تعد فترة التجربة واحدة من أكثر المراحل حساسية في الحياة المهنية، إذ تمثل تحدياً مشتركاً لكل من الموظف والإدارة، فيواجه الموظف خلالها ضغط إثبات كفاءته والاندماج سريعاً في بيئة جديدة، ما قد يثير قلقه وخوفه من الإخفاق. وفي الوقت نفسه، تقف الإدارة أمام مسؤولية تقييم الأداء بدقة وتحديد ما إذا كان الموظف يمتلك القدرات المطلوبة لتحقيق أهداف الشركة ومهام عمله. ونستعرض في هذا المقال ماهية فترة التجربة وأهميتها، ونوضح القواعد التي تنظمها في نظام العمل السعودي، كما نناقش معاً أسباب الفشل في هذه المرحلة وكيفية اجتيازها وإدارتها بنجاح.
جدول المحتويات:
- ما هي فترة التجربة؟
- أهمية فترة التجربة
- القواعد الناظمة لفترة التجربة في نظام العمل السعودي
- الفشل في فترة التجربة
- كيف يمكنك تجاوز فترة التجربة بنجاح؟
- نصائح لإدارة فترة التجربة
ما هي فترة التجربة؟
فترة التجربة هي مدة محددة يتفق عليها العامل وصاحب العمل في بداية العلاقة التعاقدية لإتاحة الفرصة لكل طرف اختبار مدى ملاءمته لطبيعة ثقافة وبيئة العمل، فتقيم الإدارة مهارات العامل بناءً على أدائه وقدرته على تلبية متطلبات العمل، ويقرر الموظف إمكانية استمراره في المهام المنوطة به، ويتمتع الطرفان خلال هذه الفترة بحقوق خاصة تتعلق ببقاء العقد مؤقتاً إلى أن يتم اعتماده من الطرفين أو إنهاء عقد العمل دون تعويض.
أهمية فترة التجربة
تمثل فترة التجربة مرحلة محورية في العلاقة التعاقدية بين الموظف وصاحب العمل، إذ تجمع بين التقييم العملي والتطوير المهني وتوفر إطاراً تنظيمياً يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات، كما تسهم هذه الفترة في بناء أساس قوي لنجاح العلاقة الوظيفية وتعزيز استدامتها عبر تحقيق الفوائد التالية:
اكتساب المعرفة والخبرة
تعد فترة التجربة مرحلة مهمة تتيح للموظف اكتساب المعرفة والخبرة من خلال فهم طبيعة العمل والتعرف على الهيكل التنظيمي والعلاقات المهنية داخل الشركة، كما تمنحه وقتاً للتدرب على الأدوات والوسائل التي يحتاجها لأداء مهامه وتعلم العمليات التشغيلية بصورة عملية، وتطوير مهاراته المهنية وتعزيز جاهزيته، وتطبيق المعرفة النظرية التي اكتسبها مسبقاً في بيئة عملية حقيقية، ما يرفع من كفاءته ويجعله أكثر تأهيلاً للقيام بمسؤولياته بفعالية.
التقييم الشخصي وإثبات الكفاءة
تساعد فترة تجربة الموظف على اختبار بيئة العمل وثقافة الشركة ما يمنحه فرصة لتقييم مدى توافقها مع توقعاته وطموحاته الشخصية، فيمكنه خلال هذه الفترة تحديد مدى رضاه عن المسؤوليات الوظيفية وظروف العمل والتفكير في استعداده للاستمرار أو البحث عن فرص أخرى تناسب أهدافه، كما تعد هذه المرحلة فرصة لإظهار جدارته أمام الإدارة وخلق انطباع إيجابي لدى صاحب العمل ما يدعم العلاقة المهنية ويزيد من فرص النجاح الوظيفي.
التقييم العملي والكفاءة المهنية
تتيح فترة التجربة لصاحب العمل تقييم أداء الموظف بناءً على الممارسات اليومية بدلاً من الاعتماد فقط على السيرة الذاتية أو نتائج المقابلات الشخصية، وتساعده على التأكد من مهاراته وصفاته الشخصية مثل إدارة الوقت والتكيف مع الضغط والتعاون مع الفريق والالتزام بمعايير الجودة، وبالتالي اتخاذ القرار السليم باستمراره أو عدم استمراره في العمل.
الحق في الانسحاب من دون أعباء مالية
إعطاء فرصة متكافئة لكل من الموظف وصاحب العمل في إنهاء العلاقة التعاقدية دون تحمل أي التزامات مالية أو إخطار مسبق لضمان حرية الاختيار وتجربة بيئة العمل دون ضغوط واتخاذ قرار الاستمرار أو العدول عن العمل دون تبعات أو نزاعات قانونية، ما يدعم استدامة الموارد ويوفر الحماية من القرارات التوظيفية غير المدروسة.
حماية الحقوق ومنع الاستغلال
تساعد الفترة التجريبية في قانون العمل السعودي على حماية حقوق العامل وصاحب العمل على حد سواء من خلال وضع لوائح تنظيمية واضحة تضمن عدم استغلال هذه الفترة للتحايل على حقوق العامل أو التهرب من التزامات صاحب العمل، وتوفر بيئة عمل عادلة ومتوازنة تعزز الثقة وتمنع أي تجاوزات قد تؤثر على العلاقة التعاقدية.
تعزيز جودة التوظيف واستقرار العمل
ضمان اختيار الموظفين الأكثر كفاءة واستعداداً لتلبية متطلبات الوظيفة وتخفيف المخاطر المرتبطة بالتوظيف طويل الأمد لموظفين غير مؤهلين، ما يعزز استقرار القوى العاملة ويقلل معدلات الدوران الوظيفي، إضافة إلى ذلك، تساهم فترة التجربة في التدرج بمنح الصلاحيات الوظيفية، خاصة في المناصب التي تتطلب اتخاذ قرارات حساسة، إذ تساعد على اختبار كفاءة الموظف وأهليته لتحمل المسؤوليات الكبرى دون التأثير على سير العمل، ما يدعم بيئة عمل أكثر إنتاجية وتنظيماً.
القواعد الناظمة لفترة التجربة في نظام العمل السعودي
ينظّم قانون العمل السعودي فترة التجربة في عقود العمل ضمن المادتين 53 و54 منه، إذا تنص المادة 53 المعدلة على أنه: «إذ كان العامل خاضعاً للتجربة، وجب النص على ذلك صراحة في عقد العمل، وتحديد مدتها بوضوح، على ألاّ يزيد مجموع المدة في جميع الأحوال على مائة وثمانين يوماً. وتبين اللائحة الأحكام المتصلة بذلك بما في ذلك ما يتعلق بالإجازات التي لا تدخل في حساب المدة. ولكل من الطرفين الحق في إنهاء العقد خلال هذه المدة».
أما المادة 54 فتنص على أنه: «لا يجوز وضع العامل تحت التجربة أكثر من مرة واحدة لدى صاحب عمل واحد. واستثناءً من ذلك يجوز باتفاق طرفي العقد كتابةً إخضاع العامل لفترة تجربة أخرى بشرط أن تكون في مهنة أخرى أو عمل آخر، أو أن يكون قد مضى على انتهاء علاقة العامل بصاحب العمل مدة لا تقل عن ستة أشهر. وإذا أنهي العقد خلال فترة التجربة فإن أيّاً من الطرفين لا يستحق تعويضاً، كما لا يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة عن ذلك».
ومن نص المادتين السابقتين يمكننا بيان أحكام فترة التجربة في قانون العمل السعودي بالنقاط التالية:
1. عدم إلزامية شرط التجربة
فترة التجربة للموظف الجديد ليست شرطاً إلزامياً في عقود العمل بل يتم الاتفاق عليها بين العامل وصاحب العمل وإدراجها في العقد، فهي مادة اختيارية لكن إذا ما تمّت إضافتها إلى عقد العمل وجب الالتزام بها والتقيد بأحكامها المنصوص عنها.
ويعزز هذا التوجه من مرونة التوظيف وتوازن العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، من خلال:
- توسيع الخيارات التعاقدية: يمنح الطرفين حرية الاتفاق على إدراج شرط التجربة من عدمه بناءً على طبيعة الوظيفة واحتياجاتها الخاصة، ما يضمن مرونة أعلى في صياغة العقود لتناسب احتياجات العمل خاصة في العقود الموسمية ومحددة المدة.
- تعزيز الثقة بين الأطراف: يعكس عدم إلزامية الشرط مستوى من الثقة بين الموظف وصاحب العمل، خاصة في الحالات التي يكون فيها العامل معروفاً بكفاءته أو خبرته السابقة.
- تقليل التعقيدات القانونية: يسهم في تبسيط العلاقة التعاقدية، إذ لا يتطلب ذلك التزاماً بفترة تقييم محددة أو شروط إضافية قد تزيد من الإجراءات الإدارية.
- زيادة سرعة التوظيف: يساعد على تقليل الوقت اللازم لبدء الموظف في ممارسة مهامه، خاصة إذا كانت الوظيفة تحتاج إلى تغطية سريعة دون الحاجة لفترة تجربة.
- جذب الكفاءات والخبرات: يشجع الموظفين ذوي الخبرة العالية على الانضمام إلى الشركة دون الحاجة لإثبات كفاءتهم مجدداً خلال فترة تجربة، ما يعزز من جاذبية بيئة العمل.
- الحد من التوتر الوظيفي: يقلل من الضغوط النفسية التي قد يواجهها الموظف خلال فترة التجربة، ما يتيح له أداء مهامه بثقة منذ اليوم الأول دون الشعور بوجود اختبار ضمني لقدراته.
2. النص الصريح عن فترة التجربة في عقد العمل
يشترط نظام العمل السعودي أن يُذكر في عقد العمل بصورة صريحة ما إذا كان العامل سيخضع لفترة تجربة أم لا، مع بيان تفاصيلها، لضمان وضوح العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل وتجنب أي لبس أو نزاعات محتملة، وتبرز أهمية اشتراط كتابة بند التجربة في عقد العمل بالنقاط التالية:
- الالتزام القانوني لصاحب العمل: يلزم النص الصريح صاحب العمل باحترام القوانين وعدم فرض فترة تجربة غير موثقة دون موافقة العامل بناء على بند ضمني أو تفسير متحيز، ما يعزز من عدالة العلاقة التعاقدية.
- حماية حقوق العامل: يضمن النص المكتوب وضوحاً للعامل حول شروط فترة التجربة، بما في ذلك مدتها وصلاحيات الطرفين خلالها، ما يمنع استغلاله ويمنحه الفرصة لتقييم العمل قبل الالتزام الطويل الأمد.
- الشفافية وتقليل النزاعات القانونية: يعزز النص الواضح والمكتوب في العقد مستوى الشفافية والاحترافية، ويوفر مرجعية قانونية واضحة تقلل من الخلافات بين الطرفين، إذ يمكن الرجوع إلى العقد لحسم أي نزاع يتعلق بفترة التجربة ما يوفر الوقت والتكاليف القانونية.
3. تحديد مدة التجربة
يترك نظام العمل السعودي تحديد مدة التجربة لطرفي العقد بما يناسب طبيعة العمل ومهامه على ألّا تزيد عن مائة وثمانين يومًا في أي حال من الأحوال.
وبالمقارنة مع نص المادة ذاتها 53 قبل التعديل فقد كانت فترة التجربة تقسم إلى قسمين فترة أساسية لا تتجاوز التسعين يوماً، ثم فترة جديدة تعد تمديداً للفترة الأولى بعد أخذ الموافقة الكتابية لطرفي العقد على ألاّ تتجاوز كامل فترة التجربة مائة وثمانين يوماً، لكن التعديل الأخير لقانون العمل نص على أن فترة التجربة في قانون العمل السعودي الجديد يمكن أن تكون فترة واحدة أو على عدة فترات يتم تمديدها على أن لا تتجاوز مدتها كاملة مائة وثمانون يوماً، ما يفسح المجال أمام تمديد المدة عدة مرات على أن لا تتجاوز المدة المحددة.
وتحسب مدة التجربة بالأيام دون حساب أيام الإجازات فيها، فتتوقف فترة التجربة خلال تلك الإجازة، ولا تدخل أيامها في حسابها. وكانت المادة قبل التعديل قد عددت الإجازات التي لا تدخل في حساب مدة التجربة بالتفصيل وهي إجازة عيدي الفطر والأضحى والإجازات المرضية، لكن النص الجديد بعد التعديل ترك تحديد الإجازات التي لا تدخل في حساب أيام الفترة التجريبية للوزارة في اللائحة التنفيذية.
وبصورة عامة برغم عدم وضوح المادة إلاّ أنه يحق للموظف الحصول على إجازات خلال فترة التجربة إلا أن الشركات غالباً تكون أكثر تحفظاً في منح الإجازات خلال هذه المرحلة الهادفة إلى تقييم كفاءة الموظف ومدى ملاءمته للوظيفة. أما الغياب خلال فترة التجربة فهو مؤشر على عدم جدية الموظف وقد يفسح الغياب المتكرر أو دون عذر مشروع المجال أمام صاحب العمل لإنهاء العلاقة التعاقدية برغم كونه لا يُحتسب ضمن مدة التجربة.
