فترة التجربة؟
- هل يحق للشركة رفض الاستقالة في فترة التجربة؟
ما هي فترة التجربة؟
فترة التجربة هي المرحلة الأولى في عقد العمل الجديد، إذ يتم خلالها اختبار مدى ملاءمة الموظف للوظيفة التي شغلها حديثًا، وتوافقه مع بيئة العمل وثقافة الشركة، إضافة إلى تدريبه على القيام بالمهام المطلوبة منه. وتُمكن هذه الفترة طرفي العقد من فهم الاحتياجات والتوقعات، وتقدير قدرة كل منهما على الاستمرار في عقد العمل أو إنهائه دون عواقب قانونية.
أهمية فترة التجربة في عقد العمل
تهدف فترة التجربة إلى حماية حقوق طرفي العقد، وتقليل المخاطر المحتملة قبل الالتزام النهائي بالعقد، وتبرز أهميتها في النقاط التالية:
- التأكد من قدرة الموظف على القيام بمهام العمل: الهدف الأساسي من فترة التجربة هو التأكد من أن الموظف الجديد يتمتع بالمهارات والصفات المطلوبة لأداء العمل بنجاح والتي قد لا تكون واضحة تمامًا من خلال المقابلات الشخصية فقط، إضافة لتقييم مدى كفاءة المتعاقد على أداء المهام المنوطة به.
- قياس ملاءمة بيئة العمل للموظف: تمنح فترة التجربة الموظف الفرصة لاختبار بيئة العمل ومدى انسجامها مع توقعاته الشخصية والمهنية، وتعطي صاحب العمل صورة عن توافق العامل مع ثقافة العمل والقيم التنظيمية، ما يساعد في اتخاذ قرار الاستمرار في الوظيفة أو العدول عنها.
- تهيئة الموظف للعمل: تعد فترة التجربة الوقت المثالي لدمج الموظف الجديد في بيئة العمل، وتعليمه الأدوات والمهارات اللازمة لأداء مهامه بكفاءة، وتعريفه على سياسات الشركة وأدوات العمل وطبيعة العلاقات الزملاء، واختبار تحسنه التدريجي وانخراطه في الوظيفة الموكلة إليه.
- تخفيض التكاليف: تساعد فترة الاختبار على تقليل المخاطر المالية للشركة عند توظيف موظفين جدد، فإذا تبين أن الموظف غير مناسب للوظيفة، يمكن للشركة إنهاء العقد دون الحاجة إلى دفع تعويضات مالية، ما يقلل من التكاليف المرتبطة بتوظيف موظفين غير مناسبين. لذلك نستطيع أن نقول إن فترة التجربة ليست مادة إلزامية يجب إدراجها في كل عقود التوظيف وإنما باتفاق الطرفين لأنها مادة اختيارية ومتى ما تم إضافتها في عقد التوظيف وجب الالتزام ببنودها.
- تقليل الالتزامات القانونية: توفير المرونة لصاحب العمل والموظف في إنهاء التعاقد خلال هذه الفترة دون الحاجة إلى تقديم إشعار مسبق أو تحمل أي تبعات قانونية جرّاء هذا الانسحاب.
ضوابط فترة التجربة في نظام العمل السعودي
تناولت المادتان 53 و54 من نظام العمل السعودي تنظيم فترة التجربة في عقد العمل، لضمان حقوق كل من العامل وصاحب المنشأة، ويمكن اختصار هذه الضوابط في النقاط التالية:
- النص الصريح على فترة التجربة: يجب أن يُذكر في عقد العمل صراحةً ما إذا كان العامل سيخضع لفترة التجربة أم لا، فلا يجوز أن تكون فترة التجربة ضمنية أو شفهية تُفهم من الصياغة العامة للعقد، ويُفضل أن تفرد مادة خاصة في العقد توضح بصورة واضحة لا لبس فيها وجود فترة زمنية محددة للتجربة.
- تحديد مدة التجربة: يحدد عقد العمل مدة فترة التجربة على ألّا تزيد عن مائة وثمانين يومًا في أي حال من الأحوال، فلصاحب العمل وضع مدة التجربة التي تناسب طبيعة العمل وتنوع المهام المنوطة بالوظيفة على ألا تتجاوز المدة المحددة سابقًا وأن تكون واضحة ومكتوبة صراحة في العقد، وسابقًا قبل التعديل الأخير لنظام العمل في المملكة كانت مدة التجربة تقسم إلى قسمين، المدة الأصلية التي لا تزيد عن تسعين يومًا، ومدة إضافية يمكن تمديدها بعد أخذ الموافقة الخطية للعامل على ألا تتجاوز كامل المدة مائة وثمانين يومًا.
- حق الإنهاء خلال فترة الاختبار: يحق لكلا طرفي العقد (العامل وصاحب العمل) إنهاء العقد خلال فترة التجربة، في حين كان النص القديم للمادة 53 من نظام العمل قبل التعديل يجيز أيضًا للطرفين الانسحاب من التعاقد خلال فترة التجربة ما لم ينص العقد على إعطاء الحق لأحدهما دون الآخر، ولا يُلزم طرفا العقد بفترة إشعار محددة قبل الإنهاء، بموجب المادة 80 من قانون العمل.
- عدم التكرار: تنص المادة 54 صراحة على أنه لا يجوز تكرار فترة التجربة أكثر من مرة واحدة لدى صاحب عمل واحد، لكن يمكن على سبيل الاستثناء إخضاع العامل لفترة تجربة جديدة لدى صاحب العمل نفسه بشرط أن تكون في مهنة أخرى أو عمل مختلف عن الوظيفة التي سبق اختباره بها، أو أن يكون قد مضى على انتهاء العلاقة العقدية بين صاحب المنشأة والموظف مدة لا تقل عن ستة أشهر.
- عدم استحقاق التعويض عن إنهاء العقد: يستحق العامل راتب العمل خلال فترة التجربة وفق ما نص عليه عقد العمل مع كافة التعويضات والبدلات المضافة عليه إضافة للتأمين الطبي والتسجيل في التأمينات الاجتماعية، لكن هذا الإنهاء سواء تم من طرف صاحب العمل أو الموظف لا يصاحبه الحق للعامل في التعويض عن انتهاء العلاقة العقدية، ولا يستحق مكافأة نهاية الخدمة عن المدة التي عمل فيها لدى صاحب العمل، ويلتزم أيضًا صاحب العمل بالمادة 64 من نظام العمل التي تنص على حق العامل في الحصول بناءً على طلبه على شهادة خدمة، إضافة إلى استعادة ما أودعه لدى صاحب العمل من شهادات أو وثائق.
الغياب في فترة التجربة
يخضع العامل في فترة التجربة إلى أحكام نظام العمل، ولم يذكر قانون العمل السعودي نصًا خاصًا يتعلق بالغياب في فترة التجربة، لكنه نص في تعديل المادة 53 منه على أن اللائحة التنظيمية الخاصة بتعديلات نظام العمل تحدد الإجازات التي لا تدخل في حساب المدة، في حين كانت المادة ذاتها (قبل التعديل) قد عددت هذه الإجازات بإجازتي عيد الفطر والأضحى، والإجازات المرضية، ومن نص المادة يتضح أنه يمكن للعامل في فترة التجربة الحصول على الإجازات المقررة في نظام العمل على أن يُحدد بموجب القانون الإجازات التي لاتُحتسب من مدة فترة التجربة.
هل يستحق الموظف إجازة خلال فترة التجربة؟
نعم، إذ إن فترة التجربة هي جزء من عقد العمل الذي يستمر ليصبح ثابتًا بعد انتهاء التجربة، لذا يحق للموظف الحصول على الإجازات خلال فترة التجربة وفق ما ينص عليه نظام العمل وتبعًا لأنظمة الشركة وعقد العمل المبرم، إلا أن الشركات قد تكون أكثر تحفظًا في منح الإجازات خلال فترة التجربة، نظرًا لأن هذه الفترة مخصصة لتقييم الموظف.
وكما ذكرنا سابقًا لا تدخل الإجازات التي تحددها اللائحة التنظيمية لتعديلات نظام العمل في حساب فترة التجربة، فالنص القديم قبل التعديل كان يحددها حصرًا بإجازات أعياد الأضحى والفطر، والإجازات المرضية التي يستحقها العامل وفق المادة 117 من نظام العمل، والتي تعطي الحق للعامل الذي يثبت مرضه بإجازة مرضية بكامل الأجر عن الثلاثين يومًا الأولى، وبثلاثة أرباع الأجر عن الستين يومًا التالية، ودون أجر للثلاثين يومًا التي تلي ذلك خلال السنة التي تبدأ من تاريخ أول إجازة مرضية.
أما الإجازة السنوية مدفوعة الأجر فالأصل وفق المادة 109 أن يحصل الموظف على 21 يومًا إذا كانت خدمته خمس سنوات وثلاثين يومًا للخدمة الأطول، ويحدد صاحب العمل مواعيد إعطاء الإجازات والاستفادة منها وفق مقتضيات العمل، بشرط أن يمضي الموظف بالخدمة لدى صاحب العمل المدة التي تمنحه الحق في تلك الإجازة، لذا فإن الموظفين في فترة التجربة لن يحق لهم الحصول على إجازة سنوية مدفوعة الأجر حتى انتهاء فترة التجربة والتأكيد على توظيفهم بصورة دائمة.
ووفقًا لقانون العمل في المادة 116 منه يحق للعامل بعد موافقة صاحب العمل الحصول على إجازة بدون أجر يحدد الطرفان مدتها، ويُعد عقد العمل موقوفًا خلالها، لذا فإن موافقة صاحب العمل على إجازة بدون أجر للعامل خلال فترة التجربة تعني حكمًا أن فترة التجربة تتوقف في أثناء الإجازة غير المأجورة، ولا تدخل الإجازة في حساب عقد العمل أو فترة التجربة ضمنه.
ولا يحق للموظف في فترة التجربة الحصول على إجازة الحج لأن طلبها أصولًا وفق القانون يُشترط فيه إتمام العامل سنتين متصلتين في العمل لدى صاحب العمل.
هل يمكن للعامل الغياب خلال فترة التجربة؟
ينص نظام العمل السعودي على إجراءات صارمة تهدف إلى الحفاظ على انضباط العمل إذا ما تغيب الموظف دون عذر مشروع، وفي فترة التجربة يحق لصاحب العمل إنهاء العلاقة التعاقدية فورًا بدون إشعار مسبق أو تعويض متى ما رأى المصلحة في ذلك، أو إذا رأى عدم انضباط الموظف وغيابه المتكرر دون سبب مقبول، لذا على الموظف تقديم المبررات المناسبة إذا ما اضطر للتغيب عن العمل، وعليه أن يكون حذرًا إذا ما تجاوز الغياب المدد المسموح بها بدون عذر مشروع، ولا تدخل أيام الغياب في حساب مدة التجربة.
وبصورة عامة ووفقًا للمادة 80 من نظام العمل يمكن لصاحب العمل فسخ العقد إذا تغيب العامل دون سبب أكثر من ثلاثين يومًا خلال السنة العقدية الواحدة أو أكثر من خمسة عشر يومًا متتالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرين يومًا في الحالة الأولى وانقطاعه عشرة أيام في الحالة الثانية.
هل يحق للشركة رفض الاستقالة في فترة التجربة؟
الأصل أن لطرفي العقد الحق في إنهاء عقد العمل خلال فترة التجربة دون إشعار مسبق أو تعويض، ولا يتطلب هذا الإنهاء أسبابًا خاصة، لذا فإن نصوص الاستقالة وأحكامها لا تطبق في معرض إنهاء العلاقة العقدية بين طرفي العمل خلال فترة التجربة، ولا يحق للإدارة رفض الاستقالة لأن الانسحاب من العمل في فترة التجربة يتم بإنهاء صاحب العمل للعقد، أو ترك العامل للعمل خلال فترة الاختبار، ويُبلّغ الطرف الراغب بإنهاء العقد الطرف الآخر بترك العمل دون التقيد بمدة زمنية سابقة للإشعار.
ختامًا فإن الغياب خلال فترة التجربة من المواضيع التي تحتاج إلى التعامل معها بحذر ومسؤولية سواء من الموظف أو صاحب العمل على حد سواء، لما لها من أثر كبير على التقييم النهائي للموظف، وبيان جديته في الالتزام بعمله وأداء مهامه بصدق ومثابرة، وبالنتيجة قبوله موظفًا دائمًا للعمل في الشركة واستمرار تعاقده معها.
أيهم يوسف جزان
محامي وحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال، متخصص في الإدارة والموارد البشرية والقوانين العمالية. كاتب محتوى بخبرة تمتد لسنوات، أساهم مع جسر في تقديم موضوعات متخصصة تهدف إلى تعزيز كفاءة الموارد البشرية وتمكين المؤسسات من تحقيق أهدافها الإستراتيجية بفعالية.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك