لا يمكن النظر إلى نموذج تقييم الأداء الوظيفي على أنه بند ثانوي في خطة مواردك البشرية، أو على أنه إجراء إداري شكليّ يُستكمل فقط لإرضاء متطلبات الامتثال المؤسسيّ. فبتفكيرٍ غير مُطول، ستجد أن نموذج تقييم الأداء ما هو إلا محاولة جادة للإجابة عن سؤال: «هل فريق العمل يتحسّن فعلاً؟ أم أن تقييمات الموظفين تُكَرر في الشركة دون أثرٍ ملموس؟».
وإذا تأملت معي المشهد الحالي في السوق السعودي والخليجي، ستلحظ أن التقييم الوظيفي لم يعد مرتبطاً فقط بمؤشراتٍ تقليدية حول الإنجاز أو الالتزام، بل أمسى وثيق الصلة بملفات أكثر تعقيداً، منها: استقطاب الكفاءات وتطويرهم ورسم ملامح المسار الوظيفي وتحقيق النمو المؤسسي في بيئة تتسم بالتوسع والتنافسية.
ومن هذا المنطلق، تبرز أمامنا أسئلة جوهرية، وهي:
- كيف يمكن أن نعيد تصميم نموذج التقييم ليُحدث فرقاً حقيقياً في أداء الموظفين؟
- وما المعايير التي تجعل التقييم أكثر عدلاً وواقعية؟
- وكيف يمكن تحويل التقييم من عبء إداري إلى أداة تحفيزية؟
تُعَد هذه الأسئلة خطوة أولى لبناء ثقافة تقييم صحية في شركتك. ولكن قبل الغوص في تفاصيلها، دعنا نبدأ بالسؤال التالي..
ما الذي يجعل نموذج تقييم الأداء الوظيفي فعالاً بصدق؟
يُوجّه تقييم الأداء الفعّال طاقات منشأتك نحو أهدافٍ واضحة تتناغم مع رؤيتها وتطلعاتها الحالية والمستقبلية.
وهو لا يتوقف عند قياس النتائج الظاهرة، بل يُبنى ليكون منصة حوار عميقة بين الإدارة والموظف يُراجع فيها كل طرف موقعه ودوره في منظومة العمل، وذلك بهدف فَهم ما يعزّز الأداء الإيجابي وما يحدّ من تقدّمه، مع تحديد سبل عملية لتعزيز الإيجابيات وتجاوز التحديات.
تلتقي هذه الرؤية مع ما تطرحه الكاتبة «بيرل تشو Pearl Zhu» في كتابها النضج الرقمي؛ إذ تؤكد أن الأداء لا يمكن اختزاله في أرقام صامتة؛ لأنه انعكاس لعوامل كثيرة، منها العوامل النفسية والتنظيمية والاجتماعية.
وبناءً عليه، ينبغي تجاوز النظرة التقليدية لنموذج تقييم الأداء الوظيفي بوصفه إجراءً روتينياً أو نموذجاً يُملأ في نهاية كل ربع سنة. والأفضل أن يُؤسَّس التقييم على فَهمٍ إنساني عميق بأن موظفك ليس رقماً في كشف الحضور والانصراف، بل هو كيان إنساني يسعى للنجاح ويحتاج إلى تغذية راجعة تُشعره بأنه يتطور ويُقدّر.
خصائص أساسية
وفيما يلي أبرز خصائص نموذج تقييم الأداء الوظيفي الفعّال:
- ذو اتجاه واضح: يعتمد على مؤشرات قابلة للقياس ومرتبطة بأهداف واقعية.
- منصف: يتّسم بالشفافية والعدالة، بحيث يعرف موظفك مسبقاً ما الذي يُنتظر منه وعلى أي أساسٍ سيُقيّم.
- داعم للنمو: يتضمّن جلسة تغذية راجعة تُعالج نقاط الضعف.
- مستقبلي التوجه: يرتبط بخطط تطوير مهني حقيقية.
توصية:
يُبنى التقييم الفعال على منهجية واضحة وعلمية، ويجب أن تُخصص وفق احتياجات منشأتك. وإذا أردت معرفة المزيد عن أساسيات تقييم الأداء، أُوصيك بمراجعة كُتيبنا المجاني، إذ سيُعرفك على أهم خطوات آلية التقييم بطريقةٍ شاملة.
والآن، دعنا نتعرف على..
5 نصائح لإنشاء نموذج تقييم فعّال
1. اربط التقييم بأهداف الشركة فعلاً
حين تتبنى أحد نماذج تقييم الأداء الوظيفي، تجنب الاهتمام المفرط بالأرقام التي تبدو مُرضيّة لكنها لا تعني شيئاً في ميزان رؤيتك وتَطلعات الشركة الرئيسية.
على سبيل المثال: قد يُطمئنك عدد الملفات المُنجزة أو الاجتماعات المُجدولة أو حتى ساعات العمل المسجّلة، لكن في بعض الحالات، قد لا يكشف لك هذا العدد بالضرورة عمّا إذا كانت هذه الأنشطة تُحرّك شركتك في اتجاهها الصحيح فعلاً أم لا.
لذا، فإن المقياس الحقيقي لا يكمن في عدد المهام التي يُنجزها موظفوك أو عدد ساعات عملهم، بل في أثرها وجودتها ومدى تناغمها مع أهداف الشركة. وبناءً على تلك المعطيات، اجعل أولى خطوات التقييم هي العودة إلى سؤال بسيط، ألا وهو «ما الأثر الذي نُريده من هذا الدور الوظيفي؟» ثم ضع مؤشراتك بناءً على إجابة هذا السؤال.
توصيات سريعة
إليك هنا بعض التوصيات التي قد تزيد من كفاءة نموذج تقييم الأداء الوظيفي:
- راجع أهداف كل وظيفة في شركتك وتأكد من ارتباطها بأحد أهداف الشركة (فكّر -على سبيل المثال- في أهداف مثل التوسع السوقي أو رضا العملاء أو تعزيز الابتكار.. إلخ).
- ركز على قياس تأثير الموظف المباشر في تحقيق الأهداف، بدلاً من مجرد متابعة تنفيذه للمهام الموكلة إليه.
- ناقش مع موظفيك هذا الترابط في أثناء جلسات التقييم، واطلب منهم تقديم أمثلة ملموسة على دورهم في تحقيق أثر فعلي.
لُبّ السالفة هنا: بهذه الطريقة، سيتحول نموذج التقييم في شركتك من وسيلة للرقابة إلى فرصة لإعادة توجيه الجهود نحو ما يُحقق النمو الفعلي الذي تأمله.
2. انطلق من التغذية الراجعة
دعنا نتفق معاً على حقيقة لا يجهر بها كثيرٌ من خبراء إدارة الموارد البشرية، ألا وهي أن جلسات تقييم الأداء قد تتحول -دون قصدٍ- إلى لحظة ثقيلة. وقد يُحمّل فيها الموظف بقائمةٍ من الملحوظات السلبية دون أن يتعرف على الخطوة التالية. وهنا يكمن الفارق بين تقييم يُحدث أثراً حقيقياً وآخر يُضاعف الفتور ويزيد من معدل الاحتراق الوظيفي.
ما يحتاجه موظفك في جلسة التقييم ليس حُكماً نهائياً على أدائه، بل يرغب في خارطة طريق تساعده على التطور المهني وإدراك مناطق ضعفه؛ فحين تُقدِّم ملحوظاتك بوصفها مدخلاً لتحسين الأداء -وليس مجرد تشخيصٍ للقصور- فأنت تمنح موظفك شيئاً أعمق من التقدير؛ في هذه الحالة أنت تمنحه شعوراً بالثقة والإيمان بإمكاناته وقدرته على النمو.
لكن ربما تسألني هنا عن..
كيفية تقديم تغذية راجعة مفيدة
فيما يلي 3 خطوات رئيسية ستُسهِّل عليك تأدية هذه المهمة:
- حدد مكامن القوة: يحتاج موظفك إلى معرفة مناطق القوة في أدائه أيضاً؛ إذ تُعزز هذه الخطوة من ثقته وتُعده لتلقّي الملحوظات بطريقةٍ بنّاءة وغير دفاعية.
- حوّل كل ملحوظة إلى خطة: على سبيل المثال، بدل أن تقول لموظفك دون توجيه: «لقد تأخرت في تسليم التقارير»، ناقش معه كيف يمكنه تنظيم وقته لتسليمها قبل الموعد المحدد في المرات المقبلة، واسأله عن الأدوات التي يمكن توفيرها له لمساعدته على تحقيق ذلك.
- اختم الجلسة بسؤال تطلّعي: فكِّر في أسئلة مشابهة لــ : «ما المهارة التي قد تجعلك أفضل في دورك؟ كيف أستطيع دعمك لتحقيقها؟، أو سؤال «هل هناك أي أدوات أو برامج ترغب في تعلمها والتدرب عليها لتحسين أدائك؟».
توصية
إذا تأملت معي هنا، ستجد أن الأسلوب السابق يُحول نموذج تقييم الأداء الوظيفي من مجرد لحظة محاسبة أو عتاب إلى نقطة انطلاق لمسار مهني أعمق. وفي هذا المقال، يمكنك التعرف بالأمثلة على طرق تُخبر بها موظفك بتقييم سلبي حول أدائه في العمل دون أن تُثير آلياته الدفاعية.
3. خصّص نموذجاً يناسب طبيعة كل وظيفة
لنتأمل مشهد تقييم الأداء الوظيفي في بعض الشركات من زاويةٍ أخرى: مدير موارد بشرية يتهيّأ كل ربع سنة لعقد اجتماعات التقييم ويحمل معه النماذج الموحدة التي أُعدّت لجميع الموظفين -من التسويق إلى تقنية المعلومات- وفي الوقت ذاته، يتوقع أن يُنصف الجميع بتقييماته غير المخصصة.
ليمضي اجتماع تلو الآخر، ثم تنتهي عملية التقييم بأرقام محفوظة وتعليقات مكررة ونصائح عامة لا تنفذ إلى صميم الواقع المهني للموظفين. ما يحدث في هذه الحالة ليس فقط سوء تخطيط، بل هو تجاهل منهجي للفروق الدقيقة بين المهام، وتعميم يُشبه قصّ الثوب ذاته على أجسادٍ مختلفة.
إنها ممارسة تُعادل -إن استعَرنا مفهوماً من علم النفس- ما يسمى بـ «الإدراك الكسول Cognitive Laziness»؛ أي الميل إلى استخدام القوالب الجاهزة وتجنب التفكير المتعمق في خصائص كل حالة.
لذا، لا ينبغي أن يُبنى تقييم الأداء على نموذجٍ واحدٍ يُفرَض على جميع موظفيك كأنه مقاس موحّد؛ فالقيمة التي يُنتجها قسم التسويق في شركتك تختلف اختلافاً كلياً عن تلك التي يُقدمها قسم المالية أو تقنية المعلومات.
لُب السالفة: أُوصيك بالبعد عن استخدام مؤشرات موحدة لجميع الفِرق، لأنك لن تحصل -في هذه الحالة- إلا على بيانات سطحية.. وأقصى ما يمكن أن تُقدمه هي أن تخبرك أن موظفك نشط أو متفاعل، دون أن تُوضح ما الذي يصنع الفارق فعلياً في مخرجاته وأدواته ومهاراته.
نموذج تقييم الأداء الوظيفي بمنهجية مُخصصة
لذا، فإن نماذج تقييم الأداء الوظيفي الفعالة هي التي تُعبّر بدقة عن طبيعة العمل اليومية لكل فريق في منشأتك، وتضع في حسبانها الفروقات بين المهام والصعوبات ومقاييس النجاح.
وهنا، يجب أن تُزود مديري الفِرق في شركتك بأدواتٍ حقيقية حتى يتمكنون من ضبط نموذج التقييم بما يناسب بيئتهم، لأنك بحاجةٍ إلى منهجية مَرِنة قائمة على 3 آليات رئيسية:
- تهيئة إطار عمل مشترك: حدد مجموعة من المؤشرات الأساسية المرتبطة برؤية شركتك (مثل تحسين تجربة العميل أو جودة التشغيل)، ثم اترك لكل قسم حرية إضافة ما يعكس خصوصيته.
- تخصيص جلسة إعداد سنوية لكل إدارة: اجتمع مع المدير المباشر لكل فريق بداية كل عام (أو يُفضل الاجتماع معه كل ربع سنة)، وذلك لإعداد نموذج تقييم مُخصص يناسب فريقه. ولا تنسَ أن تناقش معه مدى ارتباط أهداف الفريق بأهداف الشركة، واسأله أيضاً عن أوجه القصور في استمارة تقييم الأداء الوظيفي.
- استحداث آلية مراجعة مرنة: ادعُ مديري الفِرق إلى مراجعة مؤشرات الأداء في فِرقهم، ثم اطلب منهم تحليل أسباب تحقّق المؤشرات السابقة أو فشلها. ومع ذلك، لا تجعل كل نقاشاتك مع المديرين تتلخص في مراجعة مؤشرات الأداء، بل اجعل بعض الاجتماعات دورية للضبط والتحسين فقط.
أداة تقييم الأداء من جسر: حل مُنظم وسهل
وبالنظر إلى الأدوات التي تُيسّر تطبيق هذه المنهجيات، يظهر نظام جسر الذي لا يكتفي بتسجيل مؤشرات الأداء، بل يمنحك قدرة حقيقية على ربط أهداف شركتك بالجهود اليومية لموظفيك؛ سواءً أكانت هذه الأهداف على مدار السنة أو النصف سنة أو حتى ربع سنة.
وما يُميّز الأداة أنها تمنحك مرونة في تخصيص النماذج بما يتناسب مع كل فريق، كما تساعدك على تتبّع الأداء من خلال لوحات تحكم واضحة وسهلة الاستخدام، الأمر الذي يوفّر على مسؤولي الموارد كثيراً من الجهد اليدوي ويُقرّبك من المشهد الواقعي لأداء فريقك فعلاً.
لمزيدٍ من المعلومات: تعرّف على أبرز 7 مشكلات في تقييم الأداء وكيف يساعدك جسر في حلها.
توصية: إذا كنت بصدد تطوير عملية التقييم في منشأتك، ربما تجد في هذه الأداة مساحة لتطبيق ما تحدّثنا عنه عملياً. ويمكنك التعرف أكثر على خصائص إدارة الأداء في جسر بــ طلب عرضٍ تجريبي مجاناً.
4. قَيِّم موظفيك على رؤى مُنتظمة
قد يظن بعض المسؤولين أن ملء نموذج تقييم الأداء الوظيفي مرة كل عام كافياً، ولكن الواقع يُخبرنا خلاف ذلك. لنتخيل هنا مديراً يجلس مع موظفه بعد عامٍ كاملٍ من العمل، ثم يفتح نموذج التقييم السنوي.. ويمرّ على المؤشرات بنداً بنداً، ثم يسأل موظفه فجأة: «كيف تشعر تجاه أدائك يا حمد؟».
فيرد حمد بينما تتسابق الجمل على لسانه بترددٍ: «تمنيت معرفة رأيك في منتصف السنة، لكننا لم نراجع أي شيء وقتها». فيتنهد المدير، ثم يُغلق الملف قائلاً بتأففٍ واضح: «المهم أننا راجعنا الآن».
وبالإبحار في تفاصيل هذا المشهد -الذي قد يتكرر في عددٍ من الشركات السعودية والخليجية يومياً- سنرى أن الشيء الأهم لم يُراجع، ألا وهو التقدير وتحسين المسار المهني فعلاً. يُشبه هذا الحال التشخيص الطبي المتأخر، الذي تتضاءل فيه فرص التدخل والإصلاح أو قد تزداد تكلفته النفسية والعلاجية معاً.
ولتلك الأسباب وغيرها، من المهم أن تجعل نماذج تقييم الأداء الوظيفي مستمرة ومتدفقة على مدار العام، وحاول أن تكون قريباً من المشهد الوظيفي لا متفرجاً من بعيد.
نصائح عملية
وفيما يلي بعض النصائح السريعة التي تُمكّنك من بناء نموذج تقييم مستمر:
- اذكر تقييماتك في الاجتماعات الدورية: خصص هنا 10 دقائق من كل اجتماع شهري لمراجعة تقدم الأهداف الفردية ووجّه الأطراف المعنية لفرص التحسن الممكنة.
- دَع موظفك يُقيّم نفسه دورياً: يمكنك تحقيق ذلك بمشاركة استبيانات بسيطة مع الموظفين كل ربع سنة. يمكن أن تتضمن هذه الاستبيانات أسئلة من قبيل: «ما الذي أنجزته خلال هذه الفترة؟ ما الذي أعاقك؟ وما الذي يحتاج إلى تطوير؟».
- فكّر في إنشاء لوحة متابعة تفاعلية لكل موظف: فائدة هذه الطريقة أنها سُتظهر مؤشرات الإنجاز ومجالات التطوير بصورةٍ مرئية ومباشرة؛ مما يُعزز النمو ويساعد موظفك ومديره المسؤول على تتبع تقدمه وفَهم متطلبات التحسين فورياً. (ستساعدك هذه الطريقة أيضاً على تقييم الموظفين بطريقة موضوعية، مما يضمن تجنب التحيز في أثناء التقييم).
أسئلة استرشادية
قد يفيدك أيضاً سؤال نفسك هذه الأسئلة قبل أن تنهي أي دورة أداء:
- متى كانت آخر مرة أرسلت فيها تغذية راجعة حقيقية لموظفيك؟
- هل تمتلك وسيلة واضحة لقياس التقدم الأسبوعي أو الشهري في منشأتك؟
- كيف تُفَرق بين المتابعة الروتينية والمتابعة الداعمة في تعاملك مع فريقك؟
- هل لديك نظام فعلي لرصد الإنجاز اليومي، أم تنتظر نهاية العام لمعرفة الصورة الكاملة؟
- هل يملك موظفوك وصولاً فورياً لبيانات أدائهم، أم يعتمدون على تقييمات دورية؟
- وهل تُترجم ملحوظاتك وإرشاداتك اليومية إلى خطط تطوير ملموسة للموظفين؟
5. اربط نموذج تقييم الأداء الوظيفي بالحوافز والمكافآت
ربما يُنهي موظفك المهام الموكلة إليه بإنتاجيةٍ مُنقطعة النظير ويحصل على تقييمٍ نهائي مرتفع دون أن تُزوده بحوافز أو مكافآت تُشجعه على المضي قدماً، وكأنك تقول له: «الأداء جيّد، قدمت لنا شيئاً عظيماً ولكننا لن نُبادلك العطاء».
في مثل هذه الحالات، سيُترَك موظفك في حيرةٍ من أمره يتساءل عن جدوى إنتاجيته وجدّه؛ ففي النهاية هو لم يحصد سوى كلمات شكر عابرة لا تُسمن أو تُغني من جوع. وبذلك، يُضحي الموظف في دائرة أداءٍ لا تنتهي، دون رابط واضح بين ما يُنجزه وما سيحصل عليه فعلاً، لا على المدى القصير ولا المتوسط ولا حتى البعيد.
لذا، أدعوك إلى التفكير بعقلية موظفك واستفسر عمّا يبحث عنه، لأن التقييم الحقيقي يجب أن يُربط بالحوافز والتطوير المهني والترقيات، وبذلك سيتحول إلى وسيلةٍ لتحريك الطموح وتوجيه القدرات إلى مساراتٍ تُثمر.
والسؤال هنا..
ما الذي يبحث عنه موظف اليوم؟
الموظف اليوم -خاصةً في سوق العمل السعودي والخليجي- لا يبحث فقط عن منصب أعلى، بل عن فرص نمو حقيقية تُرضي طموحه وتُشعره بالتمكين والريادة. فكّر في توفير الأمور التالية لتشجيع موظفيك على الأداء العالي:
- إنشاء برنامج تدريبي شامل مُخصص لاحتياجات كل موظف.
- إسناد مشروع خاص يشرف عليه الموظف بنفسه لتنمية مهاراته القيادية والإدارية.
- زود الموظف بمساحةٍ حرة لتجريب مهارة جديدة أو قيادة فريق.
- اربط موظفيك بمرشد مهني يوجههم ويَدلهم على السلوكيات والبروتوكولات الأكثر فعالية.
وإلى جانب الإرشادات السابقة، أنصحك بالاطلاع على مقالاتنا التالية لتوسيع دائرة معرفتك عن كيفية تعزيز إنتاجية الموظفين:
- آلية تصميم برنامج تطوير الموظفين بعد التقييمات السنوية.
- طرق تطوير الموظفين باحترافية.
- 6 إستراتيجيات للحفاظ على أفضل المواهب في شركتك.
- كيفية الحفاظ على بيئة عمل إيجابية.
أسئلة ضرورية
في هذه المرحلة، أَطلب منك قبل إغلاق نموذج تقييم الأداء الوظيفي لأحد موظفيك أن تتوقف قليلاً وتُجب بصدقٍ عن هذه الأسئلة:
- ما النتيجة التي خرج بها هذا الموظف بعد التقييم؟
- هل وفّرت إليه خطة تطوير واقعية تتناغم مع قدرته وتَطلعاته؟
- وهل خطة التطوير المقدمة له تتوافق مع مهاراته وليس مع توقعاتك المسبقة؟
- هل رَبَطت أداء موظفك بفرصةٍ تنمويةٍ ملموسة؟
- ما المشاريع التي يمكن تكليفه بها لإثراء مسيرته المهنية؟
- مَن في شركتك يمكنه أن يكون مرشداً ودليلاً له في المرحلة المقبلة؟
- ما طريقتك التي ستعتمدها لقياس تقدمه في الأشهر القادمة؟
الخلاصة
تذكر أن التصميم المثالي لــ نموذج تقييم الأداء الوظيفي ما هو إلا رحلة مستمرة من الملاحظة والتعديل والتشارك.
يتقاطع هذا التوجه مع مفهوم التأمل الفعّال الذي وصفه البروفيسور والباحث في تطوير التدريس «ديفيد بود»، فهو يرى أن التأمل نشاط إنساني أساسي يتطلب من الأفراد استعادة تجاربهم والتفكير فيها والتأمل بها وتقييمها بعمقٍ؛ لتحسين المخرجات القادمة. ويُوضِّح أن التعامل مع الخبرات بهذه الطريقة هو أساس التعلم والنمو.
في الختام، إن كنت مشتتاً بين العديد من نماذج تقييم الأداء الوظيفي، يمكنك أن تبدأ باستخدام النموذج الذي أعده فريق جسر، والذي يساعدك على تنفيذ عملية التقييم بطريقةٍ مُنظمة وواضحة.
اطلع على النموذج وخصصه بما يتناغم مع احتياجات منشأتك من خلال الرابط هنا.
أحمد عبد الوهاب
كاتب وباحث بخبرة تزيد عن 7 سنوات، يساهم مع جسر في كتابة موضوعات مفيدة يسعى من خلالها إلى ربط مسؤولي الموارد البشرية بنصائح عملية تساعدهم على تحقيق أقصى استفادة من مواردهم. تتركز أبحاثه في التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية وإدارة المواهب والأداء والتدريب الوظيفي، وغيرها من المجالات المرتبطة التي تمكّن صناع القرار من الوصول إلى أهدافهم واتباع إستراتيجيات أذكى وأكثر تميزًا. بجانب اهتمامه بالكتابة والبحث فهو حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة.
اقرأ أيضًا على مدونة جسر

اطلع على جديد الموارد البشرية والحلول التقنية التي يقدمها نظام جسر بالاشتراك في نشرتنا البريدية
ابدأ الآن مع جسر
اطلب العرض التوضيحي الخاص بك