4. إمكانية إنهاء العقد خلال فترة التجربة
تمنح المادة 53 المعدلة من نظام العمل الحق لكلا طرفي العقد إنهاء العقد خلال فترة التجربة، في حين كان النص القديم للمادة 53 يجيز إعطاء الحق لأحدهما دون الآخر بموجب الاتفاق المدون في العقد، لكن التعديل الأخير توخى العدالة بإبقاء الحق لأي من المتعاقدين سواء العامل أو صاحب العمل بإنهاء العقد إذ لم يرغب في المضي به، وهو تعديل موفق لأن جوهر فترة التجربة هو تمكين الطرفين من تقييم مدى ملائمة العمل للموظف وبالتالي الاستمرار في العمل أو العدول عنه.
وينتهي العقد خلال فترة التجربة بعدم متابعة الموظف عمله في الشركة أو المنشأة، أو بطلب صاحب العمل من العامل إنهاء العلاقة العقدية وعدم الاستمرار في العمل، ولا يستوجب ذلك إشعاراً مسبقاً من صاحب العمل، وقد نصت المادة 80 من قانون العمل على ذلك صراحةً بقولها أنه لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل أو إشعاره أو تعويضه، إلا في عدد من الحالات منها إذا كان العامل معيناً تحت الاختبار.
5. عدم وجود تعويض عن إنهاء العقد
يحق للعامل خلال فترة التجربة الحصول على راتب العمل كاملاً كما هو محدد في العقد المبرم بينه وبين صاحب العمل، ويتضمن هذا الراتب جميع البدلات والتعويضات الإضافية التي تم الاتفاق عليها، مثل الحوافز والعلاوات، كما يستحق الحصول على الأجر المتفق عليه لفترة التجربة والمدون صراحة في العقد على أن يبين صاحب العمل الراتب إذا ما استمر العامل في العمل بعد فترة التجربة أو الزيادة التي يستحقها على الأجر في حال استمراره في العمل وثبوت جدارته بالوظيفة بعد انتهاء فترة التجربة. ولا بدّ لصاحب العمل من دفع الأجر بانتظام طوال فترة التجربة.
لكن إذا تم إنهاء العقد خلال فترة التجربة سواء من طرف العامل أو صاحب العمل فلا يستحق العامل تعويضاً عن الإنهاء أو مكافأة نهاية الخدمة عن المدة التي عملها، وهو ما نصت عليه المادة 54 صراحة.
لكن يلتزم صاحب العمل بموجب المادة 64 أن يقدم للعامل بناءً على طلبه شهادة خبرة توضح المدة التي عمل بها، بما في ذلك طبيعة العمل الذي كان يؤديه، دون الإشارة إلى أسباب إنهاء العقد، كما يتوجب عليه إعادة جميع المستندات والشهادات التي أودعها العامل لديه عند بدء العمل.
6. عدم جواز تكرار التجربة لذات الوظيفة لدى نفس صاحب العمل
ينظم نظام العمل السعودي تكرار فترة التجربة وفق المادة 54 التي تضع ضوابط صارمة لضمان تحقيق العدالة للعامل وصاحب العمل، وتشمل هذه الضوابط ما يلي:
- القاعدة الأساسية منع التكرار: يمنع النظام إخضاع العامل لفترة تجربة أكثر من مرة لدى نفس صاحب العمل إذا كانت الوظيفة التي يشغلها هي نفسها، وذلك بهدف:
- تحقيق استقرار العلاقة التعاقدية.
- منع إساءة صاحب العمل استخدام شرط التجربة.
- ضمان حماية العامل من أي ضغوط قد تؤثر على مسيرته المهنية.
- الاستثناءات المسموحة لتكرار فترة التجربة: يسمح النظام بإعادة العامل لفترة تجربة جديدة لدى نفس صاحب العمل في حال تحقق أحد الشروط التالية:
- الانتقال إلى مهنة أو وظيفة جديدة: إذا قرر صاحب العمل تكليف العامل بوظيفة أو مهنة جديدة تختلف عن عمله السابق، يمكن تكرار فترة التجربة وذلك للتحقق من كفاءته وقدرته على أداء المهام الجديدة، وبهدف منح الطرفين فرصة لتقييم ملاءمة العامل للدور الجديد.
- مرور ستة أشهر على انتهاء العلاقة التعاقدية السابقة: في حال انتهاء العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل ومرور فترة لا تقل عن ستة أشهر، يمكن لصاحب العمل تعيين العامل مجدداً مع إخضاعه لفترة تجربة ثانية، حتى لو كانت في الوظيفة نفسها.
- ويشترط أن يكون الاتفاق على فترة التجربة مكتوباً في عقد العمل الجديد ويخضع لكافة الأحكام والضوابط الخاصة بمدة التجربة في نظام العمل السعودي.
الفشل في فترة التجربة
تعد فترة التجربة مرحلة حاسمة لتقييم مهارات الموظف ومدى ملاءمته لبيئة العمل وقدرته على التكيف مع متطلبات العمل وثقافة المؤسسة، إلا أن بعض الموظفين قد يخفقون في اجتياز هذه الفترة بسبب مجموعة من العوامل التي ترتبط بالأداء أو التواصل أو التكيف مع بيئة العمل، ومن أبرز هذه الأسباب على سبيل المثال لا الحصر:
- ضعف الأداء والإنتاجية: قد يواجه الموظف صعوبة في فهم تفاصيل المهام المطلوبة منه بسبب ضعف التوجيه في البداية أو نقص الخبرة في المجال أو في المهارات العملية أو التقنية، إضافة لعدم الالتزام بالمواعيد النهائية لإنجاز المهام والذي قد يكون مؤشراً على ضعف التنظيم الشخصي.
- ضعف مهارات التواصل: عدم القدرة على بناء علاقات إيجابية مع الزملاء أو الاستماع الفعال للزملاء والرؤساء ما يؤدي إلى مشكلات في تنفيذ المهام المشتركة، إضافة لعدم القدرة على حل المشكلات ومواجهة التحديات اليومية أو عدم التعاون مع الفريق.
- عدم التكيف مع ثقافة الشركة: صعوبة التأقلم مع قيم وثقافة المؤسسة، خاصة إذا كانت لا تتوافق مع معتقدات الموظف أو تختلف عن بيئة العمل السابقة، إضافة لعدم الالتزام باللوائح الداخلية للمؤسسة مثل مواعيد العمل أو قواعد اللباس.
- غياب الدافع والحماس: فقدان الحافز للعمل وعدم إظهار الرغبة في التعلم أو التطوير بسبب عدم وضوح المسار الوظيفي أو نقص التقدير من الإدارة، كما يمكن أن يؤدي الشعور بعدم الانتماء إلى انخفاض في مستوى الأداء بسبب إحساس الموظف بالعزلة أو عدم الاهتمام.
- الشخصنة والعاطفية: ردود الفعل العاطفية تجاه النقد أو ضغط العمل تعيق الأداء وتحد من القدرة على الاستفادة منه للتطوير، كما يؤدي خلط مشكلات الحياة الشخصية مع العمل إلى ضعف التركيز وزيادة التوتر ما يؤثر سلباً على الإنتاجية والبيئة المهنية.
كيف يمكنك تجاوز فترة التجربة بنجاح؟
للتفوق في فترة التجربة وإثبات جدارتك في بيئة العمل، اتبع التوجيهات التالية لتطوير أدائك الشخصي وتعزيز مكانتك داخل الفريق وتجاوز فترة التجربة بنجاح:
- الالتزام بالاحترافية في التعامل مع الآخرين: يعد الحفاظ على الاحترافية من الأساسيات التي يجب أن تركز عليها، فمن المهم أن تتعامل مع زملائك ومديريك بصورة رسمية، مع مراعاة احترام القيم والأخلاقيات المهنية، ويجب أن تلتزم بالمظهر الرسمي، وأن تحافظ على سلوكك اللائق في جميع الأوقات. إذ تساهم هذه الاحترافية في تعزيز صورتك الشخصية داخل الشركة وتضمن لك التقدير من قبل الجميع.
- التواصل الفعّال وطلب المساعدة عند الحاجة: لا تتردد في طلب الدعم أو المساعدة عندما تواجه تحديات في فترة التجربة، فطلب المساعدة لا يعكس ضعفاً بل يبرز رغبتك في التعلم والتحسين المستمر، ومن خلال التواصل الفعّال مع زملائك أو مديريك يمكنك تجاوز أي صعوبات قد تواجهها وتضمن تقديم أداء عالي يمهد لاستمرارك في العمل.
- المرونة في العمل الجماعي والمساهمة في تعزيز روح الفريق: يجب أن تكون جزءاً من الفريق وأن تكون مستعداً للتعاون والمساهمة في نجاح الجميع، لذا قدم الدعم لزملائك عند الحاجة وشارك في حل المشكلات الجماعية وابنِ علاقات قوية مع الآخرين لتكون عنصراً مهماً في بيئة العمل.
- الاستعداد لقبول كافة المهام دون تردد: لا ترفض أي تكليف أو مهمة مهما كانت صعوبتها، فتقبل المهام المختلفة يعكس استعدادك للتعلم وتوسيع مهاراتك، ما يثبت قدرتك على التكيف والمرونة في العمل ويؤكد جديتك في الاستمرار في الوظيفة بعد فترة التجربة.
- تحديد أهداف واضحة وذكية: من المهم أن تحدد لنفسك أهدافاً واضحة تتماشى مع متطلبات العمل، وأن تستخدم طريقة الأهداف الذكية التي توفر لك معايير محددة لقياس أدائك. تابع تقدمك وحدد الجوانب التي تحتاج إلى تطوير مستمر لتحسن نتائجك وتثبت للمسؤولين جدارتك.
- استغلال الفرص لإثبات كفاءتك: يجب أن تكون مستعداً لاغتنام أي فرصة لإثبات قدراتك، فقد تظهر فرص عديدة خلال فترة التجربة مثل المشاريع الجديدة أو التحسينات التي تحتاج إلى حلول مبتكرة، ومن خلال استغلال هذه الفرص لإظهار مهاراتك وإبداعك ستتمكن من ترك انطباع إيجابي لدى الإدارة وزملائك.
- التفكير الاستباقي وتجاوز متطلبات العمل: لا تقتصر على تنفيذ المهام الموكلة إليك فقط، كن استباقياً في تقديم أفكار لتحسين سير العمل أو إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات الحالية وأظهر روح القيادة والقدرة على التحمل وتحقيق النجاح في بيئة العمل.
- اقتراح الحلول بدلاً من تقديم المشكلات: إذا واجهت أي تحدي أو مشكلة في العمل، اعرض حلاً فعالاً بدلاً من مجرد إبداء شكوى، إذ يعكس ذلك قدرتك على التفكير النقدي وابتكار حلول قابلة للتنفيذ، ما يساهم في تعزيز سمعتك داخل المنظمة.
نصائح لإدارة فترة التجربة
لا تتعلق فترة التجربة بالنسبة لأصحاب الأعمال ومديري الموارد البشرية بقياس كفاءة الموظف فقط، بل تمتد إلى خلق بيئة تُمكّن العامل من تحقيق أقصى إمكاناته وتحديد مدى ملاءمته للمنظمة، ويمكن من خلال تنفيذ إستراتيجيات مدروسة ومعايير واضحة تحويل فترة التجربة إلى تجربة ناجحة تُسهم في استقرار الفريق وتحقيق الأهداف المؤسسية. ومن أبرز النصائح التي يمكن تقديمها للمديرين ومسؤولي الموارد البشرية:
- وضع أهداف وتوقعات واضحة: من المهم أن يبدأ مسؤول الموارد البشرية بتحديد معايير أداء واضحة ومحددة تُعرض على الموظف الجديد فور بدء فترة التجربة، وتشمل هذه المعايير:
- الإنجازات المطلوبة.
- الأهداف القصيرة المدى المرتبطة بالوظيفة.
- المهارات والسلوكيات المطلوبة، مثل الالتزام بالمواعيد والقدرة على العمل ضمن فريق.
وإضافة للمعايير لا بدّ من توضيح الأدوار والمسؤوليات المنوطة بالمهمة إذ يشعر الموظفون بالحيرة إذا لم يتم تعريفهم بدقة بأدوارهم ومسؤولياتهم، لذلك، ينبغي على المدير تقديم وصف تفصيلي للمهام اليومية وآليات تنفيذها.
- تقديم برنامج تأهيلي شامل: يشكل برنامج التأهيل نقطة انطلاق أساسية لضمان اندماج الموظف الجديد في بيئة العمل ونجاحه في اجتياز فترة التجربة، ويهدف هذا البرنامج إلى تعريف الموظف بثقافة المؤسسة وسياساتها وأنظمتها عبر تقديم:
- جولة تعريفية بالمكاتب وأعضاء الفريق.
- شرح للهيكل التنظيمي وآلية اتخاذ القرارات.
- تدريب على الأدوات والبرامج المستخدمة في الشركة.
- توفير التغذية الراجعة باستمرار: يحتاج الموظف الجديد إلى توجيه مستمر لمعرفة أدائه ومدى توافقه مع التوقعات بدلاً من الانتظار حتى نهاية فترة التجربة لتقديم الملاحظات، ويُفضل أن يقوم المدير بتقديم تغذية راجعة أسبوعية أو شهرية تتضمن:
- تقديم الملاحظات بأسلوب بنّاء، مع التركيز على النقاط الإيجابية.
- اقتراح طرق لتحسين الأداء مع تقديم أمثلة عملية.
- تشجيع الموظف على طرح استفساراته ومناقشة التحديات التي يواجهها.
- قياس الأداء بموضوعية: يجب أن تكون عملية تقييم فترة التجربة مبنية على معايير قابلة للقياس لضمان الحيادية، ويمكن الاعتماد على أدوات مثل:
- استبيانات تقييم الأداء.
- تقارير الإنجاز الشهرية.
- تحليل بيانات الإنتاجية باستخدام أنظمة إدارة الموارد البشرية.
- بناء بيئة محفّزة وداعمة: يشعر الموظفين الجدد بالدعم والانتماء لبيئة العمل يميلون إلى الأداء بصورة أفضل في فترة التجربة، ويمكن اتخاذ عدد من الإجراءات لتحفيز العاملين في فترة التجربة مثل:
- تنظيم جلسات تعريفية مع أعضاء الفريق لتعزيز العلاقات.
- توفير بيئة عمل مرنة تراعي احتياجات الموظف.
- إظهار تقدير الإنجازات الصغيرة لتشجيع الموظف.
- تقديم الحوافز سواء مادية أو معنوية.
- إدارة التحديات وحل المشكلات: يمكن التعامل مع الأداء المنخفض في فترة التجربة بدايةً باتخاذ إجراءات تصحيحية بدلاً من إنهاء العقد فوراً، ومن الأساليب المتبعة على سبيل المثال:
- تحليل أسباب المشكلة، مثل مهارات غير كافية أو صعوبات شخصية أو نقص التوجيه.
- وضع خطة لتحسين الأداء تشمل تدريباً إضافياً.
- متابعة التقدم دورياً لتقييم التحسن.
- تسهيل الحوار المفتوح للموظفين للتعبير عن مخاوفهم أو استفساراتهم.
- التقييم النهائي واتخاذ القرار: يجب إعداد تقرير تقييم شامل عند نهاية فترة التجربة يشمل النقاط التالية:
- أداء الموظف مقارنة بالأهداف المحددة.
- مدى التزامه بالقيم والسياسات المؤسسية.
- توصيات بشأن استمراره في الوظيفة أو الحاجة إلى تغييرات.
- قرار الاستمرار أو إنهاء العقد.
وإذا لم يتمكن الموظف من تحقيق معايير الأداء، يجب على مسؤول الموارد البشرية التعامل مع إنهاء العقد بمراعاة وحساسية، مع توضيح الأسباب بموضوعية واحترام.
ختاماً، تمثل فترة التجربة مرحلة حاسمة للموظفين ومديري الموارد البشرية على حد سواء، فبالنسبة للموظفين، هي فرصة لإثبات الكفاءة والاندماج في بيئة العمل عبر الالتزام بالمبادئ الاحترافية والمبادرة إلى التطور، أما لمديري الموارد البشرية، فهي أداة لتقييم المهارات وضمان توافق الموظف مع أهداف الشركة، وبتعاون الطرفين واستثمار الجهود المشتركة، يمكن تحقيق نتائج إيجابية تسهم في تعزيز الاستقرار الوظيفي ورفع كفاءة الفريق، لتظل هذه المرحلة بداية أساسية لمستقبل مهني مزدهر وعلاقات عمل مثمرة
.png)
أيهم يوسف جزان
محامي وحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال، متخصص في الإدارة والموارد البشرية والقوانين العمالية. كاتب محتوى بخبرة تمتد لسنوات، أساهم مع جسر في تقديم موضوعات متخصصة تهدف إلى تعزيز كفاءة الموارد البشرية وتمكين المؤسسات من تحقيق أهدافها الإستراتيجية بفعالية.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك