تسجيل الدخول اطلب عرض تجريبي الآن
AR
اطلب عرضك الخاص الآن
AR

8 إستراتيجيات لبناء خطة إدارة التغيير التنظيمي

في بيئة العمل الحديثة التي تتغير بوتيرة متسارعة أصبحت الشركات والمنشآت مطالبة بالتطور الدائم لمواكبة التحديات، ولم يعد التغيير التنظيمي خياراً بل ضرورة إستراتيجية لاستمرارية النمو وتحقيق التميز. لذا نستعرض في هذا المقال المفاهيم الأساسية المرتبطة بإدارة التغيير التنظيمي ونحلل أسباب التغيير ودوافعه ومراحله، كما نسلط الضوء على العلاقة بين إدارة التغيير والتطوير التنظيمي وأهم الإستراتيجيات التي تضمن انتقالاً ناجحاً وفعّالاً نحو المستقبل.

نتناول في السطور التالية:

يعد التغير المؤسسي ظاهرة تلقائية تحدث دون تدخل مباشر من الإدارة بفعل عوامل طبيعية أو بيئية مثل تغير القوانين أو التطورات المناخية والاقتصادية، لذا فهو يوصف بأنه ظاهرة طبيعية ومستمرة في حياة المنشآت تحدث بدون تخطيط مسبق وبصورة تلقائية وعفوية، ما يجعله انعكاساً لعوامل خارجية لا تديرها المنشأة.

على النقيض من ذلك فإن التغيير التنظيمي هو عملية مقصودة ومخططة تهدف إلى تحقيق أهداف محددة، عبر تدخل إداري موجه لتكييف المنشأة مع محيطها أو تحسين أدائها.

ومن أبرز الفروق بين المفهومين إذاً:

التغيير المؤسسي التغيير التنظيمي وجه الاختلاف
تلقائي وعفوي مخطط ومقصود الطبيعة
يرتبط التغير بالبيئة الخارجية ولا يخضع لسيطرة الإدارة. التغيير مصدره داخلي بناء على خطط وقرارات الإدارة وبالتالي فهو يخضع لها. المصدر والتحكم
غالباً ما يكون التغير استجابة للعوامل التي فرضته دون هدف محدد فهو يحدث للمنظمة دون تخطيط. يستهدف التغيير تحسين الأداء أو التكيف مع التغير أو التغيرات المختلفة، وبالتالي تقوم به المنشأة لسبب وغاية محددة. الهدف

ما هو مفهوم التغيير التنظيمي؟

يعرّف د.أحمد ماهر التغيير التنظيمي في كتابه السلوك التنظيمي الصادر عام 2013 بأنه «إحداث تعديلات في أهداف وسياسات الإدارة أو فـي أي عنصـر آخـر مـن عناصـر العمـل التنظيمـي بهـدف ملائمة أوضـاع التنظيـم وأساليب عمل الإدارة وأنشطتها مـع تغييـرات وأوضـاع جديـدة فـي المناخ المحيط بـه، أو استحداث أوضـاع تنظيميـة وأسـاليب إداريـة وأوجـه نشـاط جديـدة تحقـق للتنظيـم السبق علـى التنظيمات الأخرى».

بينما يعرف «تيم ستوبييرسكي Tim Stobierski» التغيير التنظيمي بأنه «مجموعة الإجراءات التي تقوم بها الشركة لتغيير أحد المكونات الرئيسية لمنظمتها، مثل ثقافتها أو التقنيات الأساسية أو البنية الأساسية التي تستخدمها للعمل أو في عملياتها الداخلية».

ويمكننا أن نصوغ تعريفاً شاملاً للتغيير التنظيمي بأنه العملية التي تقوم من خلالها المنشأة بإجراء تعديلات جوهرية على إستراتيجياتها أو هياكلها أو عملياتها أو ثقافتها التنظيمية بهدف التكيف مع الضغوط الداخلية مثل ضعف الأداء التنظيمي وعدم الرضا الوظيفي والحاجة لتحسين بيئة العمل، أو الضغوط الخارجية مثل التطورات التكنولوجية وتغيرات السوق والعولمة والمتطلبات القانونية والسياسات العامة وتوقعات العملاء المتزايدة أو نتيجة لاندماج أو استحواذ إستراتيجي.

أسباب التغيير التنظيمي

في بيئة الأعمال المتغيرة والمتسارعة، يُعد التغيير التنظيمي ضرورة لا غنى عنها لبقاء المنشآت واستدامة نجاحها، فالتغيير لا ينبع من فراغ، بل يكون مدفوعاً بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية والإستراتيجية والاجتماعية، ومن أهمها:

العوامل الخارجية

تتأثر المنشآت بسلسلة من القوى الخارجية التي تفرض عليها الاستجابة والتكيف لضمان استمراريتها وتطورها، ومنها:

  • تغيرات السوق وتفضيلات العملاء: تؤدي التغيرات في تفضيلات المستهلكين وظهور أسواق جديدة إلى دفع المنشآت لتطوير منتجاتها أو تعديل إستراتيجياتها مثل التحول نحو التجارة الإلكترونية لتلبية المتطلبات الحديثة.
  • التقدم التكنولوجي: يعد التقدم التكنولوجي من أهم محركات التغيير التنظيمي إذ يؤدي إدخال تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة والحوسبة السحابية إلى ضرورة تحديث البنية التحتية والهيكل التنظيمي.
  • الضغوط التنافسية: تواجه المنشآت منافسة متزايدة مثل دخول لاعبين جدد أو تغيرات في الصناعة، ما يستوجب الابتكار وإعادة الهيكلة للحفاظ على الميزة التنافسية.
  • التغييرات القانونية والتنظيمية: تتطلب التشريعات الجديدة مثل قوانين حماية البيانات أو متطلبات الحوكمة أو تعديلات التشريعات الحالية تعديل السياسات والإجراءات لضمان الامتثال وتجنب العقوبات.
  • البيئة السياسية والاقتصادية: تؤثر الأحداث السياسية والتقلبات الاقتصادية، مثل التضخم أو الركود، على الخطط التشغيلية وتفرض إجراءات مثل تقليص التكاليف أو إعادة توزيع الموارد.

العوامل الداخلية

تنشأ دوافع التغيير أحياناً من داخل المنظمة نتيجة تحديات وتحولات تستوجب إعادة التكيف والتنظيم، مثل:

  • مشكلات الأداء وضعف الكفاءة: وتشمل انخفاض الأرباح وتراجع رضا الموظفين أو العمليات غير الفعالة، ما يستدعي إعادة تصميم العمليات أو إدخال تحسينات جذرية عليها.
  • النمو والتوسع: مع توسع المنشأة تظهر الحاجة إلى هياكل محدثّة لإدارة التعقيد، ما يدفع إلى إنشاء أقسام جديدة وتوزيع السلطة بفعالية.
  • التغييرات القيادية: غالباً ما يأتي القادة الجدد برؤى وإستراتيجيات مختلفة تتطلب تغيير الثقافة المؤسسية أو الإجراءات التشغيلية لتحقيق الأهداف الجديدة.
  • الثقافة التنظيمية: التوجه نحو ثقافة أكثر ابتكاراً أو تركيزاً على العملاء قد يتطلب تغييرات في القيم والسلوكيات وأسلوب العمل المعتمد.
  • الدمج والاستحواذ: في حالات الاندماج أو الاستحواذ، لا بدّ للمنشأة من إعادة توحيد الأعمال والوظائف والثقافات والعمليات لتشكيل كيان موحد فعال.

الدوافع الإستراتيجية والاجتماعية

تُحفّز عدة عوامل إستراتيجية واجتماعية المنشآت على تبنّي التغيير وتحديث آليات عملها باستمرار، ومنها على سبيل المثال:

  • تنفيذ إستراتيجيات جديدة: مثل دخول أسواق جديدة أو تطوير خطوط إنتاج جديدة، ما يتطلب دعماً تنظيمياً وهياكل مرنة للتكيف مع التحول.
  • تعزيز الابتكار والتحسين المستمر: تسعى الشركات الناجحة إلى التحسين الذاتي المستمر عبر الأتمتة وإعادة هندسة العمليات لرفع الجودة والكفاءة.
  • التغيرات الاجتماعية والثقافية: تشمل التغيرات في توقعات العملاء والموظفين والنزعة نحو التنوع والشمول والاهتمام بالاستدامة، ما يتطلب سياسات جديدة وبناء بيئة عمل تعكس هذه التوجهات.
  • ظروف السوق والعميل: مثل تغير الأذواق أو حاجات العملاء، ما يدفع المؤسسات لتجديد خدماتها باستمرار.

ما هي إدارة التغيير التنظيمي؟

وفقاً لمدونة التطوير المهني بجامعة هارفارد، فإن إدارة التغيير التنظيمي هي «منهجية مخططة تمكّن القادة من توجيه المؤسسة بنجاح خلال التغيير، مع تقليل الاضطرابات والمخاطر المحتملة».

​ومن التعريف السابق نجد أن إدارة التغيير التنظيمي هي الأسلوب المنهجي الذي تعتمد عليه المنشآت للتعامل مع التغيير وتنفيذه بنجاح، ولا تقتصر إدارة التغيير على مجرد تنفيذ قرارات جديدة، بل تشمل سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تهيئة الأفراد والأنظمة والعمليات لقبول التغيير والتفاعل معه.

وبما أن التغيير التنظيمي يمثل تحدياً كبيراً للمنشآت ويتطلب استثمار الوقت والطاقة للنجاح وتحقيق التحسينات المطلوبة في الأداء، فلا يمكن ترك هذه المخاطرة في التغيير للصدفة، إذ يمكن أن يؤدي التغيير الذي تتم إدارته بصورة سيئة إلى مقاومة طرق العمل الجديدة وضعف الروح المعنوية وتراجع الأداء وفقدان المواهب الرئيسية.

ومما سبق يمكننا أن نكتب تعريفاً لإدارة التغيير التنظيمي بأنها تمثل نهجاً مخططاً يهدف إلى نقل المنشأة من واقعها الحالي إلى حالة مستقبلية مرغوبة بأقل مقاومة وأعلى فاعلية من خلال ربط الأنشطة البشرية والمادية بخطة عمل مدروسة تشمل إجراءات واضحة وهياكل وإستراتيجيات متكاملة، وتتطلب هذه الإدارة قيادة واعية وتواصلاً فعالاً وفهماً عميقاً لثقافة المنظمة وسلوك الأفراد لضمان التكيف الإيجابي مع التغييرات وتعزيز القبول وتقليل المعوقات، كما تُعنى بإدارة تأثير التغييرات على جميع العمليات والأنظمة وتوظيف المعرفة التنظيمية لتحقيق نتائج مستدامة ومتوازنة.

مثال عملي على إدارة التغيير التنظيمي

تخيل على سبيل المثال منشأة سعودية متوسطة الحجم تعمل في تصنيع المنتجات الغذائية الصحية قررت فجأة التحول من نظام الإنتاج التقليدي إلى نظام تصنيع ذكي يعتمد على تقنيات الأتمتة والتحكم الرقمي استجابة لمتطلبات الجهات الحكومية المسؤولة وطلب عملائها الرئيسيين بالحصول على منتجات مصنّعة وفق معايير دقيقة.

لضمان نجاح هذا التغيير يجب على المنشأة وضع خطة لإدارة التغيير التنظيمي مدتها ستة أشهر تتضمن:

  • تعيين فريق مسؤول عن إدارة التغيير يشرف على جميع خطوات الانتقال.
  • تنفيذ برامج تدريب مكثفة لمشغلي الآلات والفنيين على التقنيات الجديدة.
  • إعداد حملات توعية داخلية تشرح أهداف التغيير وأثره على مستقبل الموظفين.
  • تصميم نظام دعم نفسي وعملي لمساعدة المتأثرين بالتحول وتخفيف مقاومة التغيير.
  • تطبيق جدول زمني واضح يوضح متى تبدأ كل مرحلة ومتى تنتهي.
  • مراقبة الأداء وتلقي الملاحظات خلال كل خطوة لضمان التصحيح الفوري.

خصائص إدارة التغيير التنظيمي 

تتسم إدارة التغيير الفعالة بمجموعة من الخصائص الجوهرية التي تجعل منها عملية ديناميكية ومتكاملة تتجاوز الأطر التقليدية للتخطيط والتنفيذ لتصل إلى عمق السلوكيات والثقافات التنظيمية، ومن أبرز هذه الخصائص:

  • التخطيط المنهجي والمنظم: لا تقوم إدارة التغيير التنظيمي على الارتجال، بل على خطط دقيقة تتضمن تحديد الأهداف ونطاق التغيير وتوزيع الأدوار وتخصيص الموارد وجدولة التنفيذ، ما يساهم في تقليل الفوضى وتوقع التحديات ومعالجتها بفعالية.
  • التواصل الفعال والشفاف: يقلّل من المقاومة ويبني الثقة، خاصة عندما يتم إشراك الموظفين في الحوارات وشرح أهداف التغيير وآثاره بصدق وتوفير قنوات تغذية راجعة مفتوحة.
  • التركيز على العنصر البشري: يشكّل الأفراد محور إدارة التغيير التنظيمي، إذ تؤثر التحولات على أدوارهم ومهامهم ومشاعرهم، ومن هنا تأتي أهمية الدعم النفسي والتدريب والإشراك الفعلي للموظفين وتمكينهم لضمان التكيف والالتزام والانتماء عبر إشعار الإفراد بأنهم جزء من الحل وليس فقط المتأثرين به.
  • القيادة الفعالة والملتزمة: القادة هم المحرك الأساسي للتغيير إذ يُظهرون التزامهم عملياً عبر إزالة العقبات وتوفير الموارد وتحفيز الفرق، وتعد القيادة القوية عاملاً حاسماً في تعزيز مصداقية التغيير وتوجيهه.
  • المرونة والقدرة على التكيف: تتطلب المرونة مراجعة مستمرة للخطوات وتعلّماً من التجربة واستعداداً لتعديل الخطط وتبديل الاتجاه بما يخدم الهدف النهائي.
  • إدارة المقاومة بذكاء: المقاومة جزء طبيعي من التغيير لذا تتبنى إدارة التغيير التنظيمي إستراتيجيات مخصصة لفهم دوافع المقاومة وتقديم الحوافز والحلول لمعالجة المخاوف وضمان القبول.
  • التقييم والتحسين المستمر: تشمل إدارة التغيير التنظيمي استخدام مؤشرات الأداء (KPIs) لقياس النجاح، مثل معدل تبني التغيير وتحسين الأداء والعائد على الاستثمار، فالتقييم المستمر يسمح بالتصحيح الفوري للمسار.
  • الاندماج الثقافي: لا يكتمل التغيير الحقيقي دون أن يصبح جزءاً من الثقافة التنظيمية، لذا تعمل الخطط إدماج التغيير في القيم والسلوكيات بما يضمن استدامته وتحويله من حدث إلى سلوك مؤسسي.
  • الواقعية والاستهداف الواضح: تعتمد خطة إدارة التغيير التنظيمي الناجحة على وضوح الرؤية والأهداف مع الأخذ بعين الاعتبار موارد المنشأة وقيودها، كما تضمن الواقعية أن التغيير قابل للتنفيذ ويحقق نتائج قابلة للقياس.
  • الرشد والتوازن بين التكلفة والعائد: تخضع قرارات التغيير لتحليل الجدوى الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن أن العائد يفوق التكاليف ويؤسس لممارسات مسؤولة ومبنية على معايير موضوعية.
  • القابلية للتطوير والابتكار: التغيير الناجح لا يكتفي بالتصحيح، بل يُعد فرصة لتحسين العمليات وتحفيز الابتكار ورفع كفاءة الموارد البشرية والمادية.

أهمية إدارة التغيير التنظيمي

تواجه المنشآت في العصر الحديث ضغوطاً متزايدة للتكيف مع بيئة أعمال سريعة التغير، وتبرز أهمية إدارة التغيير التنظيمي بوصفها منهجية إستراتيجية تضمن الانتقال السلس من الوضع الحالي إلى الوضع المستهدف مع المحافظة على استقرار الأعمال، ما يضمن للمنشأة تحقيق الفوائد التالية:

  • تعزيز مشاركة الموظفين وتقليل المقاومة: تسهم إدارة التغيير التنظيمي الفعالة في تعزيز التفاهم والانخراط من خلال التواصل الشفاف والتدريب والمشاركة في صنع القرار، الأمر الذي يخلق بيئة عمل إيجابية يشعر فيها الموظفون بالتقدير ما يزيد من احتمالية تقبلهم للتغيير.
  • تقليل الاضطرابات والحفاظ على الإنتاجية: يمكن أن يؤدي التغيير إلى اضطرابات في سير العمل وانخفاض مؤقت في الكفاءة، إلا أن إدارة التغيير تتيح تطبيق خطط انتقالية مدروسة تقلل هذه التأثيرات.
  • مواءمة التغيير مع الأهداف الإستراتيجية: ترتبط معظم التغييرات التنظيمية بتحقيق أهداف بعيدة المدى، مثل دخول أسواق جديدة أو تحسين الكفاءة، وتكمن أهمية إدارة التغيير في ضمان ارتباط هذه المبادرات الإستراتيجية برؤية المنشأة ورسالتها وأهدافها.
  • تقليل التكاليف والمخاطر التنظيمية: التغيير غير المُدار يؤدي غالباً إلى نتائج مكلفة تشمل فشل المشاريع وتراجع الروح المعنوية وتآكل السمعة، بينما تُمكّن إدارة التغيير التنظيمي من تفادي هذه المخاطر عبر إعداد العاملين جيداً وتوفير الموارد اللازمة وضمان عدم تجاوز الميزانية المقررة.
  • تعزيز المرونة المؤسسية والتكيف المستدام: بناء ثقافة قادرة على التكيف والتعلم المستمر لتحقيق التغيير دون فقدان التماسك التنظيمي.
  • تحسين رضا العملاء: يمتد تأثير إدارة التغيير إلى خارج حدود المنشأة ليشمل العملاء أيضاً، إذ تسهم التغييرات المُدارة بكفاءة في تحسين جودة المنتجات والخدمات وتقليل الانقطاعات، ما يؤدي إلى تعزيز رضا العملاء وولائهم.
  • دعم تطوير القيادات الإدارية: توفر عملية إدارة التغيير التنظيمي أرضية خصبة لصقل مهارات القادة في مجالات الاتصال والتفكير الإستراتيجي وإدارة الأزمات وترسيخ ثقافة الشفافية والابتكار وضمان استدامة النتائج.

إدارة التغيير والتطوير التنظيمي​

التطوير التنظيمي هو عملية مدروسة تهدف إلى تحسين أداء المنشأة وصحة بيئة عملها الداخلية من خلال إدخال تغييرات مدروسة في الهياكل والعمليات والثقافة والسلوك الجماعي بالاعتماد على مبادئ العلوم السلوكية، ويركّز التطوير التنظيمي على تمكين المنشأة من التكيف المستمر مع التغيرات من خلال خلق بيئة مرنة وتحفيز دور الأفراد بوصفهم عناصر فاعلة في التغيير، وهو لا يقتصر على معالجة مشكلات مؤقتة بل يُمثل إستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز الابتكار والاستدامة وتحقيق التوازن بين أهداف الأفراد وأهداف المنظمة.

فالتطوير التنظيمي إذاً لا يتعلق بحل أزمة آنية أو تغيير مؤقت في الهيكل التنظيمي، بل هو مسار طويل المدى يركّز على بناء قدرات داخلية وتغيير ثقافة المنشأة وتحديث عملياتها بطريقة مستدامة تجعلها قادرة على النمو الذاتي ومواكبة المتغيرات بثقة. 

ولتوضيح ذلك دعونا نعود إلى المثال السابق عن الشركة السعودية متوسطة الحجم والتي تعمل في مجال تصنيع المنتجات الغذائية الصحية، لنفرض مثلاً أنها تواجه تحديات متكررة في انخفاض الإنتاجية وارتفاع معدل دوران الموظفين إضافة إلى ضعف التكيف مع متطلبات السوق المتغيرة.

فبدلاً من معالجة كل مشكلة على حدة، قررت الإدارة تنفيذ خطة تطوير تنظيمي شاملة تستغرق عامين تهدف إلى تحسين الأداء العام وبناء منظمة مرنة وقادرة على النمو.

بدأت الخطة بقيادة خارجية من مستشار متخصص قام بتشخيص الوضع القائم عبر مقابلات واستبيانات وتحليل أداء الفرق والإدارات، فأظهرت النتائج ضعفاً في ثقافة العمل الجماعي ونقصاً في التواصل الفعّال وضعفاً في المسار الوظيفي.

واستجابت الشركة لذلك بإعادة تصميم الهيكل التنظيمي لتقليل التداخل بين الصلاحيات، واعتمدت نموذج فرق العمل بدلاً من الأسلوب الهرمي التقليدي، وأنشأت إدارة خاصة لتطوير الموارد البشرية، وفعّلت برامج تدريب مستمر تركز على القيادة والإبداع وحل المشكلات.

كما تم إطلاق مبادرة لتعزيز الثقافة المؤسسية تقوم على القيم المشتركة مثل الشفافية والاحترام والمشاركة، وتم إدخال نظام تغذية راجعة دوري يساعد الموظفين على تحسين الأداء وتبادل الآراء.

وبفضل تطبيق هذه الخطة بدأت الشركة تلاحظ ارتفاعاً في ولاء الموظفين وتحسناً في الإنتاجية وتقارباً أكبر بين الإدارات، ما انعكس على قدرتها على دخول أسواق جديدة بمرونة وسرعة.

العلاقة بين التطوير التنظيمي وإدارة التغيير التنظيمي والفروق بينهما

يرتبط التطوير التنظيمي وإدارة التغيير التنظيمي بعلاقة تكاملية إذ يشكل التطوير التنظيمي الرؤية العامة والتوجه المستدام نحو بناء منشأة أكثر قدرة على التعلم والنمو الذاتي بينما تقوم إدارة التغيير بتنفيذ التحولات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية.

كما يركّز التطوير التنظيمي على التحسين الشامل للمنشأة بأكملها من خلال مراجعة ثقافتها وهياكلها وعملياتها وأنظمتها بما يحقق الصحة التنظيمية والفعالية طويلة الأمد، أما إدارة التغيير التنظيمي فتركّز على تيسير التغييرات المحددة داخل المشروع أو في فترة زمنية قصيرة مثل اعتماد تقنية جديدة أو دمج وحدتين إداريتين.

فيركز التطوير التنظيمي على تحسين المنشأة من خلال تعزيز مشاركة الأفراد وتطوير سلوكياتهم عبر العمل الجماعي والبحث المستمر، وتهتم إدارة التغيير التنظيمي بتنفيذ التحولات المطلوبة فعلياً عبر خطط مدروسة لتقليل مقاومة التغيير وتحقيق نتائجه بفعالية، فيعالج إذاً التطوير التنظيمي سؤال كيف نبني منظمة قادرة على التغيير؟ في حين تعالج إدارة التغيير التنظيمي سؤال كيف نُنفّذ التغيير المطلوب بنجاح؟

والتالي فإن الفارق بينهما هو في النقاط التالية:

إدارة التغيير التنظيمي التطوير التنظيمي وجه الاختلاف
تركز على إدارة تغييرات محددة. تحسين المنشأة كاملة على المدى الطويل. التركيز
محدد يركز على التغيير المعين الذي يتم. يشمل الثقافة والهيكل التنظيمي والعمليات. النطاق
نهج تطبيق التغيير وتبنيه خلال مدة زمنية متوسطة تقريباً. يتبع نهجاً يعتمد التعاون والتعلم خلال فترة زمنية طويلة نسبياً. المدة الزمنية

مثال توضيحي

في سياق التحول الرقمي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، يمكن أخذ مثال توضيحي من إدارة التغيير في المؤسسات الحكومية مثل خطة وزارة العدل للتحول الرقمي، فقد أطلقت الوزارة خطة شاملة لتطوير خدماتها من خلال رقمنة الإجراءات العدلية وإعادة تصميم العمليات الداخلية لتقليل الاعتماد على الورق وتسهيل الخدمات القضائية.

فيظهر التطوير التنظيمي من خلال الجهد الإستراتيجي طويل المدى الذي قاد إلى تغيير الثقافة الإدارية بالكامل داخل الوزارة، إذ تم تدريب الموظفين على التقنيات الحديثة وتعزيز ثقافة الابتكار، وتحسين بيئة العمل وتحفيز العمل التعاوني وإعادة النظر في الهيكل التنظيمي بما يتناسب مع طبيعة الخدمات الرقمية الجديدة، وهذا يمثل تحولاً كاملاً في طريقة التفكير والعمل والقيادة داخل الوزارة.

أما إدارة التغيير التنظيمي فتمثلت في مراحل تنفيذ كل مبادرة رقمية على حدة، مثل إطلاق بوابة ناجز أو توثيق العقود إلكترونياً عبر وضع خطط مفصلة لإدارة التغيير في كل مشروع بما يشمل إشعار الموظفين بالتحديثات وتوفير التدريب التقني والتواصل المستمر ومعالجة مقاومة التغيير خلال نطاق محدد وفترة تنفيذ قصيرة نسبياً بهدف تسهيل الانتقال من النظام التقليدي إلى النظام الرقمي بدون تعطيل للخدمات.

فالتشابه بين النموذجين إذاً يكمن في أن كليهما يسعى إلى تحسين الأداء وتسهيل التكيف مع التغيرات، لكن الفرق أن التطوير التنظيمي بنى الأساس الثقافي والمؤسسي لاحتضان التغيير على مدى سنوات، بينما إدارة التغيير كانت الأداة التي نفّذت كل مرحلة من التحول بدقة وفاعلية.

ما هي مراحل إدارة التغيير؟

تختلف طرق تطبيق إدارة التغيير التنظيمي باختلاف المنشآت وطبيعة التغيير ولكن يمكن وضع خطوط أو مراحل عامة يمكن تطبيقها بصورة منهجية لزيادة احتمالية نجاح مبادرات التغيير وتحقيق الفوائد المرجوة وبناء قدرة أكبر على التكيف مع متطلبات بيئة الأعمال المتغيرة، وهذه المراحل هي:

  • تشخيص الواقع وتحديد التغيير المطلوب: يبدأ مسار التغيير بفهم عميق للواقع الحالي من خلال تحليل الأداء والسياق المحيط، ثم تحديد نوع التغيير المؤسسي المطلوب بدقة، سواء كان تحولاً تكنولوجياً أو هيكلياً أو ثقافياً، مع توضيح أسبابه وغاياته بصورة مقنعة لجميع أصحاب المصلحة، كما يجب أن يكون هذا التحديد مدعوماً ببيانات واضحة وتقييم شامل للفرص والمخاطر، بما يعزز قناعة الأفراد بأهمية التغيير.
  • تحليل المخاطر وضمان جدوى التغيير: قبل المضي في تنفيذ أي تغيير تُدرس السيناريوهات المحتملة ويُقيّم مدى قابلية التغيير للتطبيق، ويتم وضع خطط استجابة للمخاطر المتوقعة سواء كانت مقاومة داخلية أو تحديات خارجية أو مخاطر سلوكية، كما يتم التأكد من أن الفوائد المحتملة تفوق التكاليف مع ضمان توفر الموارد والوقت والدعم الإداري اللازم.
  • بناء البيئة الحاضنة للتغيير: لا يمكن تنفيذ التغيير دون بناء مناخ داخلي مشجع، وهذا يتحقق من خلال تواصل إداري فعّال وشفاف يعرض الرؤية المستقبلية بوضوح ويُشرك العاملين في التوجه الجديد ويُشجع على المشاركة وتبادل الآراء، كما يتم تشكيل فريق قيادي قادر على قيادة التغيير وتنسيق الجهود بين الإدارات.
  • تهيئة الهيكل الإداري والتنظيمي: تُعد الجاهزية المؤسسية أحد أهم عوامل النجاح، إذ يجب توزيع المهام بوضوح على الأفراد والفرق، وتحديث السياسات والإجراءات والهيكل التنظيمي بما يتماشى مع المتطلبات الجديدة، مع المراجعة المنتظمة للأدوات والأساليب التي تنظم العمل لضمان سلاسة التغيير وتوافقه مع الثقافة السائدة ووفق الجدول الزمني المحدد.
  • تنفيذ التغيير بمرونة وفعالية: ينتقل التغيير من التخطيط إلى التطبيق وفق نمط يناسب طبيعة المنشأة، سواء كان تدريجياً أو كاملاً، ويتم خلاله التأكيد على إزالة العوائق التي تعرقل التقدم وتوفير الدعم اللازم للتغلب على المقاومة إضافة إلى خلق إنجازات مبكرة قصيرة المدى تُستخدم لتعزيز الثقة وكسب التأييد الأوسع.
  • تمكين العاملين وتدريبهم على التغيير: يتطلب التغيير الناجح استثماراً في الأفراد، لذا يتم تزويد العاملين بالتدريب العملي اللازم لفهم الأدوات الجديدة والتكيف مع الأدوار المستحدثة، بالإضافة إلى تمكينهم من خلال منحهم صلاحيات تشجعهم على اتخاذ قرارات مسؤولة تساهم في تثبيت التغيير.
  • دمج التغيير في الثقافة المؤسسية: لكي لا يكون التغيير مؤقتاً يجب ترسيخه ضمن أنظمة الحوافز وتقييم الموظفين والأداء وإعادة تشكيل الثقافة المؤسسية لتعكس المبادئ والسلوكيات الجديدة، ويمكن توظيف قصص النجاح الداخلية ونماذج الأداء المتميز لدعم انتشار التغيير في كافة مستويات المنشأة.
  • مراجعة النتائج والتعلم المستمر: بعد تنفيذ التغيير يتم تقييم مدى تحقق الأهداف ومقارنة النتائج بالمؤشرات المحددة مسبقاً، ويُستخدم هذا التقييم مدخلاً للتعلم التنظيمي إذ تُستخلص منه الدروس وتُوثق لتُوظف في التحسين المستمر وصقل مبادرات التغيير المستقبلية.

إستراتيجيات إدارة التغيير التنظيمي

تُعد الإستراتيجيات المعتمدة لإدارة التغيير التنظيمي أداة أساسية لضمان نجاح أي تحول تنظيمي، إذ يساهم اتباع منهجية مجرّبة ومدروسة في تسهيل عملية التغيير وتقليل مستوى المقاومة، وتختلف هذه النماذج من حيث التعقيد والنطاق، فبعضها يناسب التغييرات الشاملة على مستوى المنشأة، في حين تُلائم الأخرى التغييرات المحدودة، وأمام هذا التنوع يبقى التحدي في اختيار الإستراتيجية الأنسب لطبيعة التغيير والظروف، وقد يتطلب الأمر أحياناً الجمع بين أكثر من نموذج لضمان تحقيق أفضل النتائج. ومن أبرز الإستراتيجيات والنماذج الخاصة بإدارة التغيير:

نموذج لوين (Lewin’s Change Management Model)

يُعد نموذج «كورت لوين» من أقدم النماذج في إدارة التغيير التنظيمي، ويُفيد في التغييرات التي تتطلب تحولاً جذرياً في السلوكيات والعمليات، إذ يُقسّم عملية التغيير إلى ثلاث مراحل رئيسية:

  • إذابة الجليد: تهيئة المنشآت للتغيير من خلال كسر العادات القديمة وتحدي المعتقدات القائمة.
  • التغيير: تنفيذ التغييرات المطلوبة، مع التركيز على التواصل والتدريب والدعم.
  • إعادة التجميد: تثبيت التغييرات الجديدة وجعلها جزءاً من الثقافة التنظيمية لضمان استدامتها.

نموذج ماكينزي (McKinsey Model)

يُستخدم هذا النموذج لتحليل التناسق بين العناصر التي تكونه وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تعديل لتحقيق التغيير المنشود، ويُركز على سبعة عناصر مترابطة يجب تنسيقها لتحقيق التغيير الفعّال:

  • الإستراتيجية: الخطة العامة لتحقيق الأهداف.
  • الهيكل: البنية التنظيمية للمنشأة.
  • الأنظمة: العمليات والإجراءات اليومية.
  • القيم المشتركة: المعتقدات الأساسية التي توجه سلوك الموظفين.
  • المهارات: القدرات والكفاءات المتاحة.
  • الأسلوب: أسلوب القيادة والإدارة.
  • الموظفون: القوى العاملة ومهاراتهم.

نموذج أدكار (ADKAR Model)

يُستخدم هذا النموذج لتوجيه الأفراد خلال عملية التغيير وضمان تبنيهم له بنجاح، إذ يركز على التغيير على المستوى الفردي، ويتألف من خمس مراحل:

  • الوعي وفهم الحاجة إلى التغيير.
  • الرغبة في المشاركة ودعم التغيير.
  • معرفة كيفية التغيير.
  • القدرة على تنفيذ التغيير.
  • الحفاظ على التغيير ومنع العودة إلى السلوكيات القديمة.

منحنى كوبلر-روس (Kubler-Ross Change Curve)

يساعد هذا النموذج القادة على فهم المشاعر التي قد يمر بها الموظفون وتقديم الدعم المناسب في كل مرحلة، إذ يصف الاستجابات العاطفية التي يمر بها الأفراد أثناء التغيير، وهي:

  • الإنكار: رفض التغيير أو عدم تصديقه.
  • الغضب: الشعور بالإحباط أو الظلم.
  • التفاوض: محاولة تأجيل أو تعديل التغيير.
  • الاكتئاب: الشعور بالحزن أو فقدان الحافز.
  • القبول: الاستعداد للمضي قدماً والتكيف مع التغيير.

نموذج ساتير (Satir Change Model)

يُركز هذا النموذج على التغيير من منظور شخصي وعاطفي وهو فعّال لفهم المراحل العاطفية التي يمر بها الأفراد، لكنه يتطلب دعمه بنموذج إداري لتحديد ما يجب تغييره وكيفية تنفيذه، ويتألف من خمس مراحل:

  • الوضع الراهن المتأخر: الروتين الحالي.
  • المقاومة: يشعر الأفراد بالخوف والقلق من الجديد، وقد يعبرون عن رفضهم بأساليب مباشرة أو غير مباشرة.
  • الفوضى: تبدأ الأنظمة القائمة بالتفكك وتظهر مشاعر الحيرة والتشويش، ما يؤدي إلى انخفاض مؤقت في الأداء.
  • الاندماج: تبدأ محاولات التأقلم إذ يتعلم الأفراد المهارات الجديدة ويتعاملون مع الواقع الجديد.
  • الوضع الراهن الجديد: يتم استقرار الأداء مجدداً بعد اعتماد التغيير، ويتحول السلوك الجديد إلى جزء من الممارسات اليومية.

نظرية كوتر للتغيير (Kotter’s 8-Step Change Model)

ابتكرها جون كوتر من جامعة هارفارد، وتُعد من أشهر النماذج في إدارة التغيير التنظيمي، يتميّز النموذج بتسلسله المنطقي وتأكيده على القيادة والتواصل، لكنه يتطلب دمج أدوات أخرى لتعزيز التفاعل العاطفي والمرونة، ويتكون من ثماني خطوات:

  • خلق شعور بالإلحاح: تسليط الضوء على المخاطر أو الفرص التي تجعل التغيير ضرورياً.
  • تشكيل فريق قيادي قوي: جمع قادة يتمتعون بالمصداقية والقدرة على توجيه التغيير.
  • تطوير رؤية وإستراتيجية: صياغة رؤية واضحة لما يجب تحقيقه.
  • نقل الرؤية بفعالية: استخدام كافة وسائل التواصل لتوضيح الرؤية والتحفيز.
  • تمكين الموظفين: إزالة العوائق وتوفير الموارد لتحفيز المبادرة.
  • تحقيق مكاسب قصيرة المدى: تحقيق إنجازات مبكرة لرفع المعنويات.
  • تعزيز الإنجازات ومواصلة التغيير: البناء على النجاحات لدفع التغيير إلى العمق.
  • ترسيخ التغيير في الثقافة: دمج القيم والسلوكيات الجديدة في ثقافة المؤسسة.

دورة ديمينغ (Deming Cycle – PDCA)

وهي دورة تحسين مستمر تُستخدم في إدارة التغيير التدريجي، وتعد مثالية في بيئات العمل المرنة التي تتطلب تحسينات مستمرة وقياساً دقيقاً للنتائج، وتتكون من:

  • التخطيط: تحديد المشكلات ووضع حلول.
  • التنفيذ: تجربة الحلول على نطاق صغير.
  • التحقق: تقييم نتائج التجربة وتحليل البيانات.
  • التصرف: تعميم الحل إذا ثبت نجاحه، أو تعديل الخطة والعودة إلى البداية.

8 نصائح هامة عند بناء إستراتيجية إدارة التغيير التنظيمي لمنشأتك

لبناء إستراتيجية فعّالة لإدارة التغيير التنظيمي في منشأتك، لا يكفي امتلاك رؤية واضحة فحسب، بل يجب أن تُرافق هذه الرؤية خطة مدروسة ومشاركة فعّالة للعاملين وتواصل شفاف، إلى جانب استخدام الأدوات الحديثة لضمان تنفيذ سلس ومُستدام، لذا نقدم لك النصائح التالية لضمان إستراتيجية إدارة تغيير فعالة:

1. ابدأ برؤية تغييرية واضحة ومُلهمة

كل تغيير ناجح يبدأ برؤية صادقة وملهمة تُجيب عن سؤال لماذا نقوم بهذا التغيير؟، لذا يجب أن تعبّر هذه الرؤية عن مستقبل أفضل وممكن، وأن تكون متوافقة مع قيم المنشأة واحتياجات العاملين، ولا يكفي أن تكون الرؤية مكتوبة ضمن الإستراتيجية بل يجب إيصالها بفعالية عبر القصص الواقعية وقنوات التواصل المتعددة، ما يعزز التزام الموظفين العاطفي تجاه التحول.

2. صمّم خطة تنفيذ مرنة ومدروسة

التغيير ليس حدثاً لحظياً بل مسار طويل، لذا يجب أن تكون إستراتيجية إدارة التغيير التنظيمي قابلة للتكيف مع المتغيرات ومبنية على تحديد الأولويات وتوزيع الموارد وتحديد جدول زمني منطقي. استخدم أدوات إدارة المشاريع والتحليلات لتوقع التحديات والتعامل مع مقاومة التغيير بصورة استباقية، وضع خططاً بديلة لضمان استمرارية التقدم.

3. شارك الموظفين وفعّل دورهم في التغيير

لا تحاول فرض التغيير من أعلى إلى أسفل، بدلاً من ذلك شارك الموظفين في مراحل التغيير المختلفة من بداية التخطيط إلى التنفيذ، من خلال ورش العمل والاستبيانات ومجموعات التركيز. لا تجعل موظفيك منفّذين فقط بل شركاء في صناعة القرار، فهذا يعزّز الشعور بالملكية والانتماء ويقلل من المقاومة.

4. عزز التواصل المستمر والشفاف واستفد من البيانات في الوقت الحقيقي

اجعل من التواصل قناة حيوية لتبادل المعلومات والتوقعات، أنشئ خطة تواصل تتيح الاستماع إلى المخاوف ووفر تغذية راجعة مستمرة واستخدم الأدوات الرقمية لتحليل مدى تجاوب الموظفين مع التغيير في الوقت الفعلي، إذ تساعد هذه البيانات على اتخاذ قرارات دقيقة وتعديل المسار في حال الحاجة.

5. واجه مقاومة التغيير بمهنية وتعاطف

مقاومة التغيير طبيعية إذ أن كل تغيير يخلق نوعاً من المقاومة، لذا بدلاً من قمع الأصوات المعارضة افهم دوافعهم واستمع لمخاوفهم وناقشها بصراحة، ثم أدرج خطة لمعالجة هذه المقاومة عبر الحوار والدعم النفسي والمشاركة الإيجابية وتقديم الأدلة الواقعية على جدوى التغيير.

6. ابنِ شبكة دعم من وكلاء التغيير داخل المؤسسة

لا تعتمد فقط على القيادة الرسمية كوّن شبكة من المؤثرين الداخليين الموثوقين من مختلف الإدارات، اختر موظفين موثوقين في كل وحدة تنظيمية ليكونوا وكلاء للتغيير ينقلون الرسائل ويُجيبون على التساؤلات ويسهمون في نشر الوعي ويقيسون النبض اليومي للتنفيذ، إذ يضمن وجود هذه الشبكة مرونة التغيير وانتشاره من الداخل، كما يقرب المسافة بين التخطيط والتنفيذ الفعلي.

7. استثمر في التدريب واستخدم التقنية لتحسين التغيير

لا يمكن عبور مرحلة التغيير دون رفع كفاءة الأفراد، لذا قدّم برامج تدريبية مرنة وواقعية باستخدام أدوات مثل المحاكاة والإرشاد ومنصات التعلم الرقمي. إضافة إلى ذلك، استفد من التكنولوجيا في تسهيل التنفيذ مثل لوحات التحكم الذكية وأدوات تحليل البيانات ومنصات التعاون ونظام جسر لإدارة الموارد البشرية لضمان المتابعة الدقيقة وتسهيل تبني التغيير.

8. احتفل بالنجاحات الصغيرة وكرّس ثقافة مستدامة للتغيير

قسّم مشروع التغيير إلى مراحل قصيرة يمكن تحقيقها وقياس أثرها بسرعة. احتفل بهذه النجاحات وامنح التقدير لمن ساهم فيها فالاعتراف بالمكاسب القصيرة يعزز المعنويات ويُظهر للموظفين أن التغيير مثمر، إضافة لذلك اجعل ثقافة التغيير جزءاً من الهوية التنظيمية من خلال دمج السلوكيات الجديدة في نظام المكافآت والقيادة اليومية والتقييم المستمر.

 

في الختام تُعد إدارة التغيير التنظيمي أساس التحولات الناجحة في المنشآت إذ تمكّنها من مواجهة المتغيرات بثبات ومرونة من خلال فهم الأسباب وتطبيق الإستراتيجيات المناسبة ما ينعكس إيجاباً على أدائها وثقافتها الداخلية، فالتغيير لا يتحقق بقرارات إدارية فقط بل بتفاعل جماعي وإيمان مشترك برؤية جديدة تحول التغيير من ظرف طارئ إلى ثقافة دائمة تقود نحو الريادة.

اقرأ أيضًا على مدونة جسر

الاشتراك-في-نشرة-جسر-HR-البريدية

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية