يتطلب تخطيط الموارد البشرية مواجهة العديد من التحديات، مثل تحديات استقطاب الكفاءات وتوظيفهم وتقييم أدائهم وتحديد احتياجات المنشأة والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية. وإذا نظرت معي إلى هذه الأمور، ستجد أن بعضها قصير المدى، والجزء الآخر منها يتطلب تكيفاً مستمراً للتعامل مع الاحتياجات المتغيرة على المدى الطويل.
ولكن بغض النظر عن الجدول الزمنيّ لهذه التحديات، فإن وجود تخطيط إستراتيجي للموارد البشرية يجب أن يظل أمراً ثابتاً لتجنب عرقلة سير العمل أو التأثير بالسلب على إنتاجية الموظفين وأرباح الشركة وأهدافها. ولمّا كان تخطيط الموارد البشرية رحلة صعبة، وتزداد صعوبتها بسبب حقيقة أنه لا يمكن التنبؤ بكل شيء، يجب التسلح إذاً ببعض الخطوات المَرِنة التي تُساندك في هذه الرحلة. وهذا هو ما ستجده معي في الأسطر القادمة. لذا، تابع قراءتك بعناية.. جاهز؟
جدول المحتويات:
- ما المقصود بإدارة تخطيط الموارد البشرية
- ما أهداف التخطيط للموارد البشرية
- ما مراحل عملية التخطيط للموارد البشرية
- تطوير خطة الموارد البشرية وتنفيذها
لكن دعنا نبدأ أولاً بالسؤال التالي..
ما المقصود بإدارة تخطيط الموارد البشرية؟
يمكننا تعريف عملية تخطيط الموارد البشرية بأنها أسلوب منهجيّ يهدف إلى ضمان حصول الشركات على موظفين أكفّاء يمتلكون المهارات المنشودة، وبالأعدادِ المطلوبة التي تُساهم في تحقيق تَطلعات المنشآت وتوقعاتها، ويجب أن يتحقق هذا كله في إطارٍ زمنيٍّ مناسب. يُؤكد هذا التعريف ما قاله المؤلف جيفري ميلو Jeffrey Mello في كتابه إدارة الموارد البشرية، إذ أوضح أن عملية تخطيط الموارد تتضمن تحليل احتياجات الشركة وتحديد متطلباتها التي تساعد على جلب الرؤية المنشودة والأهداف المتوقعة إلى أرض الواقع فعلاً.
مثال توضيحي: لنفترض هنا أنك مسؤول عن شركة تقنية مقرها الرياض، وأردت التوسع بفرعٍ آخر في مدينة جدة. في هذه الحالة، أنت تحتاج إلى تخطيط الموارد البشرية لمواكبة التوسع المنشود. وعادةً ما يتم ذلك بتحديد عدد الموظفين المطلوب في كل قسم في الفرع الجديد، ثم تحديد الخبرات المناسبة والمهارات المطلوبة. بعد ذلك، ستنطلق في إعداد الجدول الزمنيّ للتوظيف وتعيين ميزانيته وميزانية التدريب وعمليات تهيئة الموظفين الجدد، وذلك لضمان سير العمل بكفاءة ولاستيعاب التوسع المتوقع.
والآن، دعنا ننتقل للإجابة عن السؤال التالي..
ما أهداف تخطيط الموارد البشرية؟
كما بت تعلم الآن، فإن الهدف الرئيسي من عملية التخطيط هو الحصول على العدد الأمثل من الموظفين الأكثر قدرةً على تنفيذ متطلبات العمل بما يُحقق أرباحه المطلوبة.
جملة طويلة، صحيح؟
لكن دعنا نُبسطها أكثر هنا بما أشار إليه مؤلفو كتاب Managing Human Resources؛ إذ أوضحوا أن عدم التخطيط المناسب للموارد البشرية، قد يؤدي إلى فشل المنشآت في تحقيق أهدافها، وقد تُعاني من نقص المواهب أو توظيف العديد من الموظفين دون جنيّ فائدة كبيرة من وراء هذا العدد، ما يُؤثر إما على إنتاجيتها أو ميزانيتها.
لكن إضافةً لهذا الهدف الرئيسي، فإن التحلي بخطةٍ واضحة لمواردك البشرية يساعدك على تحقيق فوائد جمّة، منها -على سبيل المثال، لا الحصر- ما يأتي:
- التمتع بميزةٍ تنافسية تُعزز سمعة شركتك.
- القدرة على مواجهة التحديات والتكيف مع الأزمات.
- تعيين الموظفين الأكثر تناغماً مع قِيّم شركتك وأهدافها.
- تحسين قدرات العاملين ومهاراتهم، بتقليل فجوات الأداء.
- مساعدة الموظفين على تحقيق إمكاناتهم القصوى.
- زيادة الامتثال لقوانين نظام العمل السعودي وتشريعاته.
- تقريب توقعات الإدارة والموظفين، مما يُحسِّن من عملية صُنع القرار؛ لأن تخطيط الموارد البشرية يُوفِّر لك رؤى مفيدة مستندة إلى بياناتٍ دقيقة.
ولكن هل تتوقف فوائد تخطيط الموارد البشرية عند هذا الحد؟
هذا ما سنتعرف عليه في الفقرة القادمة..
ما أثر التخطيط الإستراتيجي على الموارد البشرية؟
في الحقيقة، لا تتوقف آثار التخطيط الإستراتيجي على الفوائد المذكورة بالأعلى، لأنه يساعدك أيضاً على تحقيق مستوياتٍ أعلى من مشاركة الموظفين وزيادة رضاهم، من خلال خلق فرصٍ حقيقية للتطور الوظيفي والارتقاء المهني، ما يُقدم للموظفين مساراتٍ واضحة للنمو داخل شركتك، ويُظهر لهم ثقافة مؤسسية مُشجعة على التطوير والإنتاجية.
أضف إلى تلك الفوائد، تقليل التكاليف التشغيلية، لأن عدم التخطيط الجيد قد ينتج عنه إفراطاً في التوظيف أو نقصٍ في المهارات أو زيادة في معدل دوران الموظفين. وتُؤثر تلك الأمور بالسلب على ميزانية الشركة وتزيد من تكاليفها التشغيلية.
لكن إذا عززت عمليات تخطيط الموارد البشرية في منشأتك، ستتمكن عندئذٍ من تحديد احتياجاتك من القوى العاملة بدقة، إلى جانب إدارة موظفيك ومتابعة أدائهم بصورةٍ أشمل وأقوى. ومن المتوقع أن تُحقق لك هذه الأمور أداءً مالياً أفضل.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو..
ما مراحل عملية تخطيط الموارد البشرية؟
يُقسِّم الخبراء مراحل عملية تخطيط الموارد إلى أربعة مراحل رئيسية. ويجب أن تتم هذه المراحل بالترتيب حتى تتمكن الشركة من الوصول إلى عددٍ كافٍ من الموظفين المحترفين والمؤهلين لتأدية أدوارهم الوظيفية المُوكلة إليه.
أما عن هذه المراحل الأربعة، فهي كما يأتي:
1. تحليل القوى العاملة
تختص هذه الخطوة بتحليل القوى العاملة في شركتك على جميع الأصعدة. يسعى مسؤولو إدارة الموارد البشرية هنا إلى دراسة عدد الموظفين وتقييم أدائهم الحالي وتحليل مهاراتهم ومؤهلاتهم. إضافةً إلى النظر إلى مستوى الإنجاز المُحقق بهذه المهارات. وبناءً على هذه المعطيات، من المهم عدم الانتقال إلى الخطوات التالية قبل فهم أداء العاملين في منشأتك. وقد تُساهم إجابات الأسئلة التالية على مساعدتك في تحديد ما هو مطلوب في هذه المرحلة:
- ما العدد الإجمالي للموظفين الحاليين في منشأتك؟
- كم عدد الموظفين في كل قسم؟
- ما أعمار العاملين في الشركة؟
- ما مؤهلات موظفيك ومستوى تعليمهم؟
- ما المهارات الحالية التي يمتلكها الموظفون؟
- كيف يؤدي الموظفون الحاليون أدوارهم الوظيفية؟
- ما مستوى الإنجاز الحالي؟
ملحوظة مهمة: عند تحليل أعمار الموظفين في شركتك، يجب أن تُولي التركيز الأكبر على عدد الموظفين الذين يقتربون من سن التقاعد؛ لأنك قد تحتاج إلى وضع خطة استباقية للتعامل مع تقاعدهم، خصوصاً إذا كَثُر عدد هؤلاء الموظفين.
وبعد عرض هذه المعلومات، ربما تسألني هنا هذا السؤال..
كيف أُحلل القوى العاملة في المنشأة بكفاءة؟
هناك عددٌ من الطرق التي تساعدك على كشف المعلومات المطلوبة في هذه المرحلة. معظم هذه الطرق طُرقاً تقليدية تستهلك وقتك وتضر مواردك أكثر مما تُفيد، لكن هناك طريقة مثالية لتحليل أداء موظفيك وفق قوانين العمل السعودي، وهي مؤتمتة بالكامل لتُسهِّل عليك تأدية هذه المهام في دقائق معدودة.
والطريقة التي أُشير إليها هنا هي خاصية إدارة الأداء التي ستجدها مع نظام جسر؛ فهي تُمَكِنك من تقييم القوى العاملة بناءً على المتطلبات التي تُفضلها، مثل تحليل الأداء عبر معايير محددة تضعها بنفسك، أو في خلال فترات زمنية معينة. باستطاعتك أيضًا مقارنة تقارير الأداء الحالية مع أي فترة زمنية مُرادة، وسيسْهل عليك إشعار الموظفين بنتائج هذه التقارير بكل يُسر، مما يزيد من معدل الشفافية في منشأتك ويُحسِّن مستوى التواصل.
ولا تتوقف فوائد نظام جسر عند هذا الحد، لأنك ستتمكن من جمع المعلومات الأساسية عن موظفيك، مثل العدد الإجمالي وعدد العاملين في كل قسم بضغطاتٍ معدودة، إذ يساعدك النظام على إنشاء ملف رقمي لكل موظف، ويمكنك تحديثه والرجوع إليه في الوقت الذي تشاء؛ مما يعني إمكانية الوصول الآمن والسريع إلى بيانات موظفيك في أي وقت، ودون الحاجة لحفظ الملفات بطريقةٍ تقليدية أو ورقيةٍ يسهل فقدانها وتلفها.
توصية في الصميم: يهتم جسر بأدق التفاصيل المتعلقة بإدارة الموارد البشرية الفعالة. ويُقدِّم لك مزايا أكثر مما ذكرته بالأعلى، مثل إدارة مسيرات الرواتب ومتابعة حضور موظفيك وانصرافهم ورحلاتهم وساعات عملهم الإضافية، إلى جانب تصميم الهيكل التنظيمي واستخلاص التقارير الدقيقة. وإن أردت معرفة تفاصيل هذه المزايا ودعم تخطيط الموارد البشرية في شركتك بصورةٍ أفضل وأدق، أُوصيك إذًا بـ طلب عرضٍ تجريبيّ من هنا.
2. التنبؤ المستقبلي بالطلب على العمالة
تُركِّز هذه الخطوة من خطوات تخطيط الموارد البشرية على التنبؤ بمستقبل قوة العمل. ويجب هنا أن تُقيِّم الأوضاع الراهنة في الشركة، بناءً على تقارير الأداء ومُعدل تسريح الموظفين، إضافةً إلى معدلات الترقيات والتقاعد ونقل العاملين. ولكن لا تدع التحليل يتوقف على الأوضاع الداخلية في شركتك، بل يُوصى بالنظر أيضًا إلى الظروف المستقبلية والخارجية التي تُؤثر على الطلب، مثل:
- احتمالية التوسع المستقبلي.
- اتجاهات السوق الحالية ومستوى المنافسة.
- التكاليف التشغيلية ومتطلبات الموظفين المالية.
- المستجدات التقنية (كظهور الذكاء الاصنطاعي واستحواذه على بعض الوظائف).
- القوانين والتشريعات التنظيمية المحلية والعالمية، خاصةً فيما يتعلق بمجال شركتك.
- الأحداث العالمية والمحلية المؤثرة في المجال الاقتصادي.
3. تحديد الفجوات
تختص الخطوة الثالثة من خطوات تخطيط الموارد البشرية بالإجابة على السؤال التالي: «إلى أي درجة تتوافق الإنتاجية الحالية مع الأهداف المنشودة؟». من المهم السعي هنا إلى تحديد الفجوات الوظيفية وتضييق نطاقها. وقد تساعدك إجابات الأسئلة التالية على فعل ذلك:
- هل هناك أي خطط توسعية للشركة؟ هل يُؤدي الموظفين الحاليين ما هو مطلوب منهم بكفاءة؟
- هل تحتاج إلى توظيف موظفين جُدد؟
- كم عدد الموظفين المطلوب؟ وما مهاراتهم؟
- هل تحتاج إلى التعاقد مع هؤلاء الموظفين بدوامٍ كامل أم يمكن التعاقد معهم بدوامٍ جزئي؟
- هل تحتاج إلى مزيدٍ من المديرين أو المشرفين؟
- هل يمكن إعادة توزيع الموظفين الحاليين في مناصب جديدة؟
- هل يجب على القوى العاملة الحالية تعلم مهارات جديدة؟
- ما هي الدورات التدريبية وورش العمل التي يحتاجها الموظفون؟ وما الطريقة المُثلي لإعداد عمليات التدريب والتطوير في الشركة؟
- هل سيكون من المفيد تحديث عمليات الموارد البشرية في منشأتك لاستيعاب الأهداف المُرادة؟
تطوير خطة الموارد البشرية وتنفيذها
بعد الإجابة على الأسئلة السابقة، ستتمكن من تحديد الاتجاهات المستقبلية لخطة الموارد البشرية. تحتاج هنا إلى التفكير أيضاً في ميزانية الشركة ومستوى كفاءة القادة الحاليين.
توصية في الصميم: من المهم أن تُوازن بين خطواتك المستقبلية وإمكاناتك الحالية، فإن وجدت أن مستوى القادة غير مؤهل لتحقيق ما هو منشود، يمكنك إذاً التفكير في تدريبهم بصورةٍ مكثفة أو استبدالهم بمن يُتوقع منهم مساعدتك على تحقيق الأهداف المرادة.
وفيما يلي مجموعة من الخطوات التي يمكن اتخاذها في هذه المرحلة:
- تحديث سياسات إدارة الموارد البشرية (قد يشمل ذلك تحديث سياسات الإجازات أو العطلات أو ساعات العمل الإضافي أو مسارات الترقية أو عمليات التدريب والتأهيل).
- تحديد عدد الموظفين الجُدد المطلوبين في الشركة وكيفية استقطابهم وتوظيفهم.
- تعيين مجموعة من الدورات التدريبية المتوافقة مع احتياجات المنشأة ومستوى العاملين.
- إعادة تقييم برامج المكافآت والمزايا في شركتك.
- تغيير إستراتيجية إدارة الموارد البشرية ككل، مثل الانتقال من طرق الإدارة التقليدية إلى استخدام نظام جسر المؤتمت بالكامل، خاصةً إذا أردت تسهيل عمليات الإدارة على جميع المستويات ودعم الشفافية في شركتك.
الخلاصة
في نهاية هذه الأسطر، لا يسعني سوى أن أُذكرك بالمقولة المشهورة القائلة بإن الأهداف التي ليس لها خطة هي مجرد أمنيات. وكما يندر أن تتحقق الأمنيات في الحياة الشخصية والاجتماعية، يصعب أيضاً تخيل تحقيقها في حياة الأعمال والشركات دون وضع خطط واضحة وعملية.
وقد يهمك أيضاً الاطلاع على المقال التالي إن أردت معرفة كيفية الاستفادة من بيانات الموظفين لزيادة معدلات الإنتاج في منشأتك بطريقةٍ صحيحة ودقيقة. تحقيقها في حياة الأعمال والشركات دون وضع خطط واضحة وعملية.
لذا، ما يجب التركيز عليه هنا هو اتخاذ خطوات جادة ودقيقة لتخطيط الموارد البشرية في منشأتك، إضافةً إلى تحفيز جميع المسؤولين والمديرين على الاستعانة بالإستراتيجيات التي تُنظم عملية التخطيط وتُسهِّل تنفيذها فعلاً.
أحمد عبد الوهاب
كاتب وباحث بخبرة تزيد عن 7 سنوات، يساهم مع جسر في كتابة موضوعات مفيدة يسعى من خلالها إلى ربط مسؤولي الموارد البشرية بنصائح عملية تساعدهم على تحقيق أقصى استفادة من مواردهم. تتركز أبحاثه في التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية وإدارة المواهب والأداء والتدريب الوظيفي، وغيرها من المجالات المرتبطة التي تمكّن صناع القرار من الوصول إلى أهدافهم واتباع إستراتيجيات أذكى وأكثر تميزًا. بجانب اهتمامه بالكتابة والبحث فهو حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك