يظن كثيرٌ من الأشخاص أن إدارة الموارد البشرية حكرٌ على الشركات الكبرى، معتقدين أن مهامها لا تختص بالشركات الناشئة محدودة العدد والميزانية. ومع أن هذا الاعتقاد -ربما كان صحيحًا نسبيًا فيما مضى- إلا أنه في هذا الوقت المتسارع والمفعم بالتنافس والتغيرات، لا تمتلك المنشآت -بغض النظر عن حجمها- إلا أن تهتم بإدارة مواردها البشرية من اليوم الأول.
وهذا ما يتفق عليه الخبراء في مختلف مجالاتهم. يقول رائد الأعمال والمطور العقاري ستيف وين Steve Wynn في هذا الصدد: «إن الموارد البشرية ليست شيئًا نقوم به، بل هي الشيء الذي يدير أعمالنا وما نقوم به من الأساس».
وفي الأسطر القادمة، دعنا نستكشف معًا المزيد حول أهمية إدارة الموارد البشرية الفعالة للشركات الناشئة وكيف تبدو عناصرها في الممارسة العملية.
جدول المحتويات:
- مفهوم إدارة الموارد البشرية
- هل إدارة الموارد البشرية ضرورية للشركات الناشئة فعلًا
- فوائد الإدارة الفعالة للموارد البشرية
- مهام إدارة الموارد البشرية في الشركات الناشئة
- كيفية بناء قسم للموارد البشرية في الشركات الناشئة
- كيف يبسّط جسر مهام إدارة الموظفين
ما مفهوم إدارة الموارد البشرية؟
يُعرّف بروفيسور الإدارة إدوين فليبو Edwin Flippo مفهوم إدارة الموارد البشرية على أنها عملية «تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة النواحي المتعلقة بالأفراد العاملين بالمنشأة، إضافةً إلى العمل على تنميتهم وتعويضهم والمحافظة عليهم، وذلك بغرض تحقيق أهداف المنشأة».
وبالنظر إلى ذلك التعريف، يمكننا القول إن مهام إدارة الموارد البشرية HRM تهدف إلى العناية بتفاصيل الموظفين من الألف إلى الياء، سواءً تعلقت تلك التفاصيل بعملية التوظيف أو تقييم أداء العاملين أو متابعة حضورهم وانصرافهم وإجازاتهم أو إنشاء القوانين اللازمة التي تُحدد علاقة الشركة مع موظفيها وتُنظم العمل بين الفِرق المختلفة.
تُوضِّح هذه المعطيات أن النظرة السائدة في عالم الأعمال اليوم ترى الموظفين أصولًا قَيّمة للشركة، وليس على أنهم آلات جامدة مهمتها تنفيذ العمل المسند إليها بلا توقف أو تفكير. ولهذا السبب، يستبدل كثير من الخبراء مسمى إدارة الموارد البشرية بــ «إدارة رأس المال البشري»؛ تعبيرًا عن أهمية الاستثمار في تطوير العاملين وتعزيز إمكاناتهم ومهاراتهم لتحقيق النجاح المؤسسيّ.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا..
هل إدارة الموارد البشرية ضرورية للشركات الناشئة فعلًا؟
في كتابه المميز بعنوان «إعداد المائدة»، يُوضِّح داني ماير Danny Meyer أن الطريقة الوحيدة التي تُمَكِّن الشركات من تحقيق النمو والوفاء بقيمها والتزاماتها تجاه عملائها هي أن تظل ناجحة باستمرار في جذب الكفاءات وتوظيفهم والاحتفاظ بها. ومع أن صياغة الجمل بهذه الطريقة قد تُشعرك بأن هذه المهام عملية سهلة، إلا أن العثور على موظفين يفهمون احتياجاتك ليس طريقًا ورديًا دائمًا. والأصعب من إيجاد الموظف الكفء هو المحافظة عليه وتحفيزه وزيادة إنتاجيته وفقًا لأهدافك.
لذلك، لم يَعُد يقتصر نجاح المنشآت في السوق السعودي على المفهوم الشائع الذي ينصح بــ «إيجاد الموظف المناسب في الوقت المناسب في المكان المناسب»، خاصةً للمشاريع الناشئة؛ لأنه في وقتنا الحالي، اكتسبت قضايا مثل الاحتفاظ بالموظفين وتحفيزهم أهمية كُبرى لضمان سير العمل بسلاسة في ظل هذه المنافسة والتغيرات المتعددة، فالموظفون المحترفون الآن توقعاتهم عالية وصبرهم محدود.
فوائد الإدارة الفعالة للموارد البشرية
وفقًا لإحدى الإحصاءات، فــ 23% من الشركات فشلت بسبب عدم وجود موظفين مناسبين في الفريق، ما يُؤكِّد على أهمية إدارة الموارد البشرية الفعالة مُبكرًا. ومن هنا، نستخلص فوائد عدة تجنيها الشركات الناشئة المهتمة بإدارة موظفيها:
- نمو أكبر: تكشف لك عناصر إدارة الموارد البشرية وتقارير الأداء مدى تناغم الموظفين في شركتك، مما يجعلك مُطلعًا دومًا على الإنتاجية وفرص التحسن ويكشف لك نقاط الضعف بطريقةٍ فورية.
- فرص استثمارية أعلى: عادةً ما ينظر المستثمرون إلى معدل الاحتفاظ بالموظفين لقياس مدى كفاءة فريق القيادة. يحتاج المستثمرون أيضًا إلى التأكد من تناغم فريق منشأتك مع بعضهم بعضًا والتزامك بقوانين العمل السعوديّ تجاه موظفيك؛ لأن هذه الأمور تُوضِّح مدى استقرار المنشأة.
- راحة بال أكبر: حين تتبع إستراتيجية منظمة لإدارة مواردك البشرية، ستتمكن من المحافظة على وقتك وميزانيتك، لأنك ستكون أقرب إلى موظفيك في كل وقت، وسيسْهل عليك الاستماع إلى ملحوظاتهم وزيادة رضاهم وتعزيز أدائهم وتزويدهم بما يحتاجونه من أدواتٍ وتدريبات لدعم سير العمل في المنشأة بكفاءة. أضف إلى ذلك، تَمكنك من اتخاذ إجراءات استباقية للتحديات المفاجئة.
ولا أُبالغ هنا إن قلت إن بعض الشركات الناشئة قد تنجح في جذب جمهورها بالصدفة، ولكن يصعب تخيل استمرار نجاحها إذا قررت هذه الشركات إدارة مواردها البشرية بالصدفة أيضًا. لذا، بغض النظر عن حجم منشأتك وعدد موظفيك، سواءً أكانوا 10 أشخاص أو حتى ألف، فأنت تحتاج إلى الاهتمام بإدارة الموارد البشرية لكي تصل إلى أهدافك.
بتفصيل مُعتدل: ما هي مهام إدارة الموارد البشرية في الشركات الناشئة؟
فيما يلي مجموعة من المهام التي يتعيّن على مختص الموارد البشرية تأديتها:
الامتثال لقوانين نظام العمل السعودي ولوائحه
يساعد مسؤول إدارة الموارد البشرية على اتباع قوانين نظام العمل وتشريعاته. وهذا ركنٌ أساسي من أركان إدارة رأس المال البشريّ بكفاءة، لأنه يساهم في فَهم حقوق الموظفين ويحمي شركتك من المساءلات القانونية ويُجنبها المنزاعات القضائية. أضف إلى ذلك، أنه يُعزز سمعة شركتك الناشئة ويدعم مظهرها الاحترافيّ، مما يجذب المستثمرين ويُحفزّ أصحاب الكفاءات على الانضمام إلى مؤسستك كما أوضحت بالأعلى.
وهذه بعض النقاط التي يعمل عليها مختصو إدارة الموارد البشرية فيما يتعلق بالامتثال للقوانين:
- فَهم أنواع الإجازات في قانون العمل السعودي والالتزام بوفائها وعناصرها.
- الالتزام بما نَص عليه نظام العمل فيما يتعلق بتفاصيل عقد العمل وسياسات الأجور والحد الأقصى لساعات الدوام.
- اتباع ما أقره النظام فيما يتعلق بفترة التجربة.
- الإلمام بقوانين استقالة الموظفين وضوابطها.
- معرفة تشريعات نظام العمل فيما يتعلق بــ فصل الموظف وإنهاء خدمته.
- العناية بضوابط مكافأة نهاية الخدمة ومعرفة حالات تطبيقها.
نصيحة في الصميم: يُعَد الاهتمام بحقوق الموظفين تحديًا شاقًا للعديد من المؤسسات وفقًا لما أوضحته نشرة إحصاءات الصحة والسلامة في العمل لعام 2023. وإن كنت ترغب في معرفة معلومات أكثر عن حقوق الموظفين في القطاع الخاص، فأنصحك بتحميل دليلنا الوافي الذي أوضحنا فيه أهم الضوابط والتشريعات وأجبنا فيه عن الكثير من الأسئلة التي تشغل بال المسؤولين.
إعداد الإستراتيجيات والسياسات
بعد أن يكتسب مختص إدارة الموارد البشرية الفَهم الكافي لتشريعات نظام العمل، يتعين عليه في هذه الخطوة تحديد السياسات الإدارية التي تحمي حقوق منشأتك وتُنظم بيئة العمل الداخلية بين الموظفين. من الضروري أيضًا تزويد الموظفين بإرشاداتٍ واضحة ودقيقة حول آلية سير العمل ونظامه، إذ تُمثل هذه السياسات نقطة مرجعية أساسية لهم.
وقد تتضمن هذه السياسات والإستراتيجيات العناصر التالية:
- سياسة المنشأة فيما يتعلق بأجور الموظفين وعدد ساعات العمل.
- سياسة الحضور والانصراف.
- تفاصيل المزايا والمكافآت وساعات العمل الإضافي.
- نظام الشركة في التعامل مع الإجازات المدفوعة وغير المدفوعة.
- سياسة الشركة تجاه المخالفات والتأخير وعدم الانضباط.
- طريقة الشركة في التعامل مع بيانات الموظفين.
- قواعد السلوك المتبعة وطريقة الشركة في إدارة الأداء وغيرها من السياسات الضرورية التي تُنظم بيئة العمل وتُحافظ عليها.
تذكر: يجب أن تتوافق هذه السياسات مع قوانين نظام العمل 100%.
تنظيم ملفات الموظفين وبياناتهم
يتولى قسم الموارد البشرية مهمة الاحتفاظ بسجلاتٍ دقيقة لبيانات موظفيك. تشمل تلك السجلات أي وثائق ومستندات مهمة، إضافةً إلى العناصر التالية:
- السير الذاتية
- تقارير الأداء
- تقارير الإجازات
- معلومات الموظفين الحساسة
- تقارير الرواتب
- رحلات العمل والسفر
- سجلات الحوادث
جذب الكفاءات وتوظيفها
بالنسبة للعديد من الشركات الناشئة صغيرة الحجم، يتولى المؤسسون عادةً مهمة توظيف الأشخاص الجُدد. ولكن مع مرور الوقت، ينبغي تغيير هذه الإستراتيجية واتباع نهجٍ أكثر تنظيمًا لتوظيف الكفاءات. وهنا يأتي دور مختصي إدارة الموارد البشرية، الذين يساهمون في إقرار أفضل الممارسات التوظيفية المنظمة التي تستقطب الموظفين المحترفين، ويتم ذلك من خلال ما يأتي:
- تعيين الأهداف: يهتم المختص هنا بتحديد احتياجاتك الوظيفية بناءً على خطط المنشأة وأهدافها وميزانيتها.
- الوصف الوظيفي: يتولى المختص في هذه المرحلة مهمة إعداد وصفٍ وظيفيٍّ دقيق لوظائف الشركة، ويجب أن يشتمل الوصف على مسؤوليات الدور الوظيفيّ ومهامه والمؤهلات المطلوبة.
- آلية التوظيف: يختار مسؤول إدارة الموارد البشرية هنا إستراتيجية التوظيف الأمثل تبعًا للفعالية والميزانية (كأن يُرشح استخدام منصة توظيف معينة أو يحث على إنشاء إعلانات على مواقع التوظيف أو الشبكات الاجتماعية أو حتى التوجّه إلى معارض التوظيف).
- عملية الفرز والاختيار: ينطلق المختص هنا في فرز المرشحين بناءً على مهاراتهم ومؤهلاتهم بعد استقبال طلبات انضمامهم إلى المنشأة.
- المقابلات الشخصية: تشمل هذه الخطوة عقد مقابلاتٍ شخصية مع المرشحين الأكثر توافقًا، للتأكد من مهاراتهم وتقييم مدى تناغمهم مع ثقافة شركتك الناشئة وأهدافها.
- الرد على المرشحين: تتضمن هذه الخطوة التواصل مع المرشحين المحتملين والتفاوض معهم على تفاصيل عقد العمل.
- الإرشاد والتوجيه: يتولى مختص إدارة الموارد البشرية هنا مهمة توجيه الموظفين ومساعدتهم على التكيف مع بيئة العمل الجديدة (تفاصيل أكثر حول هذه النقطة في الفقرة القادمة).
- عملية التقييم: تهدف هذه الخطوة إلى تحليل نتائج عملية التوظيف ودراسة كفاءة الإستراتيجيات المتبعة، وذلك لتحديد مناطق القوة والضعف واستكشاف الفرص التي تُحسِّن من استقطاب المهارات مستقبلًا.
ملحوظة: قد تشمل عملية التوظيف إجراء اختبارات متنوعة لقياس مهارات المتقدمين ومدى توافقها مع احتياجات المنشأة.
تهيئة الموظفين الجدد
يهدف تأهيل الموظفين الجدد إلى دمجهم في بيئة العمل ومساعدتهم على فَهم مهام وظائفهم والتسلح بالمهارات الضرورية التي تُعزز إنتاجيتهم وتُحسِّن نتائجهم. وعادةً ما تتضمن برامج التأهيل خطوات كثيرة ومتشعبة قد تستمر لأشهرٍ أو حتى سنوات في بعض الوظائف شديدة التخصص والدقة.
وتُعَد برامج التأهيل أحد العوامل الرئيسية التي تُميّز شركة عن الأخرى، وذلك لقدرتها على تلبية توقعات الموظفين ودعم رحلتهم المهنية وتطوير مهاراتهم بما يُحقق النفع والإنتاجية المنشودة. وفيما يلي مجموعة من الخطوات التأهيلية التي قد يتخذها مسؤولو إدارة الموارد البشرية:
- التقسيم: تقسيم برامج التأهيل على فتراتٍ زمنية منتظمة، لمساعدة الموظفين الجدد على الاندماج بانسيابية وبمجهودٍ معقول.
- التخصيص: تخصيص البرامج وفقًا لاحتياجات كل موظف جديد.
- التعريف: مشاركة الملفات والمواد التعريفية التي تُطلع الموظفين الجدد على ثقافة الشركة ورؤيتها وسياساتها وأهدافها.
- التدريب: إسناد التدريبات والدورات التعليمية المناسبة لرفع كفاءة الموظفين الجدد ومساعدتهم على تأدية المهام المطلوبة منهم بفاعلية.
- التقييم: مشاركة آليات تقييم الأداء مع الموظفين الجدد، ما يزيد من الشفافية ويُوضّح سبل التقدم داخل شركتك الناشئة.
نصيحة في الصميم: يمكنك معرفة المزيد من السلوكيات التي يتبعها خبراء الموارد البشرية لدمج الموظفين الجدد من هنا. أما هذا المقال، سيكشف لك بعض الطرق والمؤشرات التي تقيس بها كفاءة برامج التهيئة في شركتك.
زيادة رضا الموظفين وتحسين رفاهيتهم
يُعَد الاهتمام برضا الموظفين ورعايتهم من المهام الأساسية لإدارة الموارد البشرية. ويتولى المختصون هنا تحسين بيئة العمل وتعزيز رفاهيتها، سواءً أكان ذلك على المستوى الماليّ أو الجسديّ أو النفسيّ. ولتحقيق ذلك، تهتم إدارة رأس المال البشري بتحقيق الخطوات التالية على أكمل وجه:
- منح الموظفين عقود عملٍ مناسبة تتميز بأجورٍ وتعويضاتٍ عادلة.
- العناية بتفاصيل الموظفين واحتياجاتهم المالية والاجتماعية والمهنية.
- معالجة مخاوف الموظفين وتنمية شعورهم بالانتماء والأمان.
- تزويد الموظفين بالتدريبات والدورات التعليمية التي تُطور مهاراتهم وتُعزز نجاحهم الوظيفيّ.
- تحسين طرق التواصل ومتابعة العمل وإشعار الموظفين بالمستجدات والتحديثات باستمرار.
- الإنصات إلى آرائهم، فكما قالت متخصصة الأعمال جولي بيفاكوا Julie Bevacqua: «من أجل بناء تجربة مُجزية للموظفين، ينبغي عليك أن تفهم ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لموظفيك». والخطوة الأولى للفهم هي الإنصات بعناية لما يقوله الموظفون.
إذا نجحت إدارة الموارد البشرية في شركتك الناشئة في تنفيذ هذه الخطوات بكفاءة، فستكون قادرًا على امتلاك فريقٍ متكاملٍ يتميز بمساهمته الفعّالة والحقيقية، ففي النهاية يُصدِّق الموظفون ما يرونه أكثر بكثيرٍ مما يسمعونه؛ أي أن تزويد موظفيك بتدريبٍ متميز واحد أفضل من 100 خطبة حول دور شركتك في تعزيز إنتاجية موظفيها.
بناء بيئة عمل شاملة
إذا وضعت نفسك مكان الموظفين عند تقدمهم إلى وظيفةٍ معينة، سترى أنهم يُفضلون العمل في الشركات التي تتسم باحترافية الهيكل التنظيمي وتتميز بشمولية فِرقها وحفظها لحقوق العاملين بها.
جرّب مثلًا أن تُبحر في تغريدات إكس (تويتر) وتقرأ بعض المعايير التي ذكرها الأشخاص في تقييم الشركات التي عَمِلوا بها. ستجد أن أهم فكرة يُثيرونها هي مدى احترام هذه الشركات لحقوق موظفيها ومدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وواجباتها تجاههم.
ولا يختلف الحال أبدًا إذا وضعت نفسك مكان المستثمرين، لأن المستثمر لن يُغامر بإلقاء أمواله مع شركةٍ تُدير أمور موظفيها بعشوائية أو لا تمتلك خططًا واضحة تؤهلها لتعزيز إنتاجيتهم والمحافظة على المحترفين منهم. لذلك، فإن الاهتمام بإدارة الموارد البشرية يُعدّ عنصرًا أساسيًا لكسب ثقة الموظفين والمستثمرين.
أضف إلى ذلك، تساعد إستراتيجيات إدارة الموارد البشرية الفعالة على زيادة سعادة الموظفين وتوفير البيئة اللازمة للإبداع والابتكار والنمو. وهو الأمر الذي -إذا اهتممت به مبكرًا- ستتمكن من المحافظة على نجاح شركتك ورفع إنتاجيتها.
وبعد هذا السرد لمهام إدارة الموارد البشرية، أسمعك تسألني وتقول: «كيف إذًا أتمكن من بناء فريق محترف لإدارة الموارد البشرية في شركتي الناشئة؟». والإجابة معي في الأسطر التالية.
كيفية بناء قسم لإدارة الموارد البشرية في الشركات الناشئة
1. حدد أهداف الشركة وسياساتها أولًا
ابدأ هنا بتحديد أهداف شركتك ورؤيتها ورسالتها، خاصةً فيما يتعلق بطبيعة الموظفين الذين ترغب في انضمامهم والمحافظة عليهم. وبغض النظر عن حجم شركتك الحالي، من المهم أن تتوجه إلى قادة الفِرق والموظفين الحاليين وتسألهم عن احتياجاتهم وتوقعاتهم وطموحاتهم بشأن سير العمل وآلية إدارته، فكما قالت مستشارة الموارد البشرية باتي ماكورد Patty McCord:
«إذا كنت تريد أن تعرف ما الذي يفكر فيه الناس، فلا يُوجد بديل أفضل من سؤالهم عن ذلك مباشرةً، ومن الموصى به أن يتم ذلك وجهًا لوجه».
إليك هنا مجموعة من الأسئلة التي قد تساعدك على تحديد بعض أهدافك:
- ما طبيعة إدارتك الحالية للموظفين؟ وما هو تقييمك لهذا الإدارة؟
- ما هي أكبر اهتماماتك فيما يتعلق بإدارة العنصر البشري وتعيين الموظفين والتعامل مع بياناتهم؟
- ما أكبر التحديات ومعوقات إدارة الموارد البشرية التي تُواجهها في الوقت الحالي؟
- ما مدى التزامك بقوانين نظام العمل؟ وإلى أي درجة تصف كفاءتك في حماية حقوق الموظفين؟
- ما الذي يجب تطويره في سياسة التعامل مع الموظفين؛ حتى تُحقق أهداف شركتك المستقبلية فعلًا؟
- خذ وقتك في الإجابة عن هذه الأسئلة؛ لأنها ستُرشدك للخطوات التي يجب اتباعها فيما بعد وستُحدد أولوياتك.
2. اطلع على قوانين نظام العمل
يصعب تخيل إعداد فريقٍ إداريٍّ مُحترف دون التأكد أولًا من امتثالك لقوانين نظام العمل السعوديّ. لذلك، نصيحتي لك هنا أن تُجري بحثًا عميقًا حول سياسات توظيف الموظفين وإدارة بياناتهم والتعامل مع رواتبهم وإجازاتهم وغيرها من الأمور القانونية التي قد تُعرقل نمو شركتك إذا لم تلتزم بها التزامًا تامًا.
وإذا وجدت أي نقاطٍ مبهمة أو غير مفهومة في قوانين نظام العمل بالنسبة لك، فلا ضير بسؤال المختصين وطلب مساعدتهم في إعداد سياسات إدارة الموارد البشرية في شركتك، بل هو ما أنصح به هنا حتى تبدأ بدايةً صحيحة وقانونية.
3. ركزّ على الأساسيات أولًا
كما أشرتُ بالأعلى، هناك العديد من المهام التي قد يؤديها فريق إدارة الموارد البشرية، ولكن بالنسبة للشركات الناشئة، من الأفضل أن تُركزّ على الضروريات في البداية؛ حتى تتأكد من وقوفها على أرضٍ صلبة. وقد تتضمن هذه الأساسيات ما يلي:
- عقود الموظفين
- سياسة ساعات العمل الإضافيّ
- قواعد الإجازات والرحلات
- إجراءات الرواتب
- طرق دفع الرواتب
- قواعد السلوك والآداب العامة
- تقارير أداء الموظفين
- سياسة المخالفات والانتهاكات
- قواعد الصحة والسلامة
شارك مع موظفيك الحاليين هذه السياسات بمجرد إعدادها وتأكد من أن كل موظف على علمٍ بجميع تفاصيلها ويَسهل وصوله إليها في الوقت الذي يحتاجه.
نصيحة في الصميم: يُعَد إنشاء ملف شخصي لكل موظف من أهم أساسيات إدارة الموارد البشرية الفعالة. ويجب أن يحتوي هذا الملف على معلومات الموظف الشخصية وأي مستندات ذات صلة. تفيدك هذه الطريقة في متابعة إنتاجية الموظف وتدقيق بياناته وتقييم أدائه وتعويضه وترقيته بطريقةٍ مُنظمة وشاملة.
4. انتقِ آليات التوظيف المناسبة
من المفيد أن تمتلك الشركات الناشئة آليات واضحة بشأن عملية التوظيف؛ حتى لو اقتصر التوظيف في بدايتها على اختيار المؤسسين مباشرةً. فمع النمو، ستحتاج إلى عملية توظيف مُنظمة تُلبي احتياجات منشأتك وتُمَكِّنك من انتقاء أفضل المتقدمين.
حدد أيضًا في هذه الخطوة آلياتك في تأهيل الموظفين الجدد. وفيما يلي مجموعة من العناصر الرئيسية التي ينبغي العناية بها هنا:
- اختيار طريقة التوظيف التي ستعتمدها، أي هل ستعتمد على منصات التوظيف أم الشبكات الاجتماعية أم ترشيحات المؤسسين والموظفين الحاليين؟ (لاحظ هنا أنه يمكنك الاعتماد على أكثر من طريقة في الوقت نفسه).
- تحديد المعايير الأساسية التي سُتقيِّم على أساسها السير الذاتية للمرشحين.
- الاتفاق على طريقة عملية لتنظيم المقابلات الشخصية.
- انتقاء الموظفين المسؤولين عن عملية تعيين المرشحين واتخاذ القرارات التوظيفية.
- بيان الخطوات التي ستُتخد عند انضمام موظفٍ جديد إلى شركتك.
- تحديد المعايير التي ستُقيِّم على أساسها نجاح دمج الموظفين الجدد.
5. اختر نظامًا مؤتمتًا لإدارة الموارد البشرية
تُواجه الشركات على اختلاف أحجامها في الوقت الحالي تحديات مُرهقة تمنعها من تحقيق الاستفادة القصوى من مواردها البشرية. ويرجع ذلك إلى الطريقة التقليدية التي تتعامل بها شركات عديدة مع بيانات موظفيها وشؤونهم الإدراية.
تخيل معي هنا وجود شركة تقنية لديها ما يقرب من 50 موظفًا وتستخدم الملفات الورقية والتسجيل اليدوي في متابعة بيانات موظفيها وإدارتها والرد على طلباتهم. في هذه الحالة، يتحتم على مسؤول إدارة الموارد البشرية العمل خمسين مرة -على الأقل- لتنفيذ المهام نفسها لجميع الموظفين.
ولك أن تتخيل حجم المجهود المطلوب لإعداد تقارير الأداء ومتابعة عمليات الحضور والانصراف ومراجعتها وتسجيل الإجازات ورحلات العمل.
ولكن في الحقيقة، ربما يمكننا التغاضي عن جميع تلك الأمور، ولكن من الصعب جدًا التغاضي عن المجهود والوقت المبذول في إعداد كشوف الرواتب والتأكد من دقتها. تذكر هنا أن أي أخطاء في رواتب الموظفين تُظهرك بمظهرٍ غير احترافي وقد تُعرضك لنزاعاتٍ قضائية أو في أحسن التقديرات إحباطات مستمرة من الموظفين تجاه بيئة العمل ونظامها.
إذًا ما الحل لهذه المعضلات؟ الإجابة في نظام إدارة الموارد البشرية المؤتمت بالكامل.
جسر: بناء المنظومة الحديثة لإدارة الموارد البشرية
دعني هنا أُقدِّم لك نظامًا مهمته هي إعادة تعريف عمليات الموارد البشرية للشركات الناشئة في المملكة بفضل مزاياه المؤتمتة والمتوافقة تمامًا مع نظام العمل السعوديّ، ما يُوفِّر لشركتك احتياجاتها بطريقةٍ آمنة ودقيقة من اليوم الأول، وهو نظام جسر.
كيف يُبسِّط جسر مهام إدارة الموظفين؟
تؤمن أكثر من 3000 شركة سعودية ناجحة بما يُقدمه جسر من خصائص ومزايا. وذلك لأنه يُسهِّل إدارة بيانات الموظفين من الألف إلى الياء دون مجهودٍ إضافيّ، بل العكس هو الصحيح. يُوفِّر جسر 90% من جهودك التي قد تُبذل عند إدارة الموارد البشرية بالطرق الورقية أو الطرق التقليدية (مثل قوائم إكسل وغيرها)، وبذلك ستجد وقتًا أكبر للتركيز على المهام الإبداعية التي تُعزز نجاح شركتك ونموها. كما يضمن لك الامتثال بالقوانين وتشريعات نظام العمل السعودي، مما يُعزز من سمعة شركتك الإيجابية ويجذب المستثمرين ويحمي حقوقك.
وفيما يلي مجموعة من الجوانب التي يُغطيها نظام جسر باحترافية:
- إنشاء ملفات رقمية للموظفين: احفظ بيانات موظفيك بأمانٍ في مكانٍ واحد، وحدثها بما يلزم دون الحاجة لمستنداتٍ ورقية قد تتعرض للفقدان أو التلف. لاحظ هنا أنك لن تحتاج إلى أي مساحة تخزين أو حتى أرشفة، وستتلقى أيضًا تنبيهات بتواريخ مستندات الموظفين المهمة.
- متابعة حضور الموظفين وانصرافهم: امنح موظفيك طرقًا مختلفة لتسجيل حضورهم وانصرافهم، وأشْرف على عملية الحضور بدقة. ستتمكن أيضًا من تعيين جدول الدوامات والاطلاع الوافي على ساعات العمل الإضافيّ وإدارة طلبات الحضور والانصراف. وإلى جانب ذلك، يُزودك نظام جسر بتقاريرٍ يُعتمد عليها عن حضور موظفيك.
- إدارة أداء الموظفين: انْعَم برؤى شاملة عن أداء موظفيك وإنتاجيتهم، وضع معايير الأداء التي تهمك. ستتمكن أيضًا من تذكير المدير المباشر بالتقييم المطلوب لموظفيه، وسيسهل عليك إعلام الموظفين بنتائج تقييماتهم بضغطاتٍ معدودة.
- إعداد مسير الرواتب: وفِّر على نفسك الجهد والوقت بفضل مزايا جسر التي «تُؤَتِمِت» عملية إعداد مسير الرواتب بالكامل. باستطاعتك تحضير كل البيانات التي يتطلبها العمل على إعداد مسير الرواتب من حضورٍ وانصرفٍ وطلباتٍ وإجازات بكل سهولة، وذلك بفضل ما يُوفره جسر من تكاملٍ إداريّ. يُمَكّنك جسر أيضًا من ربط شركتك بالمؤسسة العامة للتأمينات ونظام مدد، ما يعني أن مهام مسير الرواتب التي كانت تستغرق أيامًا، يمكن إنجازها الآن مع جسر في دقائق معدودة.
ولا تقتصر مزايا جسر على ما ذكرته هنا، بل تضم أيضًا:
- تخصيص الهكيل التنظيمي في شركتك.
- إدارة إجازات الموظفين ورحلات العمل والسفر بسهولة.
- تمكين موظفيك من تقديم طلباتهم ومتابعة التحديثات من خلال تطبيق جسر.
- وجود فريق دعم فنيّ متجاوب وسريع يُعزز نمو شركتك في كل خطوة.
- قاعدة معرفية كبيرة تُبقيك على اتصالٍ دائم بأهم مُستجدات إدارة الموارد البشرية وتحديثاتها، وذلك من خلال الكتب الإلكترونية وتقارير الصناعة والندوات التدريبية ومجالس جسر الثرية التي تجوب المملكة، فضلًا عن مدونة جسر التي تُزود المختصين بأهم السلوكيات والإستراتيجيات التي تُعزز من إدارة الموظفين.
استكشف المزيد من مزايا جسر الأصيلة بطلب عرضٍ تجريبي مجانًا من هنا الآن وانضم لأكثر الشركات السعودية الناشئة نجاحًا!
6. كن منفتحًا على الاستماع دومًا لموظفيك
هناك قاعدة بسيطة أُحب مشاركتها معك هنا تَنص على أنه «إذا اعتنيت بموظفيك، فسيعتنون بعملائك». لذلك، كن منفتحًا دومًا على مشاركة معوقات إدارة الموارد البشرية مع موظفيك من حينٍ لآخر، وحفزّهم على التعبير عن آرائهم، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تُمَكِنك من تلبية احتياجات الموظفين والتأكد من توافق توقعاتهم مع إستراتيجية شركتك وأهدافها واحتياجاتها.
إليك هنا بعض الخطوات التي قد تطبقها في هذا الصدد:
- جدولة اجتماعات فردية وجماعية مع المديرين والموظفين من حينٍ لآخر.
- إرسال استطلاعاتٍ مجهولة الهوية بانتظام، للتعرف عن قرب على آراء الموظفين دون إثارة أي مخاوف بشأن الخصوصية.
- تقدير جهود الموظفين عند التعبير عن آرائهم ومشاركة مقترحاتهم. من المهم أن يؤمن موظفوك بأن صوتهم مسموعٌ ومُقدّر.
- العمل على معالجة معوقات إدارة الموارد البشرية وتوفير أفضل الأدوات التي تزيد من كفاءة الموظفين وتُعزز رضاهم. التزم دومًا بإجراءات الصحة والسلامة وعالج المخاوف الملحة فورًا.
الخلاصة
الموظفون هم الأشخاص الذين يقودون شركتك نحو النمو والتطور، لذا تُعَد مساعدتهم على الإنتاجية بأعلى مستوى من اليوم الأول مهمة لا يمكن التنازل عنها للشركات الطموحة التي ترغب فعلًا في جذب الكفاءات والمستثمرين، وتهتم بالالتزام باللوائح والقوانين التي تضمن بناء فريق متماسكٍ يسوده الودّ والابتكار.
لذا، اتبع النصائح الواردة في هذا المقال وابنِ رحلتك الفريدة. وإن أردت تعزيز فهمك أكثر عن إدارة الموارد البشرية، أنصحك إذًا بقراءة مقالنا التالي الذي يُعرفك على أهم المقاييس التي تُقيم بها كفاءة إدارتك.
أحمد عبد الوهاب
كاتب وباحث بخبرة تزيد عن 7 سنوات، يساهم مع جسر في كتابة موضوعات مفيدة يسعى من خلالها إلى ربط مسؤولي الموارد البشرية بنصائح عملية تساعدهم على تحقيق أقصى استفادة من مواردهم. تتركز أبحاثه في التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية وإدارة المواهب والأداء والتدريب الوظيفي، وغيرها من المجالات المرتبطة التي تمكّن صناع القرار من الوصول إلى أهدافهم واتباع إستراتيجيات أذكى وأكثر تميزًا. بجانب اهتمامه بالكتابة والبحث فهو حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر
اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك