لا يقتصر دور الهيكل التنظيمي على دعم أهداف شركتك ورؤيتها فقط، لأنه يساعدك أيضًا على تحديد الأدوار القيادية وتسهيل وصول الموظفين إلى الموارد المطلوبة؛ مما يُعزز إنتاجية الشركة ويساهم في اتخاذ القرارات الصحيحة التي تُطور المؤسسة وتُثري أهدافها ومنتجاتها.
لذا، فإن إعداد الهيكل التنظيمي واختيار النوع المناسب لشركتك أمرٌ لا غنى عنه إذا أردت أن تبني مؤسسة فعالة تُجرى عملياتها من الألف إلى الياء على أُسسٍ واضحة يفهمها الجميع. والسؤال هنا: كيف يُمكنك فعل ذلك؟
وللإجابة عن هذا السؤال، أدعوك لقراءة هذا الدليل الشامل الذي سيُوضح لك كيفية إعداد الهيكل التنظيمي في شركتك وكل المعلومات المرتبطة به. تنويه: هذا الدليل طويل ويحتاج إلى تركيزك الكامل، لذلك احفظه عندك في قائمة المحفوظات لأنك قد تحتاج للعودة إليه.
أما الآن فأَحضِر قهوتك وبعض السناكس (-: وتابع قراءتك بعناية.
محتويات الدليل:
- ما هو الهيكل التنظيمي
- عناصر الهيكل التنظيمي
- أهمية الهيكل التنظيمي للشركات
- مبادئ إعداد الهياكل التنظيمية
- أنواع الهياكل التنظيمية
- كيف تصمم الهيكل التنظيمي المناسب لشركتك
- كيف يساعدك جسر في بناء هيكل تنظيمي لمنشأتك؟
- أسئلة واعتبارات مهمة عند تصميم الهيكل التنظيمي
- الخلاصة
ما هو الهيكل التنظيمي Organizational Structure؟
يمكننا تعريف الهيكل التنظيمي على أنه طريقة تعتمدها الشركات لتنظيم العمل داخلها بما يضمن وصولها إلى الأهداف المُرادة، وبذلك يمكن رؤية هذا المفهوم على أنه خريطة تفصيلية تُبيِّن «مَن يفعل ماذا».
في كتابه السلوك التنظيمي في منظمات الأعمال، يُعرّف الكاتب محمود سليمان العميان مفهوم الهيكل التنظيمي على أنه «الآلية الرسمية التي يمكن من خلالها إدارة المؤسسة عبر تحديد خطوط السلطة بين الرؤساء والمرؤوسين».
في حين يُعرفه الباحث عدنان ماشي والي بأنه «إطار يُحدد الإدارات والأقسام الداخلية المختلفة للمؤسسة؛ فمن خلال الهيكل التنظيمي تتحدد خطوط السلطة وانسيابيها بين الوظائف، وكذلك بين الوحدات الإدارية المختلفة التي تعمل معًا على تحقيق أهداف المؤسسة».
وتُلخص المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني هذا التعريف بـأنه «شكل تنظيميّ يُوضح مواقع الوظائف وارتباطاتها الإدارية والعلاقات بين الأفراد، كما يُوضِّح خطوط السلطة والمسؤولية».
عناصر الهيكل التنظيمي
وبغض النظر عن التعريف الذي ستتبعه في شركتك، من الضروري أن تُنشئ هيكلًا واضحًا يُبيِّن كيفية تدفق العمل في الشركة والعلاقة بين الأقسام المختلفة. ويشتمل الهيكل التنظيمي على العديد من العناصر، منها على سبيل المثال:
- الهرم التنظيمي: يوضح مستويات الإدارة والتسلسل الهرمي (أي العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين).
- الأدوار الوظيفية: من المهم أن تُحدد هنا كيفية توزيع المهام بين المسؤولين والفِرق المختلفة في شركتك.
- قنوات الاتصال: يختص هذا العنصر بالطرق المتبعة لإيصال المعلومات وطلبها في شركتك، سواءً أكانت طرق اتصال رسمية أو غير رسمية.
- عملية اتخاذ القرار: قد تكون آلية اتخاذ القرار مركزية (أي تقع على عاتق المسؤولين في أعلى الهرم التنظيمي) أو لا مركزية (أي يُتخَذ القرار عبر مستويات متعددة في شركتك).
- هيكل الفِرق: يُوضح هذا العنصر عدد الفِرق الوظيفية التي تحتاجها في شركتك وأدوارها وكيفية التنسيق فيما بينهم.
- سياسات الشركة: من المهم أن تُحدد هنا القواعد الأساسية التي تُنظم العمل داخل شركتك، بما في ذلك طرق تقييم الأداء الوظيفي ونظام الحوافز وغيرها من عناصر إدارة الموارد البشرية.
- ثقافة الشركة وقِيمها: يشير هذا الجزء إلى القيم التي ستتبناها في شركتك لتُعزز من هويتها وتدعم سير عملياتها.
أهمية الهيكل التنظيمي للشركات
يُعَد الهيكل التنظيمي أداة أساسية لإدارة العمل داخل المؤسسة؛ لأنه يُوضِّح نطاق السلطات والمسؤوليات المرتبطة بكل منصب في الشركة؛ مما يُساعد المسؤولين والموظفين على فهم أدوراهم ورسم التوقعات المنطقية ومتابعة خط سير العمل وإنتاجيته استنادًا إلى تصورات واضحة ومُحددة.
أضف إلى ذلك، أنه يساعدك فيما يأتي:
- تحليل الوضع الحالي في المؤسسة
- ترتيب العلاقات التنظيمية والإدارية في شركتك
- بيان التطور الوظيفيّ داخل الشركة
- اكتشاف الفجوات الإدارية المحتملة ومعالجتها
- شرح نظام العمل داخل شركتك للمستثمرين ولوسائل الإعلام
وفي هذا الصدد، يقول الباحث عدنان ماشي والي في ملفه البحثيّ عن بناء الهياكل التنظيمية: «يُعد -يقصد هنا الهيكل التنظيمي- إحدى الأدوات الإدارية التي تساعد المؤسسة على الوصول إلى أهدافها، حيث يُشبه الهيكل التنظيمي بالهيكل العظمي للإنسان كونه يمسك بالأنظمة الفرعية المختلفة لجسم الإنسان، فدون هذا البنيان تبقى الدوائر والأقسام المختلفة وحدات منعزلة عن بعضها».
ما هي مبادئ إعداد الهياكل التنظيمية؟
يتفق العديد من الخبراء على عدة مبادئ أساسية يجب أن نضعها في عين الاعتبار عند إعداد الهيكل التنظيمي. وأذكر منها على سبيل المثال -لا الحصر- ما يأتي:
- مبدأ التخصص: من المهم أن تُحدد الاختصاصات التي تحتاجها في شركتك وتُنسقها في تنظيم مستقل. تُمَكِنك هذه الطريقة من تحديد المهارات الوظيفية المطلوبة، وستُسهِّل عليك فيما بعد إجراء عمليات التقييم والتوظيف ومتابعة سير العمل بين الفِرق المختلفة الموجودة في الشركة.
- مبدأ وحدة الرئاسة: يهدف هذا المبدأ إلى توحيد الجهة التي تقع على عاتقها إعطاء التعليمات والتوجيهات. لذلك، من المهم أن تسعى إلى تعيين رئيس مباشر لكل فريق، وبذلك ستضمن عدم تداخل التعليمات، وستُيسر من اتخاذ القرارات المُتفق عليها في المؤسسة.
- مبدأ وحدة الهدف: من الضروري أن تُحدد هدفًا ثابتًا لكل جهة في مؤسستك، ويجب أن يدرك كل عضو من أعضاء فريقك هذا الهدف وأهميته؛ حتى تُوحد جهود العمل للوصول إلى الهدف المنشود.
- مبدأ الوظيفة: يهدف مبدأ الدور الوظيفي إلى تحديد نوع العمل المطلوب ومسؤولياته بوضوحٍ تام. ويسعى هذا المبدأ إلى تعيين أشخاص أكفّاء قادرين على تنفيذ المهام بكفاءة وفاعلية. وتكمن أهميته في تعزيز إنتاجية العمل وضمان استمراريته دون الاعتماد المفرط على الموظفين.
- مبدأ تساوي المسؤولية مع السلطة: من المهم أن تُوفِّر لأعضاء فريقك والمسؤولين في شركتك السلطات اللازمة التي تُمَكنهم من أداء الأعمال الموكلة إليهم بكفاءة.
- مبدأ المرونة: بسبب التغير المستمر الذي يلاحق أسواق العمل في المنطقة، يجب أن تتبنى عند إنشاء الهيكل التنظيمي في شركتك مبدأ المرونة الذي يساعدك على التكيف مع التغيرات الجارية والأحداث الدولية والعالمية المختلفة. لذا، أُوصيك بتصميم الهيكل التنظيمي بطريقة مَرِنة تُمَكِنك من مواكبة هذه التحديات دون الحاجة إلى إجراء تغييراتٍ جذرية ممتدة.
وتذكر هنا ما قاله بيتر دراكر في كتابه The Daily Drucker: «يجب أن تكون الشركة مهيأة لمواجهة التغيير المستمر». - مبدأ قصر خط السلطة: هناك قاعدة عامة قد تهم الشركات التي تُولي عناية كبيرة بالابتكار وسرعة العمل، ألا وهي: «كلما قلت المراحل التي تمر بها العمليات الإدارية في شركة معينة، زادت كفاءتها الإدارية وتحسنت نتائجها».
وبناءً على ذلك، إذا أردت تعزيز إنتاجية مؤسستك، أنصحك هنا بتقليل المستويات الإدارية بين الإدارات العليا والوحدات في شركتك؛ حتى تضمن سهولة التواصل ومشاركة الأفكار وانسيابية التفاعل واعتماد القرارات والتحسينات المُتفق عليها بسرعة.
ما أنواع الهياكل التنظيمية؟
يظن العديد من الأشخاص أن الهيكل التنظيمي النموذجي يجب أن يُصمم على شكلٍ هرميّ يعتليه المديرون التنفيذيون، ويندرج أسفلهم المسؤولون عن الإدارة الوسطى، ثم نجد في آخر الهرم مجموعة أكبر من الموظفين، ولكن لا تناسب هذه الطريقة جميع الشركات.
إذ تتعدد أنواع الهياكل التنظيمية ومخططاتها بناءً على حجم المؤسسة وعدد المسؤولين والموظفين العاملين بها وغيرها من العوامل المؤثرة.
ودعنا نتفق هنا -قبل أن نذكر هذه الأنواع المختلفة- أن الهدف النهائي من الهيكل التنظيمي هو تقسيم المهام الوظيفية على مختلف الأشخاص بما يتناغم مع خبراتهم ومهاراتهم بطريقة منظمة تُجنبنا مخاطر تداخل الواجبات والأدوار الوظيفية.
وفيما يلي أهم 8 أنواع للهياكل التنظيمية التي يهمك التفكير فيها:
1. الهيكل التنظيمي الهرمي
كما أشرت في بداية هذه الفقرة، يُعد الهيكل التنظيمي الهرمي أحد أشهر أنواع الهياكل التنظيمية وأكثرهم استخدامًا؛ إذ تبدأ سلسلة القيادة من أعلى الهرم (مثل: الرئيس أو المدير التنفيذي)، ثم تتدرج السلطة نزولًا إلى الموظفين المبتدئين.
الإيجابيات
وإيجابيات هذا النظام متعددة، منها:
- تحديد مستويات السلطة والمسؤولية المباشرة لكل منصب: وبذلك سيفهم كل عضو في الشركة عملية صناعة القرار
- وضوح سير العمليات في الشركة: مما يساعدك على تتبع الأداء وتقديم التوجيهات والتعليمات بانسيابية
- تحفيز الموظفين بأدوار وظيفية واضحة: وبذلك يتعرف الموظفون على مسؤولياتهم والتوقعات المُرادة منهم بدقة
- ترسيخ مبدأ التخصص: مما يُحسِّن من نتائج العمل وفعاليته
السلبيات
ومع ذلك، لا يخلو الهيكل التنظيمي الهرمي من بعض السلبيات، أذكر منها على سبيل المثال ما يأتي:
- زيادة البيروقراطية: مما يُضعف من الفرص الابتكارية أو اعتماد التغيرات المطلوبة سريعًا
- الاهتمام بالهدف الفرعي: قد يُركز بعض الموظفين على تحقيق أهداف أقسامهم دون النظر إلى مردودية هذه الأهداف أو نتائجها على أهداف الشكل ككل.
- ضعف المشاركة: قد يشعر الموظفون من المستويات الأدنى بأنهم على الهامش وبأنهم لا يمكنهم التعبير عن آرائهم بفاعلية؛ مما قد يمنعهم من المشاركة ويُشعرهم بالعجز.
2. الهيكل التنظيمي الوظيفي
يُتيح الهيكل التنظيمي الوظيفي تقسيم شركتك إلى أقسام متنوعة استنادًا إلى الوظائف أو الأنشطة المشتركة. ويختص كل قسم بمجالٍ معين، وحتى يتحقق ذلك يُجْمَع الموظفين الذين ترتبط مهاراتهم معًا تحت مظلة قسم واحد.
على سبيل المثال: جمع المسوقين في قسم التسويق، وجمع مختصي المبيعات في قسم المبيعات، وجمع مسؤولي الإنتاج في قسم الإنتاج، جميع متخصصي الموارد البشرية في قسم الموارد البشرية.. إلخ. وبذلك، يكون كل قسم مسؤولًا عن نشاطٍ محدد ويُجري عمله بصورةٍ مستقلة دون الاعتماد على الأقسام الأخرى.
وإذا نظرت معي هنا، سترى أن الهيكل الوظيفي أحد أشهر الهياكل التنظيمية استخدامًا، ويشبه إلى حدٍ كبير الهيكل التنظيمي الهرمي؛ إذ يتمتع كلا الهيكلين بتسلسلٍ تنظيمي واضح ومُحدد، وقد يتواجدا معًا في المنظمة، لأن الهياكل الوظيفية تعمل ضمن إطار هرمي في معظم الأحوال.
ولكن يختلف الهيكلان في بعض النقاط، منها على سبيل المثال أن الهيكل الوظيفي يُركز على التخصص وتقسيم العمل داخل الشركة حسب الوظيفة، في حين يهتم الهيكل الهرميّ بترتيب السلطة ومستوياتها. وتتميز الهياكل الوظيفية بمرونة أكبر داخل الأقسام بخلاف الهياكل الهرمية التي تتصف بالجمود استنادًا إلى السلطة وعملية صنع القرار.
الإيجابيات
يوفر الهيكل التنظيمي الوظيفي العديد من المقومات، منها:
- وضوح المهام الوظيفية وحدودها؛ مما يُقلل من الارتباك والتداخل الذي قد ينتج عن المهام المعقدة.
- تخصصية المهام؛ إذ إن تقسيمة الفِرق في الشركة تعتمد اعتمادًا رئيسيًا على الدور الوظيفي.
- نتائج أكثر فعالية؛ لأن الموظفون يعملون في تخصصهم دون تشتيت أنفسهم بمهامٍ فرعية خارج حدود خبراتهم.
- فعالية التواصل الداخلي بين أعضاء الفريق؛ مما يُحسِّن من سرعة القرارات فيما بينهم. (لاحظ أنه قد يُوجَد تنسيق خارجي بين الأقسام المختلفة عند الحاجة، مثل: التواصل بين فريق التسويق والمبيعات عند إجراء الحملات الإعلانية).
- تنمية مهارات الموظفين؛ لأن التركيز على مهام الوظيفة المحددة يُطوِّر من مهارات الفريق ويجعلهم أكثر إلمامًا بالدوائر المعرفية المتعلقة بها.
- إشعار كل قسم من أقسام شركتك باستقلاليته وبتَمَكنه من تقرير مصيره.
- سهولة تطوير الهيكل التنظيمي الوظيفي وتنميته اعتمادًا على تغيرات السوق ومتطلبات الشركة (على سبيل المثال، يَسْهُل عليك تعيين موظفين جدد في الأقسام المختلفة بناءً على احتياجاتك دون أن يُؤثر ذلك على سير العمل أو كفاءته).
السلبيات
على الرغم من وجود العديد من المزايا كما أوضحتها بالأعلى، إلا أن إعداد هيكل تنظيمي وظيفي لا يخلو من التحديات، مثل:
- مواجهة صعوبة في التواصل مع الأقسام المختلفة، خصوصًا في الأوقات التي تحتاج فيها إلى إنتاج خدمة أو منتج في وقت زمنيّ ضيّق؛ مما يُصعِّب من الالتزام بالمواعيد النهائية ويُضعف الإنتاجية.
- زيادة البيروقراطية بسبب وجود تسلسل هرمي داخل كل قسم؛ مما يُحجِّم من الأفكار الإبداعية وسهولة اعتماد القرارات وتبادل الأفكار.
- التركيز على مهام الأقسام فقط دون العناية بأهداف الشركة العامة، وذلك بسبب الانعزال -شبه الكلي- عن الأقسام الأخرى. ويصف بعض الخبراء هذه النتيجة «بالعيش داخل صومعة»؛ إشارةً إلى أن كل قسم من أقسام الهيكل الوظيفي يعيش في عالمه الخاص دون إدراك رؤى الفِرق الأخرى وأهدافهم.
3. الهيكل التنظيمي القطاعي القائم على المنتج
بسبب العيوب التي ظهرت مع استخدام الهياكل التنظيمية السابقة، فكر الخبراء في إيجاد نظام مبتكر لتنظيم الأعمال، فكان الهيكل القطاعي القائم على المنتج هو الإجابة.
وفكرة هذا النظام بسيطة؛ لأنه يهدف إلى تقسيم الشركة إلى هياكل مصغرة يهتم كل قسم منها بمنتجٍ معين من الألف للياء، وبذلك يكون لكل قسم داخل الشركة هيكلًا منفصلًا شاملًا يُوفِّر لها ما تحتاجه من خبراء تسويق ومبيعات وإنتاج وتطوير.. إلخ.
المميزات
- يُسهِّل هذا النظام من التواصل المباشر مع أعضاء الفريق.
- يناسب الشركات متعددة المنتجات؛ إذ يساعد على تقصير دورة تطوير المنتج وإنتاجيته.
- يُوفِّر مرونة أكبر ويُسرِّع من اتخاذ القرارات واعتماد التغيرات؛ لأن كل قسم به ما يحتاجه من خبرات تُساعده على تطوير المنتج من البداية إلى النهاية دون الحاجة لعمليات تواصل معقدة بين الأقسام المنفصلة كما هو الحال في الأنظمة سابقة الذكر.
العيوب
- قد يصعب عليك التوسع أو تنظيم الأعمال داخل الشركة مع زيادة المنتجات وتشعبها.
- قد ينتهي بك الحال إلى استنزاف العديد من الموارد التي يُمكن توفيرها مع الأنظمة الأخرى.
- قد تسعى القطاعات إلى الاستقلالية التامة؛ مما يضر بصورة العلامة التجارية ومظهرها وطريقة تعاملها مع احتياجات الجمهور، بسبب عدم العناية بأهداف الشركة العامة ومدى ترابط المنتجات ببعضها بعضًا.
4. الهيكل القطاعي القائم على السوق
يهدف هذا الهيكل إلى تقسيم الشركة تبعًا للأسواق أو الصناعات أو أنواع العملاء الذين تستهدفهم. فكر معي هنا على سبيل المثال في شركة إنترنت تُقدِّم باقات إنترنت متنوعة للجمهور العام وللشركات الخاصة وللجهات الحكومية.
في هذه الحالة، تستهدف الشركة ثلاثة أنواع مختلفة من العملاء. ويمكنها تقسيم سير عملها بناءً على هذا عن طريق إنشاء قسم مختص بخدمات الجمهور العام، وقسم ثان مختص بالشركات الخاصة، والقسم الثالث مرتبط بخدمات الجهات الحكومية. وسيندرج تحت كل قسم الوحدات الأساسية المطلوبة، مثل: فريق التسويق والمبيعات وخدمة العملاء.. إلخ.
المميزات
- سرعة اتخاذ القرارات
- مثالي للشركات التي تستهدف أسواق مختلفة أو شرائح متعددة من الجمهور
- زيادة التخصصية في الشركة؛ مما يُيسِّر على الموظفين ويساعدهم على التركيز فيما يهمهم
تذكر أن الفكرة الأساسية من اتباع الهيكل التنظيمي القطاعي في الشركات هو توفير المرونة اللازمة التي تُهيئ الشركة لإتمام أعمالها بكفاءة تبعًا لتوقعات عملائها المستهدفين. وفي ذلك يقول المتخصص في السلوك التنظيمي ريتشارد دافت Richard Daft في كتابه Organization Theory and Design:
«يعزز الهيكل القطاعي المرونة والاستجابة في الشركات؛ لأن كل قسم يُركز على خط إنتاج معين أو شريحة من السوق. ويتيح ذلك للأقسام تصميم إستراتيجياتها وعملياتها لتلبية الاحتياجات الفريدة لعملائها».
ويشير مؤلفو كتاب Reframing Organizations: Artistry, Choice, and Leadership إلى مزيدٍ من مزايا الهيكل التنظيمي القطاعي بقولهم: «في الهيكل القطاعي، تنقسم المنظمة إلى وحدات أو أقسام شبه مستقلة، لكل منها مواردها وأهدافها الخاصة. يعمل هذا الهيكل على تحقيق اللامركزية في عملية صنع القرار ويُشجع الابتكار من خلال تمكين مديري الأقسام من التصرف بطريقة مستقلة».
سلبيات
- استقلالية مُفرطة بين القطاعات المُقسمة: مما قد يؤدي إلى تطوير منتجات لا تتوافق مع بعضها. أضف إلى ذلك، قد تُطوِّر بعض الأقسام سياسات خاصة بها غير مُتسقة مع سياسات الأقسام الأخرى، ما ينتج عنه صراعات وتضارب مصالح في شركتك.
- ازدواجية الموارد: قد يحتاج كل قسم في الشركة إلى مجموعة من الوظائف المُكررة؛ مما يزيد من التكاليف ويُسرِّع من استهلاكك للموارد المتاحة.
- زيادة الانعزال: بسبب عدم التواصل الفعال والمتبادل بين الأقسام المختلفة، قد تُواجه تحديًا صعبًا في شركتك في إقرار التماسك التنظيميّ العام وتبادل المعلومات.
- منافسة داخلية محتملة: قد نجد في بعض الحالات أن الأقسام الداخلية في الشركة تتنافس للحصول على الموارد من الإدارة العليا، ما يؤثر على أداء الأقسام الأخرى ويُوتِّر سير العمل. وقد ينتج عن ذلك في بعض الأحيان نتائج عكسية تبتعد عن الهدف العام المُراد.
- صعوبة التنسيق الخارجي: قد يصعب عليك أو على المسؤولين في الإدارة العليا إقرار التعليمات أو تنسيق الإجراءات المُتفق عليها عبر الأقسام المتعددة بسبب تشعب كل قسم واستقلاليته.
5. الهيكل القطاعي الجغرافي
يختلف هذا الهيكل القطاعي عن الهياكل التنظيمية المذكورة في الفقرتين السابقتين في أنه يُقسِّم الشركة إلى وحدات منفصلة تبعًا للموقع الجغرافي الذي تستهدفه.
دعنا نفترض هنا مثلًا أنك مسؤول عن شركة عالمية تستهدف أسواق المنطقة العربية وأوروبا وشرق آسيا وأمريكا الشمالية. في هذه الحالة، يُمكنك تقسيم العمل في شركتك إلى أربعة أقسام، يختص كل قسم منها بمنطقة جغرافية معينة.
المميزات
- يناسب الشركات الكبيرة التي تستهدف أسواقًا دولية وعالمية متعددة.
- يتوافق مع المنظمات التي يهمها قرب موقعها الجغرافي من عملائها أو مصادر العرض.
- يُسرّع من اتخاذ القرارات الأكثر توافقًا وتناغمًا مع ديناميكيات الأسواق المحلية بسبب الفهم العميق للحساسية الثقافية المختلفة لكل سوق.
- يُحسِّن استجابة الشركة لتغيرات الأسواق المحلية، ويُمَكِنها من استكشاف الفرص بسهولة؛ نظرًا لوجودها على أرض الواقع وتواصلها المباشر مع عملائها المحليين؛ ما يساعد على فهم احتياجات الجمهور المستهدف وتفضيلاته.
- يُعزز من المسؤولية ويُسرع من اتخاذ القرارات المهمة؛ بسبب الاستقلالية العالية التي يتمتع بها المسؤولون.
- يُقلل من تكاليف النقل ويُحسِّن كفاءة سلسلة التوريد في شركتك؛ مما يساهم في تلبية احتياجات جمهورك بصورة أسرع وأكثر فعالية.
وبصورةٍ عامة، دعنا نتفق معًا على أن الهيكل القطاعي يجعل الشركات الكبيرة أكثر قابلية للإدارة وأكثر استجابة للتغيرات الخارجية. وإذا كانت شركتك إحدى هذه الشركات، فستتمكن من خلال هذا النظام من إنشاء وحدات مستقلة تساعدك على مواءمة الموارد بما يتفق مع أولوياتك الإستراتيجية.
السلبيات
يواجه الهيكل التنظيمي الجغرافي التحديات نفسها التي يواجهها الهيكل القطاعي القائم على السوق. وأذكر منها سريعًا هنا:
- تكرار الوظائف
- ارتفاع التكاليف التشغيلية
- إهدار الموارد
- التنافس الداخلي المحتمل
- مواجهة تعقيدات إدارية
- زيادة الانعزال عن الأقسام الأخرى
- تفرع الأهداف؛ فقد تُعطي الوحدات الإقليمية أولوية لأهداف معينة دون الأخرى أو قد تُنشئ أهدافًا خاصة بها لا ترتبط بالضرورة مع أهداف الشركة الرئيسية.
- احتمالية حدوث تناقضات في صورة العلامة التجارية بسبب اتباع ممارسات متنوعة تختلف من منطقة جغرافية عن الأخرى.
وإلى جانب ذلك، قد تجد مع الهيكل التنظيمي الجغرافي بعض التحديات الأخرى، مثل: صعوبة اعتماد قرارات موحدة عبر المناطق الجغرافية المختلفة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتحديات الثقافية والاختلافات المعقدة والآراء الاجتماعية المتضاربة التي قد يختلف تأييدها من مكان لآخر؛ مما يجعل المحافظة على صورة العلامة التجارية وقِيمها تحديًا قائمًا.
أضف إلى ذلك، وجود مشكلات مرتبطة بصعوبة الاتصال بين أقسام الشركة المتعددة بسبب الاختلافات في التوقيت الزمني واللغات المعتمدة؛ مما يُضعف من فعالية التواصل وكفاءته.
6. الهيكل التنظيمي القائم على العمليات
يُركز الهيكل التنظيمي القائم على العمليات Process-Based Organizational Structure على العمليات التي تُجرى في الشركة، عِوضًا عن التركيز على الوظائف أو الأقسام؛ إذ تُنَظَم الشركة بناءً على سلسلة العمليات التي تعتمدها للوصول إلى أهدافها (مثل أبحاث السوق، واستقطاب العملاء والمحافظة عليهم، وتلبية متطلبات العميل.. إلخ).
ولتوضيح هذا المفهوم بصورةٍ أعمق، انظر معي إلى المثال التالي: لنفترض هنا أنك مسؤول عن شركة تصنيع أثاث. بدلًا من تنظيم شركتك على أساس الأقسام الوظيفية التقليدية مثل قسم التسويق والإنتاج والمبيعات.. إلخ. يمكنك هنا تنظيم شركتك بناءً على العمليات الرئيسية التي تتبعها في تصنيع الأثاث، مثل:
- تصميم المنتج
- تطويره
- إنتاجه
- توزيعه
وستتضمن كل عملية من هذه العمليات خطوات محددة وفِرقًا متخصصة تتعاون لتحقيق الأهداف المنشودة؛ أي أن فريق التصميم -على سبيل المثال- سيضم مصممي المنتجات والمهندسين ومتخصصي أبحاث السوق الذين يعملون معًا لتطوير التصاميم المتوافقة مع ميول الجمهور المستهدف وتفضيلاته. وبالطريقة نفسها، سيُركز فريق الإنتاج على تصنيع الأثاث بالكمية المطلوبة وتبعًا لمعايير الجودة المعتمدة.
المميزات
- يُحسِّن الهيكل التنظيمي القائم على العمليات من كفاءة العمل.
- يُسهِّل من مراقبة الأداء وتتبعه، لأن كل عملية منفصلة ويُمكن قياس أداء القسم المسؤول عنها بصورةٍ مباشرة.
- يُيسِّر من التنسيق بين فِرق الشركة المتعددة، بسبب وضوح العمليات المتبعة وخط سير العمل، ما يجعل التواصل الخارجي بين الموظفين أكثر فعالية.
- يُقلل من الأخطاء التي قد تنتج عن التداخل بين القرارات، لأن كل قسم من أقسام الشركة هنا معنيّ بعملية محددة تسير وفقًا لمنهجية معتمدة.
- يُوفِّر مرونة عالية وقدرة كبيرة على مواجهة تغيرات السوق، لذلك يُعد هذا النوع من أنسب الأنواع للشركات الموجودة في أسواق شديدة التغير وكثيفة التحديات.
العيوب
- التعقيد: قد ينتج عن هذا النظام تعقيدات إدارية متشعبة؛ نظرًا لضرورة مراقبة العديد من العمليات المختلفة. ويتطلب هذا الأمر خبرة إدارية عالية ومراقبة شديدة الفعالية والدقة.
- صعوبة قياس الأداء: تقابل الشركات عادةً تحديات مختلفة عند مراقبة أداء الموظفين وتتبع إنتاجيتهم. وتتضاعف هذه الصعوبة عند اعتماد هذا النظام الذي يتطلب معايير تقييم شديدة الدقة.
لكن الخبر الجيّد هنا أنه يمكنك تقليل هذه الصعوبات من خلال الاعتماد على نظام تقييم الأداء ومراجعته من جسر؛ إذ يُوفِّر لك هذا النظام مزايا متعددة، مثل:
- تحديد المسؤول عن عملية التقييم
- تحديد معايير التقييم التي ترغب في اعتمادها
- تلقي إشعارات تذكيرية بتقييمات الأداء حسب المدة التي عينتها
وستجد العديد من المميزات الأخرى التي ستكتشفها بنفسك عند استخدامك للنظام. لذا، أدعوك هنا لتسهيل رحلة بناء شركتك باعتماد التقنيات الأكثر تقدمًا في المملكة واطلب عرضًا تجريبيًا للنظام من هنا الآن.
7. الهيكل المصفوفي Matrix Structure
يجمع الهيكل التنظيمي المصفوفي بين الجانب التقليدي والهيكل القائم على المشاريع أو منتجات الشركة؛ ففي هذا النظام ينتمي الموظفون إلى فرقٍ وظيفية مستقلة، وفي الوقت نفسه ينضمون إلى فرق مشاريع أو منتجات؛ مما يجعلهم يتلقون التعليمات والتوجيهات من مديري الوظائف والمشاريع على حدٍ سواء.
وهو بذلك يساعد الشركات على الاستجابة إلى التغيرات السريعة؛ خصوصًا إذا كانت بيئة السوق التي تعمل بها مُعقدة وشديدة التغيرات. وحتى نُوضِّح مفهوم الهيكل التنظيمي المصفوفي بصورةٍ أعمق، دعنا ننظر معًا إلى المثال التالي:
لنفترض هنا أنك مسؤول عن شركة تقنية كُبرى تُقدِّم العديد من المنتجات؛ فبدلًا من أن يعمل موظفوك تحت إشراف مدير واحد يتلقون منه التعليمات بصورةٍ حصرية، قررت تقسيم شركتك إلى عدة فِرق بناءً على الوظيفة، ثم دعمت هذا القرار بتقسيم الموظفين إلى فِرق مختلفة ترتبط بالمنتجات أو المشاريع الأخرى التي تعمل عليها في شركتك.
على سبيل المثال، ستُقسِّم مهندسي البرمجة إلى فريقٍ مستقل يعملون على تطوير البرمجيات في شركتك، ويُشرِّف عليهم مدير الهندسة. وفي الآن ذاته، ستُقسِّم هؤلاء المهندسين إلى فرقٍ أخرى، قد يعمل بعضهم على مشروع تطوير تطبيق جديد بإشراف مدير مشروع محدد. في حين يعمل الجزء الآخر منهم على مشروع مختلف كليًا عن المشروع السابق.
المزايا
- يُتيح هذا الهيكل التنظيمي للموظفين اكتساب خبرات متعددة وتقديم مساهمات متنوعة
- يسمح بتحقيق أكبر قدرٍ من التعاون والمساهمة داخل شركتك؛ لأنه يُهيئ تبادل المعرفة ويُعزز الابتكار
- يُوفِّر للشركات قدرة سريعة لإعادة توزيع مواردها وفقًا لاحتياجاتها؛ مما يُسهِّل من مواجهة تحديات السوق المحتدمة ويُقلل من استهلاك الموارد أو إهدارها
- يُزوِّد هذا الهيكل صناع القرار في الشركة برؤى شاملة لكيفية أداء المشاريع، ويزيد من معدل الشفافية. وينعكس هذا الأمر بالتبعية على القرارات، ما يساعد في اتخاذ إجراءات أكثر دقة
- يناسب الشركات الكبيرة التي تعمل في أسواق ديناميكية ويهمها التكيف السريع مع متغيرات السوق ومفاجآته غير المتوقعة
ولعل ما قاله ريتشارد دافت Richard Daft في مقدمة كتابه Organization Theory and Design هو أكثر ما ينطبق على الهيكل التنظيمي المصفوفي ومزاياه؛ إذ يقول:
«لا يكمن العنصر الأساسي لنجاح المؤسسة في بناء أو اعتماد مجموعة من السياسات والإجراءات فقط؛ لأن المنظمات تتكون من الناس وعلاقاتهم مع بعضهم بعضًا. توجد المنظمة عندما يتفاعل الموظفون معًا لأداء الوظائف الأساسية التي تساعد في تحقيق الأهداف. وتدرك الاتجاهات الحديثة في الإدارة أهمية الموارد البشرية، إذ باتت تُصمم معظم الأساليب الجديدة لتمكين الموظفين بفرص أكبر للتعلم والمساهمة في أثناء عملهم معًا لتحقيق الأهداف المشتركة».
العيوب
إذا فكرت معي هنا، ستجد أن معظم عيوب الهيكل المصفوفي تنبع من تعقيدات الإدارة؛ إذ يتلقى الموظفين تعليماتهم من مديري الوظائف والمشاريع في الوقت نفسه؛ مما قد ينتج عنه تداخلات في القرارات والتعليمات.
وقد يُؤدي أيضًا إلى نشوء صراعات متعددة داخل الشركة بسبب عدم القدرة على تحديد أولويات مُتفق عليها من الطرفين وتضارب التعليمات نتيجةً لاختلاف وجهات النظر والأهداف الفرعية لكل جهة.
وإلى جانب ذلك، من المهم أن تعرف النقاط التالية عند التفكير في إعداد هيكل تنظيمي مصفوفي في شركتك:
- يقتضي الهيكل المصفوفي التعاون الفعّال بين المديرين المختلفين.
- يحتاج الهيكل المصفوفي إلى إدارة ذات كفاءة عالية؛ حتى تتمكن من تنسيق العمل مع الموظفين بفاعلية.
- يتطلب هذا النظام اهتمامًا كبيرًا من الموظفين بالمهارات التنظيمية وإدارة أوقاتهم؛ لكي يتمكنوا من التعامل مع المعطيات المختلفة والمشاريع المتعددة ويحافظوا على إنتاجيتهم وتركيزهم.
- يتوجب عليك زيادة عدد المديرين والمشرفين في شركتك؛ لضمان التعاون والتنسيق المنشودين بين الفِرق المختلفة. وينتج عن ذلك تكاليف إضافية، سواءً أكانت تتعلق تلك التكاليف بــ رواتب المشرفين والموظفين أو بالدورات التدريبية المتنوعة التي ينبغي لك توفيرها للمديرين والموظفين للتعامل مع هذا النظام المعقد والتكيف مع متطلباته.
- يؤدي التشعب الناتج عن هذا النظام إلى تداخل خطوط السلطة والمسؤولية؛ مما ينعكس على سرعة اتخاذ القرارات في الشركة. لذلك، من الضروري أن تُنسق العمل مع مديري الوظائف والمشاريع للحصول على موافقتهم وآرائهم، ومن ثم الاتفاق معهم على وجهات نظر موحدة.
في نهاية هذه الفقرة، دعنا نتفق معًا على أن الهيكل التنظيمي المصفوفي قد يُزودك بالعديد من الفوائد؛ بسبب مرونته العالية وقدرته على توفير الموارد والاستفادة من خبرات الفريق في دورة المشاريع المختلفة، لكنه يستلزم إدارة شاملة تتميز بفاعليتها وكفاءتها؛ حتى تتمكن من التغلب على تعقيدات الإشراف وتداخل التوجيهات.
8. الهيكل التنظيمي الدائري Circular Organizational Structure
قد يبدو الهيكل الدائري مختلفًا عن الهياكل التنظيمية المُوضحة في هذا المقال اختلافًا كبيرًا، إلا أنه لا يزال يعتمد على التسلسل الهرمي للسلطة ولكن بطريقة أكثر ابتكارًا وانسيابية؛ إذ يحتل الموظفون الأعلى مستوى الحلقات الداخلية للدائرة، في حين تضم الحلقات الخارجية الموظفين من المستويات الأدنى.
وبذلك، لا يُنظر إلى القادة أو المشرفين على أنهم مديرون يُعممون توجهاتهم وتعليماتهم من أعلى الهرم وهم جالسون على القمة، لأن الهيكل الدائري يُوفِّر لهم نشر أفكارهم ورؤيتهم للخارج في صورة أكثر مرونة.
وبناءً على هذه المعطيات، يمكننا تعريف الهيكل الدائري على أنه نوع من الهياكل التنظيمية الذي يُوزع السلطة والمسؤوليات في الشركة بشكلٍ دائريّ يدور حول مركزٍ مشترك. وهو بذلك، يُتيح الانفتاح وتبادل المعلومات بسهولة، وهو يسمح بالتواصل الأفقي بين مختلف الأعضاء؛ مما يُساعد على تكامل رؤى العمل وأهدافه.
ومثال ذلك، شركة Zappos الأمريكية المتخصصة في بيع الأحذية والملابس والإكسسورات. تتبع Zappos الهيكل التنظيمي الدائري؛ إذ تبنت نموذج الهولاقراطية Holacracy، وهو يُعد نوعًا من الهياكل الدائرية التي تُقسم فيه الشركة إلى دوائر صغيرة تُدير نفسها إدارةً مستقلة، لكن تتُخذ القرارات بصورةٍ جماعية.
المميزات
- يُسهِّل الهيكل الدائري من التواصل بين مختلف أعضاء الفريق بفضل التواصل الأفقي
- يُوفِّر مساحة كبيرة من مشاركة الآراء والتعبير عنها بحرية
- يُمَكِن الشركات من التعامل مع تغيرات السوق بمرونة عالية
- يُسهم في تطوير المهارات القيادية لدى موظفي شركتك بغض النظر عن مناصبهم
- يُوزع القيادة بين أعضاء الشركة؛ مما يُخفف الضغط على مسؤولي الإدارة العليا في الشركة
العيوب
- قد تؤدي القيادة الجماعية إلى بطء اتخاذ القرارات وتضارب الآراء
- قد ينتج عن الهيكل التنظيمي الدائري فجوات في تحديد المسؤوليات بصورةٍ دقيقة؛ ما ينتج عنه تداخلًا في الأدوار الوظيفية
- قد يصعب عليك اعتماد هذا الهيكل إذا كانت شركتك كبيرة الحجم أو تشهد نموًا ملحوظًا؛ نظرًا للتعقيدات الإدارية والتنظيمية المحتملة
كيف تُصمم الهيكل التنظيمي المناسب لشركتك؟
يتطلب إعداد الهيكل التنظيمي فهمًا عميقًا لأهداف شركتك وثقافتها الفريدة؛ إذ يصعب أن يتلاءم قالب تنظيمي واحد لجميع الشركات على اختلاف أحجامها ورؤيتها.
وهذا ما يُؤكده المؤلف ستيفن روبنز في كتابه المشهور Organizational Behavior؛ إذ يقول: «يعتمد الهيكل المناسب للمنظمة على عددٍ من العوامل؛ بما في ذلك إستراتيجية المنظمة وحجمها والتقنيات التي تستخدمها والبيئة التي حولها».
وحتى تُسهِّل الأمر على نفسك، أنصحك باتباع الخطوات الآتية عند تصميم الهيكل التنظيمي المناسب لشركتك:
1. حدد أهدافك الإستراتيجية
أَجرِ تحليل سوات SWOT الرباعي الذي يدلك على نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات التي تُواجه شركتك. اسعَ أيضًا إلى تحديد رؤية الشركة باتباع المخططات التي ترغب في تحقيقها على المدى البعيد. صِغ أهدافك بطريقة واضحة واجعلها قابلة للقياس والتحقيق ومرتبطة بمجال منتجاتك ومؤهلاتك الحالية.
تذكر هنا أن تحديد أهداف مؤسستك أمرٌ بالغ الأهمية؛ إذ يساعدك على موازنة مواردك مع جهودك لتحقيق رؤيتك المنشودة. وهذا ما يُركز عليه الأب الروحي لعلم الإدارة بيتر دراكر Peter Drucker في كتابه The Practice of Management.
وعلى الرغم من أهمية إنشاء أهداف واضحة، إلا أن 51% فقط من الشركات هي مَن تحرص على تطوير أهداف متوافقة مع رؤيتها، و6% فقط من هذه الشركات تُراجع أهدافها الموضوعة بانتظام. لذا، كُن أكثر ذكاءً وحدد أهدافك مسبقًا؛ حتى تتمكن من اعتماد الهيكل التنظيمي الأكثر تناغمًا مع تلك الأهداف.
2. تحليل عمليات الشركة الأساسية
في كتابه المميز Reengineering the Corporation يقول رجل الأعمال الأمريكيّ مايكل همر Michael Hammer : «تطرح إعادة الهندسة مبدأً جديدًا جذريًا: وهو أن تصميم العمل يجب أن لا يعتمد على الإدارة الهرمية وتخصص العمل، بل على العمليات الشاملة التي تُجرى في الشركة بهدف خلق قيمة فريدة للعميل».
لذا، أدعوك هنا إلى تحديد العمليات الأساسية التي تتبعها في شركتك لتقديم خدماتك أو منتجاتك إلى الجمهور من البداية للنهاية؛ حتى تتمكن من فهم ما تحتاجه من موارد ومهارات لتلبية هذه العمليات وتأديتها على أكمل وجه.
3. فهم دور الموارد البشرية
من المهم أن تسعى هنا إلى تقييم كفاءات مختلف الأعضاء في شركتك. حدد أيضًا الفجوات الموجودة في مهارات الفريق وادرس سُبل التواصل المُتبعة في شركتك، ثم اسأل نفسك:
- هل يمكن حل هذه الفجوات باتباع طرق تنظيمية مختلفة؟
- وهل يمكن تحسين التواصل بين أعضاء الفريق إذا اُتبع نظام هيكلي أكثر مرونة مثل الهيكل التنظيمي الدائري؟
- ألم يحن الوقت بعد لتجربة نظام متطور لإدارة الموارد البشرية عوضًا عن طرق الإدارة التقليدية؟
ولا تنسَ أن تُزود فريقك -بعد الحصول على إجابات دقيقة- بدورات تدريبية مُنظمة وفعالة تُثري من مهاراتهم وتُقربهم لأهدافهم المهنية والشخصية؛ وبذلك ستمتلك فريقًا متميزًا من ذوي الكفاءات الملتزمين الذين سيُعززون نجاحات شركتك.
وهذا ما تُقره الدراسات المختلفة، منها ما أشارت إليه شركة Galloup التي أوضحت أن الموظفين المرتبطين بالعمل أعلى إنتاجية من غيرهم بنسبة 17%، ويُحققون أرباحًا أكبر بنسبة 21%.
4. تحليل البيئة التنافسية
يقول البروفيسور والخبير في مجال إستراتيجية الشركات مايكل بورتر Michael Porter: «يكشف فهم القوى التنافسية وأسبابها عن جذور الربحية الحالية للصناعة مع توفير إطار عمل لتوقع المنافسة ومؤثراتها».
ويشير مايكل في مقالات متعددة له إلى أن تحليل المنافسين يساعدك أيضًا على فهم أنظمتهم الداخلية التي يتبعونها لتحقيق أهدافهم؛ مما يعطيك معلومات عديدة قد تساهم في اعتماد الهيكل التنظيمي الأكثر توافقًا وتميزًا. لذلك اجمع في هذه الخطوة كل ما يهمك من معلومات عن المنافسين المباشرين وغير المباشرين.
وحدد نقاط قوتهم وضعفهم، وحاول أن تفهم كيف يُنظمون أعمالهم داخليًا وخارجيًا. حلل أيضًا اتجاهات السوق الحالية، واسعَ إلى اعتماد التقنيات التي تُسهِّل عليك، خاصةً إذا توافقت هذه التقنيات مع اتجاهات السوق والتشريعات المحلية والدولية.
وإذا فكرت معي هنا، ستجد أن رؤية المملكة 2030 تُولي أهمية كُبرى بالتحول الرقمي واعتماد التقنيات الأكثر حداثة. وهذه نقطة أساسية تُشجعك على اعتماد نظام جسر لإدارة الموارد البشرية في مؤسستك؛ لأنه يساعدك على متابعة الحضور والانصراف بطريقة سلسة، وإعداد مسير الرواتب بدقة عالية، وإنشاء تقارير عمل احترافية وغيرها من المزايا الأخرى التي تتكامل بمثالية مع الأنظمة الحكومية التي تهمك.
لكن يبقى السؤال المرتبط بموضوع مقالنا هنا، ألا وهو..
كيف يساعدك جسر على بناء الهيكل التنظيمي فعلًا؟
يُمَكِنك جسر من بناء الهيكل التنظيمي في شركتك خطوة بخطوة عن طريق:
- الدخول إلى صفحة الإعدادات، ثم الضغط على خيار «الهيكل التنظيمي» الذي يسمح لك بتحديد الأقسام الوظيفية في شركتك، سواءً أكانت أقسامًا رئيسية أو فرعية
- لاحظ هنا أنه يُمكنك إضافة 3 أقسام فرعية تحت القسم الرئيسي، ما يُتيح لك إنشاء تسلسل وظيفي يصل إلى 4 مستويات وباستطاعتك أيضًا وضع تعريف محدد للأقسام
- وبإمكانك تعيين المديرين المسؤولين عن كل قسم (إذا قررت تفعيل هذا الخيار، فسيتحتم عليك الالتزام بسلسة الموافقات على الطلبات بما يتناسب مع تسلسل الأقسام الهرميّ الموضوع)
- وستتمكن من البحث عن أي قسم داخل أقسام شركتك بكل سهولة، مما يضمن لك الحصول على معلومات مُحدثة وفورية عن هيكل شركتك
إذا أردت معرفة المزيد حول كيفية بناء الهياكل التنظيمية في جسر، يمكنك الرجوع إلى هذا الدليل.
أسئلة واعتبارات عند تصميم الهيكل التنظيمي
- ما قيم شركتك الحالية التي تسعى إلى التمسك بها؟
- ما أهدافك الحالية والمستقبلية؟ (على سبيل المثال، إذا كانت تُولي شركتك أهمية كُبرى في تمكين الموظفين والاشتراك في صناعة القرار، فقد يتوافق معك الهيكل التنظيمي الدائري).
- ما حجم مؤسستك؟
- ما طبيعة العمليات التي تُجرى في شركتك؟
- كيف ترغب في اتخاذ القرار في شركتك؟ (إذا كنت تُفضل اعتماد القرارات بطريقة مركزية، فسيناسبك عندئذٍ الهيكل التنظيمي الهرمي).
- ما مستوى المرونة والتكيف المطلوبين في شركتك؟
- ما أهمية التواصل الفعال والعمل الجماعي متعدد الوظائف في مؤسستك؟
- ما مهارات فريقك الحالي وخبراتهم، خاصةً فيما يتعلق بسير العمل ومتابعة المهام؟
- ما اتجاهات السوق الحالية؟
- ما الذي يتبعه المنافسون؟
- ما هو تصورك عن تحديد الأدوار والمسؤوليات الوظيفية في شركتك؟
- كيف سيؤثر الهيكل التنظيمي الذي اخترته على عمل الفريق وتنوعه وقدرته على تطبيق القرارات وتنظيمها بكفاءة وسرعة؟
- هل لديك أي متطلبات قانونية -محلية كانت أو دولية- خاصة بمجال شركتك وقد تُؤثر على اختيار ك للهيكل التنظيمي؟
الخلاصة
في كتابه Reframing Organizations، يقول المؤلف لي بولمان Lee Bolman:
«غالبًا ما يتم إطلاق الفِرق في فراغ، مع قليلٍ من التدريب أو الدعم أو من دونه. ولا تُوجد تغييرات مُنظمة ومُحدثة في تصميم عملهم مع غياب أنظمة جديدة لمساعدتهم في تحقيق تواصلٍ أفضل؛ ما ينتج عنه تصاعد الإحباطات. وقد ينتهي الأمر بالموظفين في اجتماعاتٍ لا نهاية لها يحاولون معرفة سبب كونهم فريقًا وما المتوقع منهم القيام به».
وإذا أردت تجنب هذا المصير في شركتك، فأنصحك هنا بفهم ما ذكرته من نقاطٍ رئيسية في هذا المقال؛ حتى تتمكن من إعداد الهيكل التنظمي الذي يساعد موظفيك على النمو والتطور في بيئة عمل قادرة على تلبية احتياجات جمهورها ودعم فريقها فعلًا.
أحمد عبد الوهاب
كاتب وباحث بخبرة تزيد عن 7 سنوات، يساهم مع جسر في كتابة موضوعات مفيدة يسعى من خلالها إلى ربط مسؤولي الموارد البشرية بنصائح عملية تساعدهم على تحقيق أقصى استفادة من مواردهم. تتركز أبحاثه في التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية وإدارة المواهب والأداء والتدريب الوظيفي، وغيرها من المجالات المرتبطة التي تمكّن صناع القرار من الوصول إلى أهدافهم واتباع إستراتيجيات أذكى وأكثر تميزًا. بجانب اهتمامه بالكتابة والبحث فهو حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك