في بيئة الأعمال الحالية التي تتسارع فيها المتغيرات وتزداد التحديات، لم يعد النجاح التشغيلي لإدارة الموارد البشرية مرهوناً بالإجراءات اليومية فحسب، بل بوجود خطة تشغيلية متكاملة تضمن التناغم بين الأهداف الإستراتيجية والأنشطة التنفيذية، فالموارد البشرية لم تعد مجرد وظيفة إدارية، بل أصبحت شريكاً فاعلاً في قيادة الأداء وتحقيق النتائج.
ونتناول في السطور التالية مكونات خطة تشغيلية متكاملة لإدارة الموارد البشرية تتضمن:
- توضيح إستراتيجية الموارد البشرية
- تحديد الأهداف طويلة وقصيرة المدى
- وضع مؤشرات أداء رئيسية (KPIs)
- إعداد خطة القوى العاملة
- تنظيم خطة التدريب والتطوير
- حساب الميزانية التقديرية
ما هي الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية؟
تُعد الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية وثيقة تنفيذية تُترجم الأهداف الإستراتيجية للمنشأة إلى أنشطة ومبادرات محددة تُنفذ خلال فترة زمنية قصيرة، عادةً ما تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة، وتهدف هذه الخطة إلى تنظيم وإدارة القوى العاملة بفعالية من خلال تحديد المهام والمسؤوليات اليومية وتخصيص الموارد اللازمة وتحديد الجداول الزمنية للتنفيذ، بما يضمن مواءمة أنشطة الموارد البشرية مع الاحتياجات الفورية والتغيرات التشغيلية للمنشأة.
فبينما يُركز التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية على تحديد الرؤية طويلة المدى والأهداف العامة للشركة في إدارة وتطوير رأس مالها البشري، تُركز الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية على كيفية تحقيق هذه الأهداف من خلال مبادرات ومشاريع تُنفذ على المدى القصير.
خطوات إعداد خطة تشغيلية لإدارة الموارد البشرية
يتطلب إعداد خطة تشغيلية متكاملة لإدارة الموارد البشرية اتباع خطوات منظمة تضمن تحويل الرؤية الإستراتيجية إلى أنشطة واقعية قابلة للتنفيذ، وتُسهم هذه الخطوات في بناء خطة مترابطة تدعم الأهداف المؤسسية وتُعزز فاعلية إدارة رأس المال البشري، ومن أبرز مكونات الخطة:
1. توضيح إستراتيجية الموارد البشرية
يبدأ إعداد الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية من فهم وتوضيح إستراتيجية الموارد البشرية التي يمكن تعريفها بأنها رؤية طويلة المدى تشتمل على ممارسات وسياسات للتعامل مع العنصر البشري في العمل بصورة متكاملة ومتناسقة مع الإستراتيجية العامة للمنشأة، وتعمل على تحقيق رسالتها وغايتها وأهدافها في ظل متغيرات البيئة الداخلية والخارجية.
وبوصف الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية خارطة طريق عملية تترجم التوجه العام للمنشأة إلى ممارسات ملموسة لاستثمار رأس المال البشري بأقصى كفاءة، فإن الخطوة الأولى في إعدادها هي بناء هذه الخطة على فهم إستراتيجية الموارد البشرية للإجابة على سؤالين مهمين:
- إلى أين تتجه إدارة الموارد البشرية في المنشأة؟ ويتضمن ذلك تحليل الوضع الحالي من تحديات ومدى توفر الكفاءات ودراسة الهيكل التنظيمي والأنظمة والسياسات المعتمدة والثقافة المؤسسية التي تقوم عليها المنشأة.
- ما الذي تسعى إدارة الموارد البشرية إلى تحقيقه؟ أو أين نريد أن نكون في المستقبل؟ على أن يكون الطموح واقعياً يركز على كيفية تحويل الظروف الحالية من أداء وأنظمة وثقافة إلى الصورة المستقبلية التي نتطلع إليها.
وتبدأ الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية بتوضيح إستراتيجية الموارد البشرية بإيجاز ضمن رؤية ورسالة ومبادئ:
الرؤية
تمثل الحالة المستقبلية التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها عبر ترجمة الطموحات الكبرى ضمن هدف ملهم، ولا يمكن للرؤية أن تكون منفصلة عن الواقع، كما لا يجوز أن تكون متواضعة تفتقر للطموح، فالرؤية المتزنة تجمع بين الطموح والإمكانية، على سبيل المثال:
- أن نكون جهة رائدة في إدارة رأس المال البشري وفق أعلى معايير التمكين والتميز الوطني.
- أن نصبح بيئة العمل المفضلة للمواهب الوطنية في قطاع التجزئة بالمملكة العربية السعودية.
- أن نبني ثقافة عمل ملهمة تجذب أفضل الكفاءات التقنية وتسهم في ريادة التحول الرقمي في المملكة.
الرسالة
توضح الرسالة الهدف الأساسي من وجود إدارة الموارد البشرية داخل المنشأة، وتُركز على القيم المضافة التي تقدمها الإدارة للموظفين والإدارات الأخرى، ونوعية الخدمات التي توفرها مثل دعم الموظفين وتطويرهم وتحسين بيئة العمل، كما تُساعد على توجيه الأنشطة اليومية لتكون متوافقة مع أهداف المنظمة الكبرى.
ومن أمثلتها:
- توفير خدمات موارد بشرية متكاملة تدعم استقطاب الكفاءات الوطنية وتطويرها وتحقيق التوازن بين الأداء والعدالة الوظيفية.
- تقديم تجربة موظف متميزة من خلال ممارسات موارد بشرية مرنة وفعالة تعزز الولاء وتدعم نمو الأعمال وتواكب تطلعات السوق السعودي.
- تمكين المواهب التقنية من الإبداع والتطور داخل بيئة عمل مرنة تركز على النتائج وتُقدّر الإنجاز الفردي والجماعي.
القيم
تمثل المبادئ الأخلاقية والسلوكية التي تلتزم بها إدارة الموارد البشرية وتنطلق منه جميع أنشطتها، وهي ليست مجرد تعداد للمبادئ الثابتة التي تشكل الثقافة الداخلية للإدارة وتنعكس على علاقاتها مع الموظفين والعملاء الداخليين والخارجيين، بل يجب أن تكون هذه القيم قابلة للتحول إلى معايير سلوكية يُقاس عليها أداء الموظفين، فعندما تُدرج عبارة روح الفريق على سبيل المثال ضمن القيم ينبغي أن تنعكس في تقييم الموظف من خلال القدرة على التعاون مع الآخرين، ومن أمثلة القيم المؤسسية:
- العدالة
- الشفافية
- التمكين
- السرعة في الاستجابة
- الابتكار
- المرونة
- التعلم المستمر
- الاحترام
مواءمة الرؤية والرسالة والقيم مع إستراتيجية المنشأة
لا يمكن لإدارة الموارد البشرية أن تبني خطة تشغيلية فعّالة ما لم تكن أهدافها المنشودة متكاملة تماماً مع الإستراتيجية العامة للمنشأة، لذا يجب أن تكون رؤية الموارد البشرية جزءاً من الرؤية الكبرى للمنشأة وأن تدعم رسالتها وتعكس قيمها، بمعنى آخر لا يمكن أن تعمل إدارة الموارد البشرية بصورة منفصلة عن الأهداف الرئيسية للشركة.
على سبيل المثال إذا كانت المنشأة تخطط للتوسع في أسواق جديدة فيجب أن تتضمن إستراتيجية الموارد البشرية خططاً واضحة لاستقطاب موظفين أكفاء وتأهيلهم بما يتماشى مع احتياجات الأسواق المستهدفة. وبالمثل إذا كانت المنشأة تركز على تعزيز الابتكار فعلى إدارة الموارد البشرية أن تبني بيئة عمل تُشجع على التفكير الإبداعي وتدعم الأفكار الجديدة.
2. تحديد الأهداف طويلة وقصيرة المدى
توضح مرحلة تحديد الأهداف كيفية تحويل الرؤية الإستراتيجية للموارد البشرية إلى مسارات قابلة للتنفيذ والقياس، ولتحقيق ذلك لا بدّ من تفكيك الأهداف إلى مستويات زمنية واضحة تشمل الأهداف طويلة المدى والأهداف السنوية قصيرة المدى التي تقود تدريجياً إلى الإنجاز الإستراتيجي الكامل.
تحويل إستراتيجية الموارد البشرية إلى أهداف طويلة المدى
بعد الفهم الشامل للرؤية العامة للمنشأة وتحليل إستراتيجية الموارد البشرية الخاصة بها تأتي خطوة استخراج الأهداف طويلة المدى منها عبر تحويل الرؤية والرسالة والقيم العامة للمنظمة إلى أهداف إستراتيجية واضحة بهدف خلق مسار طويل المدى يعمل عليه الفريق بخطى ثابتة، وتوجيه كافة الإمكانات نحو تحقيق هذه الأهداف التي يجب أن تكون:
- طويلة الأجل تركّز على مستقبل المنشأة خلال ثلاث إلى خمس سنوات قادمة، بما يتماشى مع التوجه العام للشركة.
- واقعية وقابلة للتنفيذ وفق الموارد والميزانيات المتاحة.
- قابلة للقياس وفق مؤشرات يتم تحديدها لاحقاً.
- شاملة لكافة المحاور المؤثرة في المنشأة.
- موجهة لصنع قرارات إدارة الموارد البشرية في تخصيص الموارد وتحديد الأولويات.
وسواء كانت الأهداف تركز على التوسع أو الابتكار أو رفع الكفاءة أو تحسين تجربة العميل أو غيرها فلا بدّ لضمان البدء الصحيح بإعداد خطة تشغيلية لإدارة الموارد البشرية من التنسيق مع قادة الأعمال ومسؤولي الأقسام لتحويل هذه التوجهات إلى متطلبات واضحة مثل الحاجة إلى مهارات نوعية أو إعادة بناء القدرات أو تطوير الأداء الوظيفي.
وبعد تحديد الأهداف الإستراتيجية طويلة المدى يتم توزيعها على عدة ركائز أساسية تمثل المجالات المحورية لعمل إدارة الموارد البشرية التي تستند عليها خططها في دعم الرؤية العامة للمنشأة، وتُعد هذه الركائز ترجمة عملية لمجالات التأثير الرئيسية إذ تنظم كل ركيزة مجموعة مترابطة من المبادرات والأنشطة التي تساهم في تحقيق هدف إستراتيجي محدد، وتشمل هذه الركائز عادةً:
- التكنولوجيا والتحول الرقمي.
- القيادة وتمكين الكفاءات.
- استقطاب الكفاءات والاحتفاظ بالمواهب.
- تعزيز ثقافة العمل والالتزام وبناء بيئة محفزة وجذابة.
- تطوير الأداء والتميز والكفاءة التشغيلية.
ويسمح وجود هذه الركائز بتوجيه الموارد البشرية وفق الأولويات وتحديد المسؤوليات ومجالات التأثير ضمن منظومة واضحة ومترابطة، كما يعد ضرورياً لضمان تحويل الأهداف بعيدة المدى إلى خطط تشغيلية دقيقة قابلة للتنفيذ، إذ يُسهم هذا التوزيع في تحقيق وضوح كامل عند تحديد الأهداف التشغيلية التي تُشتق من كل ركيزة، ويساعد على ضمان التوازن بين مجالات التطوير المختلفة ويمنع التركيز المفرط على جانب واحد، كما يسهّل إعداد مؤشرات أداء مرتبطة بسياق كل مجال ومتابعته بدقة.
وضع أهداف تشغيلية قصيرة المدى
تبدأ عملية تحديد الأهداف التشغيلية قصيرة المدى سواء السنوية أو لفترة زمنية أقل بتفكيك كل هدف إستراتيجي إلى عناصر أصغر يمكن تنفيذها خلال هذه الفترة، ما يربط الرؤية بعيدة المدى بالإجراءات اليومية ويحول الطموحات الكبيرة إلى خطوات واقعية وملموسة تلتزم بمعايير SMART لضمان الدقة والفعالية.
وتعتمد الأهداف قصيرة المدى في الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية على بناء متسلسل يبدأ بتحقيق أهداف متدرجة تتكامل عبر السنوات لتقود إلى تحقيق الهدف الإستراتيجي الكامل، إذ يجري جمع البيانات وتحديد الفجوات ثم تنفيذ المبادرات وبعدها قياس الأثر وتوسيع النجاحات، ويمنح هذا التفصيل السنوي المرونة لإعادة التوجيه عند الحاجة كما يضمن الاستفادة من إنجازات كل عام في بناء العام التالي.
ولا بدّ عند صياغة الأهداف التشغيلية قصيرة المدى من التركيز على:
- ربط الأهداف التشغيلية بركائز الموارد البشرية السابقة مثل إدارة الأداء وتطوير المواهب والامتثال وتكنولوجيا الموارد البشرية ما يعزز اتساق الخطة وارتباطها العملي بالأولويات.
- صياغة أهداف قابلة للتنفيذ والقياس ومدعومة بالبيانات استناداً إلى مؤشرات القوى العاملة مثل معدل الدوران ومتوسط وقت التوظيف ومستوى رضا الموظفين، ما يضمن واقعية الهدف ودقة التدخلات.
- معالجة الاحتياجات الفورية وتعزيز الأداء المرحلي بالتركيز على تلبية الاحتياجات الآنية للموارد البشرية، مثل تحسين عمليات الانضمام وتقليل معدل التغيب وتطوير الكفاءات، ما يعزز استقرار بيئة العمل ويحقق نتائج ملموسة خلال فترة زمنية قصيرة ويدعم الرؤية طويلة الأجل دون انحراف.
ربط الأهداف بالمبادرات
تُعد محفظة المبادرات والمشاريع أداة استراتيجية حيوية في الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية، إذ تُترجم الأهداف التشغيلية والاستراتيجية إلى أنشطة ملموسة قابلة للتنفيذ والتتبع، وتُسهم هذه المحفظة في توجيه الموارد بفعالية نحو المبادرات ذات الأولوية ما يعزز من تحقيق الأهداف التنظيمية. ويمكن التفريق بين كل من المبادرة والمشروع وفق التالي:
- المبادرة (Initiative): جهد إستراتيجي شامل يهدف إلى تحقيق هدف معين، وقد يتضمن عدة مشاريع مترابطة، وتعد المبادرات أكثر شمولاً وتركز على النتائج طويلة الأمد.
- المشروع (Project): جهد مؤقت ذو بداية ونهاية محددتين، يركز على تنفيذ مهمة أو إنتاج مخرج محدد، وتُعد المشاريع مكونات تنفيذية ضمن المبادرات.
على سبيل المثال، قد تتضمن مبادرة تحسين تجربة الموظفين الجدد مشاريع مثل تطوير بوابة إلكترونية للإعداد الوظيفي، وتصميم حزمة الترحيب بالموظفين الجدد.
ولضمان تحقيق الأهداف التشغيلية، يجب ربط كل هدف بمبادرة أو أكثر تُنفذ خلال العام، ما يُسهّل تتبع التقدم ويضمن توجيه الجهود نحو تحقيق النتائج المرجوة.
كما يُفضل تنويع محفظة المبادرات بما يُعزز من تحقيق الأهداف السنوية مع مواصلة التقدم نحو الأهداف الإستراتيجية عبر نوعين من المبادرات:
- مبادرات قصيرة الأمد تُحقق نتائج سريعة، مثل تحسين كفاءة التوظيف أو أتمتة عمليات الرواتب.
- مبادرات طويلة الأمد تُركز على تغييرات إستراتيجية وتُحدث أثراً عميقاً ومستداماً في بيئة العمل مثل تطوير ثقافة الأداء عبر إعادة تصميم نظام التقييم وربطه بالحوافز والتطوير المستمر وبناء قدرات القادة في إدارة الأداء.
ولضمان تحقيق الاستفادة المثلى من المبادرات لا بدّ من مراعاة النقاط التالية:
- التأكد من أن كل مبادرة تدعم هدفا إستراتيجياً محدداً.
- تحديد أولويات المبادرات عبر استخدم معايير مثل الأثر المتوقع والموارد المتاحة والجدوى الزمنية لتحديد أولويات التنفيذ.
- المراجعة والتحديث الدوري لتقييم التقدم وتحديث الخطط وفق الحاجة.
- الاعتماد على أدوات وتقنيات حديثة لتتبع المبادرات وتحليل الأداء.
- تعزيز الشفافية والمساءلة حول تقدم المبادرات والتحديات والنجاحات.
- التحديد الدقيق للتفاصيل الأساسية لكل مبادرة بوصفها بدقة واستخدام معرف أو رمز فريد لها لسهولة التتبع وتحديد المسؤول عنها ومدة تنفيذها ووضع ميزانية واضحة لها ومقاييس محددة لتتبع نجاحها.
أمثلة عملية لتحديد الأهداف الإستراتيجية والتشغيلية وربطها بالمبادرات:
- الركيزة: تطوير وتمكين رأس المال البشري.
- الهدف الإستراتيجي: بناء منظومة تخطيط التعاقب الوظيفي.
- الهدف التشغيلي لعام 2025: تحديد الوظائف الحرجة وتقييم الجاهزية القيادية.
- المبادرة: مبادرة قيادات الغد، وهي تنفيذ برنامج تقييم شامل لتحديد المرشحين للقيادة، وتصميم خطط تطوير فردية لهم تشمل دورات ومهام تكليفية وتوجيه مباشر، والجهة المسؤولة عنها هي إدارة التطوير والتخطيط، بميزانية 30 ألف ريال، وبمدة زمنية سنة ميلادية، ويجب أن تحقق تغطية 100% من الوظائف القيادية بخطط تعاقب جاهزة بنهاية البرنامج مع رضا الإدارة التنفيذية عن جودة المرشحين بما لا يقل عن 85%.
- المشاريع الفرعية: مشروع تحديد الوظائف الحرجة لتحليل الهيكل التنظيمي وتحديد المواقع الحساسة وإعداد قائمة بالوظائف التي تتطلب خطة تعاقب. ومشروع تصميم برامج التطوير لإعداد برامج تدريبية داخلية وخارجية وعقد اجتماعات ربع سنوية لمراجعة التقدم والتحديثات.
3. وضع مؤشرات أداء رئيسية (KPIs)
تُعد مؤشرات الأداء الرئيسية في الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية ركيزة محورية تُسهم في ترجمة الجهود اليومية إلى نتائج قابلة للقياس وتُعزز القدرة على مراقبة الأداء وضمان المواءمة مع الأهداف الإستراتيجية للمنشأة، إذ تفتح المجال أمام التحسين المستمر من خلال ربط البيانات التشغيلية بالقرارات الإدارية، وتُوفير إطار موضوعي لفهم اتجاهات الأداء وتوجيه المبادرات نحو تحقيق أهدافها.
ربط مؤشرات الأداء الرئيسية بأهداف ومبادرات الخطة التشغيلية للموارد البشرية
يجب أن تعكس مؤشرات الأداء الرئيسية في الموارد البشرية بصورة مباشرة الأهداف المحددة في الخطة التشغيلية، لذا يجب أن تقيس مؤشرات الأداء الرئيسية التقدم المحرز في المبادرات والمشاريع المحددة ضمن الخطة التشغيلية والتي تم ربطها بأهداف محددة، ويشمل ذلك اختيار مؤشرات تغطي الجوانب السلوكية والتنظيمية والمالية مع قابلية القياس الزمني.
وإضافة لكون هذه المؤشرات مرتبطة بكل مبادرة بمؤشر أداء واضح يعكس الغاية منها ويُظهر التأثير الفعلي للجهود، لا بدّ عند تحديد هذه المؤشرات مراعاة أن تكون:
- مفهومة ومتفق عليها أي أن جميع أصحاب العلاقة يفهمون المؤشر ويستخدمونه بصورة موحدة، ويمكن تتبعه عبر الوقت وتحليله بدقة. على سبيل المثال إذا كان الهدف التشغيلي هو رفع كفاءة الموظفين بنسبة 60% من خلال مبادرات تطوير المهارات الأساسية، فإن المؤشرات المستخدمة يمكن أن تكون نسبة إكمال الموظفين لدورات التدريب ومتوسط نتيجة تقييم ما بعد التدريب.
- دقيقة ومحددة وقابلة للقياس وممكنة التحقيق وذات صلة ومرتبطة بإطار زمني، فإذا كان الهدف التشغيلي هو تعزيز تجربة الموظف ورفع مستويات الرضا الوظيفي بنهاية عام 2025 عبر مبادرة تنفيذ برنامج شامل لتحسين بيئة العمل يشمل مراجعة سياسات العمل المرن وتطوير قنوات التغذية الراجعة، فإن مؤشرات الأداء المحتملة يمكن أن تكون نسبة رضا الموظفين في استبيان الرضا الوظيفي السنوي على أن لا تقل عن 85% بنهاية الربع الرابع، ومعدل المشاركة في استبيان الرضا الوظيفي على أن لا تقل المشاركة عن 70% من إجمالي الموظفين.
- متنوعة بين مؤشرات تنبؤية تُستخدم للقرار والمبادرة وأخرى لاحقة تُظهر النتائج بعد التنفيذ. على سبيل المثال من المؤشرات التنبؤية التي تساعد في اتخاذ القرار قبل حدوث النتائج عدد الوظائف الحرجة التي لم يُعين لها بديل حتى الآن، ويهدف هذا المؤشر لضمان استمرارية العمل وتخطيط التعاقب الوظيفي. ومن المؤشرات اللاحقة التي تقيس الأثر بعد التنفيذ عدد القادة الذين تمت ترقيتهم بعد اجتياز برنامج القيادات لتقييم فعالية البرنامج في تأهيل الكفاءات.
- مرنة وقابلة للتحديث وتُدمج في نظام تقارير يسهل الرجوع إليه في صنع القرار والتتبع، فإذا كان الهدف هو أتمتة عمليات الموارد البشرية بنسبة 80% بنهاية العام عبر إطلاق منصة إلكترونية موحدة للتوظيف وإدارة الأداء والرواتب، فيمكن استخدام مؤشر نسبة العمليات المكتملة رقمياً مقارنة بإجمالي العمليات اليدوية السابقة، إذ يمكن توسيع نطاقه ليشمل وحدات جديدة مثل التأمينات أو الشكاوى، أو تعديله وفق نوع العمليات المُؤتمتة إذا تغيرت الأولويات التقنية، كما أنه يحدّث دورياً وفق البيانات المستخرجة من النظام ويُعرض في لوحة التحكم وضمن تقارير التحول الرقمي الموجهة للإدارة العليا.
نصائح لاختيار مكتبة مؤشرات الأداء المناسبة للخطة التشغيلية
تُعد عملية اختيار مؤشرات الأداء خطوة محورية في نجاح الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية إذ تُسهم في تحويل الأهداف الإستراتيجية إلى نتائج قابلة للقياس وتُساعد على توجيه الموارد والجهود نحو تحقيق التأثير المطلوب على مستوى الأداء الفردي والجماعي، ومن أبرز النصائح لاختيار المؤشرات المناسبة:
- فهم الأولويات التنظيمية وتحديد المجالات الحرجة بالتركيز على ما يدعم إستراتيجية المنشأة ويمنح فريق الموارد البشرية رؤية واضحة نحو ما يجب تحقيقه فعلياً في المدى القصير والمتوسط والطويل.
- إشراك القيادات وأصحاب المصلحة في عملية اختيار المؤشرات لتعزيز التوافق المؤسسي وكسب الدعم من الجهات المؤثرة على القرارات التشغيلية ما يزيد من فاعليتها وقابلية تطبيقها ويمنحها مصداقية أعلى عند التقييم والتحسين.
- التركيز على عدد محدود من المؤشرات الأكثر تأثيراً لتجنب التشتت والمساعدة في تركيز الجهود وتسهيل المتابعة والتحليل وإبقاء عملية القياس واقعية وعملية.
- اختيار مصادر دقيقة لجمع البيانات مثل قواعد بيانات الموارد البشرية وأنظمة تتبع الأداء ومنصات التقييم والاستبيانات والملاحظات المباشرة، كما تساعد أنظمة إدارة الموارد البشرية الرقمية مثل نظام جسر على تسهيل جمع البيانات وتحويلها إلى مؤشرات دقيقة تُدمج ضمن التقارير الدورية.
- إجراء مراجعة دورية للمؤشرات لضمان توافقها مع الأهداف التشغيلية المتجددة وتعديل المؤشرات أو تحديثها استجابة للتغييرات، ما يساعد في الحفاظ على فعالية النظام الرقابي وتوجيه الأداء بمرونة واحترافية.
4. إعداد خطة القوى العاملة
تُعد خطة التوظيف خطوة تنفيذية محورية ضمن الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية، إذ تمثل حلقة وصل فعالة بين التخطيط الإستراتيجي والرؤية المستقبلية وبين الواقع التشغيلي ومتطلبات التشغيل، فلا يُمكن بلوغ الكفاءة التشغيلية أو تحقيق الأهداف المؤسسية دون توجيه دقيق ومدروس لحركة التوظيف والتسريح بما يضمن التوازن والاستجابة لمتغيرات السوق والبيئة الداخلية
التخطيط السنوي للقوى العاملة
ينطلق إعداد خطة التوظيف من تحديد الاحتياجات السنوية للموارد البشرية، إذ تُعد خطة القوى العاملة المرجع الأساسي لرصد الفجوات المتوقعة وتحليل الكوادر الحالية والمستقبلية، ويتطلب ذلك:
- حصر الوظائف المطلوبة ومواقعها الجغرافية وفقاً للأهداف التشغيلية والهيكل التنظيمي المحدث.
- تحديد التخصصات الفنية والمهنية اللازمة لتنفيذ المبادرات وتشغيل المشاريع.
- ضبط الفترات الزمنية لكل عملية تعيين بناءً على أولويات التنفيذ وبدء المشاريع.
- تخصيص الموارد المالية ضمن الميزانية التشغيلية لتغطية كامل دورة التوظيف من الإعلان وحتى التدريب.
ويعتمد هذا النوع من التخطيط على أدوات تحليل القوى العاملة مثل فجوة المهارات ومؤشرات الدوران الوظيفي، ويهدف إلى تعزيز الجاهزية والاستباقية في إدارة رأس المال البشري، ما يضمن سلاسة تشغيل العمليات وخفض تكاليف التأخير أو التوظيف العشوائي.
خطة التوظيف
تندرج خطة التوظيف ضمن التخطيط السنوي للقوى العاملة وتُعرف بخطة الاستقطاب أو خطة التعبئة إذ تُعنى بمعالجة الفجوات في الموارد البشرية بناءً على عوامل متعددة مثل التوسع في العمليات أو تنفيذ مشاريع جديدة أو خطط الإحلال الناتجة عن مغادرة موظفين حاليين، وتركز هذه الخطة على ترجمة الاحتياج الفعلي إلى عناصر واضحة تشمل:
- تحديد العدد الدقيق للوظائف الشاغرة وفق كل إدارة وموقع.
- توصيف المؤهلات الأكاديمية والخبرات العملية والكفاءات المطلوبة لكل شاغر.
- توزيع الجدول الزمني لكل مرحلة من مراحل التوظيف.
- اختيار أدوات وقنوات الاستقطاب الأكثر كفاءة حسب نوعية الوظائف المراد استقطابها.
- تخصيص الميزانية التفصيلية للإعلان والتقييم والمقابلات والتدريب الأولي
خطة التسريح
لا تكتمل الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية دون خطة متوازنة لإدارة التسريح، إذ تُعد خطة الإنهاء جزءاً من منظومة التحكم في الحجم المثالي للقوى العاملة، وهي تعالج حالات مثل انتهاء المشاريع أو إلغاء الأنشطة أو التقاعد أو عدم تجديد العقود، ويجب أن تتضمن:
- توثيق أسباب المغادرة المرتقبة وتحليل أثرها على الفرق المتبقية.
- تنظيم جداول زمنية للإشعارات وإنهاء الخدمة لتجنب الفوضى القانونية أو الإدارية.
- توفير آليات تسوية عادلة للحقوق المالية والمعنوية للموظفين المغادرين.
- تصميم برامج دعم ما بعد المغادرة مثل التأهيل أو الانتقال الوظيفي للحفاظ على سمعة المنشأة.
- إدارة التأثير الداخلي من خلال إعادة توزيع المهام وتقديم دعم نفسي تنظيمي للفرق المتأثرة.
ويعزز وجود هذه الخطة المصداقية والثقة ويقلل من التكاليف المترتبة على النزاعات القانونية أو انخفاض الإنتاجية الناتج عن مغادرة فجائية غير مدروسة، ما يدعم الكفاءة التشغيلية ويحفظ توازن بيئة العمل.
الربط بين خطة القوى العاملة والخطة التشغيلية
تُعد خطة القوى العاملة جزءاً رئيساً من الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية إذ ترتبط ارتباطاً مباشراً بكل المبادرات التشغيلية التي تعتمد عليها المنشأة في تنفيذ أهدافها الإستراتيجية، فتأثير هذه المبادرات يتعدى العمليات اليومية ليصل إلى الاحتياجات الفعلية من الكفاءات المطلوبة في كل مرحلة، ما يفرض ضرورة وجود خطة توظيف وتسريح مرنة وشاملة تتكامل مع بقية محاور الخطة التشغيلية وتواكب كل من المبادرات والمشاريع المدرجة فيها، ومن أمثلة ذلك:
- التحول الرقمي: يتطلب توظيف خبراء في التقنية مثل مطوري البرمجيات ومحللي البيانات ومهندسي الحلول التقنية.
- تطوير بيئة العمل: يحتاج إلى استقطاب مختصين في الموارد البشرية والتنمية التنظيمية.
- تحسين تجربة العملاء يستدعي تعيين موظفين في التسويق الرقمي وخدمة العملاء وتحليل سلوك المستخدمين.
- التوسع الجغرافي: يتطلب تعيين كوادر في المناطق الجديدة بما يتناسب مع القوانين المحلية والاحتياجات التشغيلية.
- مشاريع إعادة الهيكلة: قد تؤدي إلى الاستغناء عن بعض الوظائف التقليدية وإعادة توزيع المهام أو تنفيذ خطط تسريح.
كما يتم إدارج خطط التوظيف والتسريح ضمن محفظة المبادرات في الخطة التشغيلية، لذا يجب تحديد العناصر الأساسية التي تضمن تنفيذ الخطة بكفاءة أسوة بالمبادرات الأخرى، مثل:
- الكود المرجعي للمبادرة لتسهيل تتبعها ضمن الخطة التشغيلية.
- المسؤول عن التنفيذ لتحديد جهة اتخاذ القرار والمتابعة.
- الأولوية الزمنية لتحديد مدى استعجال تنفيذ الخطة بناءً على الحاجة.
- الميزانية التقديرية لتغطية تكاليف التوظيف أو التعويضات المرتبطة بالتسريح.
- المدة الزمنية لتحديد فترة التنفيذ الكاملة من البداية حتى الإغلاق.
- المؤشرات المرتبطة بالخطة مثل وقت التعيين وجودة الكفاءات المستقطبة أو مؤشرات قانونية وإنسانية في حالات التسريح.
نصائح لتحقيق التكامل بين تخطيط القوى العاملة والمبادرات التشغيلية
يتحقق التكامل الفعلي بين خطط القوى العاملة والخطط التشغيلية من خلال تحليل تأثير كل مبادرة تشغيلية على التكوين الكلي للقوى العاملة في المنشأة، ولتحقيق ذلك يمكن الاستفادة من النصائح التالية:
- ربط احتياجات المهارات بالكفاءات المتوفرة لتحديد الفجوات.
- تحليل أثر المبادرات على الهياكل التنظيمية لإعادة تشكيل الفرق أو إعادة توزيع المهام.
- تحديد الوظائف الحرجة أو المهددة ووضع خطط استقطاب أو تسريح مدروسة.
- ربط خطة التوظيف بأهداف الأداء لضمان وجود كفاءات تدعم الإنجاز وتقلل المخاطر.
- استخدام الأنظمة الرقمية الحديثة مثل نظام جسر لإدارة الموارد البشرية الذي يتيح توثيق الخطط التشغيلية وتتبع المتقدمين وربط الأداء بالنتائج عبر تقارير لحظية تدعم اتخاذ القرار وتعزز مرونة استجابة المنشأة.
- الاعتماد على مصادر متنوعة في خطة القوى العاملة مثل قاعدة بيانات المرشحين عبر أنظمة التتبع ونتائج مقابلات الخروج وتقارير الأداء السنوية أو بيانات الهيكل التنظيمي وتوقعات المشاريع الجديدة.
- تخصيص ميزانية تقديرية لخطة التوظيف ضمن ميزانية الخطة التشغيلية للموارد البشرية، وتشمل كافة تكاليف التوظيف من الإعلان أو شركات التوظيف أو تكاليف المقابلات والمصاريف القانونية للتوظيف أو التسريح مع نسبة احتياطية لا تتعدى 10% لمواجهة تقلبات السوق أو الطوارئ.
- إجراء مراجعات دورية للأداء التشغيلي لخطة التوظيف من خلال اجتماعات أداء شهرية لمتابعة التقدم المحقق مقارنة بالخط الزمني، مع اتخاذ إجراءات تصحيحية أو وقائية عند وجود انحراف عن الخطة أو تجاوز في الميزانية أو تأخير في الإنجاز.
- إعداد تقارير نصف سنوية ونهائية تشرح مدى تنفيذ خطة التوظيف ومدى تحقيق المؤشرات المرتبطة بها.
أهم المؤشرات المرتبطة بخطة القوى العاملة
في إطار تطوير خطة القوى العاملة ضمن الخطة التشغيلية للموارد البشرية، تُعد مؤشرات الأداء الرئيسية أدوات حيوية لقياس فعالية وكفاءة عمليات التوظيف، ومن أبرز هذه المؤشرات:
- زمن التوظيف: يقيس عدد الأيام من لحظة تواصل الشركة مع المرشح الأول وحتى قبوله عرض العمل، ويعد مؤشراً على كفاءة عملية التوظيف.
- تكلفة التوظيف: يُحسب من خلال جمع جميع التكاليف المرتبطة بعملية التوظيف ثم تقسيمها على عدد الموظفين الجدد، ويساعد في تقييم الكفاءة المالية لعمليات التوظيف وتحديد فرص التوفير.
- معدل الإحلال الداخلي مقابل الخارجي: يقارن بين نسبة التعيينات التي تمت من داخل المنشأة من ترقيات وتنقلات، وتلك التي تمت من خارجها، ويساعد في تقييم فعالية برامج تطوير الموظفين الداخليين وإستراتيجيات الاحتفاظ بالمواهب.
- مؤشر جودة التوظيف: يُقيّم أداء الموظفين الجدد بعد فترة من التعيين استناداً إلى تقييمات الأداء ورضا المديرين لتحديد مدى نجاح عمليات التوظيف في جذب المواهب المناسبة.
- معدل التوافق الوظيفي: يقيس مدى تطابق مهارات وخبرات الموظف مع متطلبات الوظيفة، ويُستخدم لتقييم فعالية عمليات التوظيف في اختيار المرشحين المناسبين وتقليل معدلات الدوران الوظيفي.
- معدل قبول العروض: تقسيم عدد العروض المقبولة من قبل المرشحين على إجمالي عدد العروض المقدمة، لتقييم جاذبية العروض المقدمة وتحسين إستراتيجيات التوظيف.
- معدل الاحتفاظ بالموظفين الجدد: نسبة الموظفين الجدد الذين يستمرون في العمل بعد فترة زمنية محددة، مثل 6 أشهر أو سنة، ويُستخدم لتقييم فعالية عمليات التوظيف والتدريب والتأهيل.
5. تنظيم خطة التدريب والتطوير
تعرف خطة التدريب والتطوير بوصفها أحد مكونات الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية بأنها مجموعة من الأنشطة والبرامج الممنهجة والمحددة زمنياً، والمصممة لتزويد الموظفين بالمعارف والمهارات والقدرات اللازمة لتحقيق الأهداف التشغيلية قصيرة ومتوسطة المدى للمنشأة، فهي ليست مجرد برامج تدريب عامة، بل هي استجابة مباشرة للاحتياجات التدريبية التي تفرضها المبادرات التشغيلية الحالية والمستقبلية المخطط لها.
أهمية التدريب والتطوير ضمن الخطة التشغيلية
تُشكل خطة التدريب والتطوير محوراً أساسياً في ضمان نجاح المبادرات التشغيلية للأسباب التالية:
- تمكين تنفيذ المبادرات التشغيلية عبر زيادة كفاءة الموظفين لتنفيذ الأعمال المطلوبة منهم وتسريع تحقيق النتائج.
- سد فجوات المهارات الفورية قبل أن تتحول إلى عائق تشغيلي عبر تحليل المهارات وتقديم تدريب متخصص في المجالات التقنية أو القيادية أو التشغيلية المطلوبة.
- تحسين الأداء التشغيلي وتقليل الأخطاء وزيادة الإنتاجية وتسريع الإنجاز ضمن العمليات اليومية.
- تعزيز المرونة التنظيمية من خلال بناء مهارات متعددة وتوسيع قدرة الموظف على التكيف، ما يزيد من قدرة المنشأة على التعامل مع المتغيرات التشغيلية.
- دعم خطط التوظيف والتسريح ضمن الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية بإعادة تأهيل الموظفين الحاليين أو تطويرهم للارتقاء، ما يُسهم في تقليص التكاليف ورفع كفاءة التوزيع الداخلي.
- زيادة رضا الموظفين عبر إشراكهم في برامج تطوير تدعم الأهداف التشغيلية، ورفع شعورهم بالتقدير والانتماء.
مكونات خطة التدريب والتطوير
تتوجه خطة التدريب والتطوير نحو دعم الأهداف والمبادرات المحددة في الخطة التشغيلية للموارد البشرية، وسد الفجوات المهارية اللازمة لتحقيقها في الأمد القريب والمتوسط، وتتكون من:
- الاحتياجات التدريبية التشغيلية: تحديد المهارات والمعارف والكفاءات المطلوبة لتحقيق الأهداف التشغيلية الحالية والمستقبلية القريبة لإدارة الموارد البشرية بالاعتماد على تحليل أهداف المنشأة والمهام والأدوار المطلوبة من كل وظيفة، وتقييم الأداء الحالي وتحليل التغيرات التشغيلية القادمة في الموارد البشرية.
- الأهداف التدريبية التشغيلية: بناءً على الاحتياجات المحددة، يتم وضع أهداف تدريبية واضحة ومحددة وقابلة للقياس (SMART) تساهم في تحقيق الأهداف التشغيلية للموارد البشرية، ويجب أن توضح هذه الأهداف ما سيكون الموظفون قادرين على فعله بصورة أفضل بعد إكمال التدريب وكيف سيؤثر ذلك على الأداء التشغيلي، مثل تقليل وقت معالجة شكاوى العملاء بنسبة 15%، أو زيادة معدل استخدام النظام الجديد بنسبة 90% بين الموظفين المعنيين.
- الفئة المستهدفة: تحديد الموظفين الذين سيشاركون في برامج تدريبية محددة بناءً على أدوارهم الوظيفية واحتياجاتهم التطويرية المرتبطة بالمبادرات التشغيلية وموقعهم في الهيكل التنظيمي، مع تقدير عدد المستفيدين من كل برنامج.
- البرامج التدريبية: اختيار وتصميم المحتوى التدريبي والمنهجيات التي تلبي الأهداف التدريبية المحددة في سياق المبادرات التشغيلية، ويشمل ذلك تحديد نوع البرامج مثل التدريب الفني المتعلق بأنظمة تشغيلية معينة، أو تطوير المهارات الشخصية مثل التواصل الفعال في بيئة العمل، أو برامج تطوير القيادة الإشرافية لدعم فرق العمل، كما يجب أن يكون المحتوى عملياً وقابلاً للتطبيق المباشر في بيئة العمل.
- منهجيات وأساليب التدريب: تحديد أفضل الطرق لتقديم التدريب للفئات المستهدفة، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة المهارات وعدد المستفيدين والجدول الزمني والميزانية المتاحة. ويمكن أن تشمل الأساليب التدريب على رأس العمل أو الإلكتروني عن بعد أو ورش العمل التفاعلية أو التوجيه من الزملاء أو التدوير الوظيفي وغيره.
- الجدول الزمني والميزانية: تحديد الجدول الزمني لكل برنامج تدريبي بما في ذلك تواريخ البدء والانتهاء والمدة الإجمالية وعدد الساعات التدريبية، على أن تكون متناسبة مع الجدول الزمني الخاص بالمبادرة المرتبطة به، كما يتضمن أيضاً تقدير الميزانية المطلوبة للتنفيذ بما في ذلك تكاليف المدربين والمواد التدريبية والمنصات التقنية والوقت الذي يقضيه الموظفون في التدريب بعيداً عن مهامهم التشغيلية العادية.
- تخصيص الموارد والمسؤوليات: تحديد الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة لتنفيذ الخطة، كما يتم تحديد المسؤول عن كل برنامج تدريبي أو عن الخطة بأكملها ضمن فريق عمل الموارد البشرية التشغيلية بالتعاون مع مديري الإدارات المعنية.
- تقييم ومتابعة فعالية التدريب: وضع آليات لقياس مدى فعالية برامج التدريب وأثرها على الأداء التشغيلي، ويشمل ذلك قياس رضا المشاركين ومدى اكتساب المعرفة والمهارات وتغيير السلوك في مكان العمل، إضافة لقياس التأثير على المؤشرات المرتبطة بالأداء التشغيلي التي هدفت الخطة إلى تحسينها مثل تقليل الأخطاء التشغيلية أو زيادة سرعة إنجاز مهمة معينة أو تحسين مقاييس رضا العملاء المرتبطة بالأداء الفردي أو الجماعي.
6. حساب الميزانية التقديرية
تُعرّف الميزانية التقديرية بأنها خطة مالية شاملة توضح التكاليف المتوقعة لجميع الأنشطة التشغيلية والإستراتيجية لإدارة الموارد البشرية خلال السنة المالية، وتشمل التكاليف الخاصة بالمبادرات والبرامج التشغيلية وكذلك المصاريف الثابتة والمتغيرة التي تقع ضمن مسؤوليات قسم الموارد البشرية.
أهمية إدراج الميزانية التقديرية في الخطة التشغيلية
تُعد الميزانية التقديرية للخطة التشغيلية للموارد البشرية أداة محورية تتجاوز مجرد الأرقام المالية، فهي تعكس الأولويات التشغيلية للموارد البشرية وتوجه الأنشطة اليومية نحو تحقيق الأهداف العامة للمنشأة، ويحمل إدراج ميزانية تقديرية مفصلة في الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية أهمية بالغة تتمثل في النقاط التالية:
- أداة للتخطيط المالي والإداري المسبق: تتيح الميزانية التقديرية التفكير بصورة استباقية ومنهجية في جميع الاحتياجات المالية للخطة التشغيلية خلال الفترة المحددة، ما يضمن تخصيص الموارد اللازمة لدعم العمليات التشغيلية للموارد البشرية بفعالية، ويجنب القرارات المالية المتسرعة أو غير المدروسة.
- التواصل الفعّال مع الإدارة العليا والإدارة المالية: تُعد الميزانية التقديرية لغة مشتركة تفهمها جميع الإدارات، فعندما يقدم قسم الموارد البشرية خطته التشغيلية مصحوبة بميزانية تقديرية مفصلة، فإنه يقدم بوضوح احتياجاته المالية المحددة لدعم أهداف العمل، ما يسهّل النقاش مع الإدارة العليا والإدارة المالية، ويتيح تبرير النفقات المقترحة بناءً على العائد المتوقع على الاستثمار في رأس المال البشري، كما يعزز هذا التواصل المبني على الأرقام من موقف الموارد البشرية بوصفها شريكاً إستراتيجياً في الأعمال.
- تقليل المخاطر المرتبطة بنقص التمويل المفاجئ للمشاريع والمبادرات: عندما تكون احتياجات الموارد البشرية ومبادراتها التشغيلية مثل برامج التوظيف لمشاريع جديدة، أو برامج التدريب على تقنيات حديثة مدرجة بوضوح في الميزانية المعتمدة، فإن ذلك يقلل من احتمالية مواجهة نقص في التمويل عند الحاجة لتنفيذها، ما يضمن استمرار تنفيذ الخطة والمبادرات بفاعلية.
- تسهيل عمليات المتابعة والمراجعة والتقييم: من خلال مقارنة التكاليف المخططة بالمصروفات الفعلية، إذ تُوفر الميزانية التقديرية معياراً واضحاً يمكن من خلاله تتبع الإنفاق الفعلي لإدارة الموارد البشرية، كما تسمح المراجعة المنتظمة بتحديد أي انحرافات مالية وتحليل أسبابها واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة في الوقت المناسب.
- تحقيق متطلبات الاعتماد الداخلي وجهات التدقيق: تتطلب العديد من الهيئات الإدارية الداخلية وعمليات التدقيق الخارجية وجود ميزانيات تقديرية موثقة لجميع الأقسام بما في ذلك الموارد البشرية، وتُظهر الميزانية التقديرية وجود تخطيط مالي سليم ومسؤولية في إدارة الموارد، كما أنها توفر الأساس لتقييم أداء قسم الموارد البشرية ليس فقط بناءً على تحقيق الأهداف التشغيلية، ولكن أيضاً بناءً على الالتزام بالميزانية المحددة والفعالية في استخدام الموارد المالية المخصصة.
مكونات الميزانية التقديرية للخطة التشغيلية للموارد البشرية
تمثل الميزانية التقديرية أساساً هاماً للخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية ليس فقط لأنها الأداة التي تُحوَّل عبرها الأهداف والمبادرات إلى تقديرات مالية واقعية وقابلة للتنفيذ، بل أيضاً لأنها مكون حاسم لضمان تخصيص الموارد اللازمة وتنفيذ الخطط التشغيلية، ومن أبرز مكونات ميزانية الخطة التشغيلية المتكاملة للموارد البشرية:
- تكاليف الرواتب والأجور: تشمل كافة المبالغ المخصصة لتعويضات الموظفين، سواء كانت رواتب أساسية أو بدلات أو مكافآت أو ساعات عمل إضافية، كما تتضمن تكلفة أي تعيينات جديدة متوقعة خلال السنة بناءً على خطة القوى العاملة المعتمدة، مع مراعاة الزيادات السنوية أو الترقيات المحتملة أو تغيير العقود.
- تكاليف التدريب والتطوير المهني: مصاريف تنفيذ البرامج التدريبية والتطويرية اللازمة لنجاح المبادرات والمشاريع، وتشمل رسوم المدربين الداخليين والخارجيين وتكاليف القاعات وشراء أو تطوير المحتوى التدريبي، إضافة إلى الأدوات التقنية والاشتراكات الرقمية مع احتساب عدد المشاركين والساعات التدريبية المعتمدة.
- نفقات خدمات شؤون الموظفين: تُدرج ضمن هذه الفئة كافة التكاليف المرتبطة بتقديم الخدمات التشغيلية اليومية للموظفين، مثل رسوم إصدار وتجديد الإقامات وتذاكر السفر والتأشيرات ورسوم الاستقدام والتأمين الصحي والتنقلات الداخلية والخارجية.
- نفقات التوظيف والاستقطاب: تشمل التكاليف المتعلقة بعمليات التوظيف بدءاً من الإعلان إلى توقيع العقد.
- الرسوم الإدارية والتشغيلية: تضم التكاليف المخصصة لتغطية رسوم تجديد السجلات التجارية والتسجيل في الأنظمة والمنصات الحكومية والاشتراك في بوابات الموارد البشرية وتراخيص البرامج والأنظمة المستخدمة في الإدارة ورسوم النشر أو الخدمات البريدية المتعلقة بالتوظيف أو العقود.
- تمويل المبادرات التشغيلية والبرامج المؤقتة: يُخصص لكل مبادرة أو برنامج تشغيلي مدرج ضمن الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية ميزانية مستقلة تشمل تكلفة التنفيذ الكامل مثل الاستشارات الفنية والتعاقدات المؤقتة والدعم اللوجستي والتطوير التقني، أو أي احتياجات خاصة بالمشروع مع ضرورة ربط المبلغ بكود المبادرة وفترتها الزمنية.
- الاحتياطي المالي للمخاطر: يُوصى بإدراج نسبة مئوية ثابتة تتراوح غالباً حول 10% من إجمالي الميزانية العامة تمثل احتياط طارئ لمواجهة ظروف غير متوقعة مثل زيادة الأسعار أو ارتفاع معدل التوظيف الفوري أو تغيرات تنظيمية أو متطلبات قانونية مستجدة، وذلك لضمان الاستجابة السريعة دون تعطل للبرامج المعتمدة.
نصائح فعالة لإعداد الميزانية التقديرية ضمن الخطة التشغيلية للموارد البشرية
لتعزيز دقة إعداد الميزانية التقديرية وتكاملها مع باقي مكونات الخطة التشغيلية للموارد البشرية، لا بدّ من مراعاة النصائح التالية:
- إعداد الميزانية التقديرية في بداية السنة الميلادية، ويفضل البدء بها في ديسمبر من السنة السابقة لضمان جاهزية الخطة مبكراً.
- تقديم الميزانية للإدارة المالية والإدارة العليا مبكراً لضمان مراجعتها وتعديلها إن لزم الأمر واعتمادها ضمن الإطار الزمني المطلوب.
- يجب أن تتكامل الميزانية مع الخطة التشغيلية عبر ربط كل مبادرة أو هدف ببند تمويلي محدد لتوضيح العلاقة بين النشاط والتكلفة والنتيجة.
- ربط كل مؤشر أداء رئيسي (KPI) ببند مالي دقيق ضمن الميزانية لتقييم العائد على الاستثمار وتحقيق المتابعة المالية والتنفيذية في آن واحد.
- إشراك مديري الإدارات والمبادرات في إعداد التقديرات المالية لضمان دقة أكبر في تقدير التكاليف وتعزيز الالتزام الفعلي بتنفيذ الخطة وفق الميزانية المخصصة.
- توزيع الميزانية على مراحل زمنية قصيرة ما يسهم في تسهيل الرقابة المرحلية والكشف المبكر عن الانحرافات أو الفجوات التمويلية.
- إدراج الأنشطة التي لم تُنفذ في العام السابق والمدورة للعام التالي ضمن خطة الميزانية الجديدة لضمان عدم تراكم الأعباء والتزامات دون تمويل.
- توثيق الأرقام المدرجة في الميزانية لدعم موقف فريق الموارد البشرية عند المراجعة أو التدقيق وتوضيح آلية التقدير.
- التأكد من توافق البنود المالية مع التعليمات والسياسات المعتمدة مثل حدود الصرف والمشتريات والتوظيف، لتجنب التأخير في الاعتماد.
ختاماً تُمثل الخطة التشغيلية لإدارة الموارد البشرية أداة حيوية لضمان كفاءة التنفيذ واتساق الجهود مع الأهداف الإستراتيجية للمنشأة، ومن خلال مكوناتها الأساسية، مثل تحديد الأهداف ومؤشرات الأداء وخطط التوظيف والتدريب والميزانية، تُصبح إدارة الموارد البشرية قادرة على توجيه عملياتها بصورة منهجية ومرنة، كما يسهم هذا التنظيم في تحسين تجربة الموظف وتعزيز الأداء المؤسسي والاستجابة السريعة للتحديات اليومية، لذا، فإن تبنّي هذا النموذج أصبح ضرورة لكل منشأة تسعى إلى الاستدامة والتميز في بيئة العمل التنافسية.
.png)
أيهم يوسف جزان
محامي وحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال، متخصص في الإدارة والموارد البشرية والقوانين العمالية. كاتب محتوى بخبرة تمتد لسنوات، أساهم مع جسر في تقديم موضوعات متخصصة تهدف إلى تعزيز كفاءة الموارد البشرية وتمكين المؤسسات من تحقيق أهدافها الإستراتيجية بفعالية.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